مثل الحيض والنفاس حتى صرت صالحة لخدمة المسجد قاله الزجاج وروى عن الحسن وابن جبير أن المراد طهرك بالايمان عن الكفر وبالطاعة عن المعصية وقيل : نزهك عن الاخلاق الذميمة والطباع الرديئة والأولى الحمل على العموم أي طهرك من الاقذار الحسية والمعنوية والقلبية والقالبية .
واصطفاك على نساء العالمين .
24 .
- يحتمل أن يراد بهذا الاصطفاء غير الاصطفاء الأول وهو ما كان آخرا من هبة عيسى عليه السلام لها من غير أب ولم يكن ذلك لاحد من النساء وجعلها وإياه آية للعالمين ويحتمل أن يراد به الأول وكرر للتأكيد وتبين من اصطفاها عليهن وعلى الاول يكون تقديم حكاية هذه المقاولة على حكاية بشارتها بعيسى عليه السلام للتنبيه على أن كلا منهما مستحق للاستقلال بالتذكير وله نظائر قد مر بعضها وعلى الثاني لا إشكال في الترتيب وتكون حكمة تقدم هذه المقاولة على البشارة الإشارة إلى كونها عليها السلام قبل ذلك مستعدة لفيضان الروح عليها بما هي عليه من التبتل والانقياد حسب الامر ولعل الأول أولى كما قال الإمام لما أن التأسيس خير من التأكيد والمراد من نساء العالمين قيل : جميع النساء في سائر الأعصار واستدل به على أفضليتها على فاطمة وخديجة وعائشة رضي الله تعالى عنهن وأيد ذلك بما أخرجه ابن عساكر في أحد الطرق عن ابن عباس أنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران : ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية امرأة فرعون وبما أخرجه ابن أبي شيبة عن مكحول وقريب منه ما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : خير نساء ركبن الابل نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على بعل في ذات يده ولو علمت أن مريم ابنة عمران ركبت بعيرا ما فضلت عليها أحدا وبما أخرجه ابن جرير عن فاطمة صلى الله تعالى على أبيها وعليها وسلم أنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم البتول .
وقيل : المراد نساء عالمها فلا يلزم منه أفضليتها على فاطمة رضي الله تعالى عنها ويؤيده ما أخرجه ابن عساكر من طريق مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أنه قال : أربع نسوة سادات عالمهن ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وخديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وأفضلهن عالما فاطمة وما رواه الحرث بن أسامة في مسنده بسند صحيح لكنه مرسل مريم خير نساء عالمها وإلى هذا ذهب أبو جعفر رضي الله تعالى عنه وهو المشهور عن أئمة أهل البيت والذي أميل اليه أن فاطمة البتول أفضل النساء المتقدمات والمتأخرات من حيث أنها بضعة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بل ومن حيثيات أخر أيضا ولا يعكر على ذلك الاحبار السابقة لجواز أن يراد بها أفضلية غيرها عليها من بعض الجهات وبحيثية من الحيثيات وبه يجمع بين الآثار وهذا سائغ على القول بنبوة مريم أيضا إذ البضعية من روح الوجود وسيد كل موجود لا أراها تقابل بشئ وأين الثريا من يد المتناول ومن هنا يعلم أفضليتها على عائشة رضي الله تعالى عنها الذاهب إلى خلافها الكثير محتجين بقوله صلى الله تعالى عليه وسلم : خذوا ثلثي دينكم عن الحميراء وقوله عليه الصلاة السلام : فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام وبأن عائشة يوم القيامة في الجنة مع زوجها رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وفاطمة يومئذ مع زوجها علي كرم الله وجهه وفرق عظيم بين مقام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ومقام على كرم الله تعالى وجهه .
وأنت تعلم ما في هذا الاستدلال وأنه ليس بنص على أفضلية الحميراء على الزهراء وأما أولا فلان