التفرقة التي ذكرها أن حق النفس الصلاة وحق المال الزكاة فمن صلى عصم نفسه ومن زكى عصم ماله فان لم يصل قوتل على ترك الصلاة ومن لم يزك أخذت الزكاة من ماله قهرا وان نصب الحرب لذلك قوتل وهذا يوضح أنه لو كان سمع في الحديث ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة لما احتاج إلى هذا الاستنباط لكنه يحتمل أن يكون سمعه واستظهر بهذا الدليل النظري قوله والله لو منعوني عناقا تقدم ضبطها في باب أخذ العناق وفي الصدقة من كتاب الزكاة ووقع في رواية قتيبة عن الليث عند مسلم عقالا وأخرجه البخاري في كتاب الاعتصام عن قتيبة فكنى بهذه اللفظة فقال لو منعوني كذا واختلف في هذه اللفظة فقال قوم هي وهم والى ذلك أشار البخاري بقوله في الاعتصام عقب إيراده قال لي بن بكير يعني شيخه فيه هنا وعبد الله يعني بن صالح عن الليث عناقا وهو أصح ووقع في رواية ذكرها أبو عبيدة لو منعوني جديا أذوط وهو يؤيد أن الرواية عناقا والاذوط الصغير الفك والذقن قال عياض واحتج بذلك من يجيز أخذ العناق في زكاة الغنم إذا كانت كلها سخالا وهو أحد الأقوال وقيل انما ذكر العناق مبالغة في التقليل لا العناق نفسها قلت والعناق بفتح المهملة والنون الأنثى من ولد المعز قال النووي المراد انها كانت صغارا فماتت أمهاتها في بعض الحول فيزكين بحول الأمهات ولو لم يبق من الأمهات شيء على الصحيح ويتصور فيما إذا ماتت معظم الكبار وحدثت الصغار فحال الحول على الكبار على بقيتها وعلى الصغار وقال بعض المالكية العناق والجذعة تجزي في زكاة الإبل القليلة التي تزكى بالغنم وفي الغنم أيضا إذا كانت جذعة ويؤيده أن في حديث أبي بردة في الأضحية فان عندي عناقا جذعة وقد تقدم البحث في ذلك في كتاب الزكاة وقال قوم الرواية محفوظة ولها معنى متجه وجرى النووي على طريقته فقال هو محمول على أنه قالها مرتين مرة عناقا ومرة عقالا قلت وهو بعيد مع اتحاد المخرج والقصة وقيل العقال يطلق على صدقة عام يقال أخذ منه عقال هذا العام يعني صدقته حكاه المازري عن الكسائي واستشهد بقول الشاعر سعى عقالا فلم يترك لنا سندا فكيف لو قد سعى عمرو عقالين وعمرو المشار إليه هو بن عتبة بن أبي سفيان وكان عمه معاوية يبعثه ساعيا على الصدقات فقيل فيه ذلك ونقل عياض عن بن وهب أنه الفريضة من الإبل ونحوه عن النضر بن شميل وعن أبي سعيد الضرير العقال ما يؤخذ في الزكاة من نعام وثمار لأنه عقل عن مالكها وقال المبرد العقال ما أخذه العامل من صدقة بعينها فان تعوض عن شيء منها قيل أخذ نقدا وعلى هذا فلا اشكال فيه وذهب الأكثر إلى حمل العقال على حقيقته وأن المراد به الحبل الذي يعقل به البعير نقله عياض عن الواقدي عن مالك بن أبي ذئب قالا العقال عقال الناقة قال أبو عبيد العقال اسم لما يعقل به البعير وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلّم محمد بن مسلمة على الصدقة فكان يأخذ مع كل فريضة عقالا وقال النووي ذهب إلى هذا كثير من المحققين وقال بن التيمي في التحرير قول من فسر العقال بفريضة العام تعسف وهو نحو تأويل من حمل البيضة والحبل في حديث لعن السارق على بيضة الحديد وحبل السفينة قلت وقد تقدم بيان ذلك في باب حد السرقة إلى أن قال وكل ما كان في هذا السياق أحقر كان أبلغ قال والصحيح أن المراد بالعقال ما يعقل به البعير قال والدليل على أن المراد به المبالغة قوله في الرواية الأخرى عناقا وفي الأخرى جديا قال فعلى هذا فالمراد بالعقال قدر قيمته قال الثوري وهذا هو الصحيح الذي