وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والموعظة : الوعظ وهو كلام فيه نصح وتحذير مما يضر . وقد مضى الكلام عليها عند قوله تعالى ( فأعرض عنهم وعظهم ) في سورة النساء وعند قوله تعالى ( موعظة وتفصيلا لكل شيء ) في سورة الأعراف . ووصفها ب ( من ربكم ) للتنبيه على أنها بالغة غاية كمال أمثالها .
والشفاء تقدم عند قوله تعالى ( ويشف صدور قوم مؤمنين ) في سورة براءة . وحقيقته : زوال المرض والألم ومجازه : زوال النقائص والضلالات وما فيه حرج على النفس وهذا هو المراد هنا .
والمراد بالصدور النفوس كما هو شائع في الاستعمال .
والهدى تقدم في قوله تعالى ( هدى للمتقين ) في طالع سورة البقرة وأصله : الدالة على الطريق الموصل إلى المقصود . ومجازه : بيان وسائل الحصول على المنافع الحقة .
والرحمة تقدمت في تفسير البسملة .
A E وقد أومأ وصف القرآن بالشفاء إلى تمثيل حال النفوس بالنسبة إلى القرآن وإلى ما جاء بحال المعتل السقيم الذي تغير نظام مزاجه عن حالة الاستقامة فأصبح مضطرب الأحوال خائر القوى فهو يترقب الطبيب الذي يدبر له بالشفاء ولا بد للطبيب من موعظة للمريض يحذره بها مما هو سبب نشء علته ودوامها ثم ينعت له الدواء الذي به شفاؤه من العلة ثم يصف له النظام الذي ينبغي له سلوكه لتدوم له الصحة والسلامة ولا ينتكس له المرض فإن هو انتصح بنصائح الطبيب أصبح معافى سليما وحيي حياة طيبة لا يعتوره ألم ولا يشتكي وصبا وقد كان هذا التمثيل لكماله قابلا لتفريق تشبيه أجزاء الهيئة المشبهة بأجزاء الهيئة المشبه بها فزواجر القرآن ومواعظه يشبه بنصح الطبيب على وجه المكنية وإبطاله العقائد الضالة يشبه بنعت الدواء للشفاء من المضار على وجه التصريحية وتعاليمه الدينية وآدابه تشبه بقواعد حفظ الصحة على وجه المكنية وعبر عنها بالهدى ورحمته للعالمين تشبه بالعيش في سلامة على وجه المكنية . ومعلوم أن ألفاظ المكنية يصح أن تكون مستعملة في حقائق معانيها كما هنا ويصح أن تجعل تخييلا كأظفار المنية . ثم إن ذلك يتضمن تشبيه باعث القرآن بالطبيب العليم بالأدواء وأدويتها ويقوم من ذلك تشبيه هيئة تلقي الناس للقرآن وانتفاعهم به ومعالجة الرسول A إياهم بتكرير النصح والإرشاد بهيئة المرضى بين يدي الطبيب وهو يصف لهم ما فيه برؤهم وصلاح أمزجتهم فمنهم القابل المنتفع ومنهم المتعاصي الممتنع .
فالأوصاف الثلاثة الأول ثابتة للقرآن في ذاته سواء في ذلك من قبلها وعمل بها ومن أعرض عنها ونبذها إلا أن وصفه بكونه هدى لما كان وصفا بالمصدر المقتضي للمبالغة بحيث كأنه نفس الهدى كان الأنسب أن يراد به حصول الهدى به بالفعل فيكون في قران الوصف الرابع . والوصف الرابع وهو الرحمة خاص بمن عمل بمقتضى الأوصاف الثلاثة الأول فانتفع بها فكان القرآن رحمة له في الدنيا والآخرة . وهو ينظر إلى قوله تعالى ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) . متعلق ب ( رحمة ) بلا شبهة وقد خصه به جمهور المفسرين . ومن المحققين من جعله قيدا ل ( هدى ورحمة ) ناظرا إلى قوله تعالى ( هدى للمتقين ) فإنه لم يجعله هدى لغير المتقين وهم المؤمنون .
والوجه أن كونه موعظة وصف ذاتي له لأن الموعظة هي الكلام المحذر من الضر ولهذا عقبت بقوله ( من ربكم ) فكانت عامة لمن خوطب ب ( يا أيها ) الناس . وأما كونه شفاء فهو في ذاته صالح للشفاء ولكن الشفاء بالدواء لا يحصل إلا لمن استعمله .
وأما كونه هدى ورحمة فإن تمام وصف القرآن بهما يكون بالنسبة لمن حصلت له حقيقتهما وأما لمن لم تحصل له آثارهما فوصف القرآن بهما بمعنى صلاحيته لذلك وهو الوصف بالقوة في اصطلاح أهل المنطق . وقد وقع التصريح في الآية الأخرى بأنه ( شفاء ورحمة للمؤمنين ) وصرح في آية البقرة بأنه ( هدى للمتقين ) فالأظهر أن قيد ( للمؤمنين ) راجع إلى ( هدى ورحمة ) معا على قاعدة القيد الوارد بعد مفردات وأما رجوعه إلى ( شفاء ) فمحتمل لأن وصف ( شفاء ) قد عقب بقيد ( لما في الصدور ) فانقطع عن الوصفين اللذين بعده ولأن تعريف ( الصدور ) باللام يقتضي العموم فليحمل الشفاء على معنى الدواء الذي هو صالح للشفاء للذي يتناوله . وهو إطلاق كثير . وصدر به اللسان والقاموس وجعلوا منه قوله تعالى في شأن العسل ( فيه شفاء للناس )