وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقرأ جمهور القراء ( فجزاء مثل ما قتل ) بإضافة ( جزاء ) إلى ( مثل ) ؛ فيكون ( جزاء ) مصدرا بدلا عن الفعل ويكون ( مثل ما قتل ) فاعل المصدر أضيف إليه مصدره . ( ومن النعم ) بيان المثل لا ل ( ما قتل ) . والتقدير : فمثل ما قتل من النعم يجزئ جزاء ما قتله أي يكافئ ويعوض ما قتله . وإسناد الجزاء إلى المثل إسناد على طريقة المجاز العقلي . ولك أن تجعل الإضافة بيانية أي فجزاء هو مثل ما قتل والإضافة تكون لأدنى ملابسة . ونظيره قوله تعالى ( فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا ) . وهذا نظم بديع على حد قوله تعالى ( ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ) أي فليحرر رقبة . وجعله صاحب الكشاف من إضافة المصدر إلى المفعول أي فليجز مثل ما قتل . وهو يقتضي أن يكون النعم هو المعوض لا العوض لأن العوض يتعدى إليه فعل " جزى " بالباء ويتعدى إلى المعوض بنفسه . تقول : جزيت ما أتلفته بكذا درهما ولا تقول : جزيت كذا درهما بما أتلفته فلذلك اضطر الذين قدروا هذا القول إلى جعل لفظ ( مثل ) مقحما . ونظروه بقولهم " مثلك لا يبخل " كما قال ابن عطية وهو معاصر للزمخشري . وسكت صاحب الكشاف عن الخوض في ذلك وقرر القطب كلام الكشاف على لزوم جعل لفظ ( مثل ) مقحما وأن الكلام على وجه الكناية يعني نظير ( ليس كمثله شيء ) وكذلك ألزمه إياه التفتزاني واعتذر عن عدم التصريح به في كلامه بأن الزمخشري بصدد بيان الجزاء لا بصدد بيان أن عليه جزاء ما قتل . وهو اعتذار ضعيف . فالوجه أن لا حاجة إلى هذا التقدير من أصله . وقد اجترأ الطبري فقال : أن لا وجه لقراءة الإضافة وذلك وهم منه وغفلة عن وجوه تصاريف الكلام العربي .
وقرأ عاصم وحمزة ويعقوب والكسائي وخلف ( فجزاء مثل ) بتنوين ( جزاء ) . ورفع ( مثل ) على تقدير : فالجزاء هو مثل على أن الجزاء مصدر أطلق على اسم المفعول أي فالمجزي به المقتول مثل ما قتله الصائد .
A E وقوله تعالى ( يحكم به ذوا عدل منكم ) جملة في موضع الصفة ل ( جزاء ) أو استئناف بياني أي يحكم بالجزاء أي بتعيينه . والمقصد من ذلك أنه لا يبلغ كل أحد معرفة صفة المماثلة بين ا لصيد والنعم فوكل الله أمر ذلك إلى الحكمين . وعلى الصائد أن يبحث عمن تحققت فيه صفة العدالة والمعرفة فيرفع الأمر إليهما . ويتعين عليهما أن يجيباه إلى ما سأل منهما وهما يعينان المثل ويخيرانه بين أن يعطي المثل أو الطعام أو الصيام ويقدران له ما هو قدر الطعام إن اختاره .
وقد حكم من الصحابة في جزاء الصيد عمر مع عبد الرحمان بن عوف وحكم مع كعب بن مالك وحكم سعد بن أبي وقاص مع عبد الرحمان بن عوف وحكم عبد الله بن عمر مع ابن صفوان .
ووصف ( ذوا عدل ) بقوله ( منكم ) أي من المسلمين للتحذير من متابعة ما كان لأهل الجاهلية من عمل في صيد الحرم فلعلهم يدعون معرفة خاصة بالجزاء .
وقوله ( هديا بالغ الكعبة ) حال من ( مثل ما قتل ) أو من الضمير في ( به ) . والهدي ما يذبح أو ينحر في منحر مكة . والمنحر : منى والمروة . ولما سماه الله تعالى ( هديا ) فله سائر أحكام الهدي المعروفة . ومعني ( بالغ الكعبة ) أنه يذبح أو ينحر في حرم الكعبة وليس المراد أنه ينحر أو يذبح حول الكعبة .
وقوله ( أو كفارة طعام مساكين ) عطف على ( فجزاء ) وسمى الإطعام كفارة لأنه ليس بجزاء إذ الجزاء هو العوض وهو مأخوذ فيه المماثلة . وأما الإطعام فلا يماثل الصيد وإنما هو كفارة تكفر به الجريمة . وقد أجمل الكفارة فلم يبين مقدار الطعام ولا عدد المساكين . فأما مقدار الطعام فهو موكول إلى الحكمين وقد شاع عن العرب أن المد من الطعام هو طعام رجل واحد فلذلك قدره مالك بمد لكل مسكين . وهو قول الأكثر من العلماء . وعن ابن عباس : تقدير الإطعام أن يقوم الجزاء من النعم بقيمته دراهم ثم تقوم الدراهم طعاما . وأما عدد المساكين فهو ملازم لعدد الأمداد . قال مالك : أحسن ما سمحت إلي فيه أنه يقوم الصيد الذي أصاب وينظر كم ثمن ذلك من الطعام فيطعم مدا لكل مسكين . ومن العلماء من قدر لكل حيوان معادلا من الطعام . فعن ابن عباس : تعديل الظبي بإطعام ستة مساكين والأيل بإطعام عشرين مسكينا وحمار الوحش بثلاثين والأحسن أن ذلك موكول إلى الحكمين