وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والجن خلق غير مرئي لنا وظاهر القرآن أنهم عقلاء وأنهم مطبوعون على ما خلقوا لأجله من نفع أو ضر وخير أو شر ومنهم الشياطين وهذا الخلق لا قبل لنا بتفصيل نظامه ولا كيفيات تلقيه لمراد الله تعالى منه .
وقوله ( لهم قلوب ) حال أو صفة لخصوص الإنس لأنهم الذين لهم : قلوب وعقول وعيون وآذان ولم يعرف للجن مثل ذلك وقد قدم الجن على الإنس في الذكر ليتعين كون الصفات الواردة من بعد صفات للإنس وبقرينة قوله ( أولئك كالأنعام ) .
و ( القلوب ) اسم لموقع العقول في اللغة العربية وقد تقدم عند قوله تعالى ( ختم الله على قلوبهم ) في سورة البقرة .
والفقه تقدم عند قوله ( لعلهم يفقهون ) في سورة الأنعام .
ومعنى نفي الفقه والإبصار والسمع عن آلاتها الكائنة فيهم أنهم عطلوا أعمالها بترك استعمالها في أهم ما تصلح له : وهو معرفة ما يحصل به الخير الأبدي ويدفع به الضر الأبدي لأن آلات الإدراك والعلم خلقها الله لتحصيل المنافع ودفع المضارع فلما لم يستعملوها في جلب أفضل المنافع ودفع أكبر المضار نفي عنهم عملها على وجه العموم للمبالغة لأن الفعل في حيز النفي يعم مثل النكرة فهذا عام أريد به الخصوص للمبالغة لعدم الاعتداد بما يعلمون من غير هذا فالنفي استعارة بتشبيه بعض الموجود بالمعدوم كله .
وليس في تقديم الأعين على الآذان مخالفة لما جرى عليه اصطلاح القرآن من تقديم السمع على البصر لتشريف السمع يتلقى ما أمر الله به كما تقدم عند قوله تعالى : ( ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ) لأن الترتيب في آية سورة الأعراف هذه سلك طريق الترقي من القلوب التي هي مقر المدركات إلى آلات الإدراك الأعين ثم الآذان فللآذان المرتبة الأولى في الارتقاء .
وجملة ( أولئك كالأنعام ) مستأنفة لابتداء كلام بتفظيع حالهم فجعل ابتداء كلام ليكون أدعى للسامعين . وعرفوا بالإشارة لزيادة تمييزهم بتلك الصفات وللتنبيه على أنهم بسببها أحرياء بما سيذكر من تسويتهم بالأنعام أو جعلهم أضل من الأنعام وتشبيهم بالأنعام في عدم الانتفاع بما ينتفع به العقلاء فكأن قلوبهم وأعينهم وآذانهم قلوب الأنعام وأعينها وآذانها في أنها لا تقيس الأشياء على أمثالها ولا تنتفع ببعض الدلائل العقلية فلا تعرف كثيرا مما يفضي بها إلى سوء العاقبة .
( وبل ) في قوله ( بل هم أضل ) للانتقال والترقي في التشبيه في الضلال وعدم الانتفاع بما يمكن الانتفاع به ولما كان وجه الشبه المستفاد من قوله ( كالأنعام ) يؤول إلى معنى الضلال كان الارتقاء في التشبيه بطريقة اسم التفضيل في الضلال .
ووجه كونهم أضل من الأنعام : أن الأنعام لا يبلغ بها ضلالها إلى إيقاعها في مهاوي الشقاء الأبدي لأن لها إلهاما تتفصى به عن المهالك كالتردي من الجبال والسقوط في الهوات هذا إذا حمل التفضيل في الضلال على التفضيل في جنسه وهو الأظهر وإن حمل على التفضيل في كيفية الضلال ومقارناته كان وجهه أن الأنعام قد خلق إدراكها محدودا لا يتجاوز ما خلقت لأجله فنقصان انتفاعها بمشاعرها ليس عن تقصير منها فلا تكون بمحل الملامة وأما أهل الضلالة فانهم حجزوا أنفسهم عن مدركاتهم بتقصير منهم وإعراض عن النظر والاستدلال فهم أضل سبيلا من الأنعام .
وجملة ( أولئك هم الغافلون ) تعليل لكونهم أضل من الأنعام وهو بلوغهم حد النهاية في الغفلة وبلوغهم هذا الحد أفيد بصيغة القصر الادعاءي إذ ادعي انحصار صفة الغفلة فيهم بحيث لا يوجد غافل غيرهم لعدم الاعتداد بغفلة غيرهم كل غفلة في جانب غفلتهم كلا غفلة لأن غفلة هؤلاء تعلقت بأجدر الأشياء بأن لا يغفل عنه وهو ما تقضي الغفلة عنه بالغافل إلى الشقاء الأبدي فهي غفلة لا تدارك منها وعثرة لا لعى لها .
والغفلة عدم الشعور بما يحق الشعور به وأطلق على ضلالهم لفظ الغفلة بناء على تشبيه الإيمان بأنه أمر بين واضح يعد عدم الشعور به غفلة ففي قوله ( هم الغافلون ) استعارة مكنية ضمنية والغفلة من روادف المشبه به وفي صف ( الغافلون ) استعارة مصرحة بأنهم جاهلون أو منكرون .
وقد وقع التدرج في وصفهم بهذه الأوصاف من نفي انتفاعهم بمداركهم ثم تشبيههم بالانعام ثم الترقي إلى أنهم أضل من الأنعام ثم قصر الغفلة عليهم .
A E