خطة اعلامية لمواجهة صفقة القرن
قاسم قصير
رغم عدم الاعلان النهائي لما يسمى بـ" صفقة القرن" بشأن القضية الفلسطينية ، فقد بدأت ملامح هذه الصفقة – المؤامرة تتضح من اجل تصفية القضية الفلسطينية والتطبيع الكامل بين العدو الصهيوني والدول العربية ، وحسب بعض الدراسات والتقارير الاعلامية (ومنها دراسة اعدها الدكتور محسن صالح من مركز الزيتونة، ودراسة نشرها المعهد الاسرائيلي للدراسات الاستراتيجية) ومن خلال ما جرى من خطوات سياسية وميدانية ، يمكن تلخيص اهم بنود هذه الصفقة بما يلي :
1. حكم ذاتي للفلسطينيين تحت السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة (يمكن أن يُسمى شكلياً دولة)، وبالتالي إسقاط مشروع الدولتين (وفق الحد الأدنى الفلسطيني)، وإغلاق الطريق أمام تحوّل السلطة الفلسطينية إلى دولة ذات سيادة؛ مع الإعلان عن “جزرة” هي إمكانية تطوير الحكم الذاتي بناءً على “حُسن سلوك” الفلسطينيين!!
2. إخراج قضايا الحل النهائي من التسوية السلمية، وحسمها وفق وجهة النظر الإسرائيلية، وأبرزها:
أ. بقاء القدس (بما في ذلك البلدة القديمة التي تحوي المسجد الأقصى) تحت السيادة الإسرائيلية؛ واصطناع “قدس جديدة” للفلسطينيين مركزها أبو ديس؛ وانسحاب إسرائيلي من بعض أحياء القدس.
ب. لا لعودة اللاجئين الفلسطينيين، ويتم حلّ قضيتهم من خلال التوطين والتعويض.
ج. بقاء المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية (نحو 190 مستوطنة) وشرعنة البؤر الاستيطانية القائمة (نحو 100).
د. لا سيادة “للدولة الفلسطينية” المقترحة (الحكم الذاتي/ الكانتون) على الأرض، ولا سيطرة له على الحدود، ولا على مجاله الجوي، ولا على المياه.
ه. لن يكون هناك انسحاب إسرائيلي إلى حدود ما قبل حرب حزيران/ يونيو 1967، وستبقى السيادة الإسرائيلية على المستوطنات وما وراء الجدار العنصري العازل (نحو 12% من الضفة)؛ مع طروحات بأن تبقى السيادة على كافة على كافة مناطق ج في الضفة أي 60% من مساحتها الكلية (تحت النقاش).
و. لن يكون للفلسطينيين جيش عسكري، وإنما قوة شرطة تحافظ على الأمن الداخلي.
3. اعتراف العالم أجمع بـ”إسرائيل” دولة قومية لـ”لشعب اليهودي”، وبـ”الكيان الفلسطيني” دولة قومية للشعب الفلسطيني.مع امكانية ترحيل عرب فلسطين الى خارج الكيان الصهيوني وايجاد حل جزئي للدروز في اراضي عام 1948.
4. التركيز على “السلام الاقتصادي”، ومحاولة تقديم الصفقة في صورة عملية تنموية اقتصادية للفلسطينيين وللمنطقة.
5. التطبيع قبل التسوية: من خلال إيجاد موافقات من الدول العربية الرئيسية المعنية بالشأن الفلسطيني (خصوصاً: مصر، والسعودية، والأردن) على الصفقة، بحيث يتم محاصرة الفلسطينيين وعزلهم، ونزع ورقة القوة العربية من أيديهم، باتجاه فرض التسوية عليهم.
6. حرف بوصلة الصراع: من خلال السعي لإنشاء تحالف إقليمي عربي – إسرائيلي ضدّ إيران من جهة؛ ويستهدف من جهة أخرى تيارات الإسلام السياسي، وحركات وقوى التغيير والثورة في المنطقة. بما يضمن استقرار الأنظمة السياسية المتوافقة مع السياسة الأمريكية في المنطقة.
وقد بدأت ملامح التطبيقية للخطة من خلال الاعتراف الاميركي بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني ونقل السفارة الى القدس ، واعلان قانون الدولة اليهودية، ووقف المساعدات الاميركية للاونروا تمهيدا لالغائها، والاعلان عن التحالف الاميركي مع دول الخليج ومصر والاردن ويمكن ان يضم لاحقا الكيان الصهيوني ، وما يجري من تطورات في القدس من تهويد واعتدائات يومية.
وفي مواجهة ذلك ، ما العمل وماهو المطلوب، وطبعا المواجهة تحتاج لاستراتيجية شاملة سياسية وجهادية واعلامية وثقافية ودبلوماسية ومن خلال التواصل مع كل الهيئات والجهات الدينية والقوى المؤثرة .
وساركز في مداخلتي على الجانب الاعلامي قدر الامكان ، لاننا بحاجة لخطة هجومية وليس دفاعية او اعتراضية.
اولا : في المصطلحات والرؤية يجب اعادة الصراع الى قواعده الاولى والعودة لشعار فلسطين كل فلسطين من البحر الى النهر ، لان المعركة ستكون في المرحلة المقبلة حول كل فلسطين وخصوصا اراضي العام 1948 واشرلك ابناء هولاء في الصراع مجددا.
ثانيا : رفع شعار المعركة الشاملة وبكل الوسائل وتجنيد كل الوسائل الاعلامية الحديثة والتقليدية والجديدة ومواقع التواصل الاجتماعي للعودة الى التذكير بكل شيء له علاقة بفلسطين ( القرى ، اللاجئون ، العادات والتقاليد، الاغاني والاناشيد والاعراس ، والاطعمة ، واسماء المدن والقرى والعائلات ) وكل ذلك بهدف حماية الهوية الفلسطينية .
ثالثا: ايجاد شبكة تضم كل الهيئات العامية من اجل فلسطين وقضيتها ورفدها بكل المعلومات والتقارير، من اجل ان تبقى القضية في اولويات الاعلام العربي والاسلامي والدولي ، وهناك شبكات بدأت العمل منذ فترة ، سواء من خلال المؤتمر الاعلامي العالمي من اجل فلسطين واتحاد الاذاعات والتفلزيونات الاسلامية ومؤسسة القدس والمؤتمرات القومية والعربية والاسلامية، او المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الشتات ، او مؤتمر حق العودة ن او من خلال كل المؤسسات الفلسطينية العريقة او الجديدة ن كمؤسسة الدراسات الفلسطينية او مؤسسة النمر او مركز الزيتونة او مركز باحث.
رابعا: التشبيك مع كل المؤسسات والجهات المؤيدة للحق الفلسطيني في العالم وخصوصا الكنائس العالمية او المؤسسات العربية والاسلامية ولا سيما في اوروبا واميركا ودول اسيا ، والتركيز على تحول الكيان الصهيوني الى نظام تمييز عنصري وانه يشبه جنوب افريقا خلال مرحلة التمييز العنصري .
خامسا: اعادة التركيز على النضالات اليومية للفلسطينيين من خلال قصص يومية في وسائل الاعلام وخصوصا البعد الانساني ، واعادة تسليط الضوء على مخيمات الفلسطينني سواء في الشتات او في داخل فلسطين.
سادسا: مواجهة كل الطروحات الهادفة لحرف الصراع في المنطقة وتحويله الى صراعات قطرية او صراع عربي- ايراني او صراع مذهبي سني – شيعي او طرح قضايا اشكالية كموضوع الصفويين او المجوس او صراعات الاقليات كالمشكلة مع الاكراد او الامازيغ او الصراع الاسلامي – المسيحي ، والعودة لشعار : فلسطين تجمعنا.
سابعا: اشراك الشباب والاعلاميين الجدد في العمل الاعلامي وتحويل كل بيت وكل انسان الى منصة اعلامية للدفاع عن فلسطين وقضيتها وعدم الاعتماد فقط على الادارة المركزية للعملية الاعلامية ، مع اهمية وجود شبكات مركزية للانتاج او وضع الشعارات او الخطط العامة.
ثامنا: اعادة الاعتبار لدور المؤسسات الدينية ورجال الدين مسلمين ومسيحيين في عملية التعبئة ضمن رؤية جديدة ، واذا كنا لا نريد اعطاء الصراع بانه صراع مع اليهود بل صراع مع الصهاينة ، فهذا يتطلب تأصيل جديد للصراع يختلف عن الروايات والاسس التي كنا نعتمدها وخصوصا تلك المنطلقة من بعد ديني ، وهذه قضية اشكالية لا ادري اذا كان بالامكان اعتمادها.
ولا بد من الاشارة الى ان العمل الاعلامي يعكس الاحداث السياسية والميدانية والاعسكرية ، فالاعلام هو انعكاس للواقع السياسي ، ولذا فان المطلوب اساسا وضع خطة شاملة للمواجهة لاننا من خلال هذه الصفقة الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية سيعود الصراع الى بداياته مع تغير الظروف والمعطياتز
وقد ينجح الاعلام في القيام بخرق اساسي في المواجهة من خلال قدرته على كشف الحقائق ومن خلال اعداد مواد اعلامية مهمة وموثقة تلعب دورا مهما في توضيح الصورة وازالة الالتباسات عن الاحداث والتطورات المتساعرة وكشف خطط الاعداء ولا سيما الادارة الاميركية الحالية.
نحن اذن بحاجة لخطة اعلاية شاملة تواكب التطورات وهذا يتطلب انشاء غرفة عمليات اعلامية مركزية ومن ثم غرف عمليات في اماكن المواجهة مع تشكيل الشبكة الاعلامية الموسعة والمنترة ف كل بقاع الارض .
ومن خلال كل ذلك نستطيع مواجهة خطة صفقة تصفية القضية الفلسطينية المعروفة اليوم بصفقة القرن.
ارسال نظر