"خيار المقاومة من تحت رماد الحريق : الفضاء الصوفي نموذجا "
حيات بوكراع
لعل سؤال شكيب أرسلان " لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم " والذي طرح من طرف كل رواد حركات الإصلاح الإسلامية منذ بدايات القرن التاسع عشر يعاد ليفرض نفسه بأشكال متعددة على رأسها سؤال لماذا تمكنت حركات التحرر في غير بلاد المسلمين من تحقيق أهدافها وإحداث نقلة نوعية وتجاوز الانحدار الحضاري لمجتمعاتها بينما عجزت مثيلاتها في معظم بلدان العالم الإسلامي عن بلوغ مراميها في الإصلاح والتحرر الحقيقي من ربقة الاستعمار أو بالأحرى الاستخراب والتبعية ؟
لماذا وفي ضوء ما عاشته الأمة من اكتساب الوعي التاريخي بتحديات اللحظة من:
- ضرورة إقامة دولة وطنية تمتلك سيادة في قرارها ولا ترتهن لأية قوى خارجية
- تحقيق تنمية شاملة تحقق الاكتفاء الذاتي
- بناء مجتمعات متماسكة تحقق معادلة محكمة ضامنة لحقوق كل من المجتمع والفرد المستقل والمتحرر من تبعية الاستخراب في افق يحافظ على هوية المجتمع ويتفاعل مع المكتسبات الكونية
- تعدد التجارب الميدانية وما بلغته من وعي بحيثيات المسائل وما أحدثته من أجوبة وإضافات فكرية عميقة لا تزال كل المجتمعات ترزخ تحت طائلة التبعية والتخلف والأمية؟
ضمن هذا السياق أقوم بمحاولة تنهض من تحت رماد الحريق وذلك بإعادة قراءة ما قدمته الحركات الصوفية المقاومة في القرنين الأخيرين اعتمادا على تجارب كل من الأمير عبد القادر الجزائري بالجزائر والخضر الحسين والمكي بن عزوز بتونس ومحمد ادريس السنوسي بليبيا.
لقد شكلت هذه الحركات وجها من وجوه الإصلاح والتحرر الوطني بما أحدثته من إضافات ومواقف كان يمكن أن تحدث النقلة النوعية المنشودة لولا تمكن العدو من اختراق الصف الداخلي لحركات المقاومة من جهة وما عانته هذه الأخيرة من نكسات ذاتية وموضوعية من جهة أخرى .
في الأخير تأتي هذه المداخلة في إطار أولا إعادة الاعتبار لقامات وقع طمس تجاربها من طرف نخبة راهن عليها الاستخراب بعد ما سمي بالاستقلال وثانيا البحث عن بدائل تستوعب ملامح الهوية الحضارية وتستشرف لغد متحرر مقاوم لكل مظاهر التبعية وعلى رأسها التصدي للمشروع الامبريالي الصهيوني ومآلاته في كل المنطقة الإسلامية خاصة جرائمه في التمركز بالقدس وتهويد ها قصد بلوغ ما نظر إليه قادة الحركة الصهيونية منذ هرتزل وأتباعه .
ارسال نظر