وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ووقع في خلال هذا الجواب تفنن في تخييل التهويل لهذا العذاب الموعود بقوله ( إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ) تخييلا يناسب تحقق وقوعه فإن هاذين الوقتين لا يخلو حلول الحوادث عن أحدهما على أنه ترديد لمعنى العذاب العاجل تعجيلا قريبا أو أقل قربا أي أتاكم في ليل هذا اليوم الذي سألتموه أو في صبيحته على أن في ذكر هذين الوقتين تخييلا ما لصورة وقوع العذاب استحضارا له لديهم على وجه يحصل به تذكيرهم انتهازا لفرصة الموعظة كالتذكير به في قوله ( قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون ) .
والبيات : اسم مصدر التبييت ليلا كالسلام للتسليم . وذلك مباغتة . وانتصب ( بياتا ) على الظرفية بتقدير مضاف أي وقت بيات .
وجواب شرط ( إن أتاكم عذابه ) محذوف دل عليه قوله ( ماذا يستعجل منه المجرمون ) الذي هو ساد مسد مفعولي ( أرأيتم ) إذ علقه عن العمل الاستفهام ب ( ماذا ) .
A E و ( ماذا ) كلمتان هما ( ما ) الاستفهامية و ( ذا ) . أصله إشارة مشار به إلى مأخوذ من الكلام الواقع بعده . واستعمل ( ذا ) مع ( ما ) الاستفهامية في معنى الذي لأنهم يراعون لفظ الذي محذوفا . وقد يظهر كقوله تعالى ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) . وهذا الاستفهام مستعمل في الإنكار عليهم وفي التعجيب من تعجلهم العذاب بنية أنهم يؤمنون به عند نزوله .
و ( من ) للتبعيض . والمعنى ما الذي يستعجله المجرمون من العذاب أي لا شيء من العذاب بصالح لاستعجالهم إياه لأن كل شيء منه مهلك حائل بينهم وبين التمكن من الإيمان وقت حلوله .
وفائدة الإشارة إليه تهويله أو تعظيمه أو التعجيب منه كقوله تعالى ( ماذا أراد الله بهذا مثلا ) فالمعنى ما هذا العذاب العظيم في حال كونه يستعجله المجرمون فجملة ( يستعجل منه ) في موضع الحال من اسم الإشارة أي أن مثله لا يستعجل بل شأنه أن يستأخر .
و ( من ) بيانية والمعنى معها على معنى ما يسمى في فن البديع بالتجرد .
واعلم أن النحاة يذكرون استعمال ( ماذا ) بمعنى ( ما الذي ) وإنما يعنون بذلك بعض مواضع استعماله وليس استعمالا مطردا . وقد حقق ابن مالك في الخلاصة إذ زاد قيدا في هذا الاستعمال فقال : .
ومثل ما ذا بعد ما استفهام ... أو من إذا لم تلغ في الكلام يريد إذا لم يكن مزيدا . وإنما عبر بالإلغاء فرارا من إيراد أن الأسماء لا تزاد . والحق أن المراد بالزيادة أن اسم الإشارة غير مفيد معناه الموضوع له ولا هو بمفيد تأسيس معنى في الكلام ولكنه للتقوية والتأكيد الحاصل من الإشارة إلى ما يتضمنه الكلام وقد أشار إلى استعمالاته صاحب مغنى اللبيب في فصل عقده ل ( ماذا ) وأكثر من المعاني ولم يحرر انتساب بعضها من بعض . وانظر ما تقدم عند قوله تعالى ( فماذا بعد الحق إلا الضلال ) المتقدم آنفا وقوله تعالى ( ماذا أراد الله بهذا مثلا ) في سورة البقرة .
والمجرمون : أصحاب الجرم وهو جرم الشرك . والمراد بهم الذين ( يقولون متى هذا الوعد ) وهم مشركو مكة فوقع الإظهار في مقام الإضمار عوض أن يقال ماذا يستعجلون منه لقصد التسجيل عليهم بالإجرام وللتنبيه على خطئهم في استعجال الوعيد لأنه يأتي عليهم بالإهلاك فيصيرون إلى الآخرة حيث يفضون إلى العذاب الخالد فشأنهم أن يستأخروا الوعد لا أن يستعجلوه فدل ذلك على أن المعنى لا يستعجلون منه إلا شرا .
وعطفت جملة ( أثم إذا ما وقع ) بحرف المهلة للدلالة على التراخي الرتبي كما هو شأن ( ثم ) في عطفها الجمل لأن إيمانهم بالعذاب الذي كانوا ينكرون وقوعه حين وقوعه بهم أغرب وأهم من استعجالهم به . وهمزة الاستفهام مقدمة من تأخير كما هو استعمالها مع حروف العطف المفيدة للتشريك . والتقدير : ثم أ إذا ما وقع وليس المراد الاستفهام عن المهلة .
والمستفهم عنه هو حصول الإيمان في وقت وقوع العذاب وهذا الاستفهام مستعمل في الإنكار بمعنى التغليط وإفساد رأيهم فإنهم وعدوا بالإيمان عند نزول العذاب استهزاء منهم فوقع الجواب بمجاراة ظاهر حالهم وبيان أخطائهم أي أتؤمنون بالوعد عند وقوعه على طريقة الأسلوب الحكيم كقوله تعالى ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج )