وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فيكون الحمل عليه هنا أن اختلاطهم بالمسلمين وإظهارهم الإيمان حالة تشبه حال المهتدي تلبسوا بها فإذا خلوا إلى شياطينهم طرحوها واستبدلوها بحالة الضلال وعلى هذا الوجه الثاني يصح أيضا أن يكون الاشتراء استعارة بتشبيه تينك الحالتين بحال المشتري لشيء كان غير جائز له وارتضاه في الكشاف .
والموصول في قوله الذين اشتروا بمعنى العرف بلام الجنس فيفيد التركيب قصر المسند على المسند إليه وهو قصر ادعائي باعتبار أنهم بلغوا الغاية في اشتراء الضلالة والحرص عليها إذ جمعوا الكفر والسفه والخداع والإفساد والاستهزاء بالمهتدين .
( فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين [ 16 ] ) رتبت الفاء عدم الربح المعطوف بها وعدم الاهتداء المعطوف عليه على اشتراء الضلالة بالهدى لأن كليهما ناشئ عن الاشتراء المذكور في الوجود والظهور ؛ لأنهم لما اشتروا الضلالة بالهدى فقد اشتروا ما لا ينفع وبذلوا ما ينفع فلا جرم أن يكونوا خاسرين وأن يتحقق أنهم لم يكونوا مهتدين فعدم الاهتداء وإن كان سابقا على اشتراء الضلالة بالهدى أو هو عينه أو هو سببه إلا أنه لكونه عدما فظهوره للناس في الوجود لا يكون إلا عند حصول أثره وهو ذلك الاشتراء فإذا ظهر أثره تبين للناس المؤثر فلذلك صح ترتيبه بفاء الترتيب فأشبه العلة الغائية ولهذا عبر بما كانوا مهتدين دون ما اهتدوا لأن ما كانوا أبلغ في النفي لإشعاره بأن انتفاء الاهتداء عنهم أمر متأصل سابق قديم لأن كان تدل على اتصاف اسمها بخبرها منذ المضي فكان نفي الكون في الزمن الماضي أنسب بهذا التفريع .
A E والربح هو نجاح التجارة ومصادفة الرغبة في السلع بأكثر من الأثمان التي اشتراها بها التاجر ويطلق الربح على المال الحاصل للتاجر زائدا على رأس ماله . والتجارة " بكسر أوله " على وزن فعالة وهي زنة الضائع ومعنى التجارة التصدي لاشتراء الأشياء لقصد بيعها بثمن أوفر مما اشترى به ليكتسب من ذلك الوفر ما ينفقه أو يتأثله . ولما كان ذلك لا ينجح إلا بالمثابرة والتجديد صيغ له وزن الضائع ونفى الربح في الآية تشبيه لحال المنافقين إذ قصدوا من النفاق غاية فأخفقت مساعيهم وضاعت مقاصدهم بحال التجار الذين لم يحصلوا من تجارتهم على ربح فلا التفات إلى رأس مال في التجارة حتى يقال إنهم إذا لم يربحوا فقد بقى لهم نفع رأس المال ويجاب بأن نفي الربح يستلزم ضياع رأس المال لأنه يتلف في النفقة من القوت والكسوة لأن هذا كله غير منظور إليه إذ الاستعارة تعتمد على ما يقصد من وجه الشبه فلا تلزم المشابهة في الأمور كلها كما هو مقرر في فن البيان .
وإنما أسند الربح إلى التجارة حتى نفى عنها لأن الربح لما كان مسببا عن التجارة وكان الرابح هو التاجر صح إسناده للتجارة لأنها سببه فهو مجاز عقلي وذلك أنه لولا الإسناد المجازي لما صح أن ينفي عن الشيء ما يعلم كل أحد أنه ليس من صفاته لأنه يصير من باب الإخبار بالمعلوم ضرورة فلا تظنن أن النفي في مثل هذا حقيقة فتتركه إن انتفاء الربح عن التجارة واقع ثابت لأنها لا توصف بالربح وهكذا تقول في نحو قول جرير " ونمت وما ليل المطي بنائم " بخلاف قولك ما ليله بطويل بل النفي هنا مجاز عقلي لأنه فرع عن اعتبار وصف التجارة بأنها إلى الخسر ووصفها بالربح مجاز وقاعدة ذلك أن تنظر في النفي إلى المنفى لو كان مثبتا فإن وجدت إثباته مجازا عقليا فاجعل نفيه كذلك وإلا فاجعل نفيه حقيقة لأنه لا ينفي إلا ما يصح أن يثبت . وهذه هي الطريقة التي انفصل عليها المحقق التفتزاني في المطول وعدل عنها في حواشي الكشاف وهي أمثل مما عدل إليه .
وقد أفاد قوله ( فما ربحت تجارتهم ) ترشيحا للاستعارة في اشتروا فإن مرجع الترشيح إلى أن يقفي المجاز بما يناسبه سواء كان ذلك الترشيح حقيقة بحيث لا يستفاد منه إلا تقوية المجاز كما تقول له يد طولى أو هو أسد دامي البراثن أم كان الترشيح متميزا به أو مستعارا لمعنى آخر هو من ملائمات المجاز الأول سواء حسن مع ذلك استقلاله بالاستعارة كما في هذه الآية فإن نفي الربح ترشح به اشتروا . ومثله قول الشاعر أنشده ابن الأعرابي كما في أساس البلاغة للزمخشري ولم يعزه : .
ولما رأيت النسر عز ابن داية ... وعشش في وكريه جاش له صدرى