وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

افتتاح الكلام بحرف الاستدراك يؤذن بأن مضمون هذا الكلام نقيض مضمون الكلام الذي قبله أصلا وتفريعا . فلما كان قعود المنافقين عن الجهاد مسببا على كفرهم بالرسول A كان المؤمنون على الضد من ذلك . وابتدئ وصف أحوالهم بوصف حال الرسول لأن تعلقهم به واتباعهم إياه هو أصل كمالهم وخيرهم فقيل ( لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا ) .
وقوله ( بأموالهم وأنفسهم ) مقابل قوله ( استأذنك أولوا الطول منهم ) .
وقوله ( وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون ) مقابل قوله ( وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون ) كما تقدم .
وفي حرف الاستدراك إشارة إلى الاستغناء عن نصرة المنافقين بنصرة المؤمنين الرسول كقوله ( فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين ) .
وقد مضى الكلام على الجهاد بالأموال عند قوله تعالى ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم ) .
وفي قوله ( والذين آمنوا معه ) تعريض بأن الذين لم يجاهدوا دون عذر ليسوا بمؤمنين .
و ( معه ) في موضع الحال من ( الذين ) لتدل على أنهم أتباع له في كل حال وفي كل أمر فإيمانهم معه لأنهم آمنوا به عند دعوته إياهم وجهادهم بأموالهم وأنفسهم معه وفيه إشارة إلى أن الخيرات المبثوثة لهم في الدنيا والآخرة تابعة لخيراته ومقاماته .
وعطفت جملة ( وأولئك لهم الخيرات ) على جملة ( جاهدوا ) ولم تفصل مع جواز الفصل ليدل بالعطف على أنها خبر عن الذين آمنوا أي على أنها من أوصافهم وأحوالهم لأن تلك أدل على تمكن مضمونها فيهم من أن يؤتى بها مستأنفة كأنها إخبار مستأنف .
والإتيان باسم الإشارة لإفادة أن استحقاقهم الخيرات والفلاح كان لأجل جهادهم .
والخبرات جمع خير على غير قياس . فهو مما جاء على صيغة جمع التأنيث مع عدم التأنيث ولا علامته مثل سرادقات وحمامات .
وجعله كثير من اللغويين جمع " خيرة " بتخفيف الياء مخفف " خيرة " المشدد الياء التي هي أنثى ( خير ) أو هي مؤنث ( خير ) المخفف الياء الذي هو بمعنى أخير . وإنما أنثوا وصف المرأة منه لأنهم لم يريدوا به التفضيل وعلى هذا كله يكون خيرات هنا مؤولا بالخصال الخيرة وكل ذلك تكلف لا داعي إليه مع استقامة الحمل على الظاهر . والمراد منافع الدنيا والآخرة . فاللام فيه للاستغراق . والقول في ( وأولئك هم المفلحون ) كالقول في نظيره في أول سورة البقرة .
( أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ذلك الفوز العظيم ) استئناف بياني لجواب سؤال ينشأ عن الإخبار ب ( وأولئك لهم الخيرات ) .
والإعداد التهيئة . وفيه إشعار بالعناية والتهمم بشأنهم . وتقدم القول في نظير هذه الآية في قوله قبل ( وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة ) الآية .
A E ( وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم وقعد الذين كذبوا الله ورسوله سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم ) عطفت جملة ( وجاء المعذرون ) على جملة ( استأذنك أولوا الطول منهم ) وما بينهما اعتراض فالمراد بالمعذرين فريق من المؤمنين الصادقين من الأعراب كما تدل عليه المقابلة بقوله ( وقعد الذين كذبوا الله ورسوله ) . وعلى هذا المعنى فسر ابن عباس ومجاهد وكثير . وجعلوا من هؤلاء غفارا وخالفهم قتادة فجعلهم المعتذرين كذبا وهم بنو عامر رهط عامر بن الطفيل قالوا للنبي A إن خرجنا معك أغارت أعراب طيء على بيوتنا . ومن المعذرين الكاذبين أسد وغطفان .
وعلى الوجهين في التفسير يختلف التقدير في قوله ( المعذرون ) فإن كانوا المحقين في العذر فتقدير ( المعذرون ) أن أصله المعتذرون من اعتذر أدغمت التاء في الذال لتقارب المخرجين لقصد التخفيف كما أدغمت التاء في الصاد في قوله ( وهم يخصمون ) أي يختصمون .
وإن كانوا الكاذبين في عذرهم فتقدير المعذرون : أنه اسم فاعل من عذر بمعنى تكلف العذر فعن ابن عباس ( لعن الله المعذرين ) . قال الأزهري : ذهب إلى أنهم الذين يعتذرون بلا عذر فكأن الأمر عنده أن المعذر بالتشديد هو المظهر للعذر اعتلالا وهو لا عذر له اه . وقال شارح ديوان النابغة عند قول النابغة :