الأمن والاستقرار مهمة الرسول الأعظم(ص)
د.علي عبدالله الخطيب
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الوحدة وضرورة مجابهة التيارات التكفيرية
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ . النساء/ 94 .
ان المهمة الربانية التي بعث الرسول ( صلى الله عليه واله ) لتفعيلها تؤكد على بناء اسس الامن والاستقرار وان يعيش الناس في حالة من الاطمئنان على ارواحهم واموالهم وأعراضهم وانه ( صلى الله عليه واله) قال (( لا يحل لمسلم ان يروع مسلما )) , كما انه اعتبر ذللك من الكفر وقال : (( لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض )) كل ذلك لضمان حياة الانسان وعدم الاعتداء عليها بغير حق . وانه وهو مصدر التشريع اعتبر الاعتداء كفرا . اما في واقعنا فقد برزت جماعات همها تكفير الاخرين لمصالحها متجاوزة تعاليم الرسول وما جاء به من عند الله سبحانه وان جذورها في المسيرة الاسلامية ترتبط بجماعة الخوارج الذين تمردوا على امام زمانهم علي ابن ابي طالب عليه السلام ابان صدور قرار التحكيم في احداث واقعة صفين . وانها اتخذت من فكر الخوارج منهجا لها للوصول الى الحكم وان كان ذلك على جماجم الابرياء . ولتحقيق ذلك وللتمويه على العامة فأنها حملت شعارات تطالب بالحرية والعدالة ومحاربة الظلم. وان هذه التيارات توسعت وعبرت القارات بأعمالها الارهابية وانها نفذت اعمالها بطرق انتحارية مروعة شوهت سمعة الاسلام والمسلمين بالشكل الذي اصبحت كلمة الاسلام لا تعني عند الغرب الا القتل وسفك الدماء وانتهاك حقوق الانسان وهو ما اوغر صدور الحاقدين على الاسلام في ان يروجوا لكراهية الاسلام وكتبوا عن خطر الاسلام على الغرب وفيها دعوة لضرورة التعامل بجدية لدرء هذا الخطر المزعوم . اما داخليا فأنها ادت الى نشوب صراعات ازهقت فيها الارواح وهدرت الاموال وانتهكت الاعراض .
نعم ان هذه التيارات التكفيرية وان كانت انطلاقة شرارتها مشخصة وكتب عنها الكثير الا ان نمط المواجهة يختلف من عصر الى اخر وحيث ان هذه الظاهرة قد استفحلت وتعاظم خطرها اكثر من خطر الافكار العلمانية فأن مواجهتها تتطلب تضافر جهود جميع المخلصين من رواد الوعي الديني من البلدان الاسلامية وغيرها لأعداد ورقة عمل تاريخية تؤسس لبرنامج عقدي وفكري واخلاقي يقي المسلمين من شر الانزلاق في صفوف المؤسسين والداعين لها . اما ما تتضمنه ورقة العمل من برنامج فيمكن ان يتمثل بعدة توصيات منها : -
1- التركيز على ثقافة الوحدة الإسلامية لأنها الكفيلة بنهضتنا وعزتنا والتحذير من ان النزاع يؤدي الى ضعفنا وفشلنا وهو ما حذر منه الله بقوله ((وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ)) الانفال /46 كذلك لابد من التعريف بان الفرقة محل لغضب الله وعذابه اذ قال تعالى ((وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا...... وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)) ال عمران /105 .
2- توطيد العلاقات الاخوية على اساس دوافع الايمان وما يترتب عليها من ثواب والعمل لتحقيق مستقبل الرحمة العالمية باستقطاب الاخرين والانفتاح بالتي هي احسن عليهم وبالحوار الهادئ كالذي كان من امير المؤمنين علي ابن ابي طالب عليه السلام مع الخوارج الذين احتجوا على التحكيم فقال لهم : واما قولكم لم جعلت بينك وبينهم اجلاً في التحكيم فإنما فعلت ذلك ليتبين الجاهل ويتثبت العالم ولعل الله ان يصلح في هذه الهدنة امر هذه الامة ولا تؤخذ بأكظامها .
ولإشاعة روح الاخوة فان المرجع الديني الكبير اية الله العظمى السيد علي السيستاني (دام ظله) اوصى بان يكون التعامل بين ابناء المذاهب على اساس اخوة الايمان التي يتجاوز فيها الانسان كل الاعتبارات الاخرى اذ قال "لاتقولوا اخواننا وقولوا انفسنا" ولتحقيق هذا الغرض لابد من ابراز دور الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية وتدخله في اصدار بياناته وتوجيهاته في كل بلد يستدعي ذلك , ولتقوية دوره نقترح السعي لافتتاح مكتب له في احدى الدول الاوربية يعمل على اشاعة ثقافة التسامح ونبذ العنف والتطرف والرد على فتاوى التكفيرين وبالتالي لتكون له كلمته فيما يستجد من احداث وفتاوى تكفيرية . كذلك وان يعمل على اشاعة ثقافة التقريب بين المذاهب الاسلامية والتعريف بما هوثابت من المشتركات بين سائر المذاهب والذي يصل الى ما يزيد عن 90% ,والعمل على الترويج لأقوال الفقهاء فيما يتفق مع الحياة ويحقق العدالة .
3- توجيه الباحثين والاكاديمين بكتابة بحوث ودراسات في هذا الاختصاص وهنا لابد من التاكيد على ضرورة اعادة كتابة المناهج الدينية وتنقية السنة النبوية مما اضيف لها من وضع وتحريف وتكليف جامعة المذاهب الاسلامية بذلك والتي نأمل ان يستحدث مشروعها في كل بلد اسلامي وليكن العراق البلد الاول المرشح لإفتتاحها.
4- الترويج لثقافة حرمة التكفير بان لاننزع عن الاخرين عنوان الاسلام لقول الرسول صلى الله عليه واله : " من كفر مسلماً فقد كفر" .كذلك وشجب الاعمال الارهابية التي يقوم بها التكفيريون واستنكارها وادانتها .
5- توجيه برامج القنوات الفضائية المسيطر عليها او استحداث ساعات بث تلفزيوني او اذاعي تثقف على جدول الاعمال الذي يمكن التوصل اليه عن طريق هذا المؤتمر.
6- دعم القوات المقاتلة والحشود الشعبية في مواجهتها للتيارات التكفيرية وتوضيح الثواب الجزيل المترتب على هذا الدعم والذي ذكره الله سبحانه بقوله :" إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)
التوبة /111
كذلك ولحديث الرسول صلى الله عليه واله :"ومن جهز غازياً فقد غزى "
وفي الختام نتوجه بجزيل الشكر الى امين عام المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب اية الله الفقيه محسن الاراكي والطاقم العامل معه على اقامة هذا المؤتمر وخالص الدعاء بالتوفيق لتحقيق اهدافه تمهيداً لظهور القائم من ال محمد ليملأ الارض قسطاً وعدلاً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
د.علي عبدالله الخطيب
وكيل رئيس ديوان الوقف الشيعي/العراق
ارسال نظر