وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ولأجل كون هذه الآية غرضا جديدا ابتدئت بذكر نزول سورة داعية إلى الإيمان والجهاد . والمراد بها هذه السورة أي سورة براءة وإطلاق اسم السورة عليها في أثنائها قبل إكمالها مجاز متسع فيه كإطلاق الكتاب على القرآن في أثناء نزوله في نحو قوله ( ذلك الكتاب لا ريب فيه ) وقوله ( وهذا كتاب أنزلناه مبارك ) فهذا الوصف وصف مقدر شبيه بالحال المقدرة .
وابتدئي بذكر المتخلفين من المنافقين بقوله ( استأذنك أولوا الطول منهم ) .
والسورة طائفة معينة من آيات القرآن لها مبدأ ونهاية وقد مضى الكلام عليها آنفا وقبيل هذا .
ولما كانت السورة ألفاظا وأقوالا صح بيانها ببعض ما حوته وهو الأمر بالإيمان والجهاد فقوله ( أن آمنوا بالله ) تفسير للسورة و ( أن ) فيه تفسيرية كالتي في قوله تعالى حكاية عن عيسى ( ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم ) ويجوز تفسير الشيء ببعضه شبه بدل البعض من الكل .
وليس المراد لفظ ( آمنوا ) وما عطف عليه بل ما يراد فهما مثل قوله ( يا أيها الذين آمنوا مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله ) الآيات وقوله ( لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم ) .
والطول السعة في المال قال تعالى ( ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات ) وقد تقدم . والاقتصار على الطول يدل على أن أولي الطول مراد بهم من له قدرة على الجهاد بصحة البدن . فبوجود الطول انتفى عذرهم إذ من لم يكن قادرا ببدنه لا ينظر إلى كونه ذا طول كما يدل عليه قوله بعد ( ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج ) .
والمراد بأولي الطول أمثال عبد الله بن أبي بن سلول ومعتب بن قشير والجد بن قيس .
وعطف ( وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين ) على ( استأذنك ) لما بينهما من المغايرة في الجملة بزيادة في المعطوف لأن الاستئذان مجمل وقولهم المحكي فيه بيان ما استأذنوا فيه وهو القعود . وفي نظمه إيذان بتلفيق معذرتهم وأن الحقيقة هي رغبتهم في القعود ولذلك حكي قولهم بأن ابتدئ ب ( ذرنا ) المقتضي الرغبة في تركهم بالمدينة . وبأن يكونوا تبعا للقاعدين الذين فيهم العجز والضعفاء والجبناء لما تؤذن به كلمة ( مع ) من الإلحاق والتبعية .
وقد تقدم أن ( ذر ) أمر من فعل ممات وهو ( وذر ) استغنوا عنه بمرادفه وهو " ترك " في قوله تعالى ( وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا ) في سورة الأنعام .
( رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون ) A E استئناف قصد منه التعجيب من دناءة نفوسهم وقلة رجلتهم بأنهم رضوا لأنفسهم بأن يكونوا تبعا للنساء . وفي اختيار فعل ( رضوا ) إشعار بأن ما تلبسوا به من الحال من شأنه أن يتردد العاقل في قبوله كما تقدم في قوله تعالى ( أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ) وقوله ( إنكم رضيتم بالقعود أول مرة ) .
والخوالف جمع خالفة وهي المرأة التي تتخلف في البيت بعد سفر زوجها فإن سافرت معه فهي الظعينة أي رضوا بالبقاء مع النساء .
والطبع تمثيل لحال قلوبهم في عدم قبول الهدى بالإناء أو الكتاب المختوم . والطبع مرادف الختم . وقد تقدم بيانه عند قوله تعالى ( ختم الله على قلوبهم ) في سورة البقرة . وأسند الطبع إلى المجهول إما للعلم بفاعله وهو الله وإما للإشارة إلى أنهم خلقوا كذلك وجبلوا عليه وفرع على الطبع انعدام علمهم بالأمور التي يختص بعلمها أهل الأفهام وهو العلم المعبر عنه بالفقه أي إدراك الأشياء الخفية أي فآثروا نعمة الدعة على سمعة الشجاعة وعلى ثواب الجهاد إذ لم يدركوا إلا المحسوسات فلذلك لم يكونوا فاقهين وذلك أصل جميع المضار في الدارين .
وجيء في إسناد نفي الفقاهة عنهم بالمسند الفعلي للدلالة على تقوي الخبر وتحقيق نسبته إلى المخبر عنهم وتمكنه منهم .
( لكن الرسول والذين أمنوا معه جهدوا بأموالهم وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون )