وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

فمعنى ( آتيناه آياتنا ) أن الله ألهم أمية كراهية الشرك وألقى في نفسه طلب الحق ويسر له قراءة كتب الانبياء وحبب إليه الحنيفية فلما انفتح له باب الهدى وأشرق نور الدعوة المحمدية كابر وحسد وأعرض عن الإسلام فلا جرم أن كانت حاله أنه انسلخ عن جميع ما يسر له ولم ينتفع به عند إبان الانتفاع فكان الشيطان هو الذي صرفه عن الهدى فكان من الغاوين إذ مات على الكفر بمحمد A .
وقال سعيد بن المسيب نزلت في أبي عامر بن صيفي الراهب واسمه النعمان الخزرجي وكان يلقب بالراهب في الجاهلية لأنه قد تنصر في الجاهلية ولبس الممسوح وزعم أنه على الحنيفية فلما قدم النبي A المدينة دخل على النبي فقال " يا محمد ما الذي جئت به قال جئت بالحنيفية دين إبراهيم قال فإني عليها فقال النبي لست عليها لأنك أدخلت فيها ما ليس منها " فكفر وخرج إلى مكة يحرض المشركين على قتال النبي A ويخرج معهم إلى أن قاتل في حنين بعد فتح مكة فلما انهزمت هوازن يئس وخرج إلى الشام فمات هنالك .
وذهب كثير من المفسرين إلى أنها نزلت في رجل من الكنعانيين وكان في زمن موسى عليه السلام يقال له بلعام بن باعور وذكروا قصته فخلطوها وغيروها واختلفوا فيها والتحقيق أن بلعام هذا كان من صالحي أهل مدين وعرافيهم في زمن مرور بني إسرائيل على ارض " مؤاب " ولكنه لم يتغير عن حال الصلاح وذلك مذكور في سفر العدد من التوراة في الإصحاحات 22 - 23 - 24 فلا ينبغي الالتفات إلى هذا القول لاضطرابه واختلاطه .
والإيتاء هنا مستعار للإطلاع وتيسير العلم مثل قوله وآتاه الله العلم والحكمة .
والآيات بالنسبة لأمية بن أبي الصلت أو دلائل الإنجيل على صفة محمد صلى الله عليه وسلم بالنسبة للراهب أبي عامر بن صيفي .
والانسلاخ حقيقته خروج جسد الحيوان من جلده حينما يسلخ عنه جلده والسلخ إزالة جلد الحيوان الميت عن جسده واستعير في الآية للانفصال المعنوي وهو ترك التلبس بالشيء أو عدم العمل به ومعنى الانسلاخ عن الآيات الإقلاع عن العمل بما تقتضيه وذلك أن الآيات أعلمته بفساد دين الجاهلية .
وأتبعه بهمزة قطع وسكون المثناة الفوقية بمعنى لحقة غير مفلت كقوله ( فأتبعه شهاب ثاقب ) ( فأتبعهم فرعون بجنوده ) وهذا أخص من اتبعه بتشديد المثناة ووصل الهمزة .
والمراد بالغاوين : المتصفين بالغي وهو الضلال ( فكان من الغاوين ) أشد مبالغة في الاتصاف بالغواية من أن يقال : وغوى أو كان غاويا كما تقدم عند قوله تعالى ( قد ضللت إذا وما أنا من المهتدين ) في سورة الأنعام .
ورتبت أفعال الانسلاخ والاتباع والكون من الغاوين بفاء العطف على حسب ترتيبها في الحصول فانه لما عاند ولم يعمل بما هداه الله إليه حصلت في نفسه ظلمة شيطانية مكنت الشيطان من استخدامه وإدامة إضلاله فالانسلاخ عن الآيات أثر من وسوسة الشيطان وإذا أطاع المرء الوسوسة تمكن الشيطان من مفاده فسخره وأدام إضلاله وهو المعبر عنه ب ( أتبعه ) فصار بذلك في زمرة الغواة المتمكنين من الغواية .
وقوله تعالى ( ولو شئنا لرفعناه بها ) أفاد أن تلك الآيات شأنها أن تكون سببا للهداية والتزكية لو شاء الله له التوفيق وعصمه من كيد الشيطان وفتنته فلم ينسلخ عنها وهذه عبرة للموفقين ليعلموا فضل الله عليهم في توفيقهم فالمعنى : ولو شئنا لزاد في العمل بما آتيناه من الآيات فلرفعه الله بعمله .
والرفعة مستعارة لكمال النفس وزكائها لأن الصفات الحميدة تخيل صاحبها مرتفعا على من دونه أي ولو شئنا لاكتسب بعمله بالآيات فضلا وزكاء وتميزا بالفضل فمعنى لرفعناه ليسرنا له العمل بها الذي يشرف به .
وقد وقع الاستدراك على مضمون قوله ( ولو شئنا لرفعناه بها ) بذكر ما يناقض تلك المشيئة الممتنعة وهو الاستدراك بأنه انعكست حاله فأخلد إلى الأرض أي ركن ومال إلى الأرض والكلام تمثيل لحال المتلبس بالنقائص والكفر بعد الإيمان والتقوى بحال من كان مرتفعا عن الأرض فنزل من اعتلاء إلى أسفل فبذكر الأرض علم أن الإخلاد هنا ركون إلى السفل أي تلبس بالنقائص والمفاسد