وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا ومناسبة وقوعها عقب جملة ( ولا يحزنك قولهم ) أن أقوالهم دحضت بمضمون هذه الجملة . وأما وقوعها عقب جملة ( إن العزة لله جميعا ) فلأنها حجة على أن العزة لله لأن الذي له من في السماوات ومن في الأرض تكون له العزة الحق .
وافتتاح الجملة بحرف التنبيه مقصود منه إظهار أهمية العلم بمضمونها وتحقيقه ولذلك عقب بحرف التأكيد وزيد ذلك تأكيدا بتقديم الخبر في قوله ( لله من في السماوات ومن في الأرض ) وباجتلاب لام الملك .
و ( من ) الموصولة شأنها أن تطلق على العقلاء وجيء بها هنا مع أن المقصد الأول إثبات أن آلهتهم لله تعالى وهي جمادات غير عاقلة تغليبا ولاعتقادهم تلك الآلهة عقلاء وهذا من مجاراة الخصم في المناظرة لإلزامه بنهوض الحجة عليه حتى على لازم اعتقاده . والحكم بكون الموجودات العاقلة في السماوات والأرض ملكا لله تعالى يفيد بالأحرى أن تلك الحجارة ملك الله لأن من يملك الأقوى أقدر على أن يملك الأضعف فان من العرب من عبد الملائكة ومنهم من عبدوا المسيح وهم نصارى العرب .
وذكر السماوات والأرض لاستيعاب أمكنة الموجودات فكأنه قيل : ألا إن لله جميع الموجودات .
وجملة ( وما يتبع الذين يدعون من دون الله شركاء ) الخ معطوفة على جملة ( لله من في السماوات ومن في الأرض ) . وهي كالنتيجة للجملة الأولى إذ المعنى أن جميع الموجودات ملك لله واتباع المشركين أصنامهم اتباع خاطئ باطل .
و ( ما ) نافية لا محالة بقرينة تأكيدها ب ( إن ) النافية وإيراد الاستثناء بعدهما .
و ( شركاء ) مفعول ( يدعون ) الذي هو صلة ( الذين ) .
وجملة ( إن يتبعون ) توكيد لفظي لجملة ( ما يتبع الذين يدعون ) وأعيد مضمونها قضاء لحق الفصاحة حيث حصل من البعد بين المستثنى والمستثنى منه بسبب الصلة الطويلة ما يشبه التعقيد اللفظي وذلك لا يليق بأفصح كلام مع إفادة تلك الإعادة مفاد التأكيد لأن المقام يقتضي الإمعان في إثبات الغرض .
و ( الظن ) مفعول لكلا فعلي ( يتبع ويتبعون ) فانهما كفعل واحد .
وليس هذا من التنازع لأن فعل التوكيد اللفظي لا يطلب عملا لأن المقصود منه تكرير اللفظ دون العمل فالتقدير : وما يتبع المشركون الا الظن وإن هم إلا يخرصون .
والظن : هنا اسم منزل منزلة اللازم لم يقصد تعليقه بمظنون معين أي شأنهم اتباع الظنون .
والمراد بالظن هنا العلم المخطئ .
وقد بينت الجملة التي بعدها أن ظنهم لا دليل عليه بقوله ( وإن هم إلا يخرصون ) .
والخرص : القول بالحزر والتخمين . وتقدم نظير هذه الآية في سورة الأنعام وهو قوله ( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون ) .
( هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون ) جملة معترضة بين جملة ( إن يتبعون إلا الظن ) وجملة ( قالوا اتخذ الله ولدا ) جاءت مجيء الاستدلال على فساد ظنهم وخرصهم بشواهد خلق الليل والنهار المشاهد في كل يوم من العمر مرتين وهم في غفلة عن دلالته وهو خلق نظام النهار والليل .
وكيف كان النهار وقتا ينتشر فيه النور فيناسب المشاهدة لاحتياج الناس في حركات أعمالهم إلى إحساس البصر الذي به تتبين ذوات الأشياء وأحوالها لتناول الصالح منها في العمل ونبذ غير الصالح للعمل .
وكيف كان الليل وقتا تغشاه الظلمة فكان مناسبا للسكون لاحتياج الناس فيه إلى الراحة من تعب الأعمال التي كدحوا لها في النهار . فكانت الظلمة باعثة الناس على الراحة ومحددة لهم إبانها بحيث يستوي في ذلك الفطن والغافل .
ولما قابل السكون في جانب الليل بالإبصار في جانب النهار والليل والنهار ضدان دل ذلك على أن علة السكون عدم الإبصار وأن الإبصار يقتضي الحركة فكان في الكلام احتباك .
ووصف النهار بمبصر مجاز عقلي للمبالغة في حصول الإبصار فيه حتى جعل النهار هو المبصر . والمراد : مبصرا فيه الناس .
ومن لطائف المناسبة أن النور الذي هو كيفية زمن النهار شيء وجودي فكان زمانه حقيقيا بأن يوصف بأوصاف العقلاء بخلاف الليل فان ظلمته عدمية فاقتصر في العبرة به على ذكر الفائدة الحاصلة فيه وهي أن يسكنوا فيه .
A E