وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

واعلم أن التفرقة بين تعريف الجنس والتنكير من لطائف الاستعمال البلاغي كما أشرنا إليه في قوله تعالى ( الحمد لله ) في سورة الفاتحة وأما من جهة مفاد اللفظ فالمعرف بلام الجنس والنكرة سواء فلا تظن أن اللام للعهد لحسنة معهودة ووقوع المعرف بلام الجنس والمنكر في سياق الشرط في هذه الآية يعم كل حسنة وكل سيئة .
والحسنة والسيئة هنا مراد بهما الحالة الحسنة والحالة السيئة .
واللام في قوله ( لنا ) هذه لام الاستحقاق أي : هذه الحسنة حق لنا لأنهم بغرورهم يحسبون أنهم أحرياء بالنعم أي : فلا يرون تلك الحسنة فضلا من الله ونعمة .
و ( يطيروا ) أصله يتطيروا وهو تفعل مشتق من اسم الطير كأنهم صاغوه على وزن التفعل لما فيه من تكلف معرفة حظ المرء بدلالة حركات الطير أو هو مطاوعة سمي بها ما يحصل من الانفعال من إثر طيران الطير . وكان العرب إذا خرجوا في سفر لحاجة نظروا إلى ما يلاقيهم أول سيرهم من طائر فكانوا يزعمون أن في مروره علامات يمن وعلامات شؤم فالذي في طيرانه علامة يمن في اصطلاحهم يسمونه السانح وهو الذي ينهض فيطير من جهة اليمين للسائر والذي علامته الشؤم هو البارح وهو الذي يمر على اليسار وإذا وجد طيرا جاثما أثاره لينظر أي جهة يطير وتسمى تلك الإثارة زجرا فمن الطير ميمون ومنه مشؤوم والعرب يدعون للمسافر بقولهم " على الطائر الميمون " ثم غلب استعمال لفظ التطير في معنى التشاؤم خاصة يقال الطيرة أيضا كما في الحديث " لا طيرة وإنما الطيرة على من تطير " أي : الشؤم يقع على من يتشاءم جعل الله ذلك عقوبة له في الدنيا لسوء ظنه بالله وإنما غلب لفظ الطيرة على التشاؤم لأن للأثر الحاصل من دلالة الطيران على الشؤم دلالة أشد على النفس لأن توقع الضر أدخل في النفوس من رجاء النفع . والمراد به في الآية لأنهم يتشاءمون بموسى ومن معه فاستعمل التطير في التشاؤم بدون دلالة من الطير لأن قوم فرعون لم يكونوا ممن يزجر الطير فيما علمنا من أحوال تاريخهم ولكنهم زعموا أن دعوة موسى فيهم كانت سبب مصائب حلت بهم فعبر عن ذلك بالتطير على طريقة التعبير العربي .
A E والتشاؤم : هو عد الشيء مشؤوما أي : يكون وجوده سببا في وجود ما يحزن ويضر فمعنى ( يطيروا بموسى ) يحسبون حلول ذلك بهم مسببا عن وجود موسى ومن آمن به وذلك أن آل فرعون كانوا متعلقين بضلال دينهم وكانوا يحسبون أنهم إذا حافظوا على اتباعه كانوا في سعادة عيش فحسبوا وجود من يخالف دينهم سببا في حلول المصائب والإضرار بهم فتشاءموا بهم ولم يعلموا أن سبب المصائب هو كفرهم وإعراضهم لأن حلول المصائب بهم يلزم أن يكون مسببا عن أسباب فيهم لا في غيرهم . وهذا من العماية في الضلالة فيبقون منصرفين عن معرفة الأسباب الحقيقة ولذلك كان التطير من شعار أهل الشرك لأنه مبني على نسبة المسببات لغير أسبابها وذلك من مخترعات الذين وضعوا لهم ديانة الشرك وأوهامها .
في الحديث " الطيرة شرك " وتأويله أنها : من بقايا دين الشرك ويقع بعد فعل التطير باء وهي باء السببية تدخل على موجب التطير وقد يقال أيضا : تطير من كذا .
وعطف ( ومن معه ) أي : من آمنوا به لأن قوم فرعون يعدون موجب شؤم موسى هو ما جاء به من الدين لأنه لا يرضي آلهتهم ودينهم ولولا دينه لم يكن مشؤوما كما قال ثمود ( قد كنت فينا مرجوا قبل هذا ) .
و ( ألا ) حرف استفتاح يفيد الاهتمام بالخبر الوارد بعده . تعليما للأمة وتعريضا بمشركي العرب .
والطائر : اسم للطير الذي يثار ليتيمن به أو يتشاءم واستعير هنا للسبب الحق لحلول المصائب بهم بعلاقة المشاكلة لقوله ( يطيروا ) فشبه السبب الحق وهو ما استحقوا به العذاب من غضب الله بالطائر .
و ( عند ) مستعملة في التصرف مجازا لأن الشيء المتصرف فيه كالمستقر في مكان أي : سبب شؤمهم مقدر من الله وهذا كما وقع في الحديث " ولا طير إلا طيرك " فعبر عما قدره الله للناس ( بطير ) مشاكلة لقوله ( ولا طير ) ومن فسر الطائر بالحظ فقد أبعد عن السياق