وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وعلى هذا التقدير في ( لو ) لا يكون في قوله ( أهلكتهم ) حذف اللام التي من شأنها أن تقترن بجواب ( لو ) وإنما قال ( أهلكتهم ) وإياي ولم يقل : أهلكتنا للتفرقة بين الإهلاكين لان إهلاك السبعين لأجل سكوتهم على عبادة العجل وإهلاك موسى قد يكون لأجل أن لا يشهد هلاك القوم قال تعالى ( فلما جاء امرنا نجينا هودا ) الآية ونظائرها كثيرة وقد خشي موسى أن الله يهلك جميع القوم بتلك الرجفة لان سائر سائر القوم أجدر بالإهلاك من السبعين وقد أشارت التوراة إلى هذا في الإصحاح " فرجع موسى إلى الله وقال أن الشعب قد اخطأ خطيئة عظيمة وصنعوا لأنفسهم آلهة فان غفرت لهم خطيئتهم وإلا فامحني من كتابك الذي كتبت . فقال الله لموسى من اخطأ إلي أمحوه من كتأبي " . فالمحو من الكتاب هو محو تقدير الله له الحياة محو غضب وهو المحكي في الآية بقوله ( لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) وقد خشي موسى أن تكون تلك الرجفة أمارة غضب ومقدمة إهلاك عقوبة على عبادتهم العجل فلذلك قال ( أتهلكنا بما فعل السفهاء منا ) فالسفهاء هم الذين عبدوا العجل وسمي شركهم سفها لأنه شرك مشوب بخسة عقل إذ جعلوا صورة صنعوها بأنفسهم إلها لهم .
ويجوز أن يكون حرف ( لو ) مستعملا في معناه الأصلي : من امتناع جوابه لامتناع شرطه فيتجه أن يتساءل عن موجب حذف اللام من جواب ( لو ) ولم يقل : لأهلكتهم مع أن الغالب في جوابها الماضي المثبت أن يقترن باللام فحذف اللام هنا لنكتة أن التلازم بين شرط لو وجوابها هنا قوي لظهور أن الإهلاك من فعل الله وحده فهو كقوله تعالى ( لو نشاء جعلناه أجاجا ) سورة الواقعة وسيأتي بيانه ويكون المعنى اعترافا بمنة العفو عنهم فيما سبق وتمهيدا للتعريض بطلب العفو عنهم الآن وهو المقصود من قوله ( أتهلكنا بما فعل السفهاء ) أي انك لم تشأ إهلاكهم حين تلبسوا بعبادة العجل فلا تهلكهم الآن .
والاستفهام في قوله ( أتهلكنا ) مستعمل في التفجع أي : أخشى ذلك لان القوم استحقوا العذاب ويخشى أن يشمل عذاب الله من كان مع القوم المستحقين وان لم يشاركهم في سبب العذاب كما قال ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) وفي حديث أم سلمة إنها قالت " يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث " وفي حديث آخر " ثم يحشرون على نياتهم " وقد خشي موسى سوء الظنة لنفسه ولأخيه وللبراء من قومه أن يظنهم الأمم التي يبلغها خبرهم انهم مجرمون .
وإنما جمع الضمير في قوله ( أتهلكنا ) لأن هذا الإهلاك هو الإهلاك المتوقع من استمرار الرجفة وتوقعه واحد في زمن واحد بخلاف الإهلاك المتقدم ذكره فسببه مختلف فناسب توزيع مفعوله .
وجملة ( أتهلكنا ) مستأنفة على طريقة تقطيع كلام الحزين الخائف السائل . وكذلك جملة ( إن هي إلا فتنتك ) وجملة ( أنت ولينا ) .
وضمير ( إن هي ) راجع إلى ما فعل السفهاء لأن ما صدق ما فعل السفهاء هو الفتنة والمعنى : ليست الفتنة الحاصلة بعبادة العجل الا فتنة منك أي من تقديرك وخلق أسباب حدوثها مثل سخافة عقول القوم وإعجابهم بأصنام الكنعانيين وعيبة موسى ولين هارون وخشيته من القوم وخشية شيوخ إسرائيل من عامتهم وغير ذلك مما يعلمه الله وأيقن موسى به إيقانا إجماليا .
والخبر في قوله ( إن هي إلا فتنتك ) الآية : مستعمل في إنشاء التمجيد بسعة العلم والقدرة والتعريض بطلب استبقائهم وهدايتهم وليس مستعملا في الاعتذار لقومه بقرينة قوله ( تظل بها من تشاء ) الذي هو في موضع الحال من ( فتنتك ) فالإضلال بها حال من أحوالها .
ثم عرض بطلب الهداية لهم بقوله ( وتهدي من تشاء ) والمجرور في قوله ( بها ) متعلق بفعل ( تظل ) وحده ولا يتنازعه معه فعل ( تهدي ) لأن الفتنة لا تكون سبب هداية بقرينة تسميتها فتنة فمن قدر في التفسير : وتهدي بها أو نحوه فقد غفل .
والباء : أما للملابسة أي تضل من تشاء ملابسا لها وأما للسببية أي تضل بسبب تلك الفتنة فهي من جهة فتنة ومن جهة سبب ضلال .
والفتنة ما يقع به اضطراب الاحوال ومرجها وتشتت البال وقد مضى تفسيرها عند قوله تعال ( وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة ) في سورة البقرة وقوله ( وحسبوا أن لا تكون فتنة ) في سورة العقود وقوله ( ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ) في سورة الأنعام .
A E