وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومن أجل هذا الجري على ظاهر الحال اختلف أسلوب التأييس من المغفرة بين ما في هذه الآية وبين ما في آية ( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ) لأن المشركين كفرهم ظاهر فجاء النهي عن الاستغفار لهم صريحا وكفر المنافقين خفي فجاء التأييس من المغفرة لهم منوطا بوصف يعلمونه في أنفسهم ويعلمه الرسول E ولأجل هذا كان يستغفر لمن يسأله الاستغفار من المنافقين لئلا يكون امتناعه من الاستغفار له إعلاما بباطن حاله الذي اقتضت حكمة الشريعة عدم كشفه . وقال في أبي طالب : لأستغفرن لك ما لم أنه عنك . فلما نهاه الله عن ذلك أمسك عن الاستغفار له .
وكان النبي A يصلي صلاة الجنازة على من مات من المنافقين لأن صلاة الجنازة من الاستغفار ولما مات عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين بعد نزول هذه الآية وسأل ابنه عبد الله بن عبد الله النبي A أن يصلي عليه فصلى عليه كرامة لابنه وقال عمر للنبي A قد نهاك ربك أن تصلي عليه قال له على سبيل الرد " إنما خيرني الله " أي ليس في هذه الآية نهي عن الاستغفار فكان لصلاته عليهم واستغفاره لهم حكمة غير حصول المغفرة بل لمصالح أخرى ولعل النبي A أخذ بأضعف الاحتمالين في صيغة ( استغفر لهم أول تستغفر لهم ) وكذلك في لفظ عدد ( سبعين مرة ) استقصاء لمظنة الرحمة على نحو ما أصلناه في المقدمة التاسعة من مقدمات هذا التفسير .
والإشارة في قوله ( ذلك بأنهم كفروا ) لانتفاء الغفران المستفاد من قوله ( فلن يغفر الله لهم ) .
والباء للسببية وكفرهم بالله هو الشرك . وكفرهم برسوله جحدهم رسالته A وفي هذه الآية دليل على أن جاحد نبوءة محمد A يطلق عليه كافر .
ومعنى ( والله لا يهدي القوم الفاسقين ) أن الله لا يقدر لهم الهدي إلى الإيمان لأجل فسقهم أي بعدهم عن التأمل في أدلة النبوءة وعن الإنصاف في الاعتراف بالحق فمن كان ذلك ديدنه طبع على قلبه فلا يقبل الهدى فمعنى ( لا يهدي ) لا يخلق الهدى في قلوبهم .
( فرح المخلفون بمقعدهم خلف رسول الله وكرهوا أن يجهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون ) استئناف ابتدائي وهذه الآية تشير إلى ما حصل للمنافقين عند الاستنفار لغزوة تبوك فيكون المراد بالمخلفين خصوص من تخلف عن غزوة تبوك من المنافقين .
ومناسبة وقوعها في هذا الموضع أن فرحهم بتخلفهم قد قوي لما استغفر لهم النبي A وظنوا أنهم استغفلوه فقضوا مأربهم ثم حصلوا الاستغفار ظنا منهم بأن معاملة الله إياهم تجري على ظواهر الأمور .
A E فالمخلفون هم الذين تخلفوا عن غزوة تبوك استأذنوا النبي A فأذن لهم وكانوا من المنافقين فلذلك أطلق عليهم في الآية وصف المخلفين بصيغة اسم المفعول لأن النبي خلفهم وفيه إيماء إلى أنه ما أذن لهم في التخلف إلا لعلمه بفساد قلوبهم وأنهم لا يغنون عن المسلمين شيئا كما قال ( لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ) .
وذكر فرحهم دلالة على نفاقهم لأنهم لو كانوا مؤمنين لكان التخلف نكدا عليهم ونغصا كما وقع للثلاثة الذين خلفوا فتاب الله عليهم .
والمقعد هنا مصدر ميمي أي بقعودهم .
و ( خلاف ) لغة في خلف . يقال : أقام خلاف الحي بمعنى بعدهم أي ظعنوا ولم يظعن . ومن نكتة اختيار لفظ خلاف دون خلف أنه يشير إلى أن قعودهم كان مخالفة لإرادة رسول الله حين استنفر الناس كلهم للغزو ولذلك جعله بعض المفسرين منصوبا على المفعول له أي بمقعدهم لمخالفة أمر الرسول .
وكراهيتهم الجهاد بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله خصلة أخرى من خصال النفاق لأن الله أمر بذلك في الآية المتقدمة ( وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ) الآية ولكونها خصلة أخرى جعلت جملتها معطوفة ولم تجعل مقترنة بلام التعليل مع أن فرحهم بالقعود سببه هو الكراهية للجهاد .
وقولهم ( لا تنفروا في الحر ) خطاب بعضهم بعضا وكانت غزوة تبوك في وقت الحر حين طابت الظلال