وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( ذلك هو الفوز العظيم ) مؤكدة لجملة ( لهم البشرى ) ومقررة لمضمونها فلذلك فصلت .
والإشارة بذلك إلى المذكور من مضمون الجمل الثلاث المتقدمة واختيار اسم الإشارة لأنه أجمع لما ذكر وفيه كمال تمييز له لزيادة تقرير معناه . وذكر ضمير الفصل بعد اسم الإشارة لزيادة التأكيد ولإفادة القصر أي هو الفوز العظيم لا غيره مما يتقلب فيه المشركون في الحياة الدنيا من رزق ومنعة وقوة لأن ذلك لا يعد فوزا إذا عاقبته المذلة والإهانة في الدنيا وبعده العذاب الخالد في الآخرة كما أشار إليه قوله تعالى ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد ) .
( ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعا هو السميع العليم ) الجملة معطوفة على جملة ( ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ) عطف الجزئي على الكلي لأن الحزن المذكور هنا نوع من أنواع الحزن المنفي في قوله ( ولا هم يحزنون ) ولأن الرسول E من أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . فكان مقتضى الظاهر أن يعطف بفاء التفريع لأن دفع هذا الحزن يتفرع على ذلك النفي ولكن عدل إلى العطف بالواو ليعطي مضمون الجملة المعطوفة استقلالا بالقصد إليه فيكون ابتداء كلام مع عدم فوات معنى التفريع لظهوره من السياق . والحزن المنهي عن تطرقه هو الحزن الناشئ عن أذى المشركين محمدا A بأقوالهم البذيئة وتهديداتهم . ووجه الاقتصار على دحضه أن النبي A لم يكن يلقى من المشركين محزنا إلا أذى القول البذئي .
وصيغة ( لا يحزنك قولهم ) خطاب للنبي A . وظاهر صيغته أنه نهي عن أن يحزن النبي A كلام المشركين مع أن شأن النهي أن يتوجه الخطاب به إلى من فعل الفعل المنهي عنه ولكن المقصود من مثل هذا التركيب نهي النبي E عن أن يتأثر بما شأنه أن يحزن الناس من أقوالهم فلما وجه الخطاب إليه بالنهي عن عمل هو من عمل غيره تعين أن المراد بذلك الكناية عن نهيه هو عن حصول ذلك الحزن في نفسه بأن يصرف عن نفسه أسبابه وملزوماته فيؤول إلى معنى لا تترك أقوالهم تحزنك وهذا كما يقولون : لا أرينك تفعل كذا ولا أعرفنك تفعل كذا فالمتكلم ينهى المخاطب عن أن يراه المتكلم فاعلا كذا . والمراد نهيه عن فعل ذلك حتى لا يراه المتكلم فهو من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم . والمعنى : لا تفعلن كذا فأراك تفعله . ومعنى ( لا يحزنك قولهم ) لا تحزن لقولهم فيحزنك .
ومعلوم أن أقوال المشركين التي تحزن النبي هي أقوال التكذيب والاستهزاء فلذلك حذف مفعول القول لأن المصدر هنا نزل منزلة مصدر الفعل اللازم .
وجملة ( إن العزة لله جميعا ) تعليل لدفع الحزن عنه ولذلك فصلت عن جملة النهي كأن النبي يقول : كيف لا أحزن والمشركون يتطاولون علينا ويتوعدوننا وهم أهل عزة ومنعة فأجيب بأن عزتهم كالعدم لأنها محدودة وزائلة والعزة الحق لله الذي أرسلك .
وهي أيضا في محل استئناف بياني . وكل جملة كان مضمونها علة للتي قبلها تكون أيضا استئنافا بيانيا فالاستئناف البياني أعم من التعليل .
وافتتحت بحرف التأكيد للاهتمام بها ولأنه يفيد مفاد لام التعليل وفاء التفريع في مثل هذا المقام الذي لا يقصد فيه دفع إنكار من المخاطب .
ويحسن الوقف على كلمة ( قولهم ) لكي لا يتوهم بعض من يسمع جملة ( إن العزة لله جميعا ) فيحسبه مقولا لقولهم فيتطلب لماذا يكون هذا القول سببا لحزن الرسول A . وكيف يحزن الرسول A من قولهم ( إن العزة لله ) وإن كان في المقام ما يهدي السامع سريعا إلى المقصود .
ونظير هذا الإيهام ما حكي أن ابن قتيبة " وهو عبد الله بن مسلم بن قتيبة " ذكر قراءة أبي حيوة ( أن العزة لله ) بفتح همزة ( أن ) وأعرب بدلا من ( قولهم ) فحكم أن هذه القراءة كفر . حكى ذلك عنه ابن عطية . وأشار إلى ذلك في الكشاف فقال " ومن جعله بدلا من " قولهم " ثم أنكره فالمنكر هو تخريجه " .
A E