وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وهذا المحمل هو المناسب لجوابهم بقوله ( قل لا أملك ) . ويجوز أن يكون الخطاب للنبي وللمسلمين جمعوهم في الخطاب لأن النبي أخبر به والمسلمين آمنوا به فخاطبوهم بذلك جميعا لتكذيب النبي وإدخال الشك في نفوس المؤمنين به . وإنما خص الرسول E بالأمر بجوابهم لأنه الذي أخبرهم بالوعيد وأما المؤمنون فتابعون له في ذلك .
ومعنى ( لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا ) : لا أستطيع كما تقدم في قوله تعالى ( قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرا ولا نفعا ) في سورة العقود .
وقدم الضر على النفع لأنه أنسب بالغرض لأنهم أظهروا استبطاء ما فيه مضرتهم وهو الوعيد ولأن استطاعة الضر أهون من استطاعة النفع فيكون ذكر النفع بعده ارتقاء .
والمقصود من جمع الأمرين الإحاطة بجنسي الأحوال . وتقدم في سورة الأعراف وجه تقديم النفع على الضر في نظير هذه الآية .
A E وقوله ( إلا ما شاء الله ) استثناء منقطع بمعنى لكن أي لكن نفعي وضري هو ما يشاءه الله لي . وهذا الجواب يقتضي إبطال كلامهم بالأسلوب المصطلح على تلقيبه في فن البديع بالمذهب الكلامي أي بطريق برهاني لأنه إذا كان لا يستطيع لنفسه ضرا ولا نفعا فعدم استطاعته ما فيه ضر غيره بهذا الوعد أولى من حيث إن أقرب الأشياء إلى مقدرة المرء هو ما له اختصاص بذاته لأن الله أودع في الإنسان قدرة استعمال قواه وأعضائه فلو كان الله مقدرا إياه على إيجاد شيء من المنافع والمضار في أحوال الكون لكان أقرب الأشياء إلى إقداره ما له تعلق بأحوال ذاته لأن بعض أسبابها في مقدرته فلا جرم كان الإنسان مسيرا في شؤونه بقدرة الله لأن معظم أسباب المنافع والمضار من الحوادث منوط بعضه ببعض فموافقاته ومخالفاته خارجة عن مقدور الإنسان فلذلك قد يقع ما يضره وهو عاجز عن دفعه . فكان معنى الجواب : أن الوعد من الله لا مني وأنا لا أقدر على إنزاله بكم لأن له أجلا عند الله .
وجملة ( لكل أمة أجل ) من المقول المأمور به وموقعها من جملة ( لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا ) موقع العلة لأن جملة ( لا أملك لنفسي ) اقتضت انتفاء القدرة على حلول الوعد .
وجملة ( لكل أمة أجل ) تتضمن أن سبب عدم المقدرة على ذلك هو أن الله قدر آجال أحوال الأمم . ومن ذلك أجل حلول العقاب بهم بحكمة اقتضت تلك الآجال فلا يحل العقاب بهم إلا عند مجيء في ذلك الأجل فلا يقدر أحد على تغيير ما حدده الله .
وصورة الاستدلال بالطريق البرهاني أن قضية ( لكل أمة أجل ) قضية كلية تشمل كل أمة . ولما كان المخاطبون من جملة الأمم كانوا مشمولين لحكم هذه القضية فكأنه قيل لهم : أنتم أمة من الأمم ولكل أمة أجل فأنتم لكم أجل فترقبوا حلوله .
وجملة ( إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ) صفة ل ( أجل ) أي أجل محدود لا يقبل التغير . وقد تقدم الكلام على نظيرها في سورة الأعراف .
و ( إذا ) في هذه الآية مشربة معنى الشرط فلذلك اقترنت جملة عاملها بالفاء الرابطة للجواب معاملة للفعل العامل في ( إذا ) معاملة جواب الشرط .
( قل أرأيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ماذا يستعجل منه المجرمون أثم إذا ما وقع آمنتم به أالان وقد كنتم به تستعجلون ) هذا جواب ثان عن قولهم ( متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) باعتبار ما يتضمنه قولهم من الوعد بأنهم يؤمنون إذا حق الوعد الذي توعدهم به كما حكي عنهم في الآية الأخرى ( وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا إلى قوله أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفا ) وهذا الجواب إبداء لخلل كلامهم واضطراب استهزائهم وقع هذا الأمر بأن يجيبهم هذا الجواب بعد أن أمر بأن يجيبهم بقوله ( قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله ) وهذا الجواب واقع موقع التسليم الجدلي بعد أن يجاب المخطئ بالإبطال . وحاصل هذا الجواب إن قدر حصول ما سألتم تعيين وقته ونزول كسف من السماء بكم أو نحوه ماذا يحصل من فائدة لكم في طلب تعجيل حصوله إذ لا تخلون عن أن تكونوا تزعمون أنكم تؤمنون حينئذ فذلك باطل لأن العذاب يعاجلكم بالهلاك فلا يحصل إيمانكم . وهذا كما قال بعض الواعظين : نحن نريد أن لا نموت حتى نتوب ونحن لا نتوب حتى نموت