وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والقصر المستفاد من تعريف جزأى الجملة ( فهو المهتدي ) قصر حقيقي ادعائي باعتبار الكمال واستمرار الاهتداء إلى وفاة صاحبه وهي مسألة الموافاة عند الأشاعرة أي وأما غيره فهو وإن بان مهتديا فليس بالمهتدي لينطبق هذا على حال الذي أوتي الآيات فانسلخ منها وكان الشأن أن يرفع بها .
وبهذا تعلم أن قوله ( من يهد الله فهو المهتدي ) ليس من باب قول أبي النجم " وشعري شعري " وقول النبي A " من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله " لأن ذلك فيما ليس في مفاد الثاني منه شيء زائد على مفاد ما قبله بخلاف ما في الآية فان فيها القصر .
وكذلك القول في ( ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون ) وزيد في جانب الخاسرين الفصل باسم الإشارة لزيادة الاهتمام بتمييزهم بعنوان الخسران تحذيرا منه فالقصر فيه مؤكد .
وجمع الوصف في الثاني مراعاة لمعنى ( من ) الشرطية وإنما روعي معنى من الثانية دون الأولى لرعاية الفاصلة ولتبين أن ليس المراد ب ( من ) الأولى مفردا .
وقد علم من مقابلة الهداية بالإضلال ومقابلة المهتدي بالخاسر أن المهتدي فائز رابح فحذف ذكر ربحه إيجازا .
والخسران استعير لتحصيل ضد المقصود من العمل كما يستعار الربح لحصول الخير من العمل كما تقدم عند قوله تعالى ( ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم ) في هذه السورة وفي قوله ( فما ربحت تجارتهم ) في سورة البقرة .
( ولقد ذرأنا لجهنم كثيرا من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون [ 179 ] ) عطف على جملة ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ) والمناسبة أن صاحب القصة المعطوف عليها انتقل من صورة الهدى إلى الضلال لأن الله لما خلقه خلقه ليكون من أهل جهنم مع مالها من المناسبة للتذييل الذي ختمت به القصة وهو قوله ( من يهد الله فهو المهتدي ) الآية .
وتأكيد الخبر بلام القسم وبقد لقصد تحقيقه لأن غرابته تنزل سامعه خالي الذهن منه منزلة المتردد في تأويله ولأن المخبر عنهم قد وصفوا ب ( لهم قلوب لا يفقهون بها ) إلى قوله : ( بل هم أضل ) والمعنى بهم المشركون وهم ينكرون أنهم في ضلال ويحسبون انهم يحسنون صنعا وكانوا يحسبون أنهم أصحاب أحلام وأفهام ولذلك قالوا للرسول A في معرض التهكم ( قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ) والذرء الخلق وقد تقدم في قوله ( وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا ) في سورة الأنعام .
واللام في ( لجهنم ) للتعليل أي خلقنا كثيرا لأجل جهنم .
وجهنم مستعملة هنا في الأفعال الموجبة لها بعلاقة المسببية لأنهم خلقوا لأعمال الضلالة المفضية إلى الكون في جهنم ولم يخلقوا لأجل جهنم لأن جهنم لا يقصد إيجاد خلق لتعميرها وليست اللام لام العاقبة لعدم انطباق حقيقتها عليها وفي الكشاف جعلهم لإغراقهم في الكفر وانهم لا يأتي منهم إلا أفعال أهل النار مخلوقين للنار دلالة على تمكنهم فيما يؤهلهم لدخول النار وهذا يقتضي أن تكون الاستعارة في ( ذرأنا ) وهو تكلف راعى به قواعد الاعتزال في خلق أفعال العباد وفي نسبة ذلك إلى الله تعالى .
وتقديم المجرور على المفعول في قوله ( لجهنم كثيرا ) ليظهر تعلقه ب ( ذرأنا ) .
ومعنى خلق الكثير لأعمال الشر المفضية إلى النار : أن الله خلق كثيرا فجعل في نفوسهم قوى من شأنها إفساد ما أودعه في الناس من استقامة الفطرة المشار إليها في قوله ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ) وهي قوى الشهوة والغضب فخلقها أشد سلطانا على نفوسهم من القوة الفطرية المسماة الحكمة فجعلت الشهوة والغضب المسمين بالهوى تغلب قوة الفطرة وهي الحكمة والرشاد فترجح نفوسهم دواعي الشهوة والغضب فتتبعها وتعرض عن الفطرة فدلائل الحق قائمة في نفوسهم ولكنهم ينصرفون عنها لغلبة الهوى عليهم فبحسب خلقه نفوسهم غير ذات عزيمة على مقاومة الشهوات : جعلوا كأنهم خلقوا لجهنم وكأنهم لم تخلق فيهم دواعي الحق في الفطرة .
A E