وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( قل أذن خير لكم ) جملة ( قل ) مستأنفة استئنافا ابتدائيا على طريقة المقاولة والمحاورة لإبطال قولهم بقلب مقصدهم إغاظة لهم وكمدا لمقاصدهم وهو من الأسلوب الحكيم الذي يحمل فيه المخاطب كلام المتكلم على غير ما يريده تنبيها له على أنه الأولى بأن يراد وقد مضى عند قوله تعالى ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ) ومنه ما جرى بين الحجاج والقبعثري إذ قال له الحجاج متوعدا إياه " لأحملنك على الأدهم " أراد لألزمنك القيد لا تفارقه " فقال القبعثري : " مثل الأمير يحمل على الأدهم والأشهب " فصرف مراده إلى أنه أراد بالحمل معنى الركوب وإلى إرادة الفرس الذي هو أدهم اللون من كلمة الأدهم . وهذا من غيرة الله على رسوله E ولذلك لم يعقبه بالرد والزجر كما أعقب ما قبله من قوله ( ومنهم من يقول ائذن لي ) . إلى هنا با أعقبه ببيان بطلانه فأمر النبي A بأن يبلغهم ما هو إبطال لزعمهم من أصله بصرف مقالتهم إلى معنى لائق بالرسول حتى لا يبقى للمحكي أثر وهذا من لطائف القرآن .
ومعنى ( أذن خير ) أنه يسمع ما يبلغه عنكم ولا يؤاخذكم ؛ ويسمع معاذيركم ويقبلها منكم فقبوله ما يسمعه ينفعكم ولا يضركم فهذا أذن في الخير أي في سماعه والمعاملة به وليس أذنا في الشر .
A E وهذا الكلام إبطال لأن يكون ( أذن ) بالمعنى الذي أرادوه من الذم فإن الوصف بالأذن لا يختص بمن يقبل الكلام المفضي إلى شر بل هو أعم فلذلك صح تخصيصه هنا بما فيه خير . وهذا إعمال في غير المراد منه . وهو ضرب من المجاز المرسل بعلاقة الإطلاق والتقييد في أحد الجانبين فلا يشكل عليك بأن وصف ( أذن ) إذا كان مقصودا به الذم كيف يضاف إلى الخبر لأن محل الذم في هذا الوصف هو قبول كل ما يسمع مما يترتب عليه شر أو خير بدون تمييز لأن ذلك يوقع صاحبه في اضطراب أعماله ومعاملاته فأما إذا كان صاحبه لا يقبل إلا الخير ويرفض ما هو شر من القول فقد صار الوصف نافعا لأن صاحبه التزم أن لا يقبل إلا الخير وأن يحمل الناس عليه . هذا تحقيق معنى المقابلة وتصحيح إضافة هذا الوصف إلى الخير فأما حمله على غير هذا المعنى فيصيره إلى أنه من طريقة القول بالموجب على وجه التنازل وإرخاء العنان أي هو أذن كما قلتم وقد انتفعتم بوصفه ذلك إذ قبل منكم معاذيركم وتبرؤكم مما يبلغه عنكم وهذا ليس بالرشيق لأن ما كان خيرا لهم قد يكون شرا لغيرهم .
وقرأ نافع وحده ( أذن ) بسكون الذال فيهما وقرأ الباقون بضم الذال فيهما .
وجملة ( يؤمن بالله ) تمهيد لقوله بعده ( ويؤمن للمؤمنين ) إذ هو المقصود من الجواب لتمحضه للخير وبعده عن الشر بأنه يؤمن بالله فهو يعامل الناس بما أمر الله به من المعاملة بالعفو والصفح والأمر بالمعروف والإعراض عن الجاهلين وبأن لا يؤاخذ أحد إلا ببينة فالناس في أمن من جانبه فيما يبلغ إليه لأنه لا يعامل إلا بالوجه المعروف فكونه يؤمن بالله وازع له عن المؤاخذة بالظنة والتهمة .
والإيمان للمؤمنين تصديقهم في ما يخبرونه يقال : آمن لفلان بمعنى صدقه ولذلك عدي باللام دون الباء كما في قوله تعالى ( وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين ) فتصديقه إياهم لأنهم صادقون لا يكذبون لأن الإيمان وازع لهم عن أن يخبروه الكذب فكما أن الرسول لا يؤاخذ أحدا بخبر الكاذب فهو يعامل الناس بشهادة المؤمنين فقوله ( ويؤمن للمؤمنين ) ثناء عليه بذلك يتضمن الأمر به فهو ضد قوله ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ) .
وعطف جملة ( ورحمة ) على جملتي ( يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ) لأن كونه رحمة للذين يؤمنون بعد علمه بنفاقهم أثر لإغضائه عن إجرامهم ولإمهالهم حتى يتمكن من الإيمان من وفقه الله للإيمان منهم ولو آخذهم بحالهم دون مهل لكان من سبق السيف العذل فالمراد من الإيمان في قوله ( آمنوا ) الإيمان بالفعل لا التظاهر بالإيمان كما فسر به المفسرون يعنون بالمؤمنين المتظاهرين بالإيمان المبطنين للكفر وهم المنافقون .
وقرأ حمزة بجر ( ورحمة ) عطفا على خير أي أذن رحمة والمآل واحد