وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

الثاني أن المؤمنين الذين استجابوا دعوة الرسول لم تكن ظواهرهم مخالفة لعقائدهم إذ لم يكن منهم مسلم يبطن الكفر فكان حصول معنى الإيمان لهم مقارنا لحصول معنى الإسلام وصدق عليهم أنهم مؤمنون ومسلمون ثم لما نبع النفاق بعد الهجرة طرأ الاحتياج إلى التفرقة بين حال الذين اتصفوا بالإيمان والإسلام وبين حال الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر تفرقة بالتحذير والتنبيه لا بالتعيين وتمييز الموصوف لذا كانت ألفاظ القرآن وكلام النبي تجري في الغالب على مراعاة غالب أحوال المسلمين الجامعين بين المعنيين وربما جرت على مراعاة الأحوال النادرة عند الحاجة إلى التنبيه عليها كما في قوله تعالى ( قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ) وكما في قول النبي لمن قال له مالك عن فلان فوالله إني لأراه مؤمنا قال " أو مسلما " .
فحاصل معنى الإيمان حصول الاعتقاد بما يجب اعتقاده وحاصل معنى الإسلام إظهار المرء أنه أسلم نفسه لاتباع الدين ودعوة الرسول قال تعالى ( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات ) الآية .
وهل يخامركم شك في أن الشريعة ما طلبت من الناس الإيمان والإسلام لمجرد تعمير العالم الأخروي من جنة ونار لأن الله تعالى قادر على أن يخلق لهذين الموضعين خلقا يعمرونهما إن شاء خلقهما ولكن الله أراد تعمير العالمين الدنيوي والأخروي وجعل الدنيا مصقلة النفوس البشرية تهيئها للتأهل إلى تعمير العالم الأخروي لتلتحق بالملائكة فجعل الله الشرائع لكف الناس عن سيء الأفعال التي تصدر عنهم بدواعي شهواتهم المفسدة لفطرتهم وأراد الله حفظ نظام هذا العالم أيضا ليبقى صالحا للوفاء بمراد الله إلى أمد أرادة فشرع للناس شرعا ودعا الناس إلى اتباعه والدخول إلى حظيرته ذلك الدخول المسمى بالإيمان وبالإسلام لاشتراط حصولهما في قوام حقيقة الانضواء تحت هذا الشرع ثم يستتبع ذلك إظهار تمكين أنفسهم من قبول ما يرسم لهم من السلوك عن طيب نفس . وثقة بمآلي نزاهة أو رجس . وذلك هو الأعمال ائتمارا وانتهاء وفعلا وانكفافا . وهذه الغاية هي التي تتفاوت فيها المراتب إلا أن تفاوت أهلها فيها لا ينقص الأصل الذي به دخلوا فإن الآتي بالبعض من الخير قد آتى بما كان أحسن من حاله قبل الإيمان والآتي بمعظم الخير قد فاق الذي دونه والآتي بالجميع بقدر الطاقة هو الفائز بحيث إن الشريعة لا تعدم منفعة تحصل من أفراد هؤلاء الذين تسموا بالمؤمنين والمسلمين ومن تلك المراتب حماية الحوزة والدفاع عن البيضة فهل يشك أحد في أن عمرو بن معد يكرب أيام كان لا يرى الانتهاء عن شرب الخمر ويقول : إن الله تعالى قال ( فهل أنتم منتهون ) فقلنا لا . أنه قد دل جهاده يوم القادسية على إيمانه وعلى تحقيق شيء كثير من أجزاء إسلامه فهل يعد سواء والكافرين في كونه يخلد في النار .
فالأعمال إذن لها المرتبة الثانية بعد الإيمان والإسلام لأنها مكملة المقصد لا ينازع في هذين أعني كونها في الدرجة الثانية وكونها مقصودة إلا مكابر . ومما يؤيد هذا أكمل تأييد ما ورد في الصحاح في حديث معاذ بن جبل أن النبي A كان بعثه إلى اليمن فقال له " إنك ستأتي قوما من أهل الكتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " أي ينطقوا بذلك نطقا مطابقا لاعتقادهم " فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة إلخ " فلولا أن للإيمان وللإسلام الحظ الأول لما قدمه ولولا أن الأعمال لا دخل لها في مسمى الإسلام لما فرق بينهما لأن الدعوة للحق يجب أن تكون دفعة وإلا لكان الرضا ببقائه على جزء من الكفر ولو لحظة مع توقع إجابته للدين رضى بالكفر وهو من الكفر فكيف يأمر بسلوكه المعصوم عن أن يقر أحدا على باطل فانتظم القول الثالث للقولين .
A E