بقوله سبحانه : فلا تستعجلوه اطمأنت قلوبهم وسكنوا وقد يورد على دعوى أن صدور استعجال الساعة من المؤمنين مستحيل أن ذلك حق لو كان استعجالهم على طرز اسعجال الكفرة لها وليس ذلك بمسلم فإنه يجوز أن يراد باستعجالهم اضطرابهم وتهيؤهم لها المنزل منزلة الإستعجال الحقيقي واستدل على كون الخطاب للكفرة بقوله سبحانه وتعالى : سبحانه وتعالى عما يشركون .
1 .
- فإنه على ذلك التقدير يظهر ارتباطه بما قبله وذلك بأن يقال حينئذ : لما كان استعجالهم ذلك من نتائج اشتراكهم المستتبع لنسبة الله تعالى إلى ما لا يليق به سبحانه من العجز والإحتياج إلى الغير واعتقادهم أن أحدا يحجزه على إمضاء وعيده أو إنجاز وعده قيل بطريق الإستئناف ذلك على معنى تنزه وتقدس بذاته وجل عن اشتراكهم المؤدي إلى صدور أمثال هذه الأباطيل عنهم أو عن أن يكون له شريك فيدفع ما اد بهم بوجه من الوجوه وقد كانوا يقولون على ما في بعض الروايات : إن صح مجيء ذلك فالأصنام تخلصنا عنه بشفاعتها لنا والتعبير بالمضارع للدلالة على تجدد إشراكهم واستمراره والإلتفات إلى الغيبة للإيذان باقتضاء ذكر قبائحهم للإعراض عنهم وطرحهم عن رتبة الخطاب وحكاية شنائعهم للغير وهذا لا يتأتى على تقدير تخصيص الخطاب بالمؤمنين وقيل في وجه الإرتباط على ذلك التقدير : أنه تعالى لما نهاهم عن الإستعجال ذكر ما يتضمن أن إنذاره سبحانه وإخباره تعالى للتخويف والإرشاد وأن قوله جل وعلا : أتى أمر الله إنما هو لذلك فيستعد كل أحد لمعاده ويشتغل قبل السفر بتهيئة زاده فلذلك عقب بذلك دون عطف وقد أشار بعضهم إلى ارتباط ذلك باعتبار ما بعده فيكون ما ذكر مقدمة واستفتاحا له وأيضا فإن قوله تعالى : أتى أمر الله تنبيه وإيقاظ لما يرد بعده أدله التوحيد أه وأنت تعلم أن الإرتباط على ما قرر أولا أظهر منه على هذا التقرير فافهم ثم إن ما تحتمل الموصولية والمصدرية والإحتمال الثاني أظهر ولا بد على الإحتمال الأول من اعتبار ما أشرنا إليه وإلا فلا يظهر التنزيه عن الشريك وقرأ حمزة والكسائي تشركون بتاء الخطاب على وفق فلا تستعجلوه وقرأ باقي السبعة والأعرج وأبو جعفر وأبو رجاء والحسن بياء الغيبة وقد تقدم أن في الكلام حينئذ التفاتا وهو مبني على أن الخطاب السابق للكفرة أما إذا كان للمؤمنين أو لهم وللكفرة فلا يتحد معنى الضميرين حتى يكون التفات ولا التفات أيضا على قراءة تشركون بالتاء سواء كان الخطاب الأول للكفرة أو لهم وللمؤمنين نعم في ذلك على تقدير عموم الخطاب تغليبان على ما قيل الأول تغليب المؤمنين على غيرهم في الخطاب والثاني تغليب غيرهم عليهم في نسبة الشرك وعلى قراءة يستعجلوه ويشركون بالتحية فيهما لا إلتفات ولا تغليب ينزل الملائكة قيل هو إشارة إلى طرق علم الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم بإتيان ما أوعد به وباقترابه إزاحة لاستبعاد اختصاصه E بذلك وقال في الكشف : التحقيق أن قوله سبحانه : أتى أمر الله تنبيه وإيقاظ ليكون ما يرد بعده ممكنا في نفس حاضرة ملقية إليه وهو تمهيد لما يرد من دلائل التوحيد وقوله تعالى : ينزل الملائكة الخ تفصيل لما أجمل في قوله سبحانه وتعالى أيقظ أولا ثم نعى عليهم ما هم فيه من الشرك ثم أردفه بدلائل السمع والعقل وقدم السمعي لأن صاحبه هو القائم بتحرير العقلي وتهذيبه أيضا فليس النظر إلى دليل السمع بل إلى من قام به من الملائكة والرسل عليهم السلام وهم القائمون بالأمرين جميعا فافهم وأخذ سيبويه منه أن جعل ينزل حالا من ضمير يشركون لا يطابق المقام البتة انتهى .
وما ذكره من أمر الحالية إشارة إلى الإعتراض على شيخه العلامة الطيبي حيث جعل ذلك أحد احتمالين في