قصارى ما في الحديث الأول على تقدير ثبوته إثبات انها عالمه إلى حيث يؤخذ منها ثلثا الدين وهذا لا يدل على نفي العلم المماثل لعلمها عن بضعته عليه الصلاة السلام ولعلمه صلى الله تعالى عليه وسلم أنها لا تبقى بعده زمنا معتدا به يمكن أخذ الدين منها فيه لم يقل فيها ذلك ولو علم لربما قال : خذوا كل دينكم عن الزهراء وعدم هذا القول في حق من دل العقل والنقل على علمه لا يدل على مفضوليته وإلا لكانت عائشة افضل من ابيها رضي الله تعالى عنه لأنه لم يرو عنه في الدين إلا قليل لقلة لبثه وكثرة غائلته بعد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على أن قوله E : إني تركت فيكم الثقلين كتاب الله تعالى وعترتي لا يفترقان حتى يردا على الحوض يقوم مقام ذلك الخبر وزيادة كما لا يخفى كيف لا وفاطمة رضي الله تعالى عنها سيدة تلك العترة ! .
وأما الثانيا فلأن الحديث الثاني معارض بما يدل على أفضلية غيرها رضي الله تعالى عنها عليها فقد أخرج ابن جرير عن عمار بن سعد أنه قال : قال لي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين بل هذا الحديث أظهر في الأفضلية وأكمل في المدح عند من انجاب عن عين بصيرته عين التعصب والتعسف لان ذلك الخبر وإن كان ظاهرا في الافضلية لكنه قيل ولو على بعد : إن أل في النساء فيه للعهد والمراد بها الازواج الطاهرات الموجودات حين الاخبار ولم يقل مثل ذلك في هذا الحديث .
وأما ثالثا فلأن الدليل الثالث يستدعي أن يكون سائر زوجات النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أفضل من سائر الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام لأن مقامهم بلا ريب ليس كمقام صاحب المقام المحمود صلى الله تعالى عليه وسلم فلو كانت الشركة في المنزل مستدعية للأفضلية لزم ذلك قطعا ولا قائل به .
وبعد هذا كله الذي يدور في خلدي أن أفضل النساء فاطمة ثم عائشة بل لو قال قائل إن سائر بنات النبي صلى الله تعالى عليه وسلم افضل من عائشة لا أرى عليه بأسا وعندي بين مريم وفاطمة توقف نظرا للافضلية المطلقة وأما بالنظر إلى الحيثية فقد علمت ما أميل إليه وقد سئل الإمام السبكي عن هذه المسألة فقال : الذي نختاره وندين الله تعالى به أن فاطمة بنت محمد صلى الله تعالى عليه وسلم افضل ثم أمها ثم عائشة ووافقه في ذلك البلقيني وقد صحح ابن العماد أن خديجة ايضا افضل من عائشة لما ثبت أنه E قال لعائشة حين قالت : قد رزقك الله تعالى خيرا منها فقال لها : لا والله ما رزقني الله تعالى خيرا منها آمنت بي حين كذبني الناس واعطتني ما لها حين حرمني الناس وأريد هذا بأن عائشة أقرأها السلام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من جبريل وخديجة أقرأها السلام جبريل من ربها وبعضهم لما رأى تعارض الادلة في هذه المسألة توقف فيها وإلى الوتقف مال القاضي ابو جعفر الاستروشني منا وذهب ابن جماعة إلى أنه المذهب الاسلم .
وأشكل ما في هذا الباب حديث الثريد ولعل كثرة الأخبار التاطقة بخلافه تهون تأويله وتأويل واحد لكثرة أهون من تأويل كثير لواحد والله تعالى هو الهادي إلى سواء السبيل يمريم اقنتي لربك الظاهر انه من مقول الملائكة ايضا وصوها بالمحافظة على الصلاة بعد أن أخبروها بعلو درجتها وكمال قربها إلى الله تعالى لئلا تفتر ولا تغفل عن العبادة وتكرير النداء للإشارة إلى الاعتناء بما يرد بعد كأنه هو المقصود بالذات وما قبله تمهيد له .
والقنوت إطالة القيام في الصلاة قاله مجاهد أو إدامة الطاعة قاله قتادة وإليه ذهب الراغب أو الاخلاص في العبادة قاله سعيد بن جبير أو أصل القيام في الصلاة قاله بعضهم والتعرض لعنوان الربوبية للاشعار بعلة