وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

( وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون [ 164 ] فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئس بما كانوا يفسقون [ 165 ] فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين [ 166 ] ) A E جملة ( وإذ قالت أمة منهم ) عطف على قوله ( إذ يعدون ) والتقدير : واسأل بني إسرائيل إذ قالت أمة منهم فإذ فيه اسم زمان للماضي وليست ظرفا ولها حكم ( إذ ) اختها المعطوفة هي عليها فالتقدير : واسألهم عن وقت قالت أمة أي عن زمن قول أمة منهم والضمير المجرور بمن عائد إلى ما عاد إليه ضمير ( أسألهم ) وليس عائدا إلى القرية لأن المقصود توبيخ بني إسرائيل كلهم فان كان هذا القول حصل في تلك القرية كما ذكروه المفسرون كان غير منظور إلى حصوله في تلك القرية بل منظورا إليه بأنه مظهر آخر من مظاهر عصيانهم وعتوهم وقلة جدوى الموعظة فيهم وان ذلك شأن معلوم منهم عند علمائهم وصلحائهم ولذلك لما عطفت هذه القصة أعيد معها لفظ اسم الزمان فقيل ( وإذ قالت أمة ) ولم يقل : وقالت أمة .
والأمة الجماعة من الناس المشتركة في هذا القول قال المفسرون : أن أمة من بني إسرائيل كانت دائبة على القيام بالموعظة والنهي عن المنكر وأمة كانت قامت بذلك ثم أيست من اتعاظ الموعوظين وأيقنت أن قد حقت على الموعوظين المصمين آذانهم كلمة العذاب وأمة كانت سادرة في غلوائها لا ترعوي عن ضلالتها ولا ترقب الله في أعمالها .
وقد أجملت الآية مما كان من الأمة القائلة إيجازا في الكلام اعتمادا على القرينة لأن قولهم ( الله مهلكهم ) يدل على أنهم كانوا منكرين على الموعوظين . وانهم ما علموا أن الله مهلكهم إلا بعد أن مارسوا أمرهم وسبروا غورهم ورأوا أنهم لا تغني معهم العظات ولا يكون ذلك إلا بعد التقدم لهم بالموعظة . وبقرينة قوله بعد ذلك ( أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئس ) إذ جعل الناس فريقين فعلمنا أن القائلين من الفريق الناجي لأنهم ليسوا بظالمين . وعلمنا أنهم ينهون عن السوء .
وقد تقدم ذكر الوعظ عند قوله تعالى ( فأعرض عنهم وعظهم ) في سورة النساء وعند قوله آنفا ( موعظة وتفصيلا لكل شيء ) في هذه السورة .
واللام في ( لم تعظون ) للتعليل فالمستفهم عنه من نوع العلل والاستفهام إنكاري في معنى النفي فيدل على انتفاء جميع العلل التي من شأنها أن يوعظ لتحصيلها . وذلك يفضي إلى اليأس من حصول اتعاظهم والمخاطب ب ( تعظون ) أمة أخرى .
ووصف القوم بان الله مهلكهم : مبني على أنهم تحققت فيهم الحال التي اخبر الله بأنه يهلك أو يعذب من تحققت فيه وقد أيقن القائلون بأنها قد تحققت فيهم وأيقن المقول لهم بذلك حتى جاز أن يصفهم القائلون للمخاطبين بهذا الوصف الكاشف لهم بأنهم موصوفون بالمصير إلى أحد الوعيدين .
واسما الفاعل في قوله ( مهلكهم أو معذبهم ) مستعملان في معنى الاستقبال بقرينة المقام وبقرينة التردد بين الإهلاك والعذاب فإنها تؤذن بان أحد الأمرين غير معين الحصول لأنه مستقبل ولكن لا يخلو حالهم عن أحدهما .
وفصلت جملة ( قالوا ) لوقوعها في سياق المحاورة كما تقدم غير مرة أي قال المخاطبون ب ( لم تعظون قوما ) الخ .
والمعذرة بفتح الميم وكسر الذال مصدر ميمي لفعل " اعتذر " على غير قياس ومعنى اعتذر اظهر العذر بضم العين وسكون الذال والعذر السبب الذي تبطل به المؤاخذة بذنب أو تقصير فهو بمنزلة الحجة التي يبديها المؤاخذ بذنب . ليظهر انه بريء مما نسب إليه أو متأول فيه ويقال : عذره إذا قبل عذره وتحقق براءته ويعدى فعل الاعتذار بإلى لما فيه من معنى الإنهاء والإبلاغ .
وارتفع ( معذرة ) على أنه خبر لمبتدأ محذوف دل عليه قول السائلين ( لم تعظون ) والتقدير موعظتنا معذرة منا إلى الله .
وبالرفع قرأ الجمهور وقرأه حفص عن عاصم بالنصب على المفعول لأجله أي وعظناهم لأجل المعذرة .
وقوله ( ولعلهم يتقون ) علة ثانية للاستمرار على الموعظة أي رجاء لتأثير الموعظة فيهم بتكرارها .
A E