العرفى للسمع واطعنا وقبلنا عن طوع ما دعوتنا اليه فى الآوامر والنواهى وقيل : سمعنا ما جاءنا من الحق وتيقنا بصحته و أطعنا ما فيه من الأمر والنهى غفرانك ربنا أى اغفر غفرانك ما ينقص حظوظنا لديك أو نسالك غفرانك ذلك فغفران مصدر إما مفعول مطلق أو مفعول به ولعل الاول أولى لما فى الثانى من تقدير الفعل الخاص المحوج إلى اعتبار القرينة وتقديم ذكر السمع على الطاقة لتقدم العام على الخاص أو لان التكليف طريقة السمع والطاعة بعده وتقديم ذكرهما على طلب الغفران لما أن تقدم الوسيلة على المسئول أقرب إلى الاجابة والقبول والتعرض لعنوان الربوبية قد تقدم سره غير مرة وإليك المصير .
582 .
- أى الرجوع بالموت والبعث وهو مصدر ميمى والجملة قيل : معطوفة على مقدر أى فمنك المبدأ واليك المصير وهى تذييل لما قبله مقرر للحاجة إلى المغفرة وفيها إقرار بالمعاد الذى لم يصرح به قبل .
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها جملة مستأنفة سيقت أخبارا منه تعالى بعد تلقيهم لتكاليفه سبحانه بالطاعة والقبول بماله عليهم فى ضمن التكليف من محاسن آثار الفضل والرحمة ابتداءا لا بعد السؤال كما سيجئ والتكليف إلزام ما فيه كلفة ومشقة و الوسع ما تسعه قدرة الانسان أو ما يسهل عليه من المقدرة وهو ما دون مدى طاقته أى سنته تعالى أنه لا يكلف نفسا من النفوس إلا ما تطيق وإلا ما دون ذلك كما فى سائدر مل كلفنا به من الصلاة والصيام مثلا فانه كلفنا خمس صلوات والطاقة تسع ستا وزيادة وكلفنا صوم رمضان والطاقة تسع شعبان معه وفعل ذلك فضلا منه ورحمة بالعباد أو كرامة ومنه على هذه الأمة خاصة .
وقرأ ابن أبى عبلة وسعها بفتح السين والآية على التفسيرين تدل على عدم وقوع التكليف بالمجال لا على امتناعه أما على الاول فظاهر وأما على الثانى فبطريق الأول وقيل : إنها على التفسير الثانى لا تدل على ذلك لان الخطاب حينئذ مخصوص بهذه الامة وعلى كل تقدير لا دليل فيها على امتناع التكليف بالمجال كما وهم قد تقدم لك بعض ما يتعلق بهذا المبحث وربما يأتيك ما ينفعك فيه إن شاء الله تعالى .
لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت جملة أخرى مستأنفة سيقت للترغيب والمحافظة على مواجب التكليف والتحذير عن الاخلال بها ببيان أن تكليف كل نفس مع مقارنته لنعمه التخفيف والتيسير يتضمن مراعاة منفعة زائدة وأنها تعود إليها لا إلى غيرها ويستتبع الاخلال بها مضرة تحيق بها لابغيرها فإن اختصاص منفعة الفعل بفاعله من أقوى الدواعى إلى تحصيله واقتصار مضرته عليه من أشد الزواجر عن مباشرته قاله المولى مفتى الديار الرومية قدس سره وهو الذى ذهب إليه الكثير وقيل : يجوز أن تجعل الجملتان فى حيز القول ويكون ذلك حكاية للأقول المتفرقة الغير المعطوفة بعضها على بعض للمؤمنين ويكون مدحا لهم بأنهم شكروا الله فى تكليفه حيث يرونه بأنه لم يخرج عن وسعهم وبأنهم يرون أن الله تعالى لا ينتفع بعملهم الخير بل هو لهم ولا يتضرر بعملهم الشر بل هو عليهم ولا يخفى أنه بعيد من جهة قريب من أخرى والضمير فى لها للنفس العامة والكلام على حذف مضاف هو ثواب فى الأول وعقاب فى الآخر ومبين ما الأولى الخير لدلالة اللام الدالة على النفع عليه ومبين ما الثانية الشر لدلالة على الدالة على الضر عليه وإيراد الإكتساب فى جانب الأخير لما فيه من زيادة المعنى وهو الاعتمال والشر تشتهيه النفس وتنجذب إليهفكانت أجد فى تحصيله