تقييم تطبيقات "الإجماع" سبيل للتقريب
د. خالد زهري
بادىء ذي بدء، نشير إلى أن الإجماع أصل من أصول التشريع الإسلامي، بعد أصلي الكتاب والسنة، لدى المذاهب الإسلامية كافة[1]، مع اختلاف في تفصيلاته وخصوصياته.
والأدلة على ذلك أشهر من أن نسوقها في هذا البحث الموجز.
وقد نسب بعض أهل السنة إلى الإمامية القول بمنعه، لكنهم اضطربوا في هذه النسبة. فمنهم من نسبه إليهم مطلقا، كأبي إسحاق الشيرازي الشافعي[2]. ومنهم من نسبه إلى بعضهم، كابن بدران الدمشقي الحنبلي[3].
والصحيح هو إقرارهم بمصدريته في عوالم التشريع[4]، وقد بنى السيد المرتضى "كتاب الانتصار" على الإجماع، وكذا أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة. وجعل أبو جعفر الطوسي بعض مسائل الخلاف مبنية عليه[5].
بيد أن مفهوم الإجماع عند الإمامية، والذي يشترط في حجيته وجود الإمام المعصوم، والكشف عن رأيه[6]، يجعل ما نُسِبَ إليهم مقبولا، من حيثية أن المفهوم المذكور يجعل الإجماع رديفا للحديث المتواتر عندهم[7].
وعليه، فإنه لا ينبغي المماراة في أصالة الإجماع[8]. والطعنُ في هذا الأصل يعتبر نسفا للبناء المعرفي، الذي تأسس عليه موروثنا الحضاري، لاسيما الموروث الأصولي والفقهي.
بيد أنه ينبغي التمييز بين "الإجماع" و "دعوى الإجماع"، لا سيما إذا علمنا أن كثيرا من الناس – كما يفيدنا الشيخ الفلاني المالكي – يسمون عدم العلم بالمخالف إجماعا، ويقدمونه على الحديث الصحيح[9].
ومثال ذلك عند الإمامية، ماقاله عبد الأعلى السبزواري؛ في معرض كلامه على أدلة الاستصحاب؛ معلقا على الدليل الأول: "الأول: دعوى الإجماع، ولكنه راجع إلى بناء العقلاء. فليس دليلا مستقلا في مقابله، وليس من الإجماع التعبدي، لمعلومية المدرك، مضافا إلى كثرة الخلاف"[10].
* * *
لقد وظفت هذه الدعوى وسخرت بشكل أسهم في تحجير الفكر الإسلامي، وخنق الإبداع، وبث الفرقة بين المسلمين. إذ كان كل من يتبنى فكرة أو عقيدة، ولا يملك الأدلة النقلية والعقلية الكافية لإثباتها، إلا وادعى أن مستنده في ذلك هو الإجماع.
وقد نبه على ذلك الإمام ابن حزم، فبعد أن كشف عن الآراء الفاسدة في دعوى الإجماع، نعت أصحاب هذه الآراء بأنهم نحوا إلى تسمية ذلك "إجماعا، عنادا منهم وشغبا، عند اضطرار الحجة والبراهين لهم، إلى ترك اختياراتهم الفاسدة"[11].
ولذا، كذب الإمام "أحمد مَن ادعى الإجماع، ولم يسغ تقديمه على الحديث الثابت"[12]. وقال ابنه عبد الله: "سمعت أبي يقول: ما يدعي فيه الرجل الإجماع، فهو كذب. من ادعى الإجماع، فهو كاذب. لعل الناس اختلفوا؛ ما يدريه؛ ولم ينته إليه! فليقل: لا نعلم الناس اختلفوا. هذه دعوى بشر المريسي والأصم، ولكن يقول: ولكن لا نعلم الناس اختلفوا، ولم يبلغني ذلك"[13].
وكان إذا وجد لبعض الصحابة فتوى لا يعرف له مخالف منهم فيها، لم يقل: "إن ذلك إجماع"، بل؛ من ورعه في العبارة؛ يقول: "لا أعلم شيئا يدفعه"، أو نحو ذلك[14].
ولذا، نجد فتاواه منبنية على خمسة أصول، لا وجود للإجماع بينها، وهي:
أحدها: النصوص من الكتاب والسنة؛
الأصل الثاني: ما أفتى به الصحابة ولم يعرف له مخالف بينهم؛
الأصل الثالث: اختيار أقرب أقوال الصحابة إلى الكتاب والسنة عند اختلافهم؛
الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل والحديث الضعيف[15]، إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه؛
الأصل الخامس: القياس، ويستعمله للضرورة[16].
وقد حاول ابن بدران الدمشقي الحنبلي تسويغ ما نسب إلى الإمام أحمد من إنكار الإجماع, وذكر أنهم اعتذروا عنه, بأنه محمول على الورع, أو على غير عالم بالخلاف, أوعلى تعذر معرفة الكل, أو على العلم النطقي, إلى غير ذلك من الإعتذارات[17].
وهذا التسويغ لا وجه له , إذ الإمام أحمد لا ينكر الإجماع من حيث المبدأ. وإنما ينكر دعاوى الإجماع, ويقرر أن حيز الإجماع؛ من حيث التطبيق؛ أضيق من أن يتحمل تلك الدعاوى.
والموقف نفسه يعبر عنه الإمام الشافعي, فقد "نص في رسالته الجديدة على أن ما لا يعلم فيه الخلاف لا يقال له: "إجماع", ولفظه: ما لا يعلم فيه خلاف, فليس إجماعا"[18].
ومما قاله في ذلك: "لست أقول, ولا أحد من أهل العلم: "هذا مُجتمَع عليه", إلا لِما لا تلقَى عالما أبدا, إلا قاله لك, وحكاه عن من قبله, كـ "الظهر أربعٌ", وكتحريم الخمر, وما أشبهَ هذا"[19].
وقال: "الإجماع هو الذي لو قلت: "أجمع الناس", لم تجد حولك أحدا يعرف شيئا يقول لك: ليس هذا بإجماع"[20].
ومن تم يمكن القول: إن الإجماع ينحصر؛ أو يكاد؛ في المعلوم من الدين بالضرورة[21]. وهذا هو الذي ينطبق عليه قول الإمام الشافعي: "والإجماع حجة على كل شيء، لأنه لا يمكن فيه الخطا"[22]، وينطبق عليه أيضا قول القائل: "والحق أن منكر المجمع الضروري، والمشهور المنصوص عليه، كافر قطعا"[23].
ولا جرم أن هذا الإجماع اليقيني لا يخالف فيه أحد، بل هو الركن العلمي والعملي، الذي يعصم الأمة من التفرق والتمزق.
ونؤكد تارة أخرى أن الذي أنكره أحمد والشافعي هو "دعوى الإجماع", ولا ينبغي أن نفهم من كلامهم – كما نبهنا الفلاني عليه - استبعادا لوجوده[24].
* * *
والموقف نفسه نجده لدى المحققين من الإمامية. فهم بعد إقرارهم بحجية الإجماع, تحفظوا في كثير من التطبيقات الاستنباطية، المنبنية على دعوى الإجماع.
فالآخوند؛ مثلا؛ كثيرا ما يورد بعض المسائل، معلقا عليها بقوله: "ولا مجال لدعوى الإجماع"[25]، أو يورد دليل الإجماع على مسألة ما، ثم يردفها بقوله: "على ما ادعي"، كقوله: "... بل الإجماع على الإجزاء في العبادات، على ما ادعي"[26]. ولا جرم أن هذه العبارة تفيد توهين الاحتجاج بالإجماع في هذا المورد، وتجعله من قبيل الدعوى.
وقد يعبر عن "دعوى الإجماع" بقوله: "بُعدُ تحصيل الإجماع في مثل هذه المسألة"[27].
ومن ذلك أيضا، أنه ذكر مسألة "نقل الإجماع على تعين تقليد الأفضل"، وعلق عليها بقوله: "ولا يخفى ضعفها [ ... ] لقوة احتمال أن يكون وجه القول بالتعيين للكل أو الجل هو الأصل. فلا مجال لتحصيل الإجماع، مع الظفر بالاتفاق . فيكون نقله موهونا، مع عدم حجية نقله، ولو مع عدم وهنه"[28].
ولذا، لم يتفق المحققون من الإمامية على كثير من دعاوى الإجماع الكثيرة التي ضمنها محمد حسن النجفي في كتابه "جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام"[29]، مع ملاحظة أنه كان ينقل تلك الدعاوى، دون تمحيصها والنظر في مقتضاها، والتثبت من صحتها.
يقول مثلا: "... بل عليه الإجماع، في "المعتبر"، و"المنتهى"، و"الذكرى"، وعن "التذكرة" ..."[30]، ويقول في مسألة المسح على الرأس: "... بل في "التهذيب" الإجماع ممن قال بوجوب المسح عليه، وهما معقد الشراك، كما في "الإشارة"، و"المراسم"، وعن "الكافي" ..."[31]، دون تمحيص وتثبت من صحة الإجماع المدعى في الكتب التي اعتمد عليها في "الجواهر". بل إنه قد يذكر الإجماع، وهو متردد في تقريره، كما تدل على ذلك العبارة التالية: "... وكيف كان، فالعمدة في المقام الإجماع؛ لو تم!"[32]. وهل هناك تردد وحيرة أصرح من قوله في النبيذ: "... ولا يزيل خبثا على الأظهر، عند اكثر أصحابنا، كما في "الخلاف". وهوالمشهور نقلا، وتحصيلا شهرة، كادت تبلغ الإجماع، بل هي إجماع"[33]؟! فإنه لم يحسم في تحديد موقفه، ولا حسم في دعوى الإجماع. فهل يبقى لدعوى الإجماع؛ بعد هذا؛ قيمة علمية في هذا الاستدلال؟!
أما تصريحاته بأن العمدة في المسائل الفقهية هو "الإجماع المحصل والمنقول"، فحدث ولا حرج[34].
وأشار عبد الأعلى السبزواري إلى دعاوى الإجماع عند الشهيد الثاني، والمسائل التي ادعى فيها الإجماع في موضع، وادعى الإجماع على عكسه في موضع آخر، ليقول: "فلا بد للفقيه، في الاعتماد على مثل هذه الإجماعات، من التثبت والفحص"[35].
* * *
هذا، وقد وظفت دعوى الإجماع في إقصاء كل المذاهب المخالفة لهذا المذهب أو ذاك، واعتبرت أقوال المذهب المخالف شذوذا لا حكم له، أو استثناء لا ينفي القاعدة، بل يؤكدها ويثبتها.
ولقد كان ابن حزم موفقا في إدراك هذا المعول الهدام في الصرح الفكري والديني، الذي لا يتكامل، ولا يصير متينا، إلا بوجهات النظر المخالفة، والآراء المتباينة.
وعلى ضوء ذلك، ناقش مسألة "الإجماع"، ليصدر هذا الحكم: "ولسنا نُخِرج من جملة العلماء من ثبتت عدالته وبحثه عن حدود الفتيا، وإن كان مخالفا لنحلتنا، بل نعتد بخلافه، كسائر العلماء، ولا فرق، كعمرو بن عبيد، ومحمد بن إسحاق، وقتادة بن دعامة السدوسي، وشبابة بن سوار، والحسن بن حيي، وجابر بن زيد، ونظرائهم، وإن كان فيهم القدري، والشيعي، والإباضي، والمرجىء، لأنهم كانوا أهل علم، وفضل، وخير، واجتهاد، - رحمهم الله -. وغَلَطُ هؤلاء؛ بما خالفونا فيه؛ كغلط سائر العلماء في التحريم والتحليل، ولا فرق"[36].
بل ذهب الشافعية إلى أبعد من ذلك، حيث ركزوا على شرط الاجتهاد، ولو عزبت عنه العدالة[37]، إذ ذكر أبو إسحاق الشيرازي الشافعي أنه "يعتبر في صحة الإجماع اتفاق كل من كان من أهل الاجتهاد، سواء كان مدرسا مشهورا، أو خاملا مستورا، سواء كان عدلا أمينا، أو فاسقا متهتكا، لأن المُعَوَّل في ذلك على الاجتهاد، والمهجور كالمشهور، والفاسق كالعدل، في ذلك"[38]، ولم يخرج من الإجماع، إلا المجتهد، الذي خرج من الملة، بتأويل أو غير تأويل [39].
والموقف نفسه عبر عنه صاحب "فواتح الرحموت" بقوله: "لا يشترط عدالة المجتهد في الإجماع، فيتوقف على غير العدل، في مختار الآمدي، والإمام حجة الإسلام الغزالي – قدس الله سرهما -، كلاهما من الشافعية، لأن الأدلة الدالة على حجية الإجماع مطلقة عن تقييد الأمة بكونها عدلا. فاعتبار إجماع العدول، مع مخالفة الفاسق، لا مدرك له شرعا، وكل حكم لا مدرك له شرعا وجب نفيه"[40].
* * *
إن هذه الإشكالات الواردة على الإجماع هي التي جعلت الإمام الغزالي يرفض الحكم على منكرالإجماع بالكفر، أو الفسق، أو البدعة. وهذا كلامه: "ولو أنكر ما ثبت بالإجماع، فهذا فيه نظر، لأن معرفة كون الإجماع حجة قاطعة فيه غموض، يعرفه المحصلون لعلم أصول الفقه. وأنكر النظام كون الإجماع حجة أصلا، فصار كون الأجماع حجة مختلف فيه"[41].
والأمثلة على الوظيفة السلبية لدعوى الإجماع أكثروأغزر من أن يضبطها قانون العد والحصر، لكن سنكتفي ببعض التطبيقات، التي تكشف عن دورهذه الدعوى في تجميد النقول، وغلق العقول.
الإجماع على خلافة أبي بكر الصديق
سنعالج؛ على ضوء ما ذكرنا؛ أول إجماع اتخذ دليلا في تاريخ المسلمين، وهو الإجماع على بيعة أبي بكر الصديق – رضي الله عنه -.
يقول ابن خلدون، في الإجماع على وجوب نصب الإمام، والإجماع على بيعة أبي بكر – رضي الله عنه -: "ثم إن نصب الإمام واجب، قد عرف وجوبه في الشرع، بإجماع الصحابة والتابعين، لأن أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؛ عند وفاته؛ بادروا إلى بيعة أبي بكر – رضي الله عنه -، وتسليم النظر إليه، في أمورهم. وكذا في كل عصر من بعد ذلك. ولم تترك الناس فوضى، في عصر من الأعصار. واستقر ذاك إجماعا، دالا على وجوب نصب الإمام"[42].
والملاحظ أن هذه الدعوى مخالفة رأسا للحكم الذي نقلناه عن الغزالي قبل حين.
ومهما يكن من أمر، فإن كُلاًّ من الإمامية[43] و أهل السنة يستندان على أصل الإجماع؛ علاوة على أصالة النص؛ في القول بوجوب نصب الإمام. بيد أنهم يذكرون شذوذ الأصم من المعتزلة، وبعض الخوارج، عن هذا الإجماع[44].
وقد تولى ابن خلدون الرد على هذا الشذوذ، ودحض أدلته، في "المقدمة"[45]. إلا أن مخالفة هذا الإجماع قد تجعلنا نتردد في الجزم به، ما دام قد تطرق إليه الاختلاف.
* * *
إن قضية الإمامة[46] تستند؛ في حقيقة الأمر؛ إلى مبدإ الشورى[47]، عند أهل السنة، بمعنى أنها من مصاديق السياسية الشرعية.
ويمكن أن نقول؛ بدون تردد؛ بأنها تتبوأ مقام الرتبة العليا، في مراتب السياسات الشرعية. ونحن هنا لن ننقاش الأدلة التي استند عليها أهل السنة في إثبات خلافة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، لكن يهمنا أن نناقش أوهن هذه الأدلة، وهو دليل "الإجماع".
* * *
يذهب جمهور أهل السنة إلى القول بإجماع الصحابة على بيعة أبي بكر الصديق[48] – رضي الله عنه -، بل ذهبوا إلى حد اعتباره في مستوى الآية القرآنية، أو الحديث المتواتر، من حيث وجوب العلم والعمل به.
وبذلك يكفر جاحده، كما هو صريح قول عبد العلي الأنصاري: "فإجماع الصحابة مثل الآية والخبر المتواتر. ومثل هذا الإجماع في التحرير الإجماع على خلافة أمير المؤمنين، إمام الصديقين بعد المرسلين، أفضل الأولياء المكرمين، أبي بكر الصديق – رضي الله تعالى عنه –"[49].
بيد أنهم يصرحون بتخلف بعض الصحابة عن هذه المبايعة، كما هو صريح قول ابن حبان البستي: "ثم نزل واستقام الأمر بعد رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وبايعه الناس، ورضوا به، وسموه "خليفة رسول الله" – صلى الله عليه وسلم -، إلا شرذمة مع علي بن أبي طالب، تخلفوا عن بيعته"[50].
فإن قيل: "هذا شذوذ لا يلتفت أليه!"، فالاعتراض مدفوع بما ذكره الماوردي، وهو "أن بيعة أبي بكر – رضي الله عنه – انعقدت بخمسة اجتمعوا عليه، ثم تابعهم الناس فيها؛ وهم: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وأسيد بن حضير، وبشر بن سعد، وسالم مولى أبي حذيفة، - رضي الله عنهم –"[51].
وقد أكد المُحدِّثون والمؤرخون المسلمون أن عليا بن أبي طالب، وبعض الصحابة معه، تخلفوا عن بيعة أبي بكر الصديق[52].
كما قرروا أنه لم يسالمه، ولم يصالحه، حتى توفيت فاطمة الزهراء – رضي الله عنها – بعد البيعة، بستة أشهر[53].
فإن قيل: "إن الإجماع انعقد بعد تلاشي النزاع، وحصول المصالحة"، فالجواب عنه بأمرين:
أولهما: أن الإجماع بعد استقرار الخلاف يفيد الظن[54]، وبذلك لم يبق مجال لتكفير المخالف لهذا الإجماع، لأن حكما كهذا يبنى على اليقين، لا على الظن.
ثانيهما: أن الصحابي أبا ثابت سعد بن عبادة الأنصاري، سيد الخزرج – رضي الله عنه -، خرج مغاضبا إلى الشام، ولم يبايع الخليفتين: أبا بكر وعمر – رضي الله عنهما -، حتى قتل غيلة، بحوران، على عهد الخليفة الثاني عمر[55].
فلو أخذنا بمبدإ أن "مَن خالف الإجماع، فقد مرق عن الدين"، فهل يعني هذا أن الصحابة الذين خالفوا ما اتُّفِقَ عليه في السقيفة مارقون عن الدين؟
فمن شرط الإجماع الصحيح – كما يقول ابن حزم – "أن يكفر من خالفه، بلا اختلاف بين أحد من المسلمين في ذلك"[56].
لا جرم أن المنهج السني في الجرح والتعديل سيجعلنا نعتبر هذا السؤال من قبيل اللغو، لأن من مقومات هذا المنهج عدالة الصحابة جميعا[57].
وبذلك فإن المسألة ستدور بين أمرين لا ثالث لهما:
فإما أن نصدر الحكم المذكور على سعد بن عبادة الذي امتنع عن البيعة، وإما أن نرد دعوى الإجماع المزعوم[58].
ولا جرم أن الأمر الثاني هو الذي َيتعيَّن، لأن القول بالأمر الأول يؤدي إلى نسف مقوم من أهم مقومات البناء الفكري والنسق المعرفي عند أهل السنة.
* * *
من هذا المنطلق، فإن الخلاف في المسألة ينبغي أن يبقى في إطار المسائل الخلافية، ما دام مختلفا فيه ، بل إن دعوى الإجماع فيه تؤدي إلى نتيجة عكسية، وهي تفريق كلمة المسلمين، وإمداد الصراع التاريخي؛ بين السنة والشيعة خاصة؛ بعناصر القوة، وعوامل النماء.
ولعل من أسلم المواقف؛ فيما نحن بصدده؛ موقف الإمام الغزالي، الذي يكشف عنه قوله: "واعلم أن الخطأ في أصل الإمامة، وتعينها، وشروطها، وما يتعلق بها، لا يوجب شيء منه تكفيرا. فقد أنكر ابن كيسان أصل وجوب الإمامة، ولا يلزم تكفيره. ولا يلتفت إلى قوم يعظمون أمر الإمامة. فكل ذلك إسراف. إذ ليس في واحد من القولين تكذيب للرسول – صلى الله عليه وسلم – أصلا. ومهما وجد التكذيب، وجب الكفر، وإن كان في الفروع"[59]. ويصرح أن "من أنكر وجود أبي بكر، وخلافته، لم يلزم تكفيره، لأنه ليس تكذيبا في أصل من أصول الدين، مما يجب التصديق به، بخلاف الحج، والصلاة، وأركان الإسلام"[60].
* * *
فلا يخفى أن تلك الرغبة الإقصائية، المدعومة بدعوى الإجماع، تستفز المخالف، فلا يجد سبيلا للذود عن موقفه، إلا التعصب، القائم على العاطفة والحمية، بعد أن مُنِع؛ بموجب الدعوى المذكورة؛ عن تشغيل أدواته العقلية، واستدلالاته الحجاجية.
وبذلك يمكن القول: إن خلاف الشيعة لأهل السنة في المسألة راجع إلى خلاف في السياسة الشرعية ، فتغدو من مصاديق القاعدة الحوارية الموروثة عن الشيخ محمد رشيد رضا - رحمه الله -: "لنتعاون فيما اتفقنا عليه، ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه".
هذا، وإن النظر في ملابسات المسألة، والظروف التي اكتنفتها، والنقاشات التي تخللتها، منذ السقيفة إلى الآن، يجعل "أصل المصلحة" أكثر مناسبة لدراستها، ولفهمها أيضا.
فهي؛ كما قلنا آنفا؛ من مصاديق السياسة الشرعية، والمتخلفون من الصحابة عن البيعة – خاصة علي رضي الله عنه - اضطروا؛ في نهاية المطاف؛ إلى القبول برأيهم، حفاظا على المصلحة العامة للمسلمين، في تلك الظروف الحرجة، وإشفاقا على بيضة الإسلام من ان تستباح[61].
بل إن الشيعة، على الرغم من ورود نصوص حديثية عندهم في الوصاية لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه -؛ سلموا للأمر الواقع، وقالوا بجواز تولية المفضول مع وجود الفاضل، وهذا من صميم النظر المصلحي في الأحكام الشرعية والولائية.
وهكذا، فإن دعوى الإجماع، إذا كانت تؤدي إلى نتيجة إلغائية وإقصائية، في هذه المسألة، لأنها لا تترك مجالا للآخر، كي يعبر عن موقفه، وتوصد أمامه أبواب النقاش والبحث، فإن أصل المصلحة، لا يعيد للمسألة بداهتها فحسب، بل إنه يفتح المجال أيضا للآخر، كي يبدي موقفه، ويُخوِّل له صلاحية التعبير عن موقفه، ومناقشته، مما قد يؤدي إلى خيارات توفيقية، ترضي الطرفين المتخالفين، كالخيار التوفيقي المذكور سابقا، وهو "جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل".
* * *
ولعل اتخاذ دعوى الإجماع وسيلة للاحتكار الفكري والهيمنة المذهبية هو الذي جعل ابن حزم يرفض حجية الإجماع، ولا يقبل منه إلا إجماع الصحابة[62].
فبعد أن قرر أن "الإجماع قاعدة من قواعد الملة الحنيفية، يرجع إليه، ويفزع نحوه، ويكفر من خالفه، إذا قامت عليه الحجة بأنه إجماع"[63]، طفق يناقش وجوه الضعف، ومكامن الوهن، فيما ادعاه الداعون من إجماعات، ليصل إلى أنه "قد أدخل قوم في الإجماع ما ليس فيه، وقوم عدوا قول الأكثرإجماعا، وقوم عدوا ما لا يعرفون فيه خلافا إجماعا، وإن لم يقطعوا على أنه لا خلاف فيه. وقوم عدوا قول الصاحب المشهور المنتشر، إذا لم يعلموا له من الصحابة مخالفا، وإن وجد الخلاف من التابعين، فمن بعدهم، فعدوه إجماعا. وقوم عدوا قول الصاحب، الذي لا يعرفون له مخالفا من الصحابة - رضي الله عنهم -، وإن لم يشتهر، ولا انتشر، إجماعا. وقوم عدوا قول أهل المدينة إجماعا. وقوم عدوا قول أهل الكوفة إجماعا. وقوم عدوا اتفاق العصر الثاني، على أحد قولين أو أكثر، كانت للعصر الذي قبله إجماعا"[64]، ثم يصدر حكمه على هذه الآراء، وَاسِما إياها بأنها "آراء فاسدة"[65].
وبهذا المنطق، نستطيع أن نفهم لماذا لم يذكر ابن حزم في كتابه "مراتب الإجماع" الإمامة العظمى؛ أعني إمامة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -؛ إذ لو كان الأمر كما زعم الزاعمون، لما تردد ابن حزم في ذكره، والانتصار له.
والملاحظة نفسها نسجلها عند النظر في كتاب "الإجماع" لابن المنذر، الذي لم يذكر من مسائل الإجماع، إلا المسائل الفقهية[66]. وهذا يذكرنا بما قرره أبو إسحاق الشيرازي الشافعي، وهو "أن الإجماع حجة شرعية في الأحكام الشرعية، كالعبادات، والمعاملات، وأحكام الدماء، والفروج، وغير ذلك من الحلال، والحرام، والفتاوى، والأحكام"[67]، بخلاف ابن حزم الذي ذيل كتابه المذكور ببعض المسائل المتعلقة بأصول الدين، مع ملاحظة أن ما ذكراه ليس برمته من قبيل الإجماع، بل كثير منه من قبيل المتفق عليه. وشتان بين الإجماع والاتفاق[68].
ولذا ختم ابن حزم كتابه "مراتب الإجماع" بالعبارة التالية: "ثم لجمهور علماء الحديث، أئمتنا - رضي الله عنهم -، اتفاقات أخر، لم نذكرها ههنا، لأنهم لم يجمعوا على تفسيق من خالفها، فضلا عن تكفيره، كما أنهم لم يختلفوا في تكفير من خالفهم فيما قدمنا في هذا الكتاب. وليعلم القارىء لكلامنا أن بين قولنا: "لم يجمعوا"، وبين قولنا: "لم يتفقوا"، فرقا عظيما"[69].
* * *
ومما يتناسب مع ما نحن بصدده مسألة تفضيل أبي بكر على علي، أو العكس.
فأهل السنة يستندون على أصل الإجماع، في القول بتفضيل أبي بكر على علي[70], والأصل نفسه يعتمده الشيعة في القول بتفضيل علي على أبي بكر[71].
وما قلته في دعوى الإجماع حول مسألة الإمامة، يقال في هذه المسألة، فلا نعيد.
لكن ما أود أن أشير إليه في هذا المقام، هو أن تفضيل الإمامية لعلي على سائر الصحابة عموما، وأبي بكر وعمر خصوصا، ظنه البعض سبا لهم، وقدحا في مقامهم العالي – رضي الله عنهم -.
والصحيح أن التفضيل هو غير السب، وغير التجريح. كما أن التفضيل لا يستلزم البَتَّةَ سبا أو شتما أو جرحا.
وقد تنبه ابن خلدون إلى ذلك، فقال: "وهؤلاء هم الإمامية، ويتبرأون من الشيخين، حيث لم يقدموا عليا، ويبايعوه، بمقتضى هذه النصوص، ويغمصون في إمامتهما. ولا ُيلتفَت إلى نقل القدح فيهما، من غلاتهم. فهو مردود، عندنا وعندهم"[72]، ثم يقول: "وقد كفانا مؤونة هؤلاء الغلاة أئمة الشيعة، فإنهم لا يقولون بها، ويبطلون احتجاجاتهم عليها"[73].
الخلاف حول إيمان أبي طالب
نأتي إلى مسألة أخرى، وهي قضية: هل مات أبو طالب على الإيمان أو على الكفر؟
لم يرد اسم أبي طالب في الموسوعات السنية، المتخصصة في الترجمة للصحابة، كـ "الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر العسقلاني، و"الاستيعاب في معرفة الأصحاب" لابن عبد البر الأندلسي، و"أسد الغابة في معرفة الصحابة" لابن الأثير.
وقد استند أهل السنة في إثبات مُدَّعَى أنه مات على الكفر بأدلة، نذكر أيضا أوهنها، وهو دعوى الإجماع.
فهل حقا حصل الإجماع على هذا المُدَّعَى؟
إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الشيعة الإمامية يقولون بخلاف مُدَّعَى أهل السنة، وهو أنه مات على الإيمان، فهل يبقى لهذا الإجماع ما يُسوِّغ حجيته في هذه المسألة؟
وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن بعض أهل السنة خالفوا زعم هذا الإجماع، فقالوا بوفاته على الإيمان، حتى إن أحد كبار علماء المغرب الأقصى؛ وهو محمد بن محمد بن عبد السلام جنون المالكي المتوفى سنة 1328هـ / 1910م؛ ألف في المسألة كتابا وسمه بعنوان: "إتحاف الطالب بنجاة أبي طالب"[74]، حيث لخصه من كتاب "أسنى المطالب في نجاة أبي طالب"، للفقيه والمؤرخ الشيخ أحمد بن زيني دحلان، مفتي الشافعية بمكة المكرمة، المتوفى عام 1304هـ / 1886م[75].
ولابن طولون كتاب بعنوان "الروض النزيه في الأحاديث التي رواها أبو طالب عم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ابن أخيه"[76].
ولعل أول سؤال يستفزنا عند قراءة هذا العنوان هو: هل يمكن أن تقبل روايات عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - من رجل مات على الكفر، وبالتالي لا ينطبق عليه مُسمَّى الصحابي[77]؟
لا جرم أن الجواب بالنفي يجعل المسألة أبعد من أن تكون من مصاديق الإجماع. ودعوى حجيته في هذا المقام يفتقر إلى البرهان. وما دام الخلاف فيها واردا، فدليل الإجماع فيها مُحتمَل. ومعلوم أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال.
فلماذا؛ إذن؛ لا نعتبر المسألة من الخلافيات التي يعذر فيها البعض البعض الآخر، عوض أن نضفي على الحدث التاريخي عنصر القداسة، ونجرده من كل مناقشة أوبحث؟!
إثبات القياس أونفيه بالإجماع
نأتي إلى مسألة أخرى، وهي القياس، إذ نجد أهل السنة استندوا على حجيته بأصول، منها أصل الإجماع، بل جمهورهم قالوا بإجماع الصحابة عليه[78].
وفي المقابل نجد الشيعة الإمامية استندوا أيضا على دعوى إجماع الصحابة، في القول ببطلان حجيته[79]. وقرروا إجماع الطائفة الإمامية على هذا البطلان[80]، استنادا إلى أصل مختلَف فيه بين السنة والشيعة، وهو حجية إجماع العترة[81].
إن هذا التضارب بين الرأيين من شأنه أن يستفزنا لنتساءل عن مسألة تعتبر مرفوضة بموجب المنطق الكلاسيكي الذي يعتبر مبدأ "عدم التناقض" هو أم القضايا.
فكيف يمكن أن يكون الأصل مستندا للإثبات وللنفي، في المسألة نفسها، والموضوع نفسه، والمورد نفسه؟!
أليس هذا مدعاة لإعادة النظر في دعوى الإجماع؟!
إن الرجوع إلى المذاهب السنية يجعلنا نلاحظ أنهم يتضاربون في المسألة، إذ يقررون دعوى الإجماع في إثبات حجيته، وفي الآن نفسه، يذكرون موقف ابن حزم الرافض لحجية القياس، والمستند هو الآخر في دعواه على إجماع الصحابة[82]، ويعقبون عليه بأنه كلام شاذ لا يضر بإجماعهم.
أليس الرجل من كبار علماء أهل السنة؟!
أليس إماما مجتهدا بين أئمة الاجتهاد السنة[83]؟!
فكيف؛ إذن؛ لا يعتبر قوله؟!
ولِمَ يُرَد موقفه؟
أليس في ذلك ما يفيد أن دعوى الإجماع تُمارَس من أجل إخفاء جانب الضعف في حجية هذا الأصل؟!
أليس هناك علماء آخرون أنكروا حجية القياس[84]، وهم من أهل السنة، كداوود الظاهري[85]، والشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي، وسائر "أرباب الظاهر بأجمعهم"[86]؟!
وفي المقابل نجد الشيعة يستدلون بأدلة في نفي حجيته، منها أصل الإجماع، أقصد بذلك إجماع مدرسة أهل البيت[87].
وقد اتخذ الإمامية من المخالفين لإجماعهم نفس الموقف الذي اتخذه أهل السنة من الظاهرية، باعتباره شذوذا لا يلتفت إليه، كما هو صريح أبي جعفر الطوسي: "وليس لأحد أن يعارض هذا الإجماع، لمن يذهب إلى مذهب الزيدية، والمعتزلة، من أهل البيت – عليهم السلام -، وقال مع ذلك بالقياس، لأن هؤلاء لا اعتبار بمثلهم، لأن من خالف في الأصول، الذي يوجب التكفير، أو التفسيق، لا يدخل قوله في جملة من يعتبر إجماعهم، ويجعله حجة"[88].
فهل حقا ثبت إجماعهم في المسألة ؟
الجواب يكون بالنفي، لأن بعض الشيعة الإمامية عملوا بالقياس، على طريقة المذاهب السنية، كابن الجنيد.
* * *
من هذا المنطلق، نستطيع أن نجزم بأن "دعوى الإجماع" ليست أصلا يميز هذا المذهب عن ذاك، وليست حجة في اعتبار هذا الأصل أو ذاك.
وعليه، فإن إعادة النظر في جميع دعاوى الإجماع، المُستدَل بها، على كثير من أحكام أصول الدين، وعلى الأحكام الفقهية، سبيل علمي، بل موضوعي وضروري، لتغيير الكثير من المواقف التاريخية، التي أسهمت في إحداث شرخ عميق في كيان الأمة، وتعميق الهوة بين المذاهب الإسلامية والتيارات الفكرية المختلفة.
ملخص بحث
"تقييم تطبيقات "الإجماع" سبيل للتقريب"
يعتبر أصل الإجماع مصدرا من مصادر التشريع الإسلامي، التي لا يماري في حجيته علماء المذاهب الإسلامية برمتها، من حيث المبدأ. بيد أن هذا الأصل أسهم بشكل كبير في التقريق بين المذاهب الإسلامية، بسبب سوء تطبيقه، إذ كان كل من أعوزته الحجة البالغة، لإثبات موقفه الفكري، أو الكلامي، أو العقدي، إلا وادعى حصول الإجماع على زعمه.
وعليه، فإن إعادة النظر في دعاوى الإجماع، وتقييم تطبيقات هذا الأصل، سيعيد إلى أصالة الإجماع وظيفتها الريادية قي وحدة المسلمين، بعد أن وُظِّفت لقرون في التفريق بينهم.
إن هذا البحث أعتبره مشروعا علميا وعمليا، لجمع كل ما بُثَّ في كتب التراث من دعاوى الإجماع، ثم تقييمها وفحصها، مما سيسهم في تقريب الهُوَّة بين المذاهب الإسلامية، ودحر عوامل الفرقة عنهم.
وقد مثَّلت، فيه، لثلاث من دعاوى الإجماع؛ وهي: دعوى الإجماع على بيعة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، ودعوى الإجماع على موت أبي طالب على الكفر، ودعوى الإجماع على حجية القياس أو عدمها.
ثم قررت بطلان تلك الدعاوى، من أجل إبطال الأحكام المتهافتة التي صُبَّت على مخالفيها، من تكفير وتفسيق. والحال أنها مسائل خلافية، وليس لها من الإجماع، إلا الدعوى والزعم.
[1] - إلا ما يحكى عن النظام المعتزلي من قوله بعدم حجيته (فيصل التفرقة، ضمن المجموعة الثالثة من رسائل الإمام الغزالي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 1، 1414 هـ / 1994م، ص. 89. الاقتصاد في الاعتقاد للإمام الغزالي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 1، 1409 هـ / 1988 م، ص. 159. اللمع في أصول الفقه لأبي إسحاق الشيرازي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 1، 1405 هـ / 1985 م، ص. 87. المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل لابن بدران الدمشقي الحنبلي، إدارة الطباعة المنيرية - دار إحياء التراث العربي، طبعة بالأوفست، د. تـ.، ص. 129).
[2] - اللمع في أصول الفقه، ص.87.
[3] - المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ص.129.
[4] - مصادر الاستنباط بين الأصوليين والإخباريين لمحمد عبد الحسن محسن الغراوي، مكتبة فخراوي – دار الهادي، بيروت، ط. 1، 1412 هـ / 1992 م، ص. 141 – 143. يقول الغراوي: "الإجماع حجة عند الإمامية كافة، وعامة الزيدية، والكيسانية، والفطحية، وغيرهم من سائر فرق الشيعة" (المصدر السابق، ص. 141).
[5] - المصدر السابق، ص. 142.
[6] - العدة في أصول الفقه لأبي جعفر الطوسي، تحقيق محمد رضا الأنصاري القمي، مؤسسة البعثة – مطبعة ستاره، قم، ط. 1، 1417 هـ، ج.2، ص. 628. مبادىء الوصول إلى علم الأصول لجمال الدين الحلي، تحقيق عبد الحسين محمد علي البقال، دار الأضواء، بيروت، ط. 2، 1406 هـ / 1986 م، ص. 190، الفصول المهمة في أصول الأئمة للحر العاملي، المكتبة الحيدرية، النجف الأشرف، ط. 2، 1378 هـ، ص. 213. أصول الفقه لمحمد رضا المظفر، تحقيق صادق الحسن زاده، منشورات الفيروزآبادي، مطبعة اعتماد، قم، ط. 1، د. تـ.، ص. 357. قواعد الفقيه لمحمد تقي الفقيه، دار الأضواء، بيروت، ط. 2، 1407 هـ / 1987 م، ص. 188. تهذيب الأصول لعبد الأعلى السبزواري، الدار الإسلامية، بيروت، ط. 2، 1406 هـ / 1985 م، ج. 2، ص. 72 – 73. علم أصول الفقه في ثوبه الجديد لمحمد جواد مغنية، دار العلم للملايين، بيروت، ط. 2، 1980 م، ص. 227. المبادىء العامة للفقه الجعفري لهاشم معروف الحسني، دار القلم، بيروت، ط. 2، 1978 م، ص. 133، 166. تاريخ الفقه الجعفري لهاشم معروف الحسني، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ط. 2، 1973 م، ص. 213. عقيدة الشيعة الإمامية: عرض ودراسة لهاشم معروف الحسني، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1956 م، ص. 205-206. مصادر الاستنباط بين الأصوليين والإخباريين، ص. 171-177، 143.
[7] - أصول الفقه، ص. 358.
[8] - يقول الشيخ المفيد: "... وأما الإجماع، فإنه لا خلاف بين أهل الإسلام، أن معرفة أئمة المسلمين واجبة على العموم، كوجوب معظم الفرائض في الدين" (الإفصاح في إمامة علي بن أبي طالب عليه السلام، دار المنتظر، بيروت، ط. 2، 1409 هـ / 1989م، ص. 13).
[9] - إيقاظ همم أولي الأبصار للفلاني المالكي، دار المعرفة، بيروت، 1398 هـ / 1978م، ص. 116.
[10] - المصدر السابق، ج. 2، ص. 230.
[11] - مراتب الإجماع ، دار الكتب العلمية، بيروت، د.تـ.، ص. 10.
[12] - إيقاظ همم أولي الأبصار، ص. 116.
[13] - المصدر السابق، ص. 116.
[14] - المصدر السابق، ص. 116.
[15] - لا يقصد الإمام احمد بالحديث الضعيف الباطل، ولا المنكر، ولا الذي في روايته متهم، بحيث لا يسوغ الذهاب إليه، والعمل به، بل المراد بالضعيف عنده قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن، حيث لم يكن الحديث مقسما إلى صحيح وحسن وضعيف، بل صحيح وضعيف، والضعيف مراتب( إيقاظ همم أولي الأبصار, ص.117. المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، إدارة الطباعة المنبرية – دار إحياء التراث العربي، طبعة باأوفست، د. تـ., ص.43).
[16] - إيقاظ همم أولي الأبصار، ص.115-118. المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ص. 41 – 45.
[17] - المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ص.129.
[18] - إيقاظ همم أولي الأبصار، ص.116.
[19] - الرسالة للإمام محمد بن إدريس الشافعي، تحقيق أحمد محمد شاكر، مكتبة دار التراث، القاهرة، ط. 2، 1399 هـ / 1979 م، ج.3، ص.534.
[20] - جماع العلم للإمام الشافعي، تحقيق محمد أحمد عبد العزيز، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 1، د. تـ.، ص.49.
[21] - يقول محمد رضا المظفر: "... وهذه من ضروريات الدين، ليست من نوع الإجماع المبحوث عنه، ولا تحتاج في إثبات الحكم بها إلى القول بحجية الإجماع" (أصول الفقه، ص. 355).
[22] - جماع العلم، ص. 38.
[23] - المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ص. 132.
[24] - إيقاظ همم أولي الأبصار، ص.116.
[25] - كفاية الأصول، مؤسسة النشر الإسلامي، قم، ط. 5، 1420 هـ، ص. 530.
[26] - المصدر السايق، ص. 537.
[27] - المصدر السابق، ص. 539.
[28] - المصدر السابق، ص. 543.
[29] - مما قاله فيه عبد الأعلى السبزواري: "قد شاع في الكتب الفقهية؛ خصوصا في "الحواهر"؛ هذا التعبير: "نقل الإجماع عليه مستفيض، بل متواتر". وهذا التعبير، إنما يخرجه عن نقل الإجماع بالخبر الواحد، إذا كانت الاستفاضة، أو التواتر، في كل طبقته، وكان حصولها عرضيا، من أول حدرث الاستفاضة والتواتر. وأما إذا حصلا في الطبقات اللاحقة، أو شك في ذلك، فيكون من الإجماع المنقول بالخبر الواحد" (تهذيب الأصول، ج. 2، ص. 78).
[30] - جواهر الكلام، مؤسسة المرتضى العالمية – دار المؤرخ العربي، بيروت، ط. 1، 1412 هـ / 1992 م، ج. 1، ص. 378.
[31] - المصدر السابق، ج. 1، ص. 379.
[32] - المصدر السابق، ج. 1، ص. 687.
[33] - المصدر السابق، ج. 1، ص. 196.
[34] - انظر مثلا: ج. 1، ص. 522.
[35] - تهذيب الأصول، ج. 2، ص. 79.
[36] - مراتب الإجماع، ص.15.
[37] - وهذا بخلاف الحنابلة، فقد نقل ابن بدران الدمشقي، عن الطوفي الحنبلي في مختصره، أن الفاسق في الاعتقاد أو الأفعال، كالاعتزال، والزنا، والسرقة، لا يعتبر قوله في الإجماع (المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ص. 130). والموقف نفسه يؤكده أحد كبار علماء الحنابلة، وهو الإمام موفق الدين ابن قدامة المقدسي قي كتابه "تحريم النظر في كتب الكلام" (تحقيق عبد الرحمن بن محمد بن سعيد دمشقية، دار عالم الكتب، الرياض، ط. 1، 1410 هـ / 1990م، ص. 47).
[38] - اللمع في أصول الفقه، ص. 91.
[39] - المصدر السابق، ص. 91-92.
[40] - فواتح الرحموت لعبد العلي محمد بن نظام الدين الأنصاري بشرح مسلم الثبوت لمحب الله بن عبد الشكور البهاري الهندي، المطبعة الأميرية، بولاق، 1325 هـ، ج. 2، ص. 218.
[41] - فيصل التفرقة، ص. 89. وانظر أيضا "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص. 158 – 161).
[42] - المقدمة، دار الفكر، د. تـ.، ص. 191. وانظر أيضا: "الأحكام السلطانية والولايات الدينية" لأبي الحسن الماوردي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 1، 1405 هـ / 1985 م، ص. 5، و"علم الكلام على مذهب أهل السنة والجماعة" لابن حزم، تحقيق أحمد حجازي السقا، المكتب الثقافي، القاهرة، 1989 م، ص. 95 – 96.
[43] - علل الشرايع لابن بابويه القمي، تقديم وتعليق محمد صادق بحر العلوم، دار البلاغة، د. تـ.، ج. 1، ص. 195. رسالة في الاجتهاد والتقليد الإمام الخميني، ضمن كتاب "الرسائل"، مؤسسة إسماعيليان، قم، 1385 هـ، ص. 101، 105.
[44] - المقدمة، ص. 192.
[45] - المصدر السابق، ص. 192 – 193.
[46] - تعتبر الإمامة عند جمهور أهل السنة أصلا من أصول الدين؛ يقول الماوردي: "فكانت الإمامة أصلا عليه استقرت قواعد الملة، وانتظمت به مصالح الأمة،حتى استثبتت بها الأمور العامة، وصدرت عنها الولايات الخاصة، فلزم تقديم حكمها على كل حكم سلطاني" (الأحكام السلطانية، ص. 5). واختلف فيها الإمامية، فبعضهم يعتبرها من أصول الدين، وبعضهم يعتبرها من أصول المذهب.
[47] - إتمام الوفاء في سيرة الخلفاء لمحمد الخضري بك، تحقيق عبد العزيز السيروان، دار الإيمان، بيروت، ط. 1، 1982 م، ص. 14 – 20.
[48] - بيد أن الشيخ المفيد يقرر الإجماع على إمامة علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – (الإفصاح، ص. 15 – 19).
[49] - فواتح الرحموت، ج. 2، ص. 244.
[50] - أخبار الخلفاء لابن حبان البستي، منشور مع" السيرة النبوية" لنفس المؤلف، تحقيق السيد عزيز بك، دار القكر – مؤسسة الثقافة الدينية، بيروت، ط. 1، 1407 هـ / 1987 م، ص. 426.
[51] - الأحكام السلطانية، ص. 7.
[52] - انظر مثلا "أخبار الخلفاء"، ص. 426.
[53] - صحيح البخاري، دار الفكر، 1401 هـ / 1981م، ج. 5، ص. 82 – 83، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر. صحيح مسلم، 1290 هـ، ج. 2، ص. 53 – 55، كتاب الجهاد والسير، باب قول النبي – صلى الله عليه وسلم -:"لا نورث، ما تركنا فهو صدقة". تاريخ الرسل والملوك للطبري، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، القاهرة، ط. 4، 1979 م، ج. 3، ص. 208. تاريخ الكامل لابن الأثير،1290 هـ، ج. 2، ص. 138. إتمام الوفاء، ص. 15. المراجعات لعبد الحسين شرف الدين الموسوي، تحقيق محمد جميل حمود، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت، ط. 1، 1416 هـ / 1996م، ص. 355.
[54] - فواتح الرحموت، ج. 2، ص. 244.
[55] - تاريخ الرسل والملوك، ج. 3، ص. 222 – 223. الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني، تحقيق طه محمد الزيني، مكتبة الكليات الأزهرية، القاهرة، ط. 1، 1390 هـ / 1970 م، ج. 4، ص. 153، تـ. 3167. الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر الأندلسي، منشور بذيل "الإصابة"، ج. 4، ص. 159، تـ. 944. أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير، تصحيح مصطفى وهبي، جمعية المعارف – المطبعة الوهبية، 1280 هـ، ج. 2، ص.284. تاريخ الكامل : ج. 2، ص. 135 – 137. الإمامة والسياسة لابن قتيبة، مطبعة الفتوح الأدبية، القاهرة، 1331 هـ، ج. 1، ص. 10 - 11. تاريخ الخلفاء القائمين بأمر الدين للسيوطي، المطبعة الميمنية، القاهرة، 1305 هـ، ص. 26 – 28. أصول الفقه للمظفر، ص. 356. المراجعات، ص. 365.
[56] - مراتب الإجماع، ص. 10.
[57] - يقول ابن الصلاح: "للصحابة بأسرهم خصيصة، وهي أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه، لكونهم على الإطلاق معدلين، بنصوص الكتاب والسنة، وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأئمة" (مقدمة ابن الصلاح، دار الكتب العلمية، بيروت، 1409هـ/1989م، ص. 146 – 147).
[58] - يقول محمد رضا المظفر: "... أول إجماع اتخذ دليلا في تاريخ المسلمين؛ إنه الإجماع المدعَى على بيعة أبي بكر خليفة للمسلمين. فإنه إذا وقعت البيعة له – والمفروض أنه لا سند لها من طريق النص القرآني والسنة النبوية – اضطروا إلى تصحيح شرعيتها، من طريق الإجماع" (أصول الفقه، ص. 353).
[59] - فيصل التفرقة، ص. 89. وانظر أيضا "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص. 158 – 159).
[60] - الاقتصاد في الاعتقاد، ص. 159.
[61] - صلح الحسن لراضي آل ياسين، تحقيق صادق الحسن زاده، منشورات الفيروزآبادي، مطبعة اعتماد، قم، ط. 1، د. تـ.، ص. 40. المراجعات، ص. 355. تذليل العقبات قي طريق التقريب بين أهل السنة والشيعة الإمامية لخالد زهري، مطبعة أكدال المغرب، الرباط، ط. 1، 1418 هـ / 1998 م، ص. 54 – 55.
[62] - النبذة الكافية، ص. 16 – 23. وهو موقف الظاهرية جميعا، وعلى رأسهم إمام المذهب الظاهري داود بن علي (اللمع في أصول الفقه، ص.90. المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ص. 130).
[63] - مراتب الإجماع، ص. 7.
[64] - المصدر السابق، ص. 9 – 10.
[65] - المصدر السابق ، ص. 10. ونفس الموقف نلفيه لدى أبي إسحاق الشيرازي، فقد ذكر أن "من الناس من قال: إن كان المخالفون أقل عددا من الموافقين، لم يعتد بخلافهم. وقال بعضهم: إن كان المخالفون عددا لا يقع العلم بخبرهم، لم يعتد بهم". ثم ذكر قول القائلئن بإجماع أهل المدينة، وإجماع اهل الحرمين: مكة، والمدينة، والمصرين: البصرة، والكوفة، إلخ. ثم حكم على هذه الأقاويل بالفساد (اللمع في أصول الفقه، ص. 91).
[66] - رتبه على أبواب كتب الفقه، حيث استهله بـ "كتاب الوضوء"، وختمه بـ "كتاب الوكالة" (كتاب الإجماع، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 2، 1408هـ/1988م).
[67] - اللمع في أصول الفقه، ص. 88.
[68] - يقول الفلاني: "ونصوص رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، عند الإمام أحمد وسائر أئمة الحديث، أجل من أن تقدم عليها توهم إجماع مضمونه عدم العلم بالمخالف. ولو ساغ، لتعطلت النصوص، وساغ لكل من لم يعلم مخالفا، في حكم مسألة، أن يقدم جهله بالمخالف على النصوص" (إيقاظ همم أولي الأبصار، ص. 116).
[69] - مراتب الإجماع، ص. 178.
[70] - انظر تفصيل ذلك قي: "الرد على الرافضة" لمحمد بن خليل المقدسي، تحقيق أحمد حجازي السقا، المكتب الثقافي – دار الجيل، القاهرة، ط. 1، 1998 م، ص. 158 – 164. تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص. 17 – 18.
[71] - انظر تفصيل ذلك في "الإفصاح"، ص. 19 – 24، 109 – 153.
[72] - المقدمة، ص. 197.
[73] - المصدر السابق، ص. 199.
[74] - أنا الآن بصدد تحقيقه، بناء على النسخة المخطوطة، المحفوظة في الخزانة العامة بالرباط، المسجلة تحت رقم "2028 د"، ضمن مجموع، من ص. 433 إلى 488.
[75] - يفيدنا شمس الدين أبو علي فخار بن معد الموسوي أن الشيخ دحلان اختصر "أسنى المطالب" من خاتمة كتاب العلامة محمد بن رسول البرزنجي الكردي، المتوفى عام 1103 هـ، حيث ألفه في نجاة أبوي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، وذيله بخاتمة في نجاة أبي طالب. طبع "أسنى المطالب" بمصر سنة 1305 هـ (كتاب الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب، صححه وعلق عليه الطباطبائي الحسني، المطبعة العلوية، النجف الأشرف، 1351 هــ، ص. 128).
[76] - ذكره العلامة محمد عبد الحي الكتاني في "فهرس الفهارس والأثبات" (تحقيق إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط.2، 1402هـ / 1982م، ج. 1، ص. 474).
[77] - اختلفوا في تعريف "الصحابي"، "فالمعروف، من طريقة أهل الحديث، من أن كل مسلم رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فهو من الصحابة. قال البخاري في صحيحه: "من صحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو رآه، من المسلمين، فهو من أصحابه". وبلغنا عن أبي المظفر السمعاني المروزي أنه قال: "أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثا أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة، وهذا لشرف منزلة النبي - صلى الله عليه وسلم -، أعطوا كل من رآه حكم الصحبة"، وذكر أن اسم الصحابي؛ من حيث اللغة والظاهر؛ يقع على من طالت صحبته للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكثرت مجالسته له، على طريق التبع له، والأخذ عنه. قال: "وهذا طريق الأصوليين. قلت: وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يعد الصحابي، إلا من أقام مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة أو سنتين، وغزا معه غزوة أو غزوتين". وكأن المراد بهذا؛ إن صح؛ عنه راجع إلى المحكي عن الأصوليين. ولكن في عبارته ضيق يوجب أن لا يعد من الصحابة جرير بن عبد الله البجلي ومن شاركه في فقد ظاهر ما اشترطه فيهم، ممن لا نعرف خلافا في عده من الصحابة.... " (مقدمة ابن الصلاح، ص. 146). فلو قلنا بموت أبي طالب على الإسلام، فلا جرم أن مسمى "الصحابي" ينطبق عليه بكل المقاييس، كما تنطبق عليه كل التعريفات المذكورة لكلمة "صحابي".
[78] - المستصفى من علم الأصول للغزالي، بذيله "فواتح الرحموت"، ج. 2، ص. 234، 277. اللمع في أصول الفقه، ص. 97. إحكام الفصول في أحكام الأصول لأبي الوليد الباجي، تحقيق عبد المجيد التركي، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط. 1، 1407 هـ / 1986 م، ص. 585. التمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب الكلوذاني، تحقيق محمد بن علي بن إبراهيم، دار المدني، جدة، ط. 1، 1416 هـ / 1985 م، ج. 3، ص. 385، 388 – 389. المعيار المعرب والجامع المغرب لأبي العباس الونشريسي، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية، الرباط، 1401 هـ / 1981 م، ج. 3، ص. 343. إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول للشوكاني، ضبط وتصحيح أحمد عبد السلام، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 1، 1414 هـ / 1994م، ص. 302 – 303..تعليل الشريعة بين السنة والشيعة لخالد زهري، ضمن سلسلة "كتاب قضايا إسلامية معاصرة"، دار الهادي، بيروت، ط. 1، 1424 هـ / 2003 م، ص. 39 – 49.
[79] - مبادئ الوصول، ص. 215 – 216. إرشاد الفحول، ص. 297.
[80] - العدة في أصول الفقه، ج. 2، ص. 666. مبادئ الوصول، ص. 216. إرشاد الفحول، ص. 297. تعليل الشريعة بين السنة والشيعة، ص. 40 – 41.
[81] - انظر تفصيل الكلام على إجماع العترة عند الإمامية في: معاني الأخبار لابن بابويه القمي، تصحيح علي أكبر الغفاري، دار المعرفة، بيروت، 1399 هـ / 1979 م، ص. 90 وما بعدها، باب معنى الثقلين والعترة. التبيان في تفسير القرآن لأبي جعفر الطوسي، تحقيق أحمد حبيب قصير العاملي، مطبعة النعمان، النجف الأشرف، 1382 هـ / 1963 م، ج. 1، ص. 5. المبادئ العامة للفقه الجعفري، ص. 167.
[82] - الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم، دار الكتب العلمية، بيروت، د. تـ.، ج. 8، ص. 547. النبذة الكافية في أحكام أصول الدين لابن حزم، تحقيق محمد أحمد عبد العزيز، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 1، 1405 هـ / 1985 م، ص. 67 – 68. تعليل الشريعة بين السنة والشيعة، ص. 40.
[83] - يعتبر الاجتهاد من أهم الشروط المطلوبة في تحصسل الإجماع، وهو شرط "يخرج المقلد، لأنه من العوام، عند أهل الأصول. فلا تعتبر مخالفته، ولا موافقته" (المدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ص. 128، وانظر "تحريم النظر في كتب الكلام"، ص. 49). وهو أيضا من أهم المفردات المكونة لتعريف "الإجماع"، وهو ما عبروا عنه بقولهم: "اتفاق المجتهدين، من أمة محمد – عليه الصلاة والسلام -، في عصر، على حكم شرعي" (التلويح إلى كشف حقائق التنقيح لسعد الدين التفتازاني، ضبط نصوصه محمد عدنان درويش، دار الأرقم، بيروت، ط. 1، 1419 هـ / 1998 م، ج. 2، ص. 95. التوضيح شرح التنقيح لصدر الشريعة المحبوبي، منشور مع "التلويح"، ج. 2، ص. 95. التمهيد في تخريج الفروع على الأصول لجمال الدين الإسنوي، تحقيق محمد حسن هيتو، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط. 4، 1407 هـ / 1987 م، ص. 451).
[84] - انظر تفصيل ذلك في "جامع بيان العلم وفضله"، إدارة الطباعة المنيرية – دار الكتب العلمية، بيروت، د. تـ.، ج. 2، ص. 61 – 78.
[85] - قال ابن عبد البر: "واتبعهم من أهل السنة، على نفي القياس في الأحكام، داود بن علي بن خلف الأصبهاني. ولكنه أثبت الدليل، وهو نوع واحد من القياس" (المصدر السابق، ج. 2، ص. 62).
[86] - أساس القياس للغزالي، تحقيق فهد بن محمد السرحان، مكتبة العبيكان، الرياض، 1413 هـ / 1993م، ص. 3. التلويح، ج. 2، ص. 123 – 128. التوضيح، ج. 2، ص. 123 – 125.
[87] - يقول جمال الدين الحلي: "ولم يزل أهل البيت – عليهم السلام – ينكرون العمل بالقياس، ويذمون العامل به، وإجماع العترة حجة" (مبادئ الوصول، ص. 216).
[88] - العدة في أصول الفقه، ج. 2، ص. 666 – 667.
ارسال نظر