وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

أي موجع واختلف في جواز القياس عليه والحق أنه كثير في الكلام البليغ وأن منع القياس عليه للمولدين قصد منه التباعد عن مخالفة القياس بدون داع لئلا يلتبس حال الجاهل بحال البليغ فلا مانع من تخريج الكلام الفصيح عليه .
وقوله ( بما كانوا يكذبون ) الباء للسببية وقرأ الجمهور ( يكذبون ) بضم أوله وتشديد الذال . وقرأه عاصم وحمزة والكسائي وخلف بفتح أوله وتخفيف الذال أي بسبب تكذيبهم الرسول وإخباره بأنه مرسل من الله وأن القرآن وحي الله إلى الرسول فمادة التفعيل للنسبة إلى الكذب مثل التعديل والتجريح وأما قراءة التخفيف فعلى كذبهم الخاص في قولهم " آمنا بالله " وعلى كذبهم العام في قولهم " إنما نحن مصلحون " فالمقصود كذبهم في إظهار الإيمان وفي جعل أنفسهم المصلحين دون المؤمنين . والكذب ضد الصدق وسيأتي عند قوله تعالى ( ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب ) في سورة المائدة . و ( ما ) المجرورة بالباء مصدرية والمصدر هو المنسبك من كان أي الكون .
( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون [ 11 ] ) A E يظهر لي أن جملة وإذا قيل لهم عطف على جملة في قلوبهم مرض ؛ لأن قوله ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ) إخبار عن بعض عجيب أحوالهم ومن تلك الأحوال أنهم قالوا إنما نحن مصلحون في حين أنهم مفسدون فيكون معطوفا على أقرب الجمل الملظة لأحوالهم وإن كان ذلك آيلا في المعنى إلى كونه معطوفا على الصلة في قوله ( من يقول آمنا بالله ) . و ( إذا ) هنا لمجرد الظرفية وليست متضمنة معنى الشرط كما أنها هنا للماضي وليست للمستقبل وذلك كثير فيها كقوله تعالى : ( حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر ) الآية . ومن نكت القرآن المغفول عنها تقييد هذا الفعل بالظرف فإن الذي يتبادر إلى الذهن أن محل المذمة هو أنهم يقولون إنما نحن مصلحون مع كونهم مفسدين ولكن عند التأمل يظهر أن هذا القول يكون قائلوه أجدر بالمذمة حين يقولونه في جواب من يقول لهم لا تفسدوا في الأرض فإن هذا الجواب الصادر من المفسدين لا ينشأ إلا عن مرض القلب وأفن الرأي لأن شأن الفساد أن لا يخفي ولئن خفي فالتصميم عليه واعتقاد أنه صلاح بعد الإيقاظ إليه والموعظة إفراط في الغباوة أو المكابرة وجهل فوق جهل . وعندي أن هذا هو المقتضي لتقديم الظرف على جملة " قالوا... " لأنه أهم إذ هو محل التعجيب من حالهم ونكت الإعجاز لا تتناهى .
والقائل لهم ( لا تفسدوا في الأرض ) بعض من وقف على حالهم من المؤمنين الذين لهم اطلاع على شؤونهم لقرابة أو صحبة فيخلصون لهم النصيحة والموعظة رجاء إيمانهم ويسترون عليهم خشية عليهم من العقوبة وعلما بأن النبي A يغضي عن زلاتهم كما أشار إليه ابن عطية . وفي جوابهم بقولهم ( إنما نحن مصلحون ) ما يفيد أن الذين قالوا لهم لا تفسدوا في الأرض كانوا جازمين بأنهم مفسدون لأن ذلك مقتضى حرف إنما كما سيأتي ويدل لذلك عندي بناء فعل قيل للمجهول بحسب ما يأتي في قوله تعالى ( وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا ) ولا يصح أن يكون القائل لهم الله والرسول إذ لو نزل الوحي وبلغ إلى معينين منهم لعلم كفرهم ولو نزل مجملا كما تنزل مواعظ القرآن لم يستقم جوابهم بقولهم إنما نحن مصلحون .
وقد عن لي في بيان إيقاعهم الفساد أنه مراتب : أولها إفسادهم أنفسهم بالإصرار على تلك الأدواء القلبية التي أشرنا إليها فيما مضى وما يترتب عليها من المذام ويتولد من المفاسد .
الثانية إفسادهم الناس ببث تلك الصفات والدعوة إليها وإفسادهم أبناءهم وعيالهم في اقتدائهم بهم في مساويهم كما قال نوح عليه السلام " إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا " .
الثالثة إفسادهم بالأفعال التي ينشأ عنها فساد المجتمع كإلقاء النميمة والعداوة وتسعير الفتن وتأليب الأحزاب على المسلمين وإحداث العقبات في طريق المصلحين .
والإفساد فعل ما به الفساد والهمزة فيه للجعل أي جعل الأشياء فاسدة في الأرض