وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويجوز عندي أن يكون قوله ( وقطعناهم في الأرض أمما ) عودا إلى أخبار المنن عليهم فيكون كالبناء على قوله ( وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما ) فيكون تقطيعا محمودا . والمراد بالأرض : أرض القدس الموعودة لهم أي لكثرناهم فعمروها جميعها فيكون ذكر الأرض هنا دون آية ( وقطعناهم اثنتي عشرة أسباطا أمما ) للدلالة على أنهم عمروها كلها ويكون قوله ( منهم الصالحون ) إنصافا لهم بعد ذكر أحوال عدوان جماعاتهم وصم آذانهم عن الموعظة وقوله وبلوناهم إشارة إلى أن الله عاملهم مرة بالرحمة ومرة بالجزاء على أعمال دهمائهم .
( فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون [ 169 ] والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلوة أن لا نضيع أجر المصلحين [ 170 ] ) جملة ( فخلف ) تفريع على قوله ( وقطعناهم ) أن كان المراد تقطيعهم في بلاد أعدائهم وإخراجهم من مملكتهم فتكون الآية مشيرة إلى عودة بني إسرائيل إلى بلادهم في عهد الملك " كورش " ملك الفرس في حدود سنة 530 قبل الميلاد فانه لما فتح بلاد آشور أذن لليهود الذين أسرهم " بختنصر " أن يرجعوا إلى بلادهم فرجعوا وبنوا بيت المقدس بعد خرابه على يد " نحميا " و " عزرا " كما تضمنه سفر نحميا وسفر عزرا وكان من جملة ما احيوه انهم أتوا بسفر شريعة موسى الذي كتبه عزرا وقرأوه على الشعب في " أورشليم " فيكون المراد بالخلف ما أوله ذلك الفل من بني إسرائيل الذين رجعوا من اسر الآشوريين . والمراد بإرث الكتاب إعادة مزاولتهم التوراة التي أخرجها إليهم " عزرا " المعروف عند أهل الإسلام باسم عزيز ويكون أخذهم عرض الأدنى اخذ بعض الخلف لا جميعه لان صدر ذلك الخلف كانوا تائبين وفيهم أنبياء وصالحون .
وإن كان المراد من تقطيعهم في الأرض أمما تكثيرهم والامتنان عليهم كان قوله ( فخلف من بعدهم خلف ) تفريعا على جميع القصص المتقدمة التي هي قصص أسلافهم فيكون المراد بالخلف من نشأ من ذرية أولئك اليهود بعد زوال الأمة وتفرقها منهم الذين كانوا عند ظهور الإسلام وهم اليهود الذين كانوا بالمدينة وإلى هذا المعنى في ( الخلف ) نحا المفسرون .
والخلف بسكون اللام من يأتي بعد غيره سابقه في مكان أو عمل أو نسل يبينه المقام أو القرينة ولا يغلب فيمن يخلف في أمر سيء قاله النضر بن شميل خلافا لكثير من أهل اللغة إذ قالوا : الأكثر استعمال الخلف بسكون اللام فيمن يخلف في الشر وبفتح اللام فيمن يخلف في الخير وقال البصريون : يجوز التحريك والإسكان في الرديء وأما الحسن فبالتحريك فقط .
وهو مصدر أريد به اسم الفاعل أي خالف والخلف مأخوذ من الخلف ضد القدام لأن من يجيء بعد قوم فكأنه جاء من ورائهم ولا حد لآخر الخلف بل يكون تحديده بالقرائن فلا ينحصر في جيل ولا في قرن بل قد يكون الخلف ممتدا . قال تعالى بعد ذكر الأنبياء ( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات ) فيشمل من خلفهم من ذرياتهم من العرب واليهود وغيرهم فانه ذكر من أسلافهم إدريس وهو جد نوح .
و ( ورثوا ) مجاز في القيام مقام الغير كما تقدم في قوله تعالى ( ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها ) في هذه السورة وقوله فيها ( أو لم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها ) فهو بمعنى الخلفية والمعنى : فخلف من بعدهم خلف في إرث الكتاب وهذا يجري على كلا القولين في تخصيص الخلف لأنه بيان للفعل لا لاسم الخلف .
وجملة ( يأخذون عرض هذا الأدنى ) حال من ضمير ( ورثوا ) والمقصود هو ذم الخلف بأنهم يأخذون عرض الأدنى ويقولون سيغفر لنا ومهد لذلك بأنهم ورثوا الكتاب ليدل على انهم يفعلون ذلك عن علم لا عن جهل وذلك أشد مذمة كما قال تعالى ( وأضله الله على علم ) .
ومعنى الأخذ هنا الملابسة والاستعمال فهو مجاز أي : يلابسونه ويجوز كونه حقيقة كما سيأتي .
والعرض بفتح العين وفتح الراء الأمر الذي يزول ولا يدوم ويراد به المال ويراد به أيضا ما يعرض للمرء من الشهوات والمنافع