وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وجملة ( كذلك يبين الله لكم آياته ) تذييل . ومعنى ( كذلك ) كهذا البيان يبين الله فتلك عادة شرعه أن يكون بينا . وقد تقدم القول في نظيره في قوله تعالى ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا ) في سورة البقرة .
وتقدم القول في معنى ( لعلكم تشكرون ) عند قوله تعالى ( يا أيها الناس اعبدوا ربكم ) في سورة البقرة .
( يا أيها الذين أمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون [ 90 ] إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلوة فهل أنتم منتهون [ 91 ] ) استئناف خطاب للمؤمنين تقفية على الخطاب الذي قبله لينظم مضمونه في السلك الذي انتظم فيه مضمون الخطاب السابق وهو قوله ( ولا تعتدوا ) المشير إلى أن الله كما نهى عن تحريم المباح نهى عن استحلال الحرام وأن الله لما أحل الطيبات حرم الخبائث المفضية إلى مفاسد فإن الخمر كان طيبا عند الناس وقد قال الله تعالى ( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ) . والميسر كان وسيلة لإطعام اللحم من لا يقدرون عليه . فكانت هذه الآية كالاحتراس عما قد يساء تأويله من قوله ( لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) .
وقد تقدم في سورة البقرة أن المعول عليه من أقوال علمائنا أن النهي عن الخمر وقع مدرجا ثلاث مرات : الأولى حين نزلت آية ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) وذلك يتضمن نهيا غير جازم فترك شرب الخمر ناس كانوا أشد تقوى . فقال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا . ثم نزلت آية سورة النساء ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) فتجنب المسلمون شربها في الأوقات التي يظن بقاء السكر منها إلى وقت الصلاة ؛ فقال عمر : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا . ثم نزلت الآية هذه . فقال عمر : انتهينا .
والمشهور أن الخمر حرمت سنة ثلاث من الهجرة بعد وقعة أحد فتكون هذه الآية نزلت قبل سورة العقود ووضعت بعد ذلك في موضعها هنا . وروي أن هذه الآية نزلت بسبب ملاحاة جرت بين سعد بن أبي وقاص ورجل من الأنصار . روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : أتيت على نفر من الأنصار فقالوا : تعال نطعمك ونسقك خمرا وذلك قبل أن تحرم الخمر فأتيتهم في حش وإذا رأس جزور مشوي وزق من خمر فأكلت وشربت معهم فذكرت الأنصار والمهاجرين عندهم فقلت : المهاجرون خير من الأنصار فأخذ رجل من الأنصار لحي جمل فضربني به فجرح بأنفي فأتيت رسول الله فأخبرته فأنزل الله تعالى في ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه ) . وروى أبو داود عن ابن عباس قال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا ا لصلاة وأنتم سكارى ) و ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ) نسختهما في المائدة ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ) .
A E فلا جرم كان هذا التحريم بمحل العناية من الشارع متقدما للأمة في إيضاح أسبابه رفقا بهم واستئناسا لأنفسهم فابتدأهم بآية سورة البقرة ولم يسفههم فيما كانوا يتعاطون من ذلك بل أنبأهم بعذرهم في قوله ( قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) ثم بآية سورة النساء ثم كر عليها بالتحريم بآية سورة المائدة فحصر أمرهما في أنهما رجس من عمل الشيطان ورجا لهم الفلاح في اجتنابهما بقوله ( لعلكم تفلحون ) وأثار ما في الطباع من بغض الشيطان بقوله ( إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء ) . ثم قال ( فهل أنتم منتهون ) فجاء بالاستفهام لتمثيل حال المخاطبين بحال من بين له المتكلم حقيقة شيء ثم اختبر مقدار تأثير ذلك البيان في نفسه .
وصيغة : هل أنت فاعل كذا . تستعمل للحث على فعل في مقام الاستبطاء نبه عليه في الكشاف عند قوله تعالى ( وقيل للناس هل أنتم مجتمعون ) في سورة الشعراء قال : ومنه قول تأبط شرا : .
هل أنت باعث دينار لحاجتنا ... أو عبد رب أخا عون بن مخراق