إن الله يرزق من يشاء من عباده أن يرزقه بغير حساب .
73 .
- تقدم معناه والجملة تعليل لكونه من عند الله والظاهر أنها من كلام مريم فحينئذ تكون في محل داخله تحت القول وقال الطبري : إنها ليست من كلامها بل هي من كلامه تعالى إخبارا لنبيه صلى الله تعالى عليهه وسلم والاول أولى وقد أخرج أبو يعلي عن جابر أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أقام أياما لم يطعم طعاما حتى شق ذلك عليه فطاف في منازل أزواجه فلم يجد عند واحدة منهن فاطمة فقال : يابنية هل عندك شئ آكله فاني جائه فقالت : لا والله فلما خرج من عندها بعثت اليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم فأخذته منها فوضعته في جفنة لها وقالت : لأوثرن بهذا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على نفسي ومن عندي وكانوا جميعا محتاجين إلى شعبة طعام فبعثت حسنا أو حسينا إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فرجع اليها فقالت له : بي أنت وأمي قد أتى الله بشئ قد خبأته لك قال : هلمي يابنية بالجفنة فكشفت عن الجفنة فاذا هي مملوءة خبزا ولحكا فلما نظرت اليها بهتت وعرفت أنها بركة من الله تعالى فحمدت الله تعالى وقدمته إلى النبي فلما رآه حمد الله تعالى وقال : من اين لك هذا يا بنية قالت : يا أبتي هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب فحمد الله سبحانه ثم قال : الحمد لله الذي جعلك شبيهة سيدة مساء بني إسرائيل فانها كانت إذا رزقها الله تعالى رزقا فسئلت عنه قالت : هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب ثم جمع عليا والحسن والحسين وجمع أهل بيته حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو فاوسعت فاطمة رضي الله تعالى عنها على جيرانها هذا ومن باب الاشارة في الآيات ة يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين نهى عن موالاة المؤمنين الكافرين لعدم المناسبة في الحقيقة ولفرق بين الظلمة والنور والظل والحرور والولاية تقتضي المناسبة ومتى لم تحصل كانت الولاية عن محض رياء أو نفاق والله تعالى لا يحب الرائين ولا المنافقين ومن هنا نهى أهل الله تعالى المريدين عن موالاة المنكرين لأن ظلمة الانكار والعياذ بالله تعالى تحاكى ظلمة الكفر وربما تراكمت فسدت طريق الايمان ومن يفعل ذلك فليس من ولاية الله تعالى في شئ معتد به إذ ليس فيه نورية صافية يناسب لها الحضرة الالهية إلا أن تتقوا منهم تقاة فحينئذ تجوز الموالاة ظاهرا وهذا بالنسبة للضعفاء وأما من قوى يقينه فلا يخشى إلا الله تعالى ويحذركم الله نفسه اى يدعوكم إلى التوحيد العياني لئلا يكون خوفكم من غيره وإلى الله المصير فلا تحذروا إلا إياه والاكثرون على أن هذا خطاب للخواص العارفين إذ لا يحذر نفسه من لا يعرفه وقد حذر من رونهم بقوله سبحانه : واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله قال إبراهيم الخواص : وعلامة الخوف في القلب دوام المراقبة وعلامة المراقبة التفقد للاحوال النازلة قل إن تخفوا ما في صدوركم من الموالاة أو تبدوه يعلمه الله لأنه مع كل نفس وخطرة ويعلم ما في سموات الارواح وأرض الأجسام والله على كل شئ قدير فلا يشغله شأن عن شأن ولا يقيده عن مظهر يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء لأن كل ما يعمله الانسان او يقوله ينتقش منه أثر في نفسه ويسطر في مصحائف النفوس السماوية إلا أنه لا شتغاله بالشواغل الحسية والادراكات الوهمية والخيالية لا يرى تلك النقوش ولا يبصر هاتيك السطور فاذا تجرد عن عالم الكثافة بصر ورأى وشاهد ما به قلم الاستعداد جرى فاذا وجد سوءا تود نفسه وتتمنى لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا لتعذبها به ويحذركم الله نفسه كرره تاكيدا لئلا يعملوا ما يستحقون به عقابه والله رءوف بالعباد اى بسائر فلهذا حذرهم