وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فالكلام يفيد أن الله ضمن لأوليائه أن لا يحصل لهم ما يخافونه وأن لا يحل بهم ما يحزنهم . ولما كان ما يخاف منه من شأنه أن يحزن من يصيبه كان نفي الحزن عنهم مؤكدا لمعنى نفي خوف خائف عليهم . وجمهور المفسرين حملوا الخوف والحزن المنفيين على ما يحصل لأهل الشقاوة في الآخرة بناء على أن الخوف والحزن يحصلان في الدنيا كقوله ( فأوجس في نفسه خيفة موسى ) . وقد علمت ما يغني عن هذا التأويل وهو يبعد عن مفاد قوله ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .
والولي : الموالي أي المحالف والناصر . وكلها ترجع إلى معنى الولي " بسكون اللام " وهو القرب وهو في معنى الولي كلها قرب مجازى . وتقدم في قوله تعالى ( قل أغير الله اتخذ وليا ) في سورة الأنعام . وهو قرب من الجانبين ولذلك فسروه هنا بأنه الذي يتولى الله بالطاعة ويتولاه الله بالكرامة . وقد بين أولياء الله في هذه الآية بأنهم الذين آمنوا واتقوا فاسم الموصول وصلته خبر وما بينهما اعتراض أو يجعل جملة ( لا خوف عليهم ) خبر ( إن ) ويجعل اسم الموصول خبر مبتدأ محذوف حذفا جاريا على الاستعمال كما سماه السكاكي في حذف المسند إليه . وأياما كان فهذا الخبر يفيد أن يعرف السامع كنه معنى أولياء الله اعتناء بهم على نحو ما قيل في قول أوس بن حجر : الألمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا ودل قوله ( وكانوا يتقون ) على أن التقوى ملازمة لهم أخذا من صيغة ( كانوا ) وأنها متجددة منهم أخذا من صيغة المضارع في قوله ( يتقون ) . وقد كنت أقول في المذاكرات منذ سنين خلت في أيام الطلب أن هذه الآية هي أقوى ما يعتمد عليه في تفسير حقيقة الولي شرعا وأن على حقيقتها يحمل معنى قوله في الحديث القدسي الذي رواه الترمذي عن النبي A قال " قال الله تعالى من عادى لي وليا فقد آذنته بحرب " .
وإشارة الآية إلى تولي الله إياهم بالكرامة بقوله ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) .
وتعريف ( البشرى ) تعريف الجنس فهو صادق ببشارات كثيرة .
و ( في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) حال من ( البشرى ) . والمعنى : أنهم يبشرون بخيرات قبل حصولها : في الدنيا بما يتكرر من البشارات الواردة في كلام الله تعالى وكلام رسوله A وفي الآخرة بما يتلقونه من الملائكة وما يسمعونه من أمر الله بهم إلى النعيم المقيم كقوله ( وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات ) .
وروى الترمذي عن أبي الدرداء أنه سأل رسول الله A عن قوله تعالى ( لهم البشرى في الحياة الدنيا ) فقال " ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزلت فهي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له " قال الترمذي . وليس فيه عطاء بن يسار أي ليس في الحديث أن أبا صالح يرويه عن عطاء بن يسار كما هو المعروف في رواية أبي صالح إلى أبي الدرداء ومحمل هذا الخبر أن الرؤيا الصالحة من جملة البشرى في الحياة الدنيا لأنها تؤذن صاحبها بخير مستقبل يحصل في الدنيا أحرى الآخرة أو كأن السائل سأل عن بشرى الحياة فأما بشرى الآخرة فكانت معروفة بقوله ( يبشرهم ربهم برحمة منه ) الآية ونحوها من الآيات .
وفي الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه كان يقول في هذه الآية ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) قال : هي الرؤيا الصالحة يراها الرجل أو ترى له . ومن البشرى الوعد بأن لهم عاقبة النصر على الأعداء وتمكينهم من السلطان في الدنيا وأن لهم النعيم الخالد في الآخرة .
ومقابلة الحزن بالبشرى من محسنات الطباق .
وجملة ( لا تبديل لكلمات الله ) مبينة لمعنى تأكيد الوعد الذي تضمنه قوله ( لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ) تذكيرا لهم بأن ما وعدهم الله به من البشائر مثل النصر وحسن العاقبة أمر ثابت لا يتخلف لأنه من كلمات الله وقد نفي التبديل بصيغة التبرئة الدالة على انتفاء جنس التبديل .
والتبديل : التغيير والإبطال لأن إبطال الشيء يستلزم إيجاد نقيضه .
و ( كلمات الله ) الأقوال التي أوحى بها إلى الرسول في الوعد المشار إليه ويؤخذ من عموم ( كلمات الله ) وعموم نفي التبديل أن كل ما هو تبديل منفي من أصله .
روي أن الحجاج خطب فذكر عبد الله بن الزبير فقال : إنه قد بدل كتاب الله . وكان ابن عمر حاضرا فقال له ابن عمر : لا تطيق ذلك أنت ولا ابن الزبير ( لا تبديل لكلمات الله ) .
A E