كفر من العرب في حديث أنس عند بن خزيمة لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلّم ارتد عامة العرب قوله يا أبا بكر كيف تقاتل الناس في حديث أنس أتريد أن تقاتل العرب قوله أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله كذا ساقه الأكثر وفي رواية طارق عند مسلم من وحد الله وكفر بما يعبد من دونه حرم دمه وماله وأخرجه الطبراني من حديثه كرواية الجمهور وفي حديث بن عمر حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ونحوه في حديث أبي العنبس وفي حديث أنس عند أبي داود حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن يستقبلوا قبلتنا ويأكلوا ذبيحتنا ويصلوا صلاتنا وفي رواية العلاء بن عبد الرحمن حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ويؤمنوا بي وبما جئت به قال الخطابي زعم الروافض أن حديث الباب متناقض لأن في أوله أنهم كفروا وفي آخره أنهم ثبتوا على الإسلام إلا أنهم منعوا الزكاة فان كانوا مسلمين فكيف استحل قتالهم وسبي ذراريهم وان كانوا كفارا فكيف احتج على عمر بالتفرقة بين الصلاة والزكاة فان في جوابه إشارة إلى أنهم كانوا مقرين بالصلاة قال والجواب عن ذلك أن الذين نسبوا إلى الردة كانوا صنفين صنف رجعوا إلى عبادة الأوثان وصنف منعوا الزكاة وتأولوا قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم فزعموا أن دفع الزكاة خاص به صلى الله عليه وسلّم لأن غيره لا يطهرهم ولا يصلى عليهم فكيف تكون صلاته سكنا لهم وانما أراد عمر بقوله تقاتل الناس الصنف الثاني لأنه لا يتردد في جواز قتل الصنف الأول كما أنه لا يتردد في قتال غيرهم من عباد الأوثان والنيران واليهود والنصارى قال وكأنه لم يستحضر من الحديث إلا القدر الذي ذكره وقد حفظ غيره في الصلاة والزكاة معا وقد رواه عبد الرحمن بن يعقوب بلفظ يعم جميع الشريعة حيث قال فيها ويؤمنوا بي وبما جئت به فان مقتضى ذلك أن من جحد شيئا مما جاء به صلى الله عليه وسلّم ودعى إليه فامتنع ونصب القتال انه يجب قتاله وقتله إذا أصر قال وانما عرضت الشبهة لما دخله من الاختصار وكأن راويه لم يقصد سياق الحديث على وجهه وانما أراد سياق مناظرة أبي بكر وعمر وأعتمد على معرفة السامعين بأصل الحديث انتهى ملخصا قلت وفي هذا الجواب نظر لأنه لو كان عند عمر في الحديث حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ما استشكل قتالهم للتسوية في كون غاية القتال ترك كل من التلفظ بالشهادتين وإقام الصلاة وايتاء الزكاة قال عياض حديث بن عمر نص في قتال من لم يصل ولم يزك كمن لم يقر بالشهادتين واحتجاج عمر على أبي بكر وجواب أبي بكر دل على أنهما لم يسمعا في الحديث الصلاة والزكاة إذ لو سمعه عمر لم يحتج على أبي بكر ولو سمعه أبو بكر لرد به على عمر ولم يحتج إلى الاحتجاج بعموم قوله إلا بحقه قلت إن كان الضمير في قوله بحقه للإسلام فمهما ثبت أنه من حق الإسلام تناوله ولذلك اتفق الصحابة على قتال من جحد الزكاة قوله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة يجوز تشديد فرق وتخفيفه والمراد بالفرق من أقر بالصلاة وأنكر الزكاة جاحدا أو مانعا مع الاعتراف وانما أطلق في أول القصة الكفر ليشمل الصنفين فهو في حق من جحد حقيقة وفي حق الآخرين مجاز تغليبا وانما قاتلهم الصديق ولم يعذرهم بالجهل لأنهم نصبوا القتال فجهز إليهم من دعاهم إلى الرجوع فلما أصروا قاتلهم قال المازري ظاهر السياق أن عمر كان موافقا على قتال من جحد الصلاة فألزمه الصديق بمثله في الزكاة لو رودهما في الكتاب والسنة موردا واحدا قوله فان الزكاة حق المال يشير إلى دليل منع