وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والإشارة بذلك إلى ( الذي آتيناه آياتنا ) وهو صاحب القصة هو مثل المشركين لأنهم شابهوه في أنهم أوتوا القرآن فكذبوا به فكانت حالهم كحال ذلك المكذب والأظهر أن تكون الإشارة إلى المثل في قوله ( كمثل الكلب ) أي حال الكلب المذكورة كحال المشركين المكذبين في أنهم كانوا يودون معرفة دين إبراهيم ويتمنون مساواة أهل الكتاب في العلم والفضل فكانوا بذلك في عناء وحيرة في الجاهلية فلما جاءهم رسول منهم بكتاب مبين انتقلوا إلى عناء معاندته كقوله تعالى ( أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم ) وهذا تأويل ما روي عن عبادة ابن الصامت أن آية ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ) إلى آخرها نزلت في قريش .
وفرع على ذلك الأمر بقوله ( فاقصص القصص لعلهم يتفكرون ) أي اقصص هذه القصة وغيرها وهذا تذييل للقصة الممثل بها يشملها وغيرها من القصص التي في القرآن فان في القصص تفكرا وموعظة فيرجى منه تفكرهم وموعظتهم لأن الأمثال واستحضار النظائر شانا عظيما في اهتداء النفوس بها وتقريب الأحوال الخفية إلى النفوس الذاهلة أو المتغافلة لما في التنظير بالقصة المخصوصة من تذكر مشاهدة الحالة بالحواس بخلاف التذكير المجرد عن التنظير بالشيء المحسوس .
( ساء مثلا القوم الذين كذبوا بآياتنا وأنفسهم كانوا يظلمون [ 177 ] ) جملة مستأنفة لأنها جعلت إنشاء ذم لهم . بأن كانوا في حالة شنيعة وظلموا أنفسهم .
والظلم هنا على حقيقته فانهم ظلموا أنفسهم بما أحلوه بها من الكفر الذي جعلهم مذمومين في الدنيا ومعذبين في الآخرة .
وتقديم المفعول للاختصاص أي ما ظلموا إلا أنفسهم وشأن العاقل أن لا يؤذي نفسه وفيه إزالة تبجحهم بأنهم لم يتبعوا محمدا A ظنا منهم أن ذلك يغيظه ويغيظ المسلمين وإنما يضرون أنفسهم .
وجملة ( وأنفسهم كانوا يظلمون ) يجوز أن تكون معطوفة على الصلة باعتبار أنهم معروفون بمضمون هذه الجملة عند النبي والمسلمين ويجوز أن تكون معطوفة على جملة ( ساء مثلا القوم ) فتكون تذييلا للجملة التي قبلها إخبارا عنهم بأنهم في تكذيبهم وانتفاء تفكرهم من القصص ما ظلموا إلا أنفسهم .
وقوله ( كانوا يظلمون ) أقوى في إفادة وصفهم بالظلم من أن يقال : وظلموا أنفسهم كما تقدم في قوله تعالى ( وليكون من الموقنين ) في سورة الأنعام .
( من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون [ 178 ] ) هذه الجملة تذييل للقصة والمثل وما أعقبا به من وصف حال المشركين فان هذه الجملة تحصل ذلك كله وتجري مجرى المثل وذلك أعلى أنواع التذييل وفيها تنويه بشأن المهتدين وتلقين للمسلمين للتوجه إلى الله تعالى بطلب الهداية منه والعصمة من مزالق الضلال أي فالذين لم يهتدوا إلى الحق بعد أن جاءهم دلت حالهم على أن الله غضب عليهم فحرمهم التوفيق .
والهداية حقيقتها إبانة الطريق وتطلق على مطلق الإرشاد لما فيه النفع سواء اهتدى المهدي إلى ما هدي إليه أم لم يهتد قال تعالى ( إنا هديناه السبيل أما شاكرا وأما كفورا ) وقال وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى ) .
ثم قد علم أن الفعل الذي يسند إلى الله تعالى إنما يراد به أتقن أنواع تلك الماهية وأدومها ما لم تقم القرينة على خلاف ذلك فقوله ( من يهد الله ) يعنى به من يقدر الله اهتداءه وليس المعنى من يرشده الله بالأدلة أو بواسطة الرسل وقد استفيد ذلك من القصة المذيلة فانه قال فيها ( الذي آتيناه آياتنا ) فإيتاء الآيات ضرب من الهداية بالمعنى الأصلي ثم قال فيها ( فانسلخ منها ) وقال ( ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه ) وقال ولو شئنا لرفعناه بها ) فعلمنا أن الله أرشده ولم يقدر له الاهتداء فالحالة التي كان عليها قبل أن يخلد إلى الأرض ليست حالة هدى ولكنها حالة تردد وتجربة كما تكون حالة المنافق عند حضوره مع المسلمين إذ يكون متلبسا بمحاسن الإسلام في الظاهر ولكنه غير مبطن لها كما قدمناه عند قوله تعالى ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم ) في سورة البقرة فتعين أن يكون المعنى هنا : من يقدر الله له أن يكون مهتديا فهو المهتدي .
A E