وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ويؤخذ من التوراة أن موسى بقي في قومه مدة يعيد محاولة فرعون أن يطلق بني إسرائيل وفرعون يعد ويخلف ولم تضبط التوراة مدة مقام موسى كذلك وظاهرها أن المدة لم تطل وليس قوله تعالى ( بالسنين ) دليل على أنها طالت أعواما لأن السنين هنا جمع سنة بمعنى الجدب لا بمعنى الزمن المقدر من الدهر فالسنة في كلام العرب إذا عرفت باللام يراد بها سنة الجدب والقحط وهي حينئذ علم جنس بالغلبة ومن ثم اشتقوا منها : أسنت القوم إذا أصابهم الجدب والقحط فالسنين في الآية مراد بها القحوط وجمعها باعتبار كثرة مواقعها أي : أصابهم القحط في جميع الأرضين والبلدان فالمعنى : ولقد أخذناهم بالقحوط العامة في كل أرض .
والأخذ : هنا مجاز في القهر والغلبة كقوله ( لا تأخذه سنة ولا نوم ) . ويصح أن يكون هنا مجازا في الإصابة بالشدائد لأن حقيقة الأخذ : تناول الشيء باليد وتعددت إطلاقاته فأطلق كناية عن الملك .
وأطلق استعارة للقهر والغلبة وللإهلاك وقد تقدمت معانيه متفرقة في السور الماضية . وجملة ( لعلهم يذكرون ) في موضع التعليل لجملة ( ولقد أخذنا ) فلذلك فصلت .
ونقص الثمرات قلة إنتاجها قلة غير معتادة لهم فتنوين ( نقص ) للتكثير ولذلك نكر ( نقص ) ولم يضف إلى ( الثمرات ) لئلا تفوت الدلالة على الكثرة .
فالسنون تنتاب المزارع والحقول ونقص الثمرات ينتاب الجنات .
و ( لعل ) للرجاء أي مرجوا تذكرهم لأن المصائب والأضرار المقارنة لتذكير موسى إياهم بربهم وتسريح عبيده من شأنها أن يكون أصحابها مرجوا منهم أن يتذكروا بأن ذلك عقاب على إعراضهم وعلى عدم تذكرهم لأن الله نصب العلامات للاهتداء إلى الخفيات كما قدمناه عند قوله تعالى ( وما أرسلنا في قرية من نبي ) في هذه السورة فشأن أهل الألباب أن يتذكروا فإذا لم يتذكروا فقد خيبوا ظن من يظن بهم ذلك مثل موسى وهارون أما الله تعالى فهو يعلم أنهم لا يتذكرون ولكنه أراد الإملاء لهم وقطع عذرهم وذلك لا ينافي ما يدل عليه ( لعل ) من الرجاء لأن دلالتها على الراجي والمرجو منه دلالة عرفية وقد تقدم الكلام على وقوع ( لعل ) في كلام الله تعالى عند قوله تعالى ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون ) في سورة البقرة .
وفي هذه الآية تنبيه للأمة للنظر فيما يحيط بها من دلائل غضب الله فإن سلب النعمة للمنعم عليهم تنبيه لهم على استحقاقهم إعراض الله تعالى عنهم .
A E والفاء في قوله ( فإذا جاءتهم الحسنة ) لتفريع هذا الخبر على جملة ( أخذنا آل فرعون بالسنين ) أي : فكان حالهم إذا جاءتهم الحسنة الخ... والمعنى : فلم يتذكروا ولكنهم زادوا كفرا وغرورا .
والمجيء : الحصول والإصابة . وإنما عبر في جانب الحسنة بالمجيء لأن حصولها مرغوب فهي بحيث تترقب كما يترقب الجاثي وعبر في جانب السيئة بالإصابة لأنها تحصل فجأة عن غير رغبة ولا ترقب .
وجيء في جانب الحسنة بإذا الشرطية لأن الغالب في ( إذا ) الدلالة على اليقين بوقوع الشرط أو ما يقرب من اليقين كقولك : إذا طلعت الشمس فعلت كذا ولذلك غلب أن يكون فعل الشرط مع ( إذا ) فعلا ماضيا لكون الماضي أقرب إلى اليقين في الحصول من المستقبل كما في الآية فالحسنات أي : النعم كثيرة الحصول تنتابهم متوالية من صحة وخصب ورخاء ورفاهية . وجيء في جانب السيئة بحرف ( إن ) لأن الغالب أن تدل ( إن ) على التردد في وقوع الشرط أو على الشك ولكون الشيء النادر الحصول غير مجزوم بوقوعه ومشكوكا فيه جيء في شرط إصابة السيئة بحرف ( إن ) لندرة وقوع السيئات أي : المكروهات عليهم بالنسبة إلى الحسنات أي : النعم وفي ذلك تعريض بأن نعم الله كانت متكاثرة لديهم وأنهم كانوا معرضين عن الشكر وتعريض بأن إصابتهم بالسيئات نادرة وهم يعدون السيئات من جراء موسى ومن آمن معه فهم في كلتا الحالتين بين كافرين بالنعمة وظالمين لموسى ومن معه ولهذين الاعتبارين عرفت الحسنة تعريف الجنس المعروف في علم المعاني بالعهد الذهني أي : جاءتهم الحسنات لأن هذا الجنس محبوب مألوف كثير الحصول لديهم ونكرت ( سيئة ) لندرة وقوعها عليهم ولأنها شيء غير مألوف حلوله بهم أي : وإن تصبهم آية سيئة كذا في الكشاف والمفتاح