حقيقة الإرهاب الفكري ومعالجته في القرآن الكريم
أ.م.د خولة مهدي شاكر الجراح
كلية الفقه/ جامعة الكوفة
ملخص البحث:
من نعم الله على البشر أن وهبهم العقل ,ذلك المخلوق المطيع لخالقه عندما استنطقه قائلا :((أقبل فأقبل ثم قال له : أدبر فأدبر قال :وعزَّتي و جلالي ما خلقت خلقا هو أحب إلي منك ولا أكملتك إلا فيمن أحب ,أما إني إياك آمر, وإياك أنهى , و إياك أعاقب و إياك أثيب ))[1].
وفي ضوء ذلك فان الثواب و العقاب ,و الأمر و النهي موجه إلى المخلوق الذي يمتلك العقل , و إلا لو انعدم وجوده عند الإنسان لما جعل مناطا للتكليف , عليه الثواب و العقاب , و يعد من نوع البهيمية , لذا فان العقل هو الذي يمنع الإنسان من الوقوع في الخطأ و يحجره عن ارتكاب الذنوب و المعاصي و من ثم فهو الحصن الحصين له من الهلاك , فهذه الأمور- في الواقع- هي محصلة لإعمال العقل بالتفكر والتأمل و التدبر في الآيات الكونية , فمن تعقلها و تدبرها و أدرك أن ورائها خالق عظيم مدبر ,فقد أدرك النجاة و الخلاص , لهذا كان وما زال الخطاب الإلهي موجها إلى (أولي الألباب , أولي الأبصار , لقوم يعقلون , يتفكرون ,...وهكذا) إذن المسالة هي عملية عقلية بحتة .
من هنا ندرك أن التطور العلمي و المعروف للبشر -على مر العصور- لم يأتِ اعتباطا إنما كان باستنزاف الطاقات العقلية التي تشكلت بفعل النبوءات التي أرسلها الله إلى البشرية جمعاء؛ لإرشادهم وهدايتهم ,فنحن نؤمن أن (وإن منْ أمَّةٍ إلَّا خَلَا فِيهَا نَذِير)[2] وهو- النبي- ومبشر في ذات الوقت .
وعلى هذا الأساس ندرك أن نمو الفكر الإنساني كان بفعل التوجيه الإلهي -عبر أنبيائه- للبشر؛ليسلكوا الطريق المستقيم؛ قال تعالى ( وَأنَّ هَذَا صِرَاطِي مُستَقِيمَاً فاتَّبعوهُ ولا تَتَّبِعوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبِيلِهِ)[3] .
يجد البحث إن هذا التهاوي والانحطاط , وإتباع الهوى, والتعصب, والتقليد الأعمى هو محصلة الافتراق عن صراط ربي المستقيم ؛عناداً( وبطراً و تمرداً على الله تعالى, وعدم قبول المنهج الإلهي لمحاولة التغيير و الإرجاع إلى جادة الصواب)[4], وهذا التمرد دائما منشؤه نقص العقل و اختلاله عن التفكير السليم و الفهم القويم, ولهذا ينشا الفكر الإرهابي .
من هنا نجد أن هذا الفكر يستهدف أولا العقل و عملياته الذهنية ؛كونه المحرك الإنساني الأساس, فهو وعاء الفكر, وأصل التفكير الذي ينبني عليه الرقي أو الانحطاط بحسب منابعه الأساسية, ويستهدف كل نشاطاته وإبداعاته التي تسهم في النهوض و الإصلاح ثانيا , ومن ثم يرفض أي عملية تغييريه , ولهذا لا نشك بأن الفكر الإرهابي ((يرفض الفكر الآخر الذي يحاول أن يقوم اعوجاجه وينظم ما تبعثر , ويتدارك ما سُفِل ,بان يرقيه , ويبقى الفكر الإصلاحي مرهبا, ويبقى الإصلاحيون مرهبون تحت طائلة العقاب الذي يوقعه أصحاب الفكر الإرهابي))[5] , وما هذا إلا بسبب تعارض الأفكار, و محاولة رفض متبنى فكريا لأحدهما على الآخر قسرا و عدوانا .
ونحن لا ننكر سنة الاختلاف والتغيير والتنوع الفكري في الفهم ووجهات النظر في مسلك أو قضية معينة, فالمخلوقات البشرية مختلفة الذكاء و الغباوة , والجهل و المعرفة , و هذا أمر طبيعي، ولكن إذا تبنى نتاجا فكريا و أصرَّ على فرضه على الآخر , لدرجة أن ينال منه بالتكفير و التّفسيق؛ لإضعافه فكريا, محاولة منه إثبات نتاجه فإن هذا يدخل في مصاف الإرهاب الفكري .
وللوقوف على حقيقة هذه الظاهرة التي لم تنجو منها البشرية منذ الخلق الأول (آدم) و ابنيه (قابيل وهابيل) والى الآن فقد ارتأى الباحث تناوله بالبحث للتعرف أكثر على جزئيات هذا الموضوع .
سوف يتم دراسة مفهوم الإرهاب الفكري، وعوامل ظهوره، وأهدافه، ووسائله، وآثاره، وكيفية مواجهة القرآن الكريم له وعلاجه وذلك خلال مباحث البحث.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على النبي الأمين وآله الطيبين الطاهرين.
مفهوم الإرهاب الفكري
يعد لفظ الإرهاب من المصطلحات الحديثة الاستعمال، حيث خلت معاجم اللغة العربية القديمة من ذكر أصل الكلمة(الإرهاب)، وإنما تضمنت الفعل(رهب) والذي يندرج تحت هذا الفعل عدة معانٍ.
وسوف يقوم الباحث بذكر مفهوم كلا من(الإرهاب) و(الفكر) في اللغة والاصطلاح، ثم الإرهاب الفكري كمصطلح بالمعنى ألإفرادي.
أولاً: مفهوم الإرهاب
1- الإرهاب في اللغة: من فضل الله تعالى على اللغة العربية جَعْل ألفاظها وحركاتها ودِلالتها متباينة لتعطي كل حالة وصفها الذي تستحق , لذا حَوَت العربية كلمات يَظنّ الظّان من سماعِها إن لها نفس الدِلالة والمعنى نحو : بَعْير وجَمَل , وفي الأفعال : قَدِمَ و أقبَلَ وجاءَ وما إلى ذلك وهذا دليل ٌ على عبقريتها وسعتها الوصفية والدقة الفائقة بدليل حضوها وتشرّفها بنقل كلام الله تعالى عِبرها والكشف عن مُراد الله عز وجل.
وإحدى هذه الألفاظ مفردة ( رَهِبَ ) أصل كلمة إرهاب وإرهابي واللتّان هما مدار الحديث , والكلمتان لم يعرفا قديما ولم يردا في معاجم الألفاظ هكذا وإنما بصور ٍ وأوزانٍ أُخرى على غير هذه الدِلالة.
وردت مفردة الإرهاب في لسان العرب بالكسرِ ( رَهِبَ ,يَرهَبُ ورُهُبا , بالضم , أي خافَ , و رَهِبَ الشيء رَهْباً و رَهَباً و رهبَةً : أي خافه ُ , قِيلَ رَهَبُوت ٌ خير ٌ من رَحَمُوتٍ : أي لأَنْ تُرْهَبَ خَيرٌ مِنْ أَنْ تُرْحَمَ ؛ بمعنى تُخَافْ والراهِبُ : المتعبدُ في الصومعة , واِسْتَرْهَبَهُ : و أَرْهَبهُ : أَخافَه وفَزَّعهُ ) [6].
ومن جملة من ذكرها صاحب كتاب العين حيث أشار إلى نفس ِ الدِلالة السابقة من إنَّ " رَهِبَ : رَهِبَت َ الشيء أَرْهَبُهُ رَهَباً و رَهْبَةً , أي خِفْتُهُ " [7]
علما ً أنَّ للفظ رَهِبَ اشتقاقات ٌ أُخرى تخرجُ عن هذه الدِلالة إلى دِلالات عديدة منها ما ذُكِرَتْ في كتاب العين وهي " الرَّهابةُ : عُظَيمٌ في الصَّدرِ يُشرفُ على البطن , وكذلك التَرَهُّبُ : التعبد ُ في الصومعة ِ وجمعهم الرُهبان " [8] . وأضاف َ على ذلك صاحب كتاب لسان العرب أنها تأتي لوصف الإبل المهزولة جدا ًوهي الرَّهبى , و رَهِبَ الجمل ُ : ذهب َ ينهض ثُمَّ بَرَكَ من ضعف ٍ بصلبِهِ . واستعمل الرَّهبُ للسهم ِ الرقيق والنصل ُ الرقيق من نصل السهام , والكُمُّ للمَدْرَعَةِ يقال لها الرَّهبُ [9] .
وأروع من أشار إلى ذلك الراغب الأصفهاني حيث مَيَّزَ الرهبة َ عن الخوف مشيراً إلى إن الرَهْبَ والرَّهبة والرُّهْبُ : مخافة مع تَحَرُّز واضطراب مُراعيا ً في الدِلالة السياق الذي ترد فيه ِ اللفظة لان السياق هو الذي يُحدد مفهوم ودِلالة اللفظة وقال فيها هي الفَزَع والخوف والتَعَبُّدُ , وأشار إلى معاني أُخرى تخرج إليها هذهِ المفردة لغة ً, إلاّ أنه ذكر مفردة َ الإرهاب وهي فزع الإبل , والرَّهْبُ مِن الإبل [10] .
2- الإرهاب في الاصطلاح: الملاحظ أنه لا تعريف للإرهاب متفق عليه سواء في القانون الدولي أو المنظمات الدولية والإقليمية، وثمة غير دولة أو جهة صاغت تعريفا يعبر عن وجهة نظرها، غير أن سماتاً وأوصافاً وسمت بها الأعمال الإرهابية وأفكارا أحاطت بمفهوم الإرهاب يمكن من خلالها تلمس بعض الملامح المميزة لمصطلح الارهاب.
تعريف الإرهاب عند المنظمات العربية :
إن القرآن الكريم لم يغفل أي عمل إشارةً ومُعالجة ً بدليل كونه المعجزة الخالدة حتى قيام الساعة فقد عالج الأمور كافة منذُ نزولِهِ إلى آخر أيام البشرية فما نعيشهُ اليوم ليس غريبا ً على القرآن الكريم و لا على البشرية ، ومن أهم التعريفات لمفهوم الإرهاب في عصرنا هذا ما اختاره البحث إيجازا للموضوع :
أ- تعريف مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف :
جاء تعريفَهُ للإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من أيلول والتي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية ببرجي التجارة العالميين فقال عنهُ : ( هو ترويع الآمنين وتدمير مصالحهم ومقومات حياتهم والاعتداء على أموالهم وأعراضهم وحرياتهم وكرامتهم الإنسانية بغيا وإفساداً في الأرض , ومن حق الدولة التي يقع على أراضيها هذا الإرهاب الأثيم أن تبحث عن المجرمين وأن تقدمهم للهيئات القضائية لكي تقول كلمتها العادلة فيهم ) [11] .
من خلال التعريف نلْحَظُ ابتداءه ُ بالترويع والتدمير لمقومات حياة المدنيين، وذكر فِعْلَيّ البغي والإفساد في الأرض، ونَعَتَ هذهِ الأعمال بالإرهاب الأثيم وإن فاعليه مُجرمون من حق الدولة المعنية بهِ تقديم مُرتكبيهِ للهيئات القضائية لتقول كلمتها العادلة فيهم.
والحقيقة ليست كُلُّ أحكام تلك الدول عادلة بحق المجرمين للاختلاف الحاصل بنوع العقاب , والمفروض أن يقول بكلمة العدل فيهم , والمهم في موضوعنا إنه ذَكَرَ البغي والاعتداء ونعت فاعليه بالمجرمين .
ب- تعريف الإرهاب عند المجمع الفقهي في مكة المكرمة :
أشار المجمع الفقهي في مكة المكرمة إلى تعريف الإرهاب والذي صَدَرَ عنهُ بتاريخ 26/10/1422 هـ .
فعرفهُ ( العدوان الذي يقوم به فرد أو جماعة أو دولة ضد الإنسان ( النفْس،الدين،المال،العِرض،العقل ) ويكون ذلك بالتخويف والأذى والتعذيب والقتل بغير الحق ومن صورهِ الحرابة وإخافة السبيل وأي وجه من أوجه العُنف )[12].
نلحظ من التعريف أنه صَنَّفَ خمسة أصناف قابلة للعدِّ يملكها الإنسان وجَعَلَ كلمة العدوان عليها درجات من الأشد أذى وهو القتل إلى الأقل منه وهو الاعتداء على العقل . والمهم فيه عندنا أنهُ ذَكَرَ القتل والتعذيب وانتهاك الحرمات في النفسِ والدين والمال والعِرض والعقل .
ج- تعريف الإرهاب بحسب الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب :
لا يوجد حتى اليوم تعريف متفق عليه دوليا للإرهاب وذلك لأسباب تتعلق بتباين المصالح واختلاف المعايير والقيم بين الدول ولذلك حاول الكثير من أساتذة القانون والعلوم السياسية والأمنية صياغة تعريف للإرهاب ,فجاءت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب والتي صدرت عام 1998 م ، عرّفتْ الإرهاب بأنه : ( عمل فعل من أفعال العنف أو التهديد بهِ أياً كانت بواعثه أو أغراضهُ يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي , ويهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس ,أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حرياتهم أو أمْنِهم للخطرِ , أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة والخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر ) [13] .
نلاحظ أن التعريف لم يُشِرْ صَراحَةً إلى القتل أو ما هو أشبه بالقتل كالمُثلى والتنكيل وغيره ِ بل اكتفى بتجريم الفعل الذي يُهدد الفرد والمجتمع وإلحاق الضرر بصوره ِكافة.
ويختتم البحث التعاريف التي اختارها بتعريف الإرهاب في القانون العراقي وفق قانون مكافحة الإرهاب فعرفه : (كل فعل إجرامي يقوم به فرد أو جماعة منظمة تستهدف فردا أو مجموعة أفراد أو جماعات أو مؤسسات رسمية أو غير رسمية أو وقع الأضرار بالممتلكات العامة أو الخاصة بغية الإخلال بالوضع الأمني أو الاستقرار والوحدة الوطنية أو إدخال الرعب أو الخوف والفزع بين الناس أو إثارة الفوضى تحقيقا لغايات إرهابية) [14]. ونلحظ منه أن الإرهاب اسم جامع لكل معاني الشر والفتك أو الجريمة بشكل عام، وكذلك التعريف لم يذكر القتل بشكل صريح وإنما ذكره ضمنا في جملة (كل فعل إجرامي).
تعريف الإرهاب عند بعض المنظمات الغربية :
مما أثار البحث أنَّ بعض الدول الغربية والى يومنا هذا لم تُعَرِّف الإرهاب بنص واضح بل جعلت نصوصاً مختلفة ومُتباينة تُجرِّم أفعال يقوم بها أفراد أو جماعات أو دول وترى من حق السلطة القضائية والعسكرية مسؤولية محاسبة ومُكافحة تلك الأعمال ومثال ذلك الدولة الفرنسية والألمانية والايطالية [15] .
والغريب من هذه الدول وغيرها إنها دائماً من تستخدم هذهِ اللفظة في المؤتمرات العالمية المعنية بمكافحة الجريمة المنظَّمة مُعلِنَةً استيائها لتلك الأعمال الإجرامية مُتَناسيَةً سجلها السابق في الاحتلال والهيمنة إلى يومنا هذا على بعض الدول وكذلك عدم الجِدِّية في تجفيف منابع تلك الجماعات الإجرامية من ناحية الإمداد المادي والعسكري والمعنوي فَعَدَم ِ الجدية في القضاء على مروجي وداعمي الأعمال الإجرامية يضع علامة استفهام قبال التحرك الخجول من هذهِ الدول للقضاء على الجماعات الإجرامية وداعميهم والمعروف عن تلك الدول امتلاكها لأغلب الوسائل العلمية المتطورة في رصد تلك الجماعات .
تعريف منظمة الأمم المتحدة : ويُعَدُ من أهم تعاريف الإرهاب عند الغرب لدور هذهِ المنظمة الأممية والشرعية المتفق عليها بين أعضائها في كونها الحَكَم والمرجِع لكل الأنظمة والمؤسسات الدولية .
فعرّفَتهُ : ( تلك الأعمال التي تُعَرِّضُ للخطر أرواحاً بشريةً بريئةً أو تُهددُ الحريات الأساسية أو تنتهِكُ كرامة الإنسان ) [16] .
نلحظُ من التعريف أنَّه أشار إلى مجموعة من أعمال يؤديها فرد أو جماعة تُعَرِّضُ أرواح المجتمع المدني البريء للإزهاق وانتهاك حرية وكرامة الإنسان . بينما ذكرهُ بعض القانونيين بأنهُ " منهج نزاع عنيف يرمي الفاعل بمقتضاهُ وبواسطة الرهبة الناجمة عن العُنف إلى تغليب رأيهِ السياسي أو إلى فرضِ سيطرتهِ على المجتمع أو الدولة من أجل المُحافظةِ على علاقات اجتماعية عامة أو من أجل تغييرها أو تدميرها " [17] .
خلاصة القول : بعد عرض أبرز التعريفات المتناولة للإرهاب وتباين الرؤى والألفاظ والمفاهيم ِفيهِ تجريما وتحريماً وما يستتبع ذلك من إزهاق النسل والحرث ومحاربتِهِ من بعض الدول بينما نلحظ دولاً أخرى لم تقف بنفسِ الحزمِ والشدةِ في تجفيف منابعهِ رُبما لأمورٍ سياسيةٍ خفيةٍ , أو لا إنما هي ظاهرة جَلية في تحريك معامل السلاح وكسب الأموال والهيمنة على مقدرات الشعوب والسعي في تجهيلها واستنزاف طاقاتها البشرية والمادية .
إن ما يتعرضُ له العراق خصوصا ًمنذ سالف الدهور والى يومنا هذا لدليلٌ واضح على وجود هذه الظاهرة قديما بتسميات أُخرى استحدثت اليوم من قِبَل بعض الألسن مُستخدمةً لفظة الإرهاب ,فالقتل ُ والتهجيرُ وترويع الآمنين بأبشع الصورِ وسلب الممتلكات وسبيّ الأنفس والإبادةِ الجماعية واستعباد الأقليات أمرٌ نلحظه في القضية الحسينية والمرتبطين بها منذ كانت إلى يومنا هذا، وكذلك ما يتعرض لهُ الشعب الفلسطيني قديماً إلى يومنا من سلبٍ للأرض وقتلٍ وتشريد من قِبَلْ الكيان الصهيوني الغاشم وغير ذلك ، لجرائم يندى لها جبين البشرية والتي أدانتها كُل الديانات السماوية ,فهذه الجرائم لم يغفلها القرآن الكريم ذكراً بل جرّمها وعاقب عليها في الدنيا وتَوعَدَ مرتكبيها بأشد العذاب في الآخرة .
اتضح أن الإرهاب اسم جامع لكل معاني الشر في تعريفاتهم قتلا وسلبا وإهلاكا للنسل والحرث وإخافة الأفراد وتدمير كل مجالات الحياة بغية تحقيق مآرب سياسية أو غير سياسية وهذا هو مقصدهم فيه .
ثانياً: مفهوم الفكر
1- الفكر لغةً: ( اسم التفكر: فكر في أمره، ورجل فكِّير كثير التفكر، والفكرة والفكر واحد)[18].
قال ابن فارس(395ه): ( فكر: الفاء والكاف والراء، تردد القلب في الشيء، يقال: تفكَّر إذا ردَّد قلبه معتبراً، ورجل فكِّير: كثير الفكر)[19] .
أما ابن سيدة(458ه)فيقول: ( هو إعمال الخاطر في الشيء ولا يجمع الفكر ولا العلم ولا النظر)[20].
وعند الفيروزبادي(817ه): ( إعمال النظر في الشيء)[21].
ذكر الفكر في المعجم الوسيط: ( فكر في الأمر فكراً أعمل العقل فيه،ورتب بعض ما يعلم ليصل به إلى مجهول،أفكر في الأمر: فكر فيه فهو مفكر، وفكر في المشكلة: أعمل عقله فيها ليتوصل إلى حلها)[22].
بعد عرض أقوال اللغويين، ممكن أن نلخص معاني الفكر في اللغة والتي ترددت بين: تردد القلب في الشيء، وإعمال الخاطر في الشيء، وإعمال النظر في الشيء، وإعمال العقل، وهي لا تنفك عن تلك المعاني عند أغلبهم.
2- الفكر اصطلاحاً: الفكر عند الجرجاني(816ه):( ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى المجهول)[23] كذلك التفكر:( التأمل وهي القوة المودعة في الدماغ، أو ترتيب أمور في الذهن يتوصل بها إلى المراد المطلوب ويكون علماً أو ضناً)[24]
وجاء تعريف الفكر في المعجم الفلسفي بوجهين:
1-الفكر بوجه عام:جملة النشاط الذهني من تفكير, و إرادة، ووجدان، وعاطفة نحو أنا أفكر إذن أنا موجود.
2-بوجه خاص
أ-ما يتم به التفكير من أفعال ذهنية
ب-أسمى صور العمل الذهني بما فيه تحليل و تركيب و تنسيق[25]
والفكر:(إعمال العقل في الأشياء للوصول إلى معرفتها أو حركة العقل بين المعلوم و المجهول المقصود :إجراء عملية عقلية في المعلومات الحاضرة لأجل الوصول إلى المطلوب)[26]. كذلك عرف الفكر :(إجراء عملية عقلية في المعلومات الحاضرة لأجل الوصول إلى المطلوب، و المطلوب هو العلم بالمجهول الغائب )[27].
او هو:الالتجاء إلى المعلومات و البحث و الفحص فيها للظفر بالحد الأوسط ثم الانتقال إلى المطلوب و انقلابه من مجهول إلى معلوم[28].
أما مصطلح (الفكر الإسلامي ) فقد عُرف :(هو عمل المسلمين يطرأ عليه ما يطرأ على سائر الحادثات، ولكن الفكر عمل المسلمين في تفهم الدين وتفقهه، وذلك كسب بشري يطرأ عليه ما يطرأ على سائر الحادثات من التقادم و البلى والتولد و التجديد)[29] وعرف الفكر الإسلامي:(هو هذه الحصيلة من الموضوعات التي تخاطب العقل البشري فيما يمس علمنا الواقعي الموسوم بعالم الشهادة، ويدفع إلى التأمل و الملاحظات و النظر فيما يتعلق بقضايا العقيدة، والعبادة، والقيم، والنزاعات و الأخلاقيات في الإسلام)[30].
و في ختام تعريف الفكر نذكر ما ذهب أليه الشيخ عباس القمي (1395ه)حيث قال (إن الفكر الديني هو الوحيد الذي يملك القدرة على رقي الإنسان و بناء الحضارات السليمة والإنسان الصالح، كما أن القوانين الدينية الثابتة غير قابلة للمساومة و التبديل، نعم إن الأساليب في التبليغ و الإرشاد و طريقة الطرح في بعض المسائل المرتبطة بالعرض أمور موكلة إلى أهل الدين عليهم أن يستفيدوا من الطرق التي تلاءم كل مجتمع و كل إنسان و تدخل تحت عنوان قال تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكْمَةِ وَالْمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ)[31] وليس معنى فتح باب الاجتهاد على مصراعيه، و يقولوا ما يشاءوا و ما تبدعه أذهانهم من آراء و نسبتها إلى الدين والإسلام)[32]
إذاً لا يمكن للإنسان أن ينسب شيئا إلى الدين إلا إذا كان أهلا لفهم الأصول الدينية و مصادر العقيدة و التشريع، يعني وصول الفكر إلى قدرة الاستنباط للمسالة الشرعية سواء كانت كلية أم فرعية وهذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على أن الشريعة الإسلامية ليست وليدة الفكر البشري المتناهي و إنما هي أثر العلم و القدرة الواسعين غير المتناهيين[33] .
ثالثا: مفهوم الإرهاب الفكري بالصيغة الانفرادية
للتعرف على هذا المصطلح نورد جملة من التعريفات:
1- تعريف السيد الطباطبائي: ( هو تحميل الاعتقاد على النفوس،والختم على القلوب وإماتة غريزة الفكرة في الإنسان عنوة وقهراً، والتوسل في ذلك بالسوط أو السيف أو التكفير والهجرة وترك المخالطة)[34].
2- تعريف السيد حسن بحر العلوم: ( هو عملية منظمة مبرمجة يقوم بها القوي، من أجل أن يحتوي الضعيف فكرياً وعقائدياً بشتى الأساليب، حتى القذرة منها، وإفراغ فكر الضعيف من مقوماته المنهجية، وإدماجه في ضمن الجوقة العالمية التي تعزف عزوفة واحدة)[35].
من التعريفين السابقين يستنتج الباحث أن الفكر هو الأساس لكل سلوك، فما من فعل يقوم به الإنسان أو عمل يشرع به، إلا كان محصلة لفكر سبقه، وخطط له ونفذه، وما نشاهده الآن على الساحة العالمية من إبادة فكرية وجسدية، وانحطاط وفساد، فإن الفكر الإرهابي هو المسئول الأول والأخير عن تولده.
عوامل نشوء الإرهاب الفكري
1- العوامل الأسرية
الأسرة هي النواة أو الخلية الأولى التي يتكون فيها الإنسان ابتداءً من كونه نطفة في الأصلاب و انتقاله إلى الأرحام، ثم الولادة ومن بعدها تبدأ مسيرة حياته، ومراحل نشوءه ضمن محور هذه النواة أو الخلية.
و يمكن تعريف الأسرة على أنها((المؤسسة الأولى والأساسية من بين المؤسسات الاجتماعية المتعددة المسئولة عن إعداد الطفل للدخول في الحياة الاجتماعية؛ ليكون عنصرا فعالا في إدامتها على أساس الصلاح والخير والبناء الفعّال، وهي نقطة البدء التي تزاول إنشاء و تنشئة العنصر الإنساني فهي نقطة البدء المؤثرة في كل مراحل الحياة إيجاباً و سلباً))[36].
تعد الأسرة-كما يرى البعض - الدرع الحصينة، والمضاد الحيوي لوقاية الطفل عقليا و جسديا، وهي الكيان الأساسي الذي يبني شخصيته، أما على أسس سليمة أو على أسس واهية ؛ ولهذا فان للأسرة الدور الأكبر في إكساب الأفراد القدرات و المهارات، وتحصينهم من الانحراف و الانجراف خلف الأزمات الفكرية السقيمة التي تعصف بالمجتمعات البشرية، و ذلك من خلال تفاعله مع الأبناء والاستماع إلى آرائهم وأطروحاتهم و تطلعاتهم و توجيهاتهم، فكم واحد من تلك الأسر قد أهملت هذه الجوانب فأدى ذلك إلى نشوء أفراد ينزعون في تفكيرهم نحو الشر والعدائية، لذا فإن الأسرة (إذا لم تُنَم في أفرادها التفاعل الإيجابي مع المجتمع من خلال إكسابهم مهارات التواصل مع أنفسهم أولاً، ومع أفراد المجتمع ثانياً تنشأ في المجتمع جيل ذو عقلية تسلطية إقصائية لا تحسن إلا أسلوب الإرهاب الفكري)[37]
وهناك سبب آخر في نشوء ظاهرة الإرهاب الفكري، ألا وهو التفكك الأسري؛ وذلك لأن ما يعانيه الأفراد من تمرد الأسرة عليهم بالضرب أو العنف أو الحرمان سيكون عاملا أساسيا في تكوين شخصية قلقة مضطربة ضعيفة يترسب فيها الانحراف، وغالبا ما تتخذ من العنف و العدائية و الحقد اتجاه الآخر أسلوبا لها[38].
أضف إلى ذلك إن انعدام( التواصل والحوار الأسري بين الأفراد سيؤدي إلى نشوء جيل جديد من الشباب لا يعرف التواصل ولا يقدر قيمته، ولا يحترم آراء الآخرين المخالفة له، و يعتمد على فرض آراءه و أفكاره عليهم، حتى لو استخدم القوة والعنف في ذلك )[39]
و نخلص بالقول إن المحيط الأسري المهزوز يعد المنطلق الأول لنشوء الإرهاب الفكري .
2- العوامل المجتمعية
يعد المجتمع من الأسباب المهمة لنشوء ظاهرة الإرهاب الفكري، إذ يساهم في عملية التنشئة العقلية و الفكرية للأفراد؛ بحكم تكونه من مؤسسات و هيئات تعليمية وخدمية، وتكتلات وجماعات وأحزاب ذات أبعاد فكرية مختلفة.
هذا وإن المجتمع يتكون من مجموعة من الأسر والعشائر والقبائل التي تختلف في تنشئتها الاجتماعية لإفرادها، فتجد الأسرة تربي أفرادها على قيم وأخلاق و سلوكيات و مناهج فكرية تختلف عن الأسرة الأخرى وكذا الحال بالنسبة إلى العشائر والقبائل .
وبما أن أفراد هذه الأسر يديرون المجتمع برمته فتكون لهم اليد الطول لظهور شبح الإرهاب الفكري في طيات المجتمع ،من خلال مؤسساته بمختلف أدوارها.
ولعلّ من أصدق الأمثلة على ذلك هو اشتراك بعض المؤسسات أو الجهات بنشر الفكر الإرهابي من خلال ما تطرحه_عبر وسائلها المختلفة_من أفكار و رؤى سقيمة و منحرفة، فهذه (المؤسسات المجتمعية _بمختلف أنواعها_خاصة التعليمية منها و الإعلامية، تؤدي دورا كبيرا في وقتنا الحاضر في التكييف السليم للفرد أو في سوء تكيفه مع مجتمعه)[40] ، بمعنى أن لهذه المؤسسات القدرة الفاعلة على إحداث تغيرات فكرية في أفراد المجتمع و إخضاعهم لها، الأمر الذي أدى إلى أن تكون هذه المؤسسات ساحة نزاع و صراع بين مختلف أطيافه .
ومن المعروف أن المجتمعات _بحكم الفطرة_ قابلة للتغيير و التطبع على أسس و تعاليم المؤسسة التي تنتمي إليها، ولهذا تجد مفارقات و تناقضات فكرية بين أفراد هذه المؤسسة و تلك.
و بما أن الطبيعة البشرية متكونة من نوازع الخير والشر، وغالبا ما تلجأ_للحفاظ على وجودها_ إلى إتباع أهوائها ونزعاتها الشريرة في مقاتلة بني جنسها، فتندفع _بكل ما أوتيت من قوة_إلى تدمير عقول الأفراد، فيمارس المجتمع على الأفراد سياسة التسلط، و يشترط عليهم أن تكون شخصيتهم كشخصيته بحكم أن الفرد جزءً لا يتجزأ من المجتمع وبوجوده يفترض وجود الآخر .
وفيما يأتي يذكر الباحث بعض المؤسسات المجتمعية التي تعتبر من عوامل نشوء الإرهاب الفكري:
أ- المؤسسة التعليمية:
من أهم مظاهر العوامل المجتمعية المؤسسات التعليمية والدينية التي لها الدور الفاعل في زرع الأفكار المنحرفة في عقول الأفراد ابتداءً من أصغر مؤسسة تعليمية(المدرسة) إلى أوسعها(الجامعة)، لا سيما إذا كانت هذه الجهات التعليمية مدعومة من قبل الدولة، وتؤيدها في عملها.
ويكمن دور المدرسة في نشر الفكر المنحرف لدى الأطفال، من خلال مناهجها التعليمية، وكوادرها التدريسية، مما يعني أن لهذين الجانبين القوة الفاعلة والمؤثرة في الأنماط التفكيرية والسلوكية للأفراد، وما تمتلكه من أنظمة وأفكار(أيديولوجية)خاصة متجسدة في تلك المناهج والكوادر التعليمية.
ففي أغلب الأحيان تتحول مهنة المعلم ودوره في تربية الأجيال إلى أداة فاعلة لنشر الإرهاب الفكري وسلوكياته الخطيرة بين الطلبة حينما يهيء طلبته لاعتناق معتقدات وأفكار يطرحها عليهم، تمهيداً للإيمان بها فيما بعد، وكأنها هي الحقيقة وغيرها خلاف ذلك، والأكثر من ذلك إنه يأتيهم من زاوية الدين ويحشد لهم الأدلة من القرآن الكريم والسنة الشريفة التي تأمر بذلك، فيقوم بتفسير النصوص من منطلقاته الأيديولوجية ذات الأسس الفكرية المتطرفة، ولا شكّ أن فعل ذلك يعد من منابع الإرهاب الفكري وسبباً في نشوئه.
كذلك الحال عند أغلب أساتذة الجامعات- لا سيما الفقهية- قد( حجبوا عن أنفسهم نور المعرفة، وآثروا التعصب الأعمى على حرية الرأي، وجمدوا بآرائهم عند مذهب بعينه)[41]،فيكبت حرية الطالب في التعبير عن فكره، حتى أنه بعض الأساتذة في بعض البلدان يدعم بعض الشباب الجامعي فكريا ومادياً؛ ليستحوذوا عليهم مستغلين الوضع المادي المتردي لبعض الطلبة المحتاجين ضعاف العقيدة والإيمان، ليخرجوهم فئات ضالة مضلة،ويكونوا وسيلة لبث الفكر المنحرف في ربوع المجتمعات الجاهلة فكرياً والمتردية مادياً، وبذلك أضحت المؤسسات التعليمية تابعاً للجهات المنحرفة المتطرفة وأصبح الشباب الجامعي مرهبا مذعوراً،؛ لأنه واقع تحت تسلط من هو أعلى منه قوة وسلطة، فيسبب ذلك له شلل في عملية التفكير.
ب- المؤسسة الدينية:
لا يخفى أن بعض المؤسسات الدينية على اختلاف توجهاتها الفكرية، تلعب دوراً لا يقل خطورة عن سابقتها في زعزعة الأمن الفكري، من خلال نشر الفكر الإرهابي، لا سيّما تلك التي لا تتورع عن إثارة النزعات الطائفية والترويج لها.
فالمؤسسة الدينية من هذا النوع ستسهم بشكل أو بآخر بظهور الإرهاب الفكري واستشرائه في المجتمعات، لا سيما المجتمعات التي يكون لها الاستعداد لانتشار تلك الظاهرة فيها، بحكم ما تعانيه من مشكلات على مستوى التعليم أو المستوى الاقتصادي والثقافي، والمتمثلة بـ (الظلم والتطرف المادي ثراءً أو فقراً، فضلاً عن البطالة، والهجرات...)[42].
إذ تكتظ المجتمعات بنماذج غير مشرفة من علماء وخطباء مغرضين، وتيارات فكرية متطرفة، فهؤلاء وإن كانوا أفراداً محسوبين على المجتمع إلا أنهم يعملون على نشر الإرهاب الفكري بكل مظاهره، ويكون ذلك إما عن طريق إصدار الفتاوى أو تصعيد الخطابات المتشددة والمتطرفة، وما ذلك إلا لافتقاد تلك الخطابات إلى( الاختصاص المعرفي في القرآن في بواطنه وظواهره، إذ أن في القرآن المحكم والمتشابه والظاهر والباطن والناسخ والمنسوخ..)[43]، فيتصدى لتلك الفتاوى والخطابات من يفتقد إلى أبسط شروط الاجتهاد والمعرفة.
يقول الدكتور الخشن:( وأخطر ما نواجهه في هذا المجال تصدي جماعة من المراهقين في العلوم الإسلامية لا سيما من ذوي النزعات التكفيرية للافتاء في صغار الأمور وكبارها، فتراهم يحللون ويحرمون، ويكفرون، ويضللون، ويهدرون دماء الأعداء والأصدقاء، المجرمين والأولياء، متجاوزين بذلك أكابر الفقهاء، وذوي الحل والعقد، وبذلك أدخلوا الأمة في نفق مظلم لا يعلم منتهاه إلا الله)[44]، والطامة الأعم إذا أضحى هؤلاء الفقهاء وأئمة الكفر والضلال من رواد البلاط وخدمة الأمراء، فالإرهاب الفكري سيكون ذا انسيابية لا يحمد عقباها.
3- العوامل السياسية:
إن للسياسة الدور الأكبر، والعامل الأساس في نشوء ظاهرة الإرهاب الفكري، فإن أغلب ما يجري على الساحة من صراعات و نزاعات طائفية و مذهبية وما يتخللها من مظاهر التكفير للآخر أو إقصاءه أو النيل من مذهبه، وأغلب الأحيان إلى الاقتتال، تقف وراءه السلطة، بدافع استمرارية نفوذها وسلطانها، أو تسعى السلطة إلى الاستتار خلف الدين و بث الشعارات الدينية التي تخدم مصلحتها و إثبات شريعة حكمها، إذ أن استخدام السلاح و العنف والتنكيل _برأيها_لا يكفي بل ولا يجدي نفعا لإطالة عمرها؛ لذلك كان أنجح وسيلة تتبعها لتحقيق أهدافها و مراميها السياسية، تأجيج و تصعيد النزاعات الدينية والطائفية من خلال دعم المناقشات و المناظرات و تهيئة الأرضية الصالحة لذلك، وفي هذا المقام يقول الشيخ أسد حيدر ( ولا يخفى دور السلطة فيما يحدث - أي النزاعات بين المذاهب_ وإن الفتن التي تجري وما يتخللها من نيل من مقامات العلم، وتعَّدِّ على أصحاب المكانات الدينية من صُنعها، فينحاز الحكام إلى طرف دون آخر ...)[45] فكان من مصلحة السلطة إثارة الفتن و الخلافات بين صفوف المسلمين لتوقع الفرقة بينهم، وتصل إلى أهدافها وغاياتها، ولذا نرى أغلب حكام الجور يستترون وراء الحركات المتعصبة التي تدعي انتسابها إلى الإسلام، لكنها تدعو في حقيقتها إلى الإرهاب الفكري و تفحم الآخرين به، و تنشر أفكارها المنحرفة دون أن تواجه من السلطة، ودليل ذلك اتساع نطاق الحركة الوهابية في السعودية، فتسنى لها نشر أفكارها الباطلة و عقيدتها الفاسدة و دعوتها الخارجة عن جادة الصواب، فالتقت مصلحة السلطة بهذا التنظيم، لترسيخ دعائمها وشريعة وجودها، فلا يستطيع أي تنظيم الإطاحة بهذه الحركة بسبب دعمها المتواصل من منظومة البلاط السياسي في الرياض، فكما هو معروف أن السلطة تسعى جاهدة لتقريب العلماء الذين يثبتون جذورها وذلك من خلال إغداقها بالأموال، وتهيئة أسباب الرفاهية الدائمة .
إن إشاعة أجواء معينة من قبيل التشدد و التطرف و التكفير و إقصاء الآخرين و إشاعة روح الكراهية والحقد بين صفوف المجتمع الواحد، أو التمييز بين الطوائف و ممارسة الطائفية، كل ذلك يؤدي إلى إذكاء نار الفتنة، و الاقتتال بين أفراد المجتمع الواحد، وتقف الحكومات أو تمارس دور المتفرج المبتسم، أو دور الانحياز إلى طائفة معينة تخدم مصالحها، و بذلك تُعد الطائفية الحجر الأساس أو القاعدة الرصينة التي تقوم عليها السلطات الحاكمة لضمان استمرارها
و تأسيسا على ما سبق تعد السياسة البيئة الولود و الحاضنة الودود لإنتاج الإرهاب الفكري .
أهداف الإرهاب الفكري
لكل ظاهرة - سواء كانت ذا مردود نفعي على المجتمع أم عدواني- مجموعة من الأهداف التي تتوخاها الأطراف المعنية بتلك الظاهرة، فالذي يسيطر على رؤى وأفكار أو معتقدات الآخرين أو يفرض معتقده أو فكرة بالقوة على الأطراف الأخرى يبتغي من وراء ذلك أهدافاً عدة وهي:
1- لا شك أن الهدف العام الذي يكمن وراء افتعال هذه الظاهرة هو العائدية النفعية للمؤسسات أو الأطراف المعنية به؛ لغرض تحقيق مآربها في مختلف المجالات سواء كانت أهدافا سياسية أو السيطرة الفعلية على المقدرات الاقتصادية أو المالية للبلد المحكوم أو تحقيق ما تصبو إليه من تشويه المذهب الآخر بهدف اشمئزاز الآخرين منه، بل وحتى عدم التفكير فيه أو محاولة الدخول فيه، خاصة وإن بعض الأطراف تعاني من الجهل في الدين وعدم تفهمه بصورة صحيحة.
2- السعي إلى إفساد المعتقدات، أو تكفير الآخرين، من خلال إثبات ذلك بكل ما تتوفر عنده من أدلة وبراهين يفسرها على هواه.
3- يهدف إلى( ابتكار أنواع القيود الفكرية التي تتماشى مع مصالح السلطات الحاكمة أو مع المنظومة الدينية التي تحكم المجتمع، وفرضها عليه، كما ويهدف إلى إثارة الإحساس لدى الفرد بالخطر الذي يحدق بقوة التفكير والإبداع والتطور، أضف إلى ذلك سعي المنظومة الدينية إلى شرعنة عملياتها الإرهابية من خلال تبني مفاهيم مغلوطة وإجبار الأفراد على قبول تلك المفاهيم، أو إخضاعهم لتوجه معين خوفا من الإقصاء أو التهميش أو الحرمان)[46]، وهذا يعني بقاء المجتمع بين المطرقة والسندان، بين تسلط الأنظمة الحاكمة وبعض الأنظمة الدينية الفاسدة، ومن ثم يكون المجتمع رهينة أهواء وميول هؤلاء وهؤلاء للتلاعب به، وإسكاته بوسائلهم الدينية.
4- كذلك يهدف إلى ضرب كل انتاجات العقل وحرقها من قبل بعض المؤسسات الدينية،وذلك باستخدام أداة مهمة جدا في الوقت ذاته وهي(الفتوى) التي لها أثر كبير في تحريك الجماهير وحشدها، وفي طول ذلك من الممكن أن تضرب مشاريع الإصلاح والتغيير والتجديد الحقيقية، كذلك السعي إلى إقحام الأفكار في مجالات خارجة عن مناطق اشتغالها وهي الفكر والعقل، كمن يحول فكرته مثلا إلى فتوى وهو ليس بفقيه ولا يملك أدوات مقومات الفقاهة[47]، ومن ثم زعزعة المسلمين عقائديا وفكريا وإحلال الفوضى.
5- خداع المجتمعات البسيطة والساذجة عن طريق خلق منظومة فكرية زائفة، وإقحام تلك المجتمعات بهذه المنظومة، وتزويقها لهم على أنها هي الصحيحة، وهي التي ستجعل لتلك المجتمعات مصيرا ومستقبلا زاهرا ومتطورا، والغرض من ذلك سوق تلك المجتمعات بالاتجاه الذي يريدونه، والذي يحقق لهم مآربهم وبالتالي يصلون إلى أهدافهم الخبيثة المنحرفة.
6- إبقاء سمة التخلف والتمزق والانحلال في أجزاء كثيرة من العالم وضرب الإبداع الفكري للحيلولة دون التبادل الثقافي المتكافئ بين الشعوب الأخرى، وإبقاء المجتمع العربي في كسل دائم عن الإنتاج الثقافي، والاكتفاء بما هو موجود، والانكفاء في دائرة العزلة والتقوقع[48]، وهذا من جراء إشعار الفرد بالخوف وإرهاب فكره بحيث لا يستطيع تأدية أطروحاته ونتاج عمله بيسر وأمان.
7- كذلك يهدف إلى( عرقلة نمو الفكر البشري وإيقاف عملية المسيرة الإسلامية)[49].
8- محاولة طمس معالم الدين الإسلامي الحنيف عن طريق تحريف وتزوير المفاهيم الدينية أو توظيف النص القرآني وفقا للأهواء الشخصية وبما يخدم مصالحها، وهذا مصداق لقول الإمام الحسين(ع): (..والدين لعق على ألسنتهم، يحوطونه ما درَّت معايشهم..)[50]، هكذا لعبت نفوسهم الدنيئة الخبيثة بالنص القرآني، وهم لا يملكون من العقيدة والدين شيئا سوى ما يخدم مصالحهم.
مواجهة القرآن الكريم للإرهاب الفكري
اتخذ القرآن الكريم في مواجهة الإرهاب الفكري- كغيرها من المشاكل- جوانب عدة، جاءت بالتدريج للقضاء على هذه الآفة الخطرة، وهي:
أولا: الجانب الوقائي
وذلك من خلال إعمال العقل،فالخطاب الإلهي المتمثل بالآيات القرآنية( يعم كل ما يتسع له الذهن الإنساني من خاصية أو وظيفة)[51] لتأدية دوره المرسوم له في الحياة، لذا نجد القرآن الكريم( دعا لإعمال العقل؛ لأن ثمرة العقل هي العمل الذي يقوم به)[52] إذ تجسدت بمجموعة من الأساليب القرآنية الداعية لإعمال العقل وبالتالي إلى بنائه كونها( تربط بين العقول والقلوب وتوقظ المشاعر؛ لاستقبالها لها بحس جديد متفتح يتلقى الأصداء والأضواء وينفعل بها ويستشعر آثار يد صانعها)[53] ومن أهم هذه الأساليب:
1- أسلوب ضرب الأمثال:
المتأمل في القرآن الكريم يرى أنه( مشتمل- في غير واحدة من آياته- على الأمثال.. للتفكير والعبرة)[54]، لذا فإن أهمية الأمثال ليس من أجل التسلية وإنما لإفادة العقل؛ للوصول إلى الغاية المنشودة، قال تعالى: (اللهُ نورُ السماواتِ والأرضِ مَثَلُ نورهِ كمشكاةٍ فيها مصباحٌ المصباحُ في زجاجةٍ الزجاجةُ كأنها كوكبٌ دريٌّ يوقَدً من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيةٍ ولا غربيةٍ يكادُ زيتُها يُضيءُ ولو لم تَمسَسهُ نارٌ نورٌ على نورٍ يهدي اللهُ لنورهِ من يشاءُ ويضربُ اللهُ الأمثالَ للناسِ واللهُ بكلِ شيءٍ عليمٌ)[55]، وهذه الآية هي نموذج في( زيادة إفهام وتذكير وتصوير للمعاني)[56]إذ يتيح للإنسان أن يتأمل فيها ويتفكر ويدرك حقيقة هذا النور الإلهي وبمن يتمثل، قال تعالى: (يا أيُّها الناسُ ضُرِبَ مثلٌ فاستَمِعُوا لَهُ)[57].
يقول السيد فضل الله: (إن فهم المثل في امتداداته خارج الدائرة الضيقة التي تحرك في داخلها يحتاج إلى علم وعقل، يعني أن الناس الذين يملكون العمق العلمي، هم الذين يملكون امتداد هذا المثل، وكيف يطبقونه، وكيف يفهمون ما يماثله في كل شؤون الحياة)[58].
مما تقدم يتبين أن لأسلوب ضرب الأمثال فائدة كبيرة في تنبيه العقل الإنساني وزيادة فهمه؛ لاكتشاف الحقائق في هذا الكون.
2- الأسلوب القصصي:
للقصة القرآنية تأثيراً فاعلا في أذهان الناس وعلى اختلاف مستوياتهم العقلية والفكرية؛ لما لها من أبعاد رسالية وتربوية واجتماعية( فالقصة القرآنية هي إحدى وسائل القرآن في الوصول إلى أغراضه الدينية، إذ تمتاز بأنها تشد القارئ وتجذب انتباهه فتجعله كثير التأمل في معانيها بشخصياتها وموضوعاتها. فضلا عن أنها طريق لإثارة الانفعالات كالخوف والترقب والرضا والارتياح، وتمتاز أيضا بالإقناع الفكري عن طريق الإيحاء والتأمل والتفكير)[59] وهذا يعني أنها أسهل طريقة للتأثير في العقول والنفوس؛ لأنها( أحد الأساليب التي حملها القرآن ليحاج بها الناس، وليقطعهم عن الجدل والمحاكمة شأنها في ذلك شأن ما جاء في القرآن من أساليب الاستدلال والمناظرة والتعجيز)[60]
3- أسلوب عرض الأسئلة:
يعد السؤال في المنظور القرآني أسلوبا من الأساليب البنائية العقلية، فق استخدمه القرآن الكريم ليكون( الأداة التي يتوصل عن طريقها إلى الإلمام بالحقائق والمعلومات التي يرغب المتعلمون في معرفتها)[61].
لقد سيق السؤال على اختلاف أنواعه وأغراضه؛ لأجل تحقيق الهدف الأصيل للقرآن الكريم وهو البناء التكاملي للعقلية الإنسانية لتكون ثابتة العقيدة والإيمان، فالسؤال تارة يكون للتحذير في الوقوع في الذنوب، قال تعالى: ( أَمْ تُرِيدُونَ أَن تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِن قَبْلُ وَمَن يَتَبَدَّلِ الكُفْرَ بالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ)[62]، ولتثبيت العقيدة وإثبات الوحدانية لله[63] قال تعالى: ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمسَ وَالقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤفَكُونَ)[64] توبيخ الله تعالى للكفار على عبادتهم الأصنام رغم إقرارهم الربوبية لله تعالى، أو يكون السؤال للعلم والمعرفة قال تعالى: ( .. فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)[65] أو للتأكد ورفع الشك قال تعالى: ( فَإِن كُنْتَ فِي شَكً مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْألِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الحَقُ مِن رَّبكَ فَلَا تَكونَّنَّ مِنَ المُمتَرِينَ)[66] وغيرها من الفوائد التي تستهدف إيقاظ العقول وشد الأذهان.
ثانياً: الجانب العلاجي
1- ألحوار الإسلامي: يعد الحوار وسيلة إسلامية قيّمة( وميزة جوهرية لمعنى الإنسانية، وعلم جامع لكل العلوم النافعة، فهي وسيلة رحمة وود، تحقق الوئام والتفاهم بين بني البشر)[67]، ومن ثمّ فهو منهج إلهي تعليمي وتأديبي؛ يهدف إلى إيصال الأفكار والرؤى والمفاهيم الإسلامية للطرف الآخر، ووسيلة التواصل والتلاقي( ونحريك العواطف والمشاعر، خصوصا لمن يبحث عن الحقيقة، فهو يساعد على معرفة مستويات المشاركين في الحوار، وما يطرحونه من شبهات فكرية وسلوكية)[68] ولهذا يعد وسيلة علاجية لما استتب على أرض الواقع من قضايا فكرية تقتل العقل والفكر.
فالحوار هو الأسلوب المتميز و المنهج الأمثل الذي استخدمه الأنبياء و المرسلون (ع) في مسيرتهم و دعوتهم إلى التوحيد، و حرص الأولياء و المصلحون و دعاة الحق على السير على هذا المنهج كوسيلة لإظهار الحق و دحض الباطل بالحجة و البرهان .
يدل الحوار (لغويا) على مراجعة الكلام بين الطرفين، و التجاوب، والمحاورة، والمجاوبة[69]، فهو تبادل الكلام بين المتكلم والمخاطب .
أما في الاصطلاح (نوع من الحديث بين شخصين، يتم فيه تداول الكلام بينهما بطريقة ما، فلا يستأثر به أحدهما دون الآخر، و يغلب عليه الهدوء و البعد عن الخصوصية والتعصب)[70] الهدف منه (تصحيح الكلام و إظهار حجة، و دفع شبهة، ورد الفاسد من القول و الرأي )[71] وإلى هذا المعنى يشير القران الكريم ( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابً ثَمَّ مِن نُّطْفَةً ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلَاً)[72].
تجدر الإشارة إلى ورود ألفاظ في القران الكريم تعطي صور حوارية كالجدال و المحاجة و المراء و اللجاج و المخاطبة و الخصام، إلا أن أسلوبها الخطابي يفضي إلى الخصومة والنزاع و المعاندة، وغالبا ما تأتي في القران الكريم للذم، فضلا عن أنها لا تعالج القضايا ولا تقدم لها حلا.
ومن هنا يتضح معنى الحوار و صورته فهو(دائما للتواصل و لمواصلة الألفة والسعي الحثيث للوصول إلى الحقيقة بعيدا عن التعصب)[73].
2- الوحدة الاسلامية : إن واقع المسلمين المرير و المستعار منذ العصور المظلمة لا يمت بصلة إلى روح الإسلام العبقة بالألفة والمحبة التي تتسع لكل البشرية .
فالعقد التاريخية لا تزال تتجذر في نفوس المسلمين إلى الآن، وإنما وصلت إلى جذوتها، فالعمليات التي تسمى بـ(الاستشهادية _بنظرهم_)التي حصدت من أرواح الأبرياء باسم الجهاد الإسلامي للالتحاق بالجنة، ما هي إلا ثمرة لبذور تلك العقد التي تجسدت بالمذهبية (الطائفية) مع سبات عقول المسلمين. فالحروب الطائفية والقتل على الهوية استعرت نارها بسبب الخطاب ألإقصائي الذي يتبناه هذا الطرف أو ذاك تجاه الآخر وعدم الاعتراف به كموجود شرعي، وهذه القطيعة خلفت تلك الظواهر الخطيرة التي مني بها الإسلام .
والمتأمل في خفايا هذا الأمر يجد إن للسياسة اليد الطولى في صياغة تلك المذاهب، نحن نقر أن لكل مذهب خزين فكري و عقائدي، ومقدسات تاريخية تعترف بها و تستند إليها و تمنحها الشرعية لوجودها، فضلا عن أن لكل منها منهجا و فهما فكريا خاصا و قراءة خاصة للنص المقدس، لكن أن تحمل الآخر عليه بالقوة و تعتلي منابر الطائفية لتتهمه بالتكفير و التفسيق، فهذه ظاهرة خطيرة و مشكلة ليس لها حل إلا بالرجوع إلى المنبع الإسلامي العذب الذي يسقي البشرية عذوبة الألفة تستشفها من دعوته إلى الوحدة ونبذ التفرقة و الطائفية المقيتة التي لا نجني منها سوى الأشلاء والدماء، ونحن بحاجة إلى آصرة إسلامية تجمع كل الطوائف والمذاهب، والمتمثلة بالوحدة الاسلامية التي تعني( التعاون بين أتباع المذاهب الإسلامية على أساس المبادئ الإسلامية المشتركة الثابتة والأكيدة، واتخاذ موقف موحد من أجل تحقيق الأهداف و المصالح العليا للأمة الإسلامية و الموقف الموحد اتجاه أعدائها مع احترام التزامات كل مسلم تجاه مذهبه عقيدةً و عملاً)[74].
لقد أسس القرآن أسس الوحدة الإسلامية في محكم آياته ( إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُم أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُم فَاعْبُدُونِ)[75] وعدها من (أهم خصائص الأمة الإسلامية، ودعا كل مسلم للعمل على تحقيقها، و خطط لها شتى الأساليب و أعلن أن هذه الوحدة ليست وحدة مصالح، ولا وحدة مكان أو عنصر، وإنما هي وحدة القلوب، والتآلف والتحاب )[76] فهي (مسألة فطرية ووجدانية لا تحتاج إلى استدلال علمي ولا بذل جهدي، لأن الله تعالى أودع في أعماق نفس كل إنسان فطرة صافية ووجدانا نقيا يهتدي بهما الإنسان إلى الخير و يكشف موارد الشر، و بها يتفق أبناء البشر على المبادئ الخيرة و البديهيات العقلية)[77] إلا أن هذه المسألة قد تلوثت بدخان النزاعات و الخلافات التي أدت إلى القطيعة المذهبية.
ولهذا السبب دعا القران الكريم إلى الوحدة والرجوع إليها وأكد عليها في مواضيع و مصاديق مختلفة :
1-الاعتصام، قال تعالى ( وَاعْتَصِمُوا بِحَبلِ اللهِ جَمِيعَاً وَلَا تَفَرَّقُوا)[78]
2-الإخاء وإصلاح ذات البين، قال تعالى (إنَّمَا المُؤمِنُونَ إِخوَة فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ )[79]
3-الدعوة إلى التعاون في مواطن الخير لا مواطن العدوان، قال تعالى (وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالعُدْوَانِ)[80]
4-النهي عن الافتراق، قال تعالى (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ البَيّنَاتُ)[81]
5-النهي عن الصراعات و الخلافات، قال تعالى (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ ريحُكُمْ )[82]
6-الأمة المتوحدة في الفكر و العقيدة، قال تعالى (وَلْتَكُن مّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الخَيرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَيَنْهَونَ عَنِ المَنكَرِ)[83]
7-أن يكونوا أولياء بعضهم لبعض، قال تعالى ( وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَات بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ)[84]
وهذا يعني أن جذر الوحدة الإسلامية الأصلي هو القران الكريم، وهذا ما يجعلها تتميز بميزات خاصة وهي:
1- إنها فكرة أصيلة بحد ذاتها وثقافة من قلب الإسلام، ولم تستورد إليه، ولم تخترع لظروف سياسية أو مرحلية.
2- تمتلك هذه المسألة بعدا ثقافيا، يجعلها فكرة قابلة للإقناع؛ لأنها تعني كل مسلم، وكل ذي ثقافة إسلامية أصيلة.
3- إنها مسألة قابلة للدوام بسبب كونها أصيلة بخلاف الثقافات التي لا تعتمد على أساس ثابت، ولهذا فإن الوحدة الإسلامية يمكن أن تكون حلاً لمسائل المسلمين في جميع العصور.
من هنا تتضح أهمية الوحدة الإسلامية في حل النزاعات والخلافات بين المسلمين، ومحاولة استيعابها والحد من استفحال القطيعة بينهم؛ بغية إنقاذ البشرية من رياح سوداء عصفت بها منذ مئات السنين.
3- التعايش السلمي في الإسلام
الإسلام دين السلام و المحبة و الإخاء إذ(جاء مكرسا لمنهج السلم في العلاقات بين الأفراد و المجتمعات، إذ السّلم هو قيمة ثابتة و أساسية في الإسلام ونحن نؤمن إيمانا عميقا و راسخا بأن ما يجمع البشر أكثر هو السلم، وإن أهم ما يفرقهم هو الحرب)[85]
وبما أن السلم هو سمة الديانات السماوية و منها الإسلام فان مبدأ التعايش السلمي كان وما زال من المبادئ الدينية التي دعا إليها والتزم الجميع على احترامها و تطبيقها.
إن مفهوم التعايش (يحمل مضامين اجتماعية و اقتصادية و سياسية و دينية تهدف جميعها إلى إسعاد المجتمع الإنساني)[86] فالتعايش الغالب فيه أن يكون بألفة و مودة[87] وأمن واستقرار في ظل الرسالة المحمدية وهذا لا يكون إلا بإفشاء السلام إذ أن السلم و السلام والسلامة تعني الخلو من الآفات والعيوب وهو الأمان والصلح وخلاف ذلك الحرب[88] قال تعالى ( والله يدعو إلى دار السلام)[89] ولهذا ألزم المؤمنين كافة بالدخول في السلم قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين)[90].
لهذا كان الإسلام برمته دعوة صريحة للسلم إذ ترى (إن انبي (ص)حينما استقر في المدينة أسس نظاما عاما أساسه التعايش السلمي وبالمصطلح الحديث المواطنة أو السلم الأهلي، والمسلمون اليوم في بلادهم ومع من يعيشون معه من مختلف الطوائف و الملل و النحل هو أشد الحاجة إلى هذا المفهوم، مفهوم أن تعيش مع الآخر مفهوم المواطنة مفهوم السلم الأهلي مفهوم قبول الآخر)[91]
مما تقدم يتبين لنا أن المجتمع الإنساني الآن بحاجة إلى أن يعيش بأمان واستقرار و حرية تامة أقرّها له الإسلام، فالخلافات تدبّ على أرض المسلمين، والاتهامات تتراشق بينهم من كل حدب وصوب، هذا كافر وآخر جاهل والثالث فاسق، وهذا يقتل وذاك يقصى، و الكل منتمي إلى الإسلام، والأكثر من ذلك هناك من ينادي بضرورة تقسيم البلاد إلى: دار كفر و دار إسلام، بينما الإسلام ينادي بالرجوع إلى وحدة المنشأ والابتعاد عن القطيعة، فلا معنى للنزاع والصراع بين أتباع دين وآخر، أو بين أتباع الدين الواحد، أو سلب حقوقهم أو إجبارهم على اعتناق الدين أو فرض فكر على حساب آخر، أو تفجير مقدساتهم مهما كانت أو سب عقيدتهم والاستهزاء بطقوسهم العبادية وما إلى ذلك، فالدين الإسلامي يرفض كل هذه المظاهر ويركز على احترام الإنسان لإنسانيته مهما كان انتماؤه الديني أو المذهبي، فالناس عند أمير المؤمنين علي(ع)(صنفان إما اخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) [92]
ثالثا:الجانب الإجرائي
القرآن الكريم دستور الإسلام و مصداق للأمن و السلامة والاستقرار، فهو لم يدع قط إلى الإرهاب و العنف أو أي نوع من أنواع الأذى مصداقا لقوله تعالى (والله يدعو إلى دار السلام )[93]
فالقران الكريم يصرح في كثير من آياته بضرورة تحقيق الأمان والاستقرار للجميع دون استثناء، حتى القتال الذي شرعه وحثّ عليه إنما هو (لحماية الناس وأعراضهم وأموالهم وحرياتهم ومعتقداتهم ورد المفاسد عنهم، وتطبيق أحكام الله العادلة و إظهار دين الله ولو كره المشركون، ولتبقى الأمة الاسلامية في قوة و عز ومنعة، يهباها الأعداء فلا يعتدون عليها ولا يتدخلون في شؤونها ولا يستهينون ولا يثيرون الفتنة)[94] فقتال الأعداء إنما يكون لرد عدوانهم، وليس لترويع الآمنين و الاعتداء على حرماتهم.
فالقران الكريم تكفل بمكافحة دعاة الإرهاب الفكري والمروجين له، وقد وضع لذلك (طرقا و حلولا ايجابية خاصة ومن قبيل لزوم التصدي للظلمة والقيام ضدهم، وتحريم إعانتهم بجميع ألوانها ومد يد العون إلى المظلومين والمستضعفين والدفاع عن حقوقهم، و انتشالهم من الوضع المأساوي)[95]
فالإرهاب الفكري (مما لا شك فيه ولا ريب هو عمل محرم و خطورته _ربما_ أشد من خطورة الإرهاب الحركي، فهو المغذي والمغري و المشجع على ممارسة الإرهاب، فمن الطبيعي أن يكون له عقوبة رادعة)[96] و تأسيسا على ذلك فإن المواجهة الإجرائية للإرهاب الفكري في القرآن الكريم تكون على مرحلتين
المرحلة الأولى: وهذه المرحلة تكون على جانبين
الجانب الأول :المقاطعة
وهنا يتوجه القران الكريم بخطابه إلى المسلمين كافة بمقاطعة دعاة الإرهاب الفكري إذ نهاهم عن مودتهم أو مناصرتهم أو تقديم المعونة لهم أو أي نوع من أنواع العلاقة معهم قال تعالى ( إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوا في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم..)[97] كذلك يحذرهم من طاعتهم و ينهاهم عن ذلك بقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين)[98] في حين نجد أن القرآن الكريم يؤسس لأشد مقاطعة، و هذا التأسيس يعد أقوى منهج عقدي واجتماعي وسياسي و حتى عسكري، عندما يخاطب المسلمين كافة بالابتعاد النهائي عن أهل الظلم (دعاة الإرهاب الفكري) بقوله تعالى ( ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تنصرون)[99] و نلحظ في هذه الآية عدة أمور :
أ-عدم الاختلاط أو الاتكاء أو الاستناد إلى هؤلاء الظلمة مطلقا.
ب-لا يصح الاشتراك معهم في إضعاف المجتمع الإسلامي و سلب استقلاله و تبديله إلى مجتمع ضعيف و منهزم و تابع؛ لأن الركون ليس فيه إلا ذلك أما ما يلاحظ من التبادل التجاري و الروابط العلمية بين المجتمع المسلم و غير المسلم فهذا لا باس به في نظر الإسلام لأنه لا يعد من الركون للظالمين.
ج-المقصود بالذين ظلموا :هم جميع من امتدت أيديهم إلى الظلم والفساد، أو استعبدوا خلق الله وعباده أو استغلوا قواهم لمنافعهم، ولا دليل على انحصارهم بالمشركين فقط الذين كانوا في عصر نزول الآية.
د- فلسفة تحريم الركون إليهم :لأنه يورث مفاسد كثيرة باعثة على تقويتهم و اتساع رقعة ظلمهم و فسادهم و عدوانهم .
الجانب الثاني :الإعداد واليقظة والحذر
وهنا جاء التوجيه القرآني للمسلمين بطلب اليقظة والحذر من دعاة الإرهاب الفكري، والإعداد لهم بكل ما تحمل هذه اللفظة من دلالة قوله تعالى(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم )[100] وهذا الإعداد تحتاجه كل الأمة لا تركن إلى الظالمين، وتأبى الميل إلى الذلة والهوان والتخاذل، فضلا عن هذا الإعداد المرهب للعدو سيكون( قوة ردع: إعظاما للدولة الإسلامية وإعلاءً لهيبتها، والقوة الرادعة اليوم هو حق من حقوق الدولة ليس فيه ما يشين، خصوصا وأنه ردع لعدو الله الذي يعتقل العقل ويكمم الفكر ويستولي على الأرض ويستغل أخاه الإنسان... فكل الدول على الإطلاق تسعى اليوم لبناء ترساناتها العسكرية الرادعة بما عندها من إمكانيات؛ لأن الردع وسيلة لحفظ التوازنات من أجل السلام العام للإنسانية)[101]، وهذا هو المعنى المراد من الإرهاب في هذه الآية، إذ أن الله عز وجل أراد من هذا الإعداد هو إرهاب الأعداء وتخويفهم لئلا يتجرءوا على الإسلام ودولته الفتية، فضلا عن أنه سبحانه أراد تفادي وقوع الحرب التي لا تبقي ولا تذر، لذلك أعقب سبحانه الآية بـ( وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله)[102]، أما إذا كان دعاة الإرهاب الفكري ممن يصدق عليهم قوله تعالى(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون* ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون)[103] فهنا الطامة الكبرى لأن عقول هؤلاء باتت لا يجدي معها أي علاج تربوي أو إعدادي؛ لأن مثلهم كمثل الخوارج الذين يعتقدون أنهم يحسنون صنعا بما يفعلون، ولذا اقتضى لهم علاجا آخر نتعرف عليه بالمرحلة الثانية.
المرحلة الثانية: آخر العلاج
القرآن الكريم لا يهمل دعاة الإرهاب الفكري الذين نشئوا وترعرعوا على شتات فكري وعقائدي، والأكثر من ذلك أنهم استَعْدَوا على غيرهم بهذا الشتات، وأجبروهم على قبوله وتبنيه، فهؤلاء يروا أنفسهم أنهم المسلمون والآخرون هم الكفرة الجاهليون، وعندئذ يفتون بقتالهم وقتلهم شر قتلة.
وعند ذاك إذا لم يجد الأسلوب التربوي لإرجاعهم إلى رشدهم، فالحل النهائي لهم هو (الكي) بمعنى قتالهم واستئصال شأفتهم ( فالمرحلة النهائية حينما يحصل اليأس من جميع الأساليب التربوية السليمة هي مرحلة الردع بقتال العدو، والاستعداد إلى ذلك، وما ذلك إلا لإرجاع المصاديق المتمردة والمنحرفة عن الفطرة السليمة إلى جادة الحق والطبيعة البشرية التي خلق الله الإنسان عليها)[104].
وهذا العلاج إنما هو للحفاظ على بيضة الإسلام، مما يداخلها من مفاهيم مغلوطة ابتدعها دعاة الإرهاب الفكري، وذلك يلزمنا أن نستنطق القرآن الكريم لنستدل على ذلك قال تعالى( يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم )[105] و( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة )[106] وهذا أمر إلهي موجه إلى نبيه الكريم محمد(ص) بمجاهدة الكفار والمنافقين مع الشدة والخشونة( وهذا الجهاد أما يكون باللسان أو اليد حتى ينتهي القتال)[107] فالآيات وإن اختص موضوعها بعصر النزول أي نزلت في الكافرين والمنافقين الذين قد تأبطوا شرا للإسلام، إلا أنها تنطبق على كل عصر ينتشر فيه دعاة الشر (الإرهاب الفكري) لأنهم قد ستروا الحق بغيهم، وأصالة الإسلام ومبادئه الحقة بمفاهيمهم الساذجة المنحرفة، فهم في الظاهر مسلمون إلا أنهم استبطنوا الحقد له والعداء، وكل النوايا السيئة.
فالحل النهائي والأمثل لهؤلاء هو مجاهدتهم، إذ لابد من ذلك ما دام دعاة الإرهاب الفكري في كل عصر قد اقترفوا جريمة بأن اعتدوا على عقول الناس بألسنتهم وأيديهم، عندها يجب أن يخضعوا للعقاب كونهم حرضوا - بفتاويهم الترهيبية- أتباعهم على قتال المسلمين وغير المسلمين أينما حلّوا، وتحت كل حجر ومدر، ولذلك يجب أن يواجهوا بمثل ذلك قال تعالى( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم )[108] فالاعتداء أولا على هؤلاء مرفوض في الإسلام قال تعالى (ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)[109] ولهذا نجد أن السبب الذي أودى إلى قتالهم هم أنفسهم و ليس المراد إن الإسلام أراد أن يفرض رأيه وإن الرسول (ص) استعمل القتال في جميع حياته، فمقاتلة هؤلاء لا تعني إن المسلمين الحقيقيين هم أهل قتال و سفك الدماء، وإنما أرادوا الدفاع عن بيضة الإسلام وحرمة الأعراض من الانتهاك قال تعالى( فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا إيمان لهم لعلهم ينتهون)[110] فالمجتمع الإسلامي _على مر العصور_ يتعرض لهجمات فكرية تعصف به من هنا وهناك، مما يخلق فيه حالة من الفوضى والاضطراب الفكري، لهذا كانت التعليمات القرآنية واضحة برد اعتداء أئمة الضلال ويكون ذلك عبر(الجهاد الذي جعله تعالى أحد الأسلحة التي بها يعم الخير و يستأصل شافة الكفر إنقاذا للمظلومين و انطلاقا لزمام الحرية و إفشاء للعدل)[111] خاصة وإن دعاة الإرهاب الفكري قد أغلقوا منافذ عقولهم عن سماع الحق وسعوا إلى إغلاق منافذه في عقول الآخرين، و إصرارهم على ذلك سعيا منهم إلى تشويه صورة الإسلام الحقة و إشاعة الباطل .
نتائج البحث
بعد الاستعانة بالله على خوض غمار هذه المهمة استطاع الباحث استنتاج عدة نتائج مهمة، هي:
1- انتفاء الصلة بين دلالة الإرهاب في القرآن الكريم وبين مفهومه العصري.
2- مهما بلغت الدراسات حول ظاهرة الإرهاب، إلا أنها لن تتمكن من الوصول إلى تحديد مفهوم موحد له؛ كون هذا المصطلح قد تمّ تسييسه لضرب أهداف معينة يراد منها تحقيق مصالح خاصة.
3- الإرهاب مصطلح حديث إلا أن مصاديقه تمتد جذورها منذ الخليقة، فالقتل والصلب وسمل العيون أو الحرق وتقطيع الأوصال وغيرها هي أبرز تلك المصاديق.
4- تكمن وراء نشوء أي ظاهرة لا سيما الإرهاب مسببات أبرزها،سيكولوجية أو بيئية أو سياسية أو فكرية، وتساهم المناهج التعليمية بشكل كبير في تكوين عقلية الإنسان خاصة تلك المناهج التي تحمل إستراتيجية عنفيه يرافقها كادر تدريسي متشدد.
5- يقف وراء كل عمل عملية عقلية إعمالية حركية تدفع الإنسان إلى ذلك العمل سواء أكان نافعا أم ضاراً، فإذا توصل الإنسان من خلال تفكيره إلى منفعة دنيوية وأخروية فنقول عنه أنه قد فكّر وظفر والعكس، لذلك فإن الفكر إذا لم يتم العمل به في منفعة علمية للفرد والمجتمع، فإن المؤدى- عند تعطيل الفكر- إلى الإرهاب، وهنا تكمن أهمية الفكر.
6- تقف وراء بناء كيان الفرد وتحديد مساره في الحياة عدة عوامل جوهرية أساسية، كالأسرة والمجتمع والسياسة، فأي خلل في موازين هذه العوامل ستنعكس سلبا على الفرد وينحرف عن جادة الصواب، ولا يتورع عن ممارسة الجرائم، لا سيما الإرهاب الفكري.
7- القرآن الكريم الملجأ الوحيد لحل كل ما يعتري البشرية من مشاكل والتي يقف العقل البشري متحيراً عن إيجاد الحلول والعلاج لها، فالإرهاب الفكري لا حل له ولا علاج إلا في القرآن الكريم، فقد وضع برنامجاً متكاملاً للقضاء عليه،وقد تمثّل بـالجانب الوقائي، والجانب العلاجي ثم الجانب الإجرائي.
وهذه الجوانب الثلاثة لا نجدها في أية ديانة أخرى أو أية قوانين وضعية.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
المصادر والمراجع:
خير ما نبتدئ به القرآن الكريم
- ابن ابي الحديد :عز الدين عبد الحميد(656ه)
شرح نهج البلاغة لأمير المؤمنين (ع) تحق :محمد أبو الفضل إبراهيم دار إحياء الكتب العربية -عيسى ألبابي الحلبي و شركاه (د,ت).
-إبراهيم مصطفى و آخرون
المعجم الوسيط, مجمع اللغة العربية,القاهرة دار الدعوة(د,ت)
-إبراهيم بن مبارك ألجوير .
اثر تطبيق الشريعة الاسلامية في حل المشكلات الاجتماعية ,مكتبة ألعبيكان ,السعودية -الرياض ط1, 1415ه/1994م.
-أسد حيدر.
الإمام الصادق (ع)و الذاهب الأربعة,دار الكتاب ألإسلامي ,أسوة,1425ه/2004م.
-الإرهاب المعاصر, سامي علي عواد, نشر المكتب العربي الحديث( الازاريطة -2010 م ), ط الأولى.
-أساسيات المنطق,محمد صنقور علي, دار جواد الأئمة, بيروت-لبنان,ط1, 1435-2013م.
-الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر, مركز الرسالة,قم-إيران ,ط1, 1420ه-1999م.
- مرجع موسوعة القانون الدولي العام (قانون مكافحة الإرهاب الدولي ) المحامي محمد نعيم علّوة , منشورات زين الحقوقية ,مركز الشرق الأوسط الثقافي (بيروت -2012 م) , ط الأولى .
- إصباح الشيعة بمصابيح الشريعة,قطب الدين البيهقي الكيدري (6),تح:إبراهيم البهادري ,مطبعة إعتماد,قم-إيران,ط1, 1416ه/1995م.
-البحراني :عبد الله .
العوالم:الإمام الحسين(ع) ,مدرسة الإمام المهدي(عج) في الحوزة العلمية -قم المقدسة,أمير ,1ط, 1407ه.ق ,1365ه.ش.
- بحر العلوم:حسن عز الدين .
مجتمع اللاعنف,دار الزهراء , ط1, 1427ه/2006م.
-ألتسخيري:محمد علي.
مقدمة كتاب الاعتصام بالكتاب و السنة للشيخ جعفر السبحاني, مؤسسة الإمام الصادق(ع)(د.ت).
-التعريفات ,علي بن محمد الجرجاني,دار أحياء التراث العربي,بيروت-لبنان,ط1, 1424ه/2003م.
-حامد حنفي داوود.
نظرات في الكتب الخالدة,دار العلم,القاهرة,ط1, 1399ه/1979م.
-الحيدري:محسن.
الإرهاب و العنف في ضوء القران و السنة و التاريخ و الفقه المقارنة , تقديم:جعفر السبحاني,دار الولاء, بيروت-لبنان,ط1, 1431ه/2010م.
-ألخامنئي :علي .
مقدسات تأسيسية في مقولتي الغزو الثقافي و التبادل الثقافي, جمعية المعارف الإسلامية الثقافية, بيروت/لبنان ,ط1, 1421ه/2000م.
-الخطيب:عبد الكريم يونس الخطيب (بعد 1390ه).
القصص ألقرآني في منطوقه و مفهومه , دار المعرفة,بيروت,1975م.
-الخشن:حسين احمد.
العقل التفكيري,قراءة في المنهج ألإقصائي , المركز الإسلامي الثقافي ,مجمع الامامين الحسنين(ع)(د,ت).
-الرازي :محمد بن عمر(ت:606ه)
التفسير الكبير (مفاتح الغيب),دار إحياء التراث العربي,بيروت,ط1, 1420ه.
-الراغب الأصفهاني:الحسن بن محمد(ت:502ه)
المفردات ,تحق:صفوان ألداودي,دار القلم,الدار الشامية,دمشق,بيروت,ط1, 1412ه.
-السبحاني:جعفر.
ألأمثال في القران , مؤسسة الإمام الصادق (ع), إعتماد -قم,ط1, 1420ه.
-ألسقارة :منقذ بن محمود.
الحوار من إتباع الأديان مشروعيته و آدابه, رابطة العالم الإسلامي,(د.ت).
-السيد قطب إبراهيم حسين ,
في ظلال القران , دار دمشق, بيروت,ط2, 1412ه.
-شوقي أبو خليل .
الحوار دائما ,دار الفكر المعاصر, بيروت_لبنان ,دار الفكر,دمشق سورية,العلمية بدمشق,ط3, 1416ه/1996.
-الصفار:حسن موسى.
التعددية و الحرية في الإسلام ,ط2, 1430ه/2009م.
-ألضليمي:احمد بن عبد الفتاح.
السؤال في القران الكريم ,وآثره في التربية و التعليم,الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة,ط33-العدد111, 1421ه/2001م.
-الطباطبائي:محمد حسين(1412ه).
الميزان في تفسير القران ,منشورات جماعة المدرسين في الحوزة العلمية-قم المقدسة ,(د.ت).
قضايا المجتمع و الأسرة, دار الصفوة,(د.ت).
-الطريحي:فخر الدين(ت:1085ه).
مجمع البحرين,تحق:السيد احمد الحسيني,مكتب النشر للثقافة الإسلامية,ط2, 1408ه/1367ه.ش.
-العقاد:عباس محمود.
التفكير فريضة إسلامية ,نهضة مصر,(د.ت).
-عاطف السيد.
التربية الإسلامية,أصولها,ومنهجها-ومعلمها,(د.ت).
-لبن فارس:احمد بن زكريا(395ه).
معجم مقاييس اللغة ,تحق,عبد السلام محمود هارون,دار الفكر,1399ه/1979م.
-فضل الله:محمد حسين.
العقل قي القران الكريم, المركز الإسلامي الثقافي,مجمع الإمامين الحسنين(ع)لبنان,ط1, 1434ه/2013م.
-الفراهيدي:الخليل بن احمد(175ه).
العين ,تحق:مهدي المخزومي,إبراهيم السامرائي,مكتبة الهلال,(د.ت)
-فلمبان:هلال.
دور الحوار التربوي في وقاية الشباب من الإرهاب الفكري ,مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني-الرياض 1429ه/2008م.
-الفكر الإسلامي,محمد صادق عفيفي ,مكتبة الخانجي,القاهرة-مصر,د-ت.
- قانون مكافحة الإرهاب العراقي رقم (13) لسنة 2005 م المادة الأولى.
- قضايا الفكر,د,الترابي,معهد البحوث و الدراسات الاجتماعية ,ط2, 1426ه-1995م.
-الكليني:محمد بن يعقوب(329ه).
الكافي,تحق:علي اكبر غفاري,دار الكتب الاسلامية-طهران,ط4, 1365ه.ش.
- لسان العرب , لجمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصري , تحقيق : د.يوسف ألبقاعي,إبراهيم شمي الدين,نضال علي الدار المتوسطية للتوزيع والنشر.
-المدرسي:محمد تقي.
التاريخ الإسلامي دروس وعبر,دار النشر المدرسي,ط7,(د.ت).
- المظفر:محمد رضا(1388ه).
المنطق,مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين,قم المقدسة,(د.ت)
-منقذ بن محمود ألسقارة.
الحوار من إتباع الأديان مشروعيته و آدابه ,رابطه العالم الإسلامي(د.ت).
-محسن وهيب عبد.
أيديولوجية الإرهاب وموقف الإسلام منه,دار الفراهيدي,بغداد,شبكة الإعلام العراقي,سلسلة (العراقية تطبع),2014م.
-مجموعة أساتذة و باحثين.
تربية الطفل في الإسلام.مركز الرسالة.قم.إيران,مهر.ط1, 1418ه.
-المحكم و المحيط الأعظم ,أبي الحين علي بن إسماعيل بن سيدة المرسي المعروف بأبن سيدة,تح,د.عبد الحميد ألهنداوي,دار الكتب العلمية ,بيروت -لبنان,د-ط,د-ت.
- المعجم الفلسفي,جميل صليبيا,دار الكتاب اللبناني,بيروت-لبنان,د-ط,1403ه-1982م.
- المعجم الشامل للمصطلحات العلمية والدينية, إبراهيم حسين سرور,دار الهادي,بيروت-لبنان,ط1, 1429ه/2008م.
منازل الاخرة.عباس القمي,الموت,الرزخ,والمعاد,دار المرتضى, بيروت-لبنان 1431ه/2010م.
-النابلسي:محمود راتب.
مفهوم التعايش السلمي من دروس (فقه السيرة النبوية)الدرس(48-75),2006م.
- ألهرفي:عبد الرحمن.
التفكك الأسري,مؤسسة ملتقى الخطباء,(د.ت).
-يوسف علي فرحات.
الحوار أصوله و ضوابطه و أثره في الدعوة الاسلامية ,مركز العلم و الثقافة.غزة 2006م.
-إيمان شمس الدين .
الإرهاب الفكري و أدواته,جريدة القبس الكويتية,العدد:4, 1495, 2013م.
- رفيف الفارس.
الإرهاب الفكري. مفاهيم عامة و حلول أولية, الورقة التي شاركت بها ملتقى فيض الثقافي في مركز الثقافي البغدادي- العراق,نيابة عن مؤسسة النور بثقافة و الأعلام-السويد 2014م.
-المصلح:عبد الله بن عبد العزيز .
أسس التعايش السلمي ومرتكزاته ,بحث مقدم إلى ندوة (التعايش السلمي في الإسلام)الدولية , بجمهورية سيرلانكا,1437م.
- صلال:عبد الرزاق رحيم
الأصول الدينية للتعايش الإنساني , أطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية الفقه,جامعة الكوفة , 1429ه/2008م.
- قلعجة: ميساء كامل.
البناء العقلي في ضوء القران الكريم (دراسة موضوعية) رسالة ماجستير مقدمة /كلية اصول الدين/الجامعة الإسلامية -غزة, 1430ه/2009م.
-اللهيبي:جواهر بنت محمد.
الاتصال التعليمي الجماهيري و دوره في مواجهة ظاهرة الإرهاب,رسالة ماجستير مقدمة إلى الكلية التربية/جامعة أم القرى, 1429ه/2008م.
المواقع الالكترونية:-
الخشن :السيد احمد,الصفحة الرسمية:/http www.alkhechin.com
[1] - الكليني/ الكافي/1/10
[2] - سورة فاطر:24
[3] - سورة الأنعام: 153
[4] - بحر العلوم/ مجتمع اللاعنف/275
[5] - م.ن
[6] - لسان العرب , لجمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور الإفريقي المصري , تحقيق : د.يوسف ألبقاعي الدار المتوسطية للتوزيع والنشر ( تونس – بلا تاريخ ) , المجلد الأول ص 1595 .
[7]- كتاب العين , الخليل بن احمد الفراهيدي , تحقيق د.مهدي المخزومي و د.إبراهيم السامرائي , منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات ( بيروت -1988م) ج4 , ص47 .
[8]- م 0 ن0
[9]- لسان العرب , الجزء الأول , ص 1596.
[10]- مفردات ألفاظ القرآن , للراغب الاصفهاني ت 425 هـ , تحقيق صفوان عدنان داوودي , منشورات ذوي القربى ( قم -1431 هـ ) , الطبعة السادسة /366 .
-[11]الإرهاب المعاصر, تأليف سامي علي عواد,الناشر المكتب العربي الحديث,( الازاريطة -2010 م ), ط الأولى/ 19.
[12]- الإرهاب المعاصر , تأليف سامي علي عواد , ص 20 .
-[13] المصدر نفسه ص 24 .
[14] - قانون مكافحة الإرهاب العراقي رقم (13) لسنة 2005 م المادة الأولى .
[15] - ينظر :الإرهاب المعاصر , تأليف سامي علي عواد , ص 50-51-52-53-54 .
[16] - الإرهاب المعاصر , تأليف سامي علي عواد ص 19 .
[17] - مرجع موسوعة القانون الدولي العام (قانون مكافحة الإرهاب الدولي ) المحامي محمد نعيم علّوة , منشورات زين الحقوقية ,مركز الشرق الأوسط الثقافي (بيروت -2012 م) ,ط 1 / 10/ 96
[18] - العين/الفراهيدي/5/358
[19] - معجم مقاييس اللغة/4/446
[20] - المحكم والمحيط الأعظم/ 7/ فصل الفاء
[21] - القاموس المحيط/ مادة فكر
[22] - إبراهيم مصطفى وآخرون/2/310
[23] - التعريفات/157
[24] - مجمع البحرين/الطريحي/3/444
[25] - ظ: جميل صلبيا/1/317
[26]- المعجم الشامل للمصطلحات العلمية والدينية/ إبراهيم حسين سرور/428
[27] - المنطق/المظفر/24
[28] - ظ: المنطق/ المظفر/26، أساسيات المنطق/ محمد صنقور/16
[29] - قضايا الفكر/ الترابي/80
[30] - الفكر الإسلامي/محمد صادق عفيفي/12
[31] - سورة النحل:125
[32] - منازل الآخرة والمطالب الفاخرة/96
[33] - ظ: أصباح الشيعة بمصباح الشريعة/البيهقي/ 4 ، منازل الآخرة/96
[34] - قضايا المجتمع والأسرة/63
[35] - مجتمع اللاعنف/279-280
[36] - تربية الطفل في الإسلام/مجموعة باحثين/7
[37] - الاتصال التعليمي الجماهيري ودوره في مواجهة ظاهرة الإرهاب الفكري/أللهيبي /77
[38] - ظ: تربية الطفل في الإسلام/ سيما راتب/117
[39] - التفكك الأسري/ عبد الرحمن الهرفي/ 141
[40] - دور الحوار التربوي/فلبمان/135
[41] - نظرات في الكتب الخالدة/حامد حفني داوود/ 103
[42] - أثر تطبيق الشريعة الإسلامية في حل المشكلات الاجتماعية/ إبراهيم بن مبارك الجوير/9
[43] - دور الخطاب الديني في تغيير البنية الفكرية بين الإصلاح والإفساد خطاب العقيلة زينب(ع) أنموذجاً / نبيل الحسيني/42-43
[44] - العقل التكفيري، قراءة في المنهج الإقصائي/314-315
[45] - الإمام الصادق(ع) والمذاهب الأربعة/7/15
[46] - الإرهاب الفكري/رفيف الفارس/ورقة شاركت بها في ملتقى فيض الثقافي في المركز الثقافي البغدادي- العراق.
[47] - ظ: الإرهاب الفكري وأدواته/ إيمان شمس الدين/ جريدة القبس الكويتية/ العدد 4/2013م
[48] - ظ: مقدمات تأسيسية في مقولتي الغزو الثقافي والتبادل الثقافي/علي الخامنئي/6-8
[49] - التاريخ الإسلامي دروس وعبر/المدرسي/ 384
[50] - الإمام الحسين(ع)/عبد الله البحراني/234
[51] - التفكير فريضة إسلامية/العقاد/4
[52] - البناء العقلي في ضوء القرآن الكريم(دراسة موضوعية)/ميساء كمال/ 19
[53] - في ظلال القرآن/ سيد قطب/2568
[54] - الأمثال في القرآن/ السبحاني/16
[55] - سورة النور: 35
[56] - التفسير الكبير/الرازي/19/121
[57] - سورة الحج:73
[58] - العقل في القرآن الكريم/12-13
[59] - التربية الإسلامية، أصولها، ومنهجها، ومعلمها/ عاطف السيد/63
[60] - القصص القرآني في منطوقه ومفهومه/عبد الكريم الخطيب/8
[61] - السؤال في القرآن الكريم وأثره في التربية والتعليم/أحمد بن عبد الفتاح/264
[62] - سورة البقرة: 108
[63] - ظ: السؤال في القرآن الكريم/ أحمد بن عبد الفتاح/ 291
[64] - سورة الروم: 61
[65] - سورة النحل: 4
[66] - سورة يونس: 94
[67] - أيديولوجية الإرهاب وموقف الإسلام منه/ محسن وهيب/ 188
[68] - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر/ مجموعة باحثين/57
[69] - ظ: معجم مقاييس اللغة/ابن فارس/2/115
[70] - ظ: الحوار أصوله وضوابطه وأثره في الدعوة الإسلامية/ يوسف علي فرحات/3
[71] -الحوار مع أتباع الأديان مشروعيته وآدابه/منقذ بن محمود/8
[72] - سورة الكهف: 37
[73] - الحوار دائما/ شوقي أبو خليل/6
[74] - المجمع العالمي للوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية/ المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية/ طهران/28 يناير 2015م
[75] - سورة الأنبياء: 92
[76] - مقدمة كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة للشيخ جعفر السبحاني/التسخيري/1
[77] - التعددية والحرية في الإسلام/الصفار/125
[78] - سورة آل عمران:103
[79] - سورة الحجرات:10
[80] - سورة المائدة: 2
[81] - سورة آل عمران:105
[82] - سورة الأنفال:46
[83] - سورة آل عمران:104
[84] - سورة التوبة: 71
[85] - مجتمع اللاعنف/ بحر العلوم
[86] - الأصول الدينية للتعايش الإنساني في الأديان السماوية/ صلال/ 8
[87] - أسس التعايش السلمي ومرتكزاته/ عبد الله بن عبد العزيز/3
[88] - ظ: المعجم الوسيط/ إبراهيم مصطفى وآخرون/1/446
[89] - سورة يونس: 25
[90] - سورة البقرة: 208
[91] - مفهوم التعايش السلمي من دروس(فقه السيرة النبوية)الدرس 48-75 / محمود راتب النابلسي/1
[92] - شرح نهج البلاغة/ابن أبي الحديد/17/32
[93] - سورة يونس: 25
[94] - مجتمع اللاعنف/ بحر العلوم/317
[95] - الإرهاب والعنف في ضوء القرآن والسنة والتاريخ والفقه المقارن/الحيدري/2/189
[96] - حسين الخشن/ الصفحة الرسمية/أنترنت
[97] - سورة الممتحنة:9
[98]- سورة آل عمران:149
[99] - سورة هود:113
[100] - سورة الأنفال:60
[101] - أيديولوجية الإرهاب وموقف الإسلام منه/ محسن وهيب/212
[102] - سورة الأنفال:61
[103] - سورة البقرة: 11-12
[104] - الإرهاب والعنف/ الحيدري/2/9
[105] - سورة التوبة:73
[106] - سورة التوبة:123
[107] - الميزان/ الطباطبائي/9/339
[108] - سورة البقرة:194
[109] - سورة القرة:190
[110] - سورة التوبة:12
[111] - مجتمع اللاعنف/ بحر العلوم/333
ارسال نظر