وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والذي يظهر لي أن رسول الله A لما أوحي إليه بآية سورة المنافقين وفيه أن استغفاره وعدمه سواء في حقهم . تأول ذلك على الاستغفار غير المؤكد وبعثته رحمته بالناس وحرصه على هداهم وتكدره من اعتراضهم عن الإيمان أن يستغفر للمنافقين استغفارا مكررا مؤكدا عسى أن يغفر الله لهم ويزول عنهم غضبه تعالى فيهديهم إلى الإيمان الحق . بما أن مخالطتهم لأحوال الإيمان ولو في ظاهر الحال قد يجر إلى تعلق هديه بقلوبهم بأقل سبب فيكون نزول هذه الآية تأييسا من رضى الله عنهم أي عن البقية الباقية منهم تأييسا لهم ولمن كان على شاكلتهم ممن أطلع على دخائلهم فاغتبط بحالهم بأنهم انتفعوا بصحبة المسلمين والكفار فالآية تأييس من غير تعيين .
وصيغة الأمر في قوله ( استغفر ) مستعملة في معنى التسوية المراد منها لازمها وهو عدم الحذر من الأمر المباح والمقصود من ذلك إفادة معنى التسوية التي ترد صيغة الأمر لإفادتها كثيرا وعد علماء أصول الفقه في معاني صيغة الأمر معنى التسوية ومثلوه بقوله تعالى ( اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا ) .
فأما قوله ( أو لا تستغفر لهم ) فموقعه غريب ولم يعن المفسرون والمعربون ببيانه فإن كونه بعد ( لا ) مجزوما يجعله في صورة النهي ومعنى النهي لا يستقيم في هذا المقام إذ لا يستعمل النهي في معنى التخيير والإباحة . فلا يتأتى منه معنى يعادل معنى التسوية التي استعمل فيها الأمر . ولذلك لم نر علماء الأصول يذكرون التسوية في معاني صيغة النهي كما ذكروها في معاني صيغة الأمر .
وتأويل الآية : إما أن تكون ( لا ) نافية ويكون جزم الفعل بعدها لكونه معطوفا على فعل الأمر فإن فعل الأمر مجزوم بلام الأمر المقدرة على التحقيق وهو مذهب الكوفيين واختاره الأخفش من البصريين وابن هشام الأنصاري وأبو علي بن الأحوص شيخ أبي حيان وهو الحق لأنه لو كان مبنيا للزم حالة واحدة ولأن أحوال آخره جارية على أحوال علامات الجزم فلا يبعد أن يكون ذلك التقدير ملاحظا في كلامهم فيعطف عليه بالجزم على التوهم .
ولا يصح كون هذا من عطف الجمل لأنه لا وجه لجزم الفعل لو كان كذلك لا سيما والأمر مؤول بالخبر ثم إن ما أفاده حرف التخيير قد دل على تخيير المخاطب في أحد الأمرين مع انتفاء الفائدة على كليهما .
وإما أن تكون صيغة النهي استعملت لمعنى التسوية لأنها قارنت الأمر الدال على إرادة التسوية ويكون المعنى : أمرك بالاستغفار لهم ونهيك عنه سواء وذلك كناية عن كون الآمر والناهي ليس بمغير مراده فيهم سواء فعل المأمور أو فعل المنهي ويجوز أن يكون الفعلان معمولين لفعل قول محذوف . والتقدير : نقول لك : استغفر لهم أو نقول لا تستغفر لهم .
A E و ( سبعين مرة ) غير مراد به المقدار من العدد بل هذا الاسم من أسماء العدد التي تستعمل في معنى الكثرة . قال الكشاف " السبعون جار مجرى المثل في كلامهم للتكثر " . ويدل له قول النبي A " لو أعلم أني لو زدت على السبعين غفر له لزدت " . وهو ما رواه البخاري والترمذي من حديث عمر بن الخطاب . وأما ما رواه البخاري من حديث أنس بن عياض وأبي أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي A قال " وسأزيد على السبعين " فهو توهم من الراوي لمنافاته رواية عمر بن الخطاب ورواية عمر أرجح لأنه صاحب القصة ولأن تلك الزيادة لم ترو من حديث يحيى بن سعيد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عند الترمذي وابن ماجة والنسائي .
وانتصب ( سبعين مرة ) على المفعولية المطلقة لبيان العدد . وتقدم الكلام على لفظ مرة عند قوله تعالى ( وهم بدأوكم أول مرة ) في هذه السورة .
وضمائر الغيبة راجعة إلى المنافقين الذين علم الله نفاقهم وأعلم نبيه E بهم . وكان المسلمون يحسبونهم مسلمين اغترارا بظاهر حالهم .
وكان النبي A يجري عليهم أحكام ظاهر حالهم بين عامة المسلمين والقرآن ينعتهم بسيماههم كيلا يطمئن لهم المسلمون وليأخذوا الحذر منهم فبذلك قضي حق المصالح كلها