وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

وقال بعضهم : لكل شيء جوهر وجوهر الإنسان العقل وجوهر العقل الصبر وأدعى غير واحد أن جميع المراتب العلية والمراقي السنية الدينية والدنيوية لا تنال إلا بالصبر ومن هنا قال الشاعر : لأستسهلن الصعب أو أدرك المنى فما أنقادت الآمال إلا لصابر ثم إنه تعالى أمر ثانيا بنوع خاص من الصبر وهي المجاهدة التي يحصل بها النفع العام والعز التام وقد جاء عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا تركتم الجهاد سلط الله تعالى عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ثم ترقى إلى نوع آخر من ذلك هو أعلى وأغلى وهو المرابطة التي هي الإقامة في ثغر لدفع سوء مترقب ممن وراءه ثم أمر سبحانه آخر الأمر بالتقوى العامة إذ لولاها لأوشك أن يخالط تلك الأشياء شيء من الرياء والعجب ورؤية غير الله سبحانه فيفسدها وبهذا تم المعجون الذي يبريء العلة وروق الشراب الذي يروى الغلة .
ومن هنا عقب ذلك بقوله عز شأنه : لعلكم تفلحون وهذا مبني على ما هو المشهور في تفسير الآية وقد روى في بعض الآثار غير ذلك فقد أخرج إبن مردويه عن سلمة بن عبدالرحمن قال : أقبل على أبو هريرة يوما فقال : أتدري ياإبن أخي فيم أنزلت هذه الآية ياأيها الذين آمنوا أصبروا إلخ قلت : لا قال : أما إنه لم يكن في زمان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم غزو يرابطون فيه ولكنها نزلت في قوم يعمرون المساجد يصلون الصلاة في مواقيتها ثم يذكرون الله تعالى فيها ففيهم أنزلت أي أصبروا على الصلوات الخمس وصابروا أنفسكم وهواكم ورابطوا في مساجدكم وأتقوا الله فيما علمكم لعلكم تفلحون وأخرج مالك والشافعي وأحمد ومسلم عن أبي هريرة عن النبي قال : ألا أخبركم بما يمحو الله تعالى به الخطايا ويرفع به الدرجات إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وإنتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط .
ولعل هذه الرواية عن أبي هريرة أصح من الرواية الأولى مع ما في الحكم فيها بأنه لم يكن في زمان النبي غزو يرابطون فيه من البعد بل لا يكاد يسلم ذلك له ثم إن هذه الرواية وإن كانت صحيحة لا تنافي التفسير المشهور لجواز أن تكون اللام في الرباط فيها للعهد ويراد به الرباط في سبيل الله تعالى ويكون قوله عليه السلام : فذلكم الرباط من قبيل زيد أسد والمراد تشبيه ذلك بالرباط على وجه المبالغة .
وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن أسلم أن المراد أصبروا على الجهاد وصابروا عدوكم ورابطوا على دينكم وعن الحسن أنه قال : أصبروا على المصيبة وصابروا على الصلوات ورابطوا في الجهاد في سبيل الله تعالى وعن قتادة أنه قال : أصبروا على طاعة الله تعالى وصابروا أهل الضلال ورابطوا في سبيل الله وهو قريب من الأول والأول أولى .
هذا ومن باب الإشارة إن في خلق السموات والأرض أي العالم العلوي والعالم السفلي وإختلاف الليل والنهار الظلمة والنور لآيات لأولي الألباب وهم الناظرون إلى الخلق بعين الحق الذين يذكرون الله قياما في مقام الروح بالمشاهدة وقعودا في محل القلب بالمكاشفة وعلى جنوبهم أي تقلباتهم في مكامن النفس بالمجاهدة وقال بعضهم : الإدين يذكرون الله قياما أي قائمين بإتباع أوامره وقعودا أي قاعدين عن زواجره ونواهيه وعلى جنوبهم أي ومجتنبين مطالعات المخالفات بحال ويتفكرون بألبابهم الخالصة عن شوائب الوهم في خلق السموات والأرض وذلك التفكر على معنيين الأول طلب غيبة القلوب في الغيوب التي هي كنوز أنوار الصفات لإدراك أنوار القدرة التي تبلغ الشاهد إلى المشهود والثاني جولان القلوب بنعت التفكر