وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

والرشد الصلاح وفعل النافع وقد تقدم في قوله تعالى ( فان آنستم منهم رشدا ) في سورة النساء والمراد به هنا : الشيء الصالح كله من الإيمان والأعمال الصالحة .
والغي : الفساد والضلال وهو ضد الرشد بهذا المعنى كما أن السفه ضد الرشد بمعنى حسن النظر في المال . فالمعنى : أن يدركوا الشيء الصالح لم يعملوا به . لغلبة الهوى على قلوبهم وان يدركوا الفساد عملوا به لغلبة الهوى فالعمل به حمل للنفس على كلفة وذلك تأباه الأنفس التي نشأت على متابعة مرغوبها وذلك شأن الناس الذين لم يروضوا أنفسهم بالهدى الإلهي ولا بالحكمة ونصائح الحكماء والعقلاء بخلاف الغي فانه ما ظهر في العالم الا من آثار شهوات النفوس ودعواتها التي يزين لها الظاهر العاجل وتجهل عواقب السوء الآجلة كما جاء في الحديث " حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات " .
والتعبير في الصلات الأربع بالأفعال المضارعة : لإفادة تجدد تلك الأفعال منهم واستمرارهم عليها .
وقرا الجمهور : الرشد " بضم فسكون " وقرأه حمزة والكسائي وخلف : بفتحتين وهما لغتان فيه .
وجملة ( ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا ) مستأنفة استئنافا بيانيا لأن توسيمهم بتلك الصلات يثير سؤالا .
والمشار إليه بذلك ما تضمنه الكلام السابق نزل منزلة الموجود في الخارج وهو ما تضمنه قوله ( سأصرف عن آياتي ) إلى آخر الآية واستعمل له اسم إشارة المفرد لتأويل المشار إليه بالمذكور كقوله تعالى ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ) أي من يفعل المذكور وهذا الاستعمال كثير في اسم الإشارة وألحق به الضمير كما تقدم في قوله تعالى ( ذلك بأنهم كانوا يفكرون بآيات الله ) في سورة البقرة .
والباء للسببية أي : كبرهم وعدم إيمانهم وأتباعهم سبيل الغي وإعراضهم عن سبيل الرشد سببه تكذيبهم بالآيات فأفادت الجملة بيان سبب الكبر وما عطف عليه من الأوصاف التي هي سبب صرفهم عن الآيات فكان ذلك سبب السبب وهذا أحسن من إرجاع الإشارة إلى الصرف المأخوذ من ( سأصرف ) لأن هذا المحمل يجعل التكذيب سببا ثانيا للصرف وجعله سببا للسبب أرشق .
A E واجتلبت ( أن ) الدالة على المصدرية والتوكيد : لتحقيق هذا التسبب وتأكيده لأنه محل عرابة .
وجعل المسند فعلا ماضيا لإفادة أن وصف التكذيب قديم راسخ فيهم فكان رسوخ ذلك فيهم سببا في ان خلق الطبع والختم على قلوبهم فلا يشعرون بنقائصهم ولا يصلحون أنفسهم فلا يزالون متكبرين معرضين غاوين .
ومعنى ( كذبوا بآياتنا ) انهم ابتدأوا بالتكذيب ولم ينظروا ولم يهتموا بالتأمل في الآيات فداموا على الكبر وما معه فصرف الله قلوبهم عن الانتفاع بالآيات وليس المراد الإخبار بأنهم حصل منهم التكذيب لان ذلك قد علم من قوله ( وان يروا كل آية لا يؤمنوا بها ) .
والغفلة انصراف العقل والذهن عن تذكر شيء بقصد أو بغير قصد وأكثر استعماله في القرآن فيما كان عن قصد بإعراض وتشاغل والمذموم منها ما كان عن قصد وهو مناط التكليف والمؤاخذة فأما الغفلة عن غير قصد فلا مؤاخذة عليها وهي المقصود من قول علماء أصول الفقه : يمتنع تكليف الغافل .
وللتنبيه على ان غفلتهم عن قصد صيغ الإخبار عنهم بصيغة ( وكانوا عنها غافلين ) للدلالة على استمرار غفلتهم وكونها دأبا لهم وإنما تكون كذلك إذا كانوا قد التزموها فاما لو كانت عن غير قصد فإنها قد تعتريهم وقد تفارقهم .
( والذين كذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة حبطت أعمالهم هل يجزون إلا ما كانوا يعملون [ 147 ] )