وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والمراد بالعذاب هنا عذاب الدنيا لان الكلام جواب لقول موسى ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) . والإهلاك عذاب فبين الله له أن عذاب الدنيا يصيب الله به من يشاء من عباده وقد اجمل الله سبب المشيئة وهو اعلم به وموسى يعلمه إجمالا فالكلام يتضمن طمأنة موسى من أن يناله العذاب هو والبزآء من قومه لان الله اعظم من أن يعاملهم معاملة المجرمين والمعنى إني قادر على تخصيص العذاب بمن عصوا وتنجية من لم يشارك في العصيان وجاء الكلام على طريقة مجملة شان كلام من لا يسأل عما يفعل .
وقوله ( ورحمتي وسعت كل شيء ) مقابل قول موسى ( فاغفر لنا وارحمنا ) وهو وعد تعريض بحصول الرحمة المسؤولة له ولمن معه من المختارين لأنها لما وسعت كل شيء فهم أرجى الناس بها وان العاصين هم أيضا مغمورون بالرحمة فمنها رحمة الإمهال والرزق ولكن رحمة الله عباده ذات مراتب متفاوتة .
وقوله ( عذابي أصيب به من أشاء ) إلى قوله ( كل شيء ) جواب إجمالي هو تمهيد للجواب التفصيلي في قوله ( فسأكتبها ) .
والتفريع في قوله ( فسأكتبها ) تفريع على سعة ( الرحمة ) لأنها لما وسعت كل شيء كان منها ما يكتب أي يعطى في المستقبل للذين أجريت عليهم الصفات ويتضمن ذلك وعدا لموسى ولصلحاء قومه لتحقق تلك الصلات فيهم وهو وعد ناظر إلى قول موسى ( إنا هدنا إليك ) . والضمير المنصوب في ( أكتبها ) عائد إلى ( رحمتي ) فهو ضمير جنس وهو مساو للمعرف بلام الجنس أي اكتب فردا من هذا الجنس لأصحاب هذه الصفات وليس المراد انه يكتب جميع الرحمة لهؤلاء لان هذا غير معروف في الاستعمال في الإخبار عن الاجناس لكن يعلم من السياق أن هذا النوع من الرحمة نوع عظيم بقرينة الثناء على متعلقها بصفات تؤذن باستحقاقها وبقرينة السكوت عن غيره فيعلم أن لهذا المتعلق رحمة خاصة عظيمة وان غيره داخل في بعض مراتب عموم الرحمة المعلومة من قوله ( وسعت كل شيء ) وقد أفصح عن هذا المعنى الحصر في قوله في آخر الآية ( أولئك هم المفلحون ) .
وتقدم معنى ( أكتبها ) قريبا .
وقد تقدم معنى ( وسعت كل شيء ) في قوله تعالى ( وسع ربنا كل شيء علما ) في هذه السورة .
والمعنى : أن الرحمة التي سألها موسى له ولقومه وعد الله بإعطائها لمن كان منهم متصفا بأنه من المتقين والمؤتين الزكاة ولمن كان من المؤمنين بآيات الله والآيات تصدق : بدلائل صدق الرسل وبكلمات الله التي شرع بها للناس رشادهم وهديهم ولا سيما القرآن لان كل مقدار ثلاث آيات منه هو آية لأنه معجز فدال على صدق الرسول وهو المقصود هنا وهم الذين يتبعون الرسول الأمي إذا جاءهم أي يطيعونه فيما يأمرهم ولما جعلت هذه الأشياء بسبب تلك الرحمة علم أن التحصيل على بعضها يحصل بعض تلك الرحمة بما يناسبه بشرط الإيمان كما علم من آيات أخرى خاطب الله بها موسى كقوله آنفا ( والذين عملوا السيئات ثم تأبوا من بعدها وآمنوا ) فتشمل هذه الرحمة من اتقى وآمن وآتى الزكاة من بني إسرائيل قبل بعثة محمد A فان اتباعهم إياه متعذر الحصول قبل بعثته . ولكن يجب أن يكونوا عازمين على اتباعه عند مجيئه أن كانوا عالمين بذلك كما قال تعالى ( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) . وتشمل الرحمة أيضا الذين يؤمنون بآيات الله والمعني بها الآيات التي ستجيء في المستقبل لان آيات موسى قد استقر الإيمان بها يومئذ وهذا موجب إعادة اسم الموصول في ذكر أصحاب هذه الصلة للإشارة إلى انهم طائفة أخرى وهم من يكون عند بعثة محمد E ولذلك أبدل منهم قوله ( الذين يتبعون الرسول ) الخ . وهو إشارة إلى اليهود والنصارى الكائنين في زمن البعثة وبعدها لقوله ( الذي يجدونه مكتوبا عندهم ) ولقوله ( ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم ) فانه يدل على انهم كانوا أهل شريعة فيها شدة وحرج والمراد بآيات الله : القرآن لان ألفاظه هي المخصوصة باسم الآيات لأنها جعلت معجزات للفصحاء عن معارضتها ودالة على إنها من عند الله وعلى صدق رسوله كما تقدم في المقدمة الثامنة .
A E