وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واتباع الهوى ترجيح ما يحسن لدى النفس من النقائص المحبوبة على ما يدعو إليه الحق والرشد فالاتباع مستعار للاختيار والميل والهوى شاع في المحبة المذمومة الخاسرة عاقبتها .
A E وقد تفرع على هذه الحالة تمثيله بالكلب اللاهث لأن اتصافه بالحالة التي صيرته شبيها بحال الكلب اللاهث تفرع على إخلاده إلى الأرض واتباع هواه فالكلام في قوة أن يقال : ولكنه أخلد إلى الأرض فصار في شقاء وعناد كمثل الكلب إلخ .
واستعمال القرآن لفظ المثل بعد كاف التشبيه مألوف بانه يراد به تشبيه الحالة بالحالة وتقدم قوله تعالى ( مثلهم كمثل الذي استوقد نارا ) في سورة البقرة فلذلك تعين أن التشبيه هنا لا يخرج عن المتعارف في التشبيه المركب فهذا الضال تحمل كلفة اتباع الدين الصالح وصار يطلبه في حين كان غير مكلف بذلك في زمن الفترة فلقي من ذلك نصبا وعناء فلما حان حين اتباع الحق ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم تحمل مشقة العناد والإعراض عنه في وقت كان جديرا فيه بان يستريح من عنائه لحصول طلبته فكانت حالته شبيهة بحالة الكلب الموصوف باللهث فهو يلهث في حالة وجود أسباب اللهث من الطرد والإرهاب والمشقة وهي حالة الحمل عليه وفي حالة الخلو عن ذلك السبب وهي حالة تركه في دعة ومسالمة والذي ينبه على هذا المعنى هو قوله ( أو تتركه ) .
وليس لشيء من الحيوان حالة للتشبيه بها في الحالتين غير حالة الكلب اللاهث لأنه يلهث إذا أتعب وإذا كان في دعة فاللهث في أصل خلقته .
وهذا التمثيل من مبتكرات القرآن فان اللهث حالة تؤذن بحرج الكلب من جراء عسر تنفسه عن اضطراب باطنه وان لم يكن لاضطراب باطنه سبب آت من غيره فمعنى ( إن تحمل عليه ) أن تطارده وتهاجمه . مشتق من الحمل الذي هو الهجوم على أحد لقتاله يقال حمل فلان على القوم حملة شعواء أو حملة منكرة وقد أغفل المفسرون توضيحه وأغفل الراغب في مفردات القرآن هذا المعنى لهذا الفعل .
فهذا تشبيه تمثيل مركب منتزعة فيه الحالة المشبهة والحالة المشبه بها من متعدد ولما ذكر ( تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) في شق الحالة المشبه بها تعين أن يكون لها مقابل في الحالة المشبهة وتتقابل أجزاء هذا التمثيل بأن يشبه الضال بالكلب ويشبه شقاؤه واضطراب أمره في مدة البحث عن الدين بلهث الكلب في حالة تركه في دعة تشبيه المعقول بالمحسوس ويشبه شقاؤه في إعراضه عن الدين الحق عند مجيئه بلهث الكلب في حالة طرده وضربه تشبيه المعقول بالمحسوس . وقد أغفل هذا الذين فسروا هذه الآية فقرروا التمثيل بتشبيه حالة بسيطة بحالة بسيطة في مجرد التشويه أو الخسة فيؤول إلى أن الغرض من تشبيهه بالكلب إظهار خسة المشبه كما درج عليه في الكشاف ولو كان هذا هو المراد لما كان لذكر ( إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) كبير جدوى بل يقتصر على انه لتشويه الحالة المشبه بها لتكتسب الحالة المشبهة تشويها وذلك تقصير في حق التمثيل .
والكلب حيوان من ذوات الأربع ذو أنياب وأظفار كثير النبح في الليل قليل النوم فيه كثير النوم في النهار يألف من يعاشره يحرس مكانه من الطارقين الذين لا يألفهم ويحرس الأنعام التي يعاشرها ويعدو على الذئاب ويقبل التعليم لأنه ذكي .
ويلهث إذا أتعب أو اشتد عليه الحر ويلهث بدون ذلك لان في خلقته ضيقا في مجاري النفس يرتاح له باللهث .
وجملة ( إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) في موضع الحال من الكلب . والخطاب في ( تحمل وتترك ) لمخاطب غير معين والمعنى أن يحمل عليه حامل أو يتركه تارك .
واللهث سرعة التنفس مع امتداد اللسان لضيق النفس وفعله بفتح الهاء وبكسرها ومضارعه بفتحها لا غير والمصدر اللهث بفتح اللام والهاء ويقال اللهاث بضم اللام لأنه من الأدواء . وليس بصوت .
( ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون [ 176 ] ) جملة مبينة لجملة ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا ) الآيتين والمثال الحال أي ذلك التمثيل مثل للمشركين المكذبين بالقرآن تشبيه بليغ . لأن حالة الكلب المشتبه شبيهة بحال المكذبين وليست عينها .
A E