وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

ومن المعلوم أن الحكمة لا تقتضي أن يؤمر بالفعل من لا يقدر على الإمتثال وينهي عنه من لا يقدر على الإجتناب فلا بد بمقتضى الحكمة التي رعاها سبحانه فيما خلق وأمر فضلا ورحمة أن يكون التكليف بحسب الوسع وإذا كان كذلك كان شرط التكليف هو القوة التي تصير مؤثرة إذا أنضم إليها الإرادة وهذه قبل الفعل والقدرة التي هي مع الفعل هي القدرة المستجمعة لشرائط التأثير التي من جملتها إنضمام الإرادة إليها وبهذا جمع الإمام الرازيكما في المواقفبين مذهب الأشعري القائل بأن القدرة مع الفعل والمعتزلة القائلين بأنها قبله وقال : لعل الأشعري أراد بالقدرة القوة المستجمعة لشرائط التأثير فلذلك حكم بأنها مع الفعل وأنها لا تتعلق بالضدين والمعتزلة أرادوا بالقدرة مجرد القوة العضلية فلذلك قالوا بوجودها قبل الفعل وتعلقها بالأمور المتضادة وهو جمع صحيح وقول السيد قدس سره في توجيه البحث الذي ذكره صاحب المواقف فيه بأن القدرة الحادثة ليست مؤثرة عند الشيخ فكيف يصح أن يقال : إنه أراد بالقدرة القوة المستجمعة لشرائط التأثيرمدفوع بما تبين في الإبانة التي هي آخر مصنفاته .
والمعتمد من كتبه كما صرح به إبن عساكر والمجد بن تيمية وغيرهما أن الشيخ قائل بالتأثير للقدرة المستجمعة للشرائط لكن لا إستقلالا كما يقوله المعتزلة بل بإذن الله تعالى وهو معنى الكسب عنده وأما قوله في شرح المواقف : إن أفعال العباد الإختيارية واقعة بقدرة الله تعالى وحدها ليس لقدرتهم تأثير فيها بل الله تعالى أجرى عادته بأن يوجد في العبد قدرة وإختيارا فإذا لم يكن هناك مانع أوجد فيه فعله المقدور مقارنا لهما فيكون فعل العبد مخلوقا لله تعالى إبداعا وإحداثا ومكسوبا للعبد والمراد بكسبه إياه مقارنته لقدرته وإرادته من غير أن يكون هناك منه تأثير ومدخل في وجوده سوى كونه محلا له وهو مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري ففيه بحث من وجوه .
أما أولا فلأن هذا ليس مذهب الشيخ المذكور في آخر تصانيفه التي أستقر عليها الإعتماد وذكره في غيره إن سلم لا يعول عليه لكونه مرجوحا مرجوعا عنه وأما ثانيا فلأن التكليف في صرائح الكتاب والسنة إنما تعلق أمرا أو نهيا بالأفعال الإختيارية أنفسها لا بمقارنة القدرة والإرادة لها فمكسوب العبد نفس الفعل الإختياري والمراد بكسبه إياه تحصيله إياه بتأثير قدرته بإذن الله تعالى لا مستقلا فالقول بأن المراد بكسب العبد للفعل هو مقارنة الفعل لقدرته وإرادته من غير تأثير لا يوافق ما أقتضاه صرائح الكتاب والسنة ونصوص الإبانة ويزيده وضوحا حديث أبي هريرة أنه لما نزل وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله أشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فأتوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم جثوا على الركب فقالوا يارسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزل عليك هذه الآية ولا نطيقها الحديث فإنه صريح بأن الذي كلفوا به ما يطيقونه من نفس الأعمال وهو نفس الصلاة وأخواتها لا مقارنتها لقدرتهم وإرادتهم وأقرهم صلى الله تعالى عليه وسلم على ذلك وأما ثالثا فلأن مقارنة الفعل لقدرة العبد وإرادته لو كانت هي الكسب لكانت هي المكلف بها ولو كانت كذلك لكان التكليف بما لا يطاق واقعا لأن المقارنة أمر يترتب على فعل الله تعالى أي على إيجاد الله تعالى الفعل الإختياري مقارنا لهما وما يترتب على فعل الله تعالى ليس مقدورا للعبد أصلا لأن معنى كون الشيء مقدورا له أن يكون ممكن الإيقاع بقدرته عند تعلق مشيئته به الموافقة لمشيئة الله تعالى كما هو واضح من حديث من كظم غظيه وهو قادر على أن ينفذه وما يترتب على فعل الله تعالى لا يكون مقدورا للعبد بهذا المعنى إذ لو كان مقدورا له إبتداءا