وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولما جعل مضمون جملة ( نتوفينك ) قسيما لمضمون جملة ( نرينك ) تعين أن إراءته ما أوعدوا به من عذاب الدنيا إنما هو جزاء عن تكذيبهم إياه وأذاهم له انتصارا له حتى يكون أمره جاريا على سنة الله في المرسلين كما قال نوح ( رب انصرني بما كذبون ) وقد أشار إلى هذا قوله تعالى عقبه ( ولكل أمة رسول ) الآية وقوله ( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) . وقد أراه الله تعالى بعض الذي توعدهم بما لقوا من القحط سبع سنين بدعوته عليهم وبما أصابهم يوم بدر من الإهانة وقتل صناديدهم كما أشار إليه قوله تعالى ( فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون ) .
A E والدخان هو ما كانوا يرونه في سنين القحط من شبه الدخان في الارض . والبطشة الكبرى : بطشة يوم بدر .
وتأمل قوله ( ثم تولوا عنه ) وقوله ( إنا منتقمون ) .
ثم كف الله عنهم عذاب الدنيا إرضاء له أيضا إذ كان يود استبقاء بقيتهم ويقول : لعل الله أن يخرج من أصلابهم من يعبده .
فأما الكفر بالله فجزاؤه عذاب الآخرة .
فطوي في الكلام جمل دلت عليها الجمل المذكورة إيجازا محكما وصارت قوة الكلام هكذا : وإما نعجل لهم بعض العذاب فنرينك نزوله بهم أو نتوفينك فنؤخر عنهم العذاب بعد وفاتك أي لانتفاء الحكمة في تعجيله فمرجعهم إلينا أي مرجعهم ثابت إلينا دوما فنحن أعلم بالحكمة المقتضية نفوذ الوعيد فيهم في الوقت المناسب في الدنيا إن شئنا في حياتك أو بعدك أو في الآخرة .
وكلمة ( إما ) هي ( إن ) الشرطية و ( ما ) المؤكدة للتعليق الشرطي . وكتبت في المصحف بدون نون وبميم مشددة محاكاة لحالة النطق وقد أكد فعل الشرط بنون التوكيد فإنه إذا أريد توكيد فعل الشرط بالنون وتعينت زيادة ( ما ) بعد " إن " الشرطية فهما متلازمان عند المبرد والزجاج وصاحب الكشاف في تفسير قوله تعالى ( فإما نرينك ) في سورة غافر فلا يقولون إن : تكرمني أكرمك بنون التوكيد ولكن تقولون : إن تكرمني بدون نون التوكيد كما أنه لا يقال : إما تكرمني بدون نون التوكيد ولكن تقول : إن تكرمني . وشذ قول الأعشى : .
فإما تريني ولي لمة ... فإن الحوادث أودى بها ثم أكد التعليق الشرطي تأكيدا ثانيا بنون التوكيد وتقديم المجرور على عامله وهو " مرجعهم " للاهتمام . وجملة ( إلينا مرجعهم ) اسمية تفيد الدوام والثبات أي ذلك أمر في تصرفنا دوما .
وجملة ( ثم الله شهيد على ما يفعلون ) معطوفة على جملة ( فإلينا مرجعهم ) . وحرف ( ثم ) للتراخي الرتبي كما هو شأن ( ثم ) في عطفها الجمل . والتراخي الرتبي كون الجملة المعطوفة بها أعلى رتبة من المعطوفة عليها فإن جملة ( ثم الله شهيد على ما يفعلون ) لاشتمالها على التعريض بالجزاء على سوء أفعالهم كانت أهم مرتبة في الغرض وهو غرض الإخبار بأن مرجعهم إلى الله لأن إرجاعهم إلى الله مجمل واطلاعه على أفعالهم المكنى به عن مؤاخذتهم بها هو تفصيل للوعيد المجمل والتفصيل أهم من الإجمال . وقد حصل بالإجمال ثم بتفصيله تمام تقرير الغرض المسوق له الكلام وتأكيد الوعيد . وأما كون عذاب الآخرة حاصلا بعد إرجاعهم إلى الله بمهلة جمع ما فيه من تكلف تقرر تلك المهلة هو بحيث لا يناسب حمل الكلام البليغ على التصدي لذكره .
وقوله ( الله شهيد على ما يفعلون ) خبر مستعمل في معناه الكنائي إذ هو كناية عن الوعيد بالجزاء على جميع ما فعلوه في الدنيا بحيث لا يغادر شيئا .
والشهيد : الشاهد وحقيقته : المخبر عن أمر فيه تصديق للمخبر واستعمل هنا في العالم علم تحقيق .
وعبر بالمضارع في قوله ( يفعلون ) للإشارة إلى أنه عليم بما يحدث من أفعالهم فأما ما مضى فهو بعلمه أجدر .
( ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمون )