وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فكان افتتاحه بأن الله هو المتوحد بملك ما في السماوات والأرض فهو يتصرف في الناس وأحوالهم في الدنيا والآخرة تصرفا لا يشاركه فيه غيره ؛ فتصرفه في أمور السماء شامل للمغيبات كلها ومنها إظهار الجزاء بدار الثواب ودار العذاب ؛ وتصرفه في أمور الأرض شامل لتصرفه في الناس . ثم أعقب بتحقيق وعده وأعقب بتجهيل منكريه وأعقب بالتصريح بالمهم من ذلك وهو الإحياء والإماتة والبعث .
وافتتح هذا التذييل بحرف التنبيه وأعيد فيه حرف التنبيه للاستيعاء لسماعه وللتنبيه على أنه كلام جامع هو حوصلة الغرض الذي سمعوا تفصيله آنفا .
وتأكيد الخبر بحرف ( إن ) للرد على المشركين لأنهم لما جعلوا لله شركاء فقد جعلوها غير مملوكة لله . ولا يدفع عنهم ذلك أنهم يقولون ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) لأن ذلك اضطراب وخبط .
وقدم خبر ( إن ) على اسمها للاهتمام باسمه تعالى ولإفادة القصر لرد اعتقادهم الشركة كما علمت .
وأكد بحرف التوكيد بعد حرف التنبيه في الموضعين للاهتمام به ولرد إنكار منكري بعضه والذين هم بمنزلة المنكرين بعضه الآخر .
واللام في ( لله ) للملك و ( ما ) اسم موصول مفيد لعموم كل ما ثبتت له صلة الموصول من الموجودات الظاهرة والخفية .
ووعد الله : هو وعده بعذاب المشركين وهو وعيد ويجوز أن يكون وعده مرادا به البعث قال تعالى ( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) فسمى إعادة الخلق وعدا .
وأظهر اسم الجلالة في الجملة الثانية دون الإتيان بضميره لتكون الجملة مستقلة فتجري مجرى المثل والكلام الجامع .
ووقع الاستدراك بقوله ( ولكن أكثرهم لا يعلمون ) لأن الجملتين اللتين قبله أريد بهما الرد على معتقدي خلافهما فصارتا في قوة نفي الشك عن مضمونهما فكأنه قيل : لا شك يحق في ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون فلذلك يشكون .
A E وتقييد نفي العلم بالأكثر إشارة إلى أن منهم من يعلم ذلك ولكنه يجحده مكابرة كما قال في الآية السابقة ( ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به ) فضمير ( أكثرهم ) للمتحدث عنهم فيما تقدم .
( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) استئناف أو اعتراض يجوز أن يكون لابتداء غرض جديد وهو خطاب جميع الناس بالتعريف بشأن القرآن وهديه بعد أن كان الكلام في جدال المشركين والاحتجاج عليهم بإعجاز القرآن على أنه من عند الله وأن الآتي به صادق فيما جاء به من تهديدهم وتخويفهم من عاقبة تكذيب الأمم رسلها وما ذيل به ذلك من الوعيد وتحقيق ما توعدوا به فالكلام الآن منعطف إلى الغرض المفتتح بقوله ( وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ) إلى قوله ( ولو كانوا لا يبصرون ) . فعاد الكلام إلى خطاب جميع الناس لما في القرآن من المنافع الصالحة لهم والإشارة إلى اختلافهم في مقدار الانتفاع به ولذلك كان الخطاب هنا عاما لجميع الناس ولم يأت فيه ما يقتضي وجيهه لخصوص المشركين من ضمائر تعود إليهم أو أوصاف لهم أو صلات موصول . وعلى هذا الوجه فليس في الخطاب ب ( يا أيها الناس ) التفات من الغيبة إلى الخطاب والمعنى أن القرآن موعظة لجميع الناس وإنما انتفع بموعظته المؤمنون فاهتدوا وكان لهم رحمة .
ويجوز أن يكون خطابا للمشركين بناء على الأكثر في خطاب القرآن ب ( يا أيها الناس ) فيكون ذكر الثناء على القرآن بأنه هدى ورحمة للمؤمنين إدماجا وتسجيلا على المشركين بأنهم حرموا أنفسهم الانتفاع بموعظة القرآن وشفائه لما في الصدور فانتفع المؤمنون بذلك .
وافتتاح الكلام ب ( قد ) لتأكيده لأن في المخاطبين كثيرا ممن ينكر هذه الأوصاف للقرآن .
والمجيء : مستعمل مجازا في الإعلام بالشيء كما استعمل للبلوغ أيضا إلا أن البلوغ أشهر في هذا وأكثر يقال : بلغني خبر كذا ويقال أيضا : جاءني خبر كذا أو أتاني خبر كذا . وإطلاق المجيء عليه في هذه الآية أعز .
والمراد بما جاءهم وبلغهم هو ما أنزل من القرآن وقرئ عليهم وقد عبر عنه بأربع صفات هي أصول كماله وخصائصه وهي : أنه موعظة وأنه شفاء لما في الصدور وأنه هدى وأنه رحمة للمؤمنين