إشاعة ثقافة الحـوار وتعزيز التسامح سبيلٌ للتخلّص من الطائفية والاختلاف
الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري
المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة
-إيسيسكو-
تمهيد :
تتزايد الحاجة إلى تعزيز ثقافة الحوار والتعايش، بقدر ما تتفاقم المشاكل الناتجة عن (سوء الفهم) أو (ضعف الثقة) التي تطبع العلاقة بين أهل القبلة الواحدة بمذاهبهم وطوائفهم المختلفة. ولا ينبغي أن يجادل أحدٌ في أن (سوء الفهم) هذا، هو حالة قائمة بين غالبية المسلمين على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم، وبخاصة السنة والشيعة، وفي أن (ضعف الثقة)، هي ظاهرة ملموسة لا سبيل إلى إنكارها بدافع عاطفي، أو بأي دافع آخر.
ولعل تقرير هذا الواقع هو أحدُ العوامل التي أدَّت إلى ظهور حركة (التقريب بين المذاهب الإسلامية) التي تبلورت فاستقرت اليوم باعتماد مؤتمر القمة الإسلامي، وهو أعلى سلطة دستورية في منظومة العمل الإسلامي المشترك، لاستراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية، التي وضعتها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو-، والتي اشترك في إعدادها وصياغتها نخبة من علماء الأمة من المذاهب الإسلامية كافة.
لقد انبثقت فكرة (التقريب بين المذاهب الإسلامية) في الأربعينيات من القرن الماضي. ولابد أن نسجل للتاريخ أن أول من اهتم بطرح هذه الفكرة، وانشغل بها ودعا إليها، هو أحدُ علماء الشيعة الشيخ محمد تقي الدين القمي، الذي كان قد وفد إلى مصر، وربط صلاته بعلماء الأزهر، وبذل جهوداً متواصلة في التبشير بالفكرة حتى لقي تجاوباً من علماء السنة الذين آزروه وساندوه وكانوا دعاة إلى التقريب[1]، ومن جملتهم الشيخ مصطفى المراغي شيخ الأزهر عهدئذ، والشيخ عبد المجيد سليم شيخ الأزهر فيما بعد، والشيخ مصطفى عبد الرَّازق شيخ الأزهر فيما بعد أيضاً، والشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر في الخمسينيات، وغيرهم.
وكان السيد حسين الطباطبائي البروجردي، المرجع الدينيُّ الشيعيُّ الأعلى في ذلك الوقت، قد أيد هذا المشروعَ التقريبيَّ بعد عودة محمد تقي الدين القمي إلى طهران إثر نشوب الحرب العالمية الثانية. وبذلك اكتسبت الدعوة إلى التقريب تأييدَ أكبرِ أقطاب السنة والشيعة. وكان هذا التأييد من أهم العناصر لنجاح الدعوة[2].
وينبغي أن نسجل أيضاً، واعترافاً بالفضل لذويه، أن إنشاء (المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية) في طهران، كان أول مبادرة أهلية للعمل في مجال التقريب، قبل أن تبادر المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة -إيسيسكو- بإنشاء المجلس الأعلى لتنفيذ استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية، باعتبارها الجهازَ الإسلاميَّ المتخصص على صعيد العمل الإسلامي المشترك في إطار منظمة المؤتمر الإسلامي.
دواعي التقريب وموجباته :
قبل ظهور حركة التقريب، كان الجوّ العام الذي يسود العالم الإسلامي، ملبّداً بغيوم الفرقة والتمزق والتشتت بين المسلمين عامة، وليس فقط بين السنة والشيعة. بل كان هناك داخل الطائفة السنية، سوء فهم متبادل بين أتباع المذاهب السنية الأربعة. وكذلك كان الأمر بالنسبة للطائفة الشيعية. وكانت الصورة العامة للمجتمع الإسلامي لا تبعث على الارتياح، وكانت أوضاع المسلمين في جميع الأقطار، على درجة من الضعف والهزال، بسبب من تلك الخلافات والنزاعات التي كانت تنشب بين أتباع المذاهب الإسلامية. وتلك صورة مقاربة للواقع الحالي في العالم الإسلامي.
ولقد بلغ من حجم هذه الخلافات والنزاعات، أن الطوائف الإسلامية كانت منغلقة على نفسها، بحيث إن غالبية علماء المذاهب لم يكونوا على اتصال بعضهم ببعض. وكذلك كان الأمر بالنسبة لغالبية المساجد، إذ كان لكل مسجد إمام ومحراب ومُفتٍ وواعظ. وكان الإفتاء في كلّ مذهب خاصاً باتباعه، وكذلك الاجتهاد.
ومن الأمور التي كانت تحدث أن بعض العلماء ورجال الإصلاح، كانوا يخفون مذهبَهم رغبةً في إيصال الأفكار الإصلاحية التي يدعون إليها، إلى الجمهور العريض من المسلمين على اختلاف انتماءاتهم المذهبية، أو يمتنعون عن الحديث في المسائل الخلافية بين المذاهب الإسلامية، بينما كانوا يركزون على القواسم المشتركة والقواعد الكلية التي توحّد بين المسلمين. وعلى سبيل المثال نذكر أن المصلح الإسلامي الكبير السيد جمال الدين الحسيني الأفغاني، الذي يُعدُّ رائداً للدعوة إلى الوحدة الإسلامية في القرن التاسع عشر، كان ينأى بنفسه عن قضايا الخلاف بين السنة والشيعة، على الرغم من أن الخلاف المذهبي في تلك الفترة، كان قد بلغ درجة من التفشي والانتشار تسببت في نزاعات كثيرة، بين الطائفتين السنية والشيعية، نتيجة للجهل الذي كان سائداً بين المسلمين في تلك المرحلة. ونحن إذا ما راجعنا الأعداد الثمانية عشرة التي صدرت من مجلة (العروة الوثقى)، التي أصدرها جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده من باريس (مارس-أكتوبر 1883)، لا نجـد فيها موضوعاً عن الخلاف بين السنـة والشيعـة، بينما نجـد فيها موضوعات عن الوحدة الإسلامية والجامعة الإسلامية.
يقول جمال الدين الأفغاني في مقال له نشره في (العروة الوثقى) تحت عنوان (انحطاط المسلمين وسكونهم وسبب ذلك) : «بدأ الانحلال والضعف في روابط الملة الإسلامية عند انفصال الرتبة العلمية عن رتبة الخلافة وقتما قنع الخلفاء العباسيون باسم الخلافة دون أن يحوزوا شرف العلم والفقه في الدين والاجتهاد في أصوله وفروعه كما كان الراشدون رضي الله عنهم. فكثرت بذلك المذاهب وتشعب الخلاف من بداية القرن الثالث من الهجرة إلى حد لم يسبق له مثيل في دين من الأديان، ثم انثلمت وحدة الخلافة فانقسمت إلى أقسام : خلافة عباسية في بغداد، وفاطمية في مصر والمغرب، وأموية في أطراف الأندلس، تفرقت بهذا كلمة الأمة وانشقت عصاها وانحطت رتبة الخلافة، فسقطت هيبتها في النفوس»[3].
إن ما يستوقفنا في هذا النص، هو ما أشار إليه الأفغاني من أن المذاهب كثرت وأن الخلاف تشعب من بداية القرن الثالث من الهجرة إلى حد لم يسبق له مثيل في دين من الأديان، من دون أن يشير بالوضوح الكامل، إلى الخلافات التي نشأت بين السنة والشيعة والتي قسمت الأمة إلى طائفتين، وكان هو أدرى الناس في عهده، بما ترتَّب على ذلك التمزق من نشوب نزاعات أضعفت الكيانَ الإسلاميَّ، وتسببت في إثارة ضغائن عملت عملها في نشوء سوء الفهم وعدم الثقة بين الطائفتين من المسلمين. وهما الآفتان اللتان لا تزالان تؤثران بشكل واضح، في توسيع شقة الخلاف بين السنة والشيعة، على الرغم من تغيّر الظروف وظهور مستجدات في الساحة الإسلامية.
إننا مهما تحلينا بالحكمة والحلم وضبط النفس، لا يمكن إلاَّ أن نسجل هنا أن هذا الخلاف الناشب بين طائفتَيْ الأمة، يؤثر سلبياً في الجهود التي تبذل من أجل التقريب بين المذاهب الإسلامية في هذه المرحلة العصيبة التي تمرّ بها الأمة الإسلامية.
فالسعي من أجل التقريب بين المذاهب الإسلامية إذن، هو ضربٌ من (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، وهو الهدف الأكبر من هذا الحوار داخل البيت الإسلامي الكبير الذي يتوجّب علينا أن نعمل على تضافر جهودنا لنجعل منه محوراً من محاور العمل الإسلامي المشترك في جميع مستوياته، لأن الخلافات عند كثير من طوائف المسلمين وفرقهم، لا تمس العقائد الأساس التي أوجب الله الإيمان بها، والتي جاء بها القرآن الكريم والحديث النبوي الصحيح، والتي يعدّ الخروج عنها خروجاً عن الدين. لذلك فإن الحوار في هذه الدوائر جائزٌ ومطلوبٌ وظاهرة صحية، فضلاً عن أنه واجب على علماء الأمة وفقهائها، لأن الغاية منه جمعُ الكلمة وتوحيد الصف. وهذا عين التقريب.
ومن خلال (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، الذي يهدف أساساً إلى أن يقرب بين الفرق ويدرس أسباب خلافاتها، بعرض هذه الخلافات عرضاً هادئاً دون تأثيرات خارجية أو عصبية، وصولاً إلى تبيّن الحقّ فيها، وزوال كثير من أسباب الجفوة والقطيعة بين أرباب الدين الواحد، والنبي الواحد، والكتاب الواحد[4]. إذا قمنا بذلك، فمن الممكن أن يتقارب المسلمون فيعلموا أن هناك فرقاً بين العقيدة التي يجب الإيمان بها، وبين المعارف الفكرية التي اختلفت فيها الآراء دون أن تمس العقيدة[5].
فالدين يأمر برفع الشقاق والتنازع والاعتصام بحبل الله، وهذا هو معنى قوله تعالى : ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا﴾. وقوله سبحانه : ﴿ولا تنازعوا فتفشلوا﴾، وقول النبي r : «لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض»[6]. وقد خالفنا كل هذه النصوص فتفرقنا وتنازعنا، وحارب بعضنا بعضاً باسم الدين، لأننا سلكنا مذاهب متفرقة، كل فريق يتعصب لمذهبه ويعادي سائر إخوانه المسلمين لأجله، زاعماً أنه بهذا ينصر الدين، مع أنه يخذله بتفريق كلمة المسلمين[7]. بل وصل الأمر بنا إلى ضرب بعضنا رقاب بعض في مواطن كثيرة.
من أسباب الخلاف بين السنة والشيعة :
إن الجدل الذي أُثير أخيراً في بعض وسائل الإعلام، والذي تناول موضوع (التطرف الديني) [8]، سواء المنسوب للشيعة أو المنسوب للسنة، يحملنا على العودة إلى القضية التي أصبحت تقلق الضميرَ الإسلاميَّ، وتشكل تهديداً حقيقياً للمجتمعات الإسلامية، وهي قضية الخلاف بين السنة والشيعة، ولا أقول (الصراع السني-الشيعي) (أو النزاع السني-الشيعي) كما يردد بعضهم من الطائفتين.
ولاشك أن العلاقة بين الطائفتين، في الغالب الأعم، ليست حسنة، خصوصاً في هذه المرحلة التي تكشفت فيها كثير من الأمور الخلافية التي كانت خافية أو مطمورة في بطون الكتب غير ظاهرة للعيان، وغير منتشرة على نطاق واسع، كما هي اليوم في عصر الإنترنيت والفضائيات.
والواقع أنَّ الخلاف بين السنة والشيعة غير واضح المعالم لدى غالبية المسلمين، فهو خلاف قديم مبنيٌّ على اختلاف الرؤية والاعتقاد في قضية الإمامة وما يترتب عليها من أمور دينية ودنيوية. وهذا الاختلاف يولد الالتباسَ الذي يأتي من وجوه عديدة، الجامعُ بينها عدمُ الوضوح، مما يخفي الحقائق عن الأعين ويثير الشكوك. وتتسبَّب هذه الحالة غير السوية، في عرقلة الجهود التي تبذل للتقريب بكل دلالاته ومعانيه ومفاهيمه. والعقلاء والحكماء من الجانبين، يعترفون أن ثمة مسافة تباعد بين السنة وبين الشيعة، وإلاَّ لما كان هناك داع إلى حركة (التقريب بين المذاهب الإسلامية).
والشيعة على اختلاف طوائفهم وفرقهم، وبخاصة الإثني عشرية والإسماعيلية والزيدية، مختلفون في قضية الإمامة وتسلسلها في أبناء الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه، لكنهم متفقون على تفضيل الإمام علي على بقية الصحابة وتقديمه عليهم. وكان هذا سبباً في نشوء مواقف متعصبة، تحوّلت في كثير من الأحيان إلى التراشق بالألفاظ والاقتتال بالسلاح مما خلف ضغائنَ عميقة وشرخاً كبيراً في جسد الأمة الواحدة.
ومع الأسف الشديد برزت في الوقت الحالي مواقع إلكترونية كثيرة محسوبة على جهات ذات وزن وتأثير في محيطها، تثير الخلافات القديمة وتنكأ الجراح التي أوشكت على البرء، فهناك من يشن هجوماً شديد اللهجة على صحابة رسول الله r وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، بشكل دائم وبلغة مستفزة. بل توجد بعض المواقع على شبكة المعلومات العالمية، تتضمن تكفير من لا يؤمن بالأصول والأركان التي يؤمن بها الشيعة، وخاصة عقيدة الإمامة والولاية. وقد وقعت شخصياً على بعض المؤلفات التي نشرت باللغة العربية، تشتمل على سب الصحابة ولعنهم بصريح العبارة. وسبق لي أن كتبت حول هذا الموضوع، إلى سماحة الصديق الشيخ محمد علي التسخيري، الأمين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، على أثر اطلاعي على كتاب صادر عن إحدى المؤسسات الإيرانية، تتطاول مؤلفته(؟) على صحابة رسول الله u، وتستفز مشاعرَ غالبية المسلمين من السنة بصورة جارحة. وقد تكرّم فأجابني مؤيداً اعتراضي، ومؤكداً عدم قبوله مثل هذه الأعمال. وبعض المواقع تعيد نشر أقوال علماء كبار من مراجع الشيعة القدامى، فيها تكفير للمخالف، كقول الشيخ المفيد في كتابه (أوائل المقالات) : "واتفقت الإمامية على أن من أنكر إمامة أحد من الأئمة وجحد ما أوجبه الله تعالى له من فرض الطاعة، فهو كافر ضال مستحق للخلود في النار". وهذا أمر يزيد النار اشتعالاً ويؤجج المشاعر ويذكي الخلاف. ومثل هذه المواقع وهذه الكتب تضرم نار الفتنة بين أهل القبلة، وتستدعي ردات فعل عنيفة وهجوماً مضاداً.
ومما يزيد من خطورة هذه الحملة الضارية ضد السنة من قبل جهات تنتمي إلى الطائفة الشيعية، أن بعض كبار المراجع من ذوي المقامات العالية في محيطها، تلوذ بالصمت، ولا تحرك ساكناً، ولا تبادر إلى البراءة من الهجوم على السنة وتكفير من لا يؤمن بالأصول والأركان التي يؤمن بها الشيعة، ولعن الصحابة الكرام، خاصة أبا بكر وعمر وأمهات المؤمنين رضي الله عنهم. بل إن المواقع الخاصة ببعض كبار المراجع الدينية الشيعية، تتضمن فتاوى وعبارات تكفر من لا يؤمن بولاية الأئمة الإثني عشر وعصمتهم.
ولست أشك في أن قيام المراجع الدينية الشيعية بواجبها إزاء وقف هذه الحملة بصورة صريحة وواضحة، سيؤثر إيجابيا ً في التخفيف من حالة الاحتقان التي تثير القلق والتي يستشعرها المسلمون كافة، ويرون فيها تهديداً للتعايش بين الطائفتين وللتعامل على قاعدة الأخوة الإسلامية الجامعة.
وفي الوقت نفسه تقوم جهات في أوساط السنة، بأعمال تثير الفتنة وترمي المخالف بعبارات الضلال أو الابتداع، وتنشر كتباً فيها تطاول على الشيعة، وعلى علمائهم ومراجعهم، أو تعيد نشر مقولات مسيئة للشيعة من بطون بعض كتب التراث السني القديم، أو تبث عبارات جارحة، وهجوماً لاذعاً، وكلاماً غير لائق في بعض المواقع الإلكترونية، وهذا كلّه صادر عن فئة من المتعصبين يعميهم التشدّد والغلو والتطرف والتنطع، عن سلوك المنهج القويم.
ومهما يكن من أمر، فليس مقبولاً بأي حال من الأحوال، أن يتحول الخلاف الفقهي والمذهبي إلى تراشق بالقول الجارح وتنابز بالألقاب في ردّات فعل تنحرف بها عن جادة الحكمة والتبصر في عواقب الأمور، وتدفعها إلى التطاول على المقامات الكريمة والمراجع المحترمة، بل وإلى التكفير والتضليل المتبادل. ذلك أن التشدد والغلو في الدين من كلتا الطائفتين، مخالفٌ لصحيح الدين ووخيمُ العواقب.
استراتيجية واضحة المعالم للتقريب :
إن التقريب بين المذاهب الإسلامية الذي أصبح له اليوم استراتيجيةٌ واضحةُ المعالم ذات أهداف منسجمة متكاملة لا خلاف عليها، وآليات تنفيذ معتمدة، يبدأ من تنقية الكتب المرجعية لدى السنة والشيعة، من كل ما من شأنه تكفير المسلم وتضليله وتفسيقه وإثارة الفتنة التي تضر بالمصالح العليا للآمة الإسلامية، وتضعف قدرات العالم الإسلامي.
وتهدف (استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية) إلى التخفيف من حدة الاختلاف وتضييق شقته بين أتباعها إلى الحدود الممكنة، وذلك استجابة لدعوة الحق سبحانه تعالى، إلى الاعتصام بحبل الله ونبذ الفرقة بكل أشكالها والتعصب بجميع ألوانه. ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا﴾[9]. ولتعميق مفهوم (الاعتصام)، قَرنَه الله تعالى في كتابه بالأمر الإلهي (ولا تفرقوا) ، كما قرنه عزَّ وجل بـ (جميعاً)، حيث إن الاعتصام (فعلٌ جماعيٌّ منافٍ للفرقة). وهذا البيان الإلاهي غاية في البلاغة وفي منتهى الدلالة على وجوب الاعتصام التام الذي لا يترك مجالاً للفرقة، ولو في أضعف مظاهرها.
وتستند هذه الاستراتيجية إلى الجوامع التي توحد ولا تفرق، وتقارب ولا تباعد، وتقوي كيان الأمة ولا تضعفه، وذلك في إطار فقه المقاصد الشرعية وقواعد الإسلام الكلية التي لا يجوز الخروج عنها أو تجاوزها، ترسيخاً للتضامن الإسلامي، وإشاعة لروح الأخوة الإسلامية، ونشراً لثقافة الحوار بين المسلمين.
إن الأصول الثابتة والكليات القطعية التي بها يكون الإسلام وبغيرها ينتفي، هي : الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، أي : التوحيد، والنبوة، والمعاد. فهذا ما جاء به القرآن الكريم وبلغه رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام. وهذه هي الجوامع المانعة للفرقة القاطعة لدابرها. وحول هذه الأصول تجتمع الأمة، وبها يتم الاعتصام بحبل الله، أي بالقرآن الكريم كتاب الله الخالد الموحى به إلى رسوله ونبيه محمد بن عبد الله صلى الله عليه سلم، والسنة الصحيحة قولاً وفعلاً وتقريراً.
والاختلاف في هذه المفاهيم الرئيسَة، هو مبعث للفرقة ومصدر للاحتقان في العلاقة بين السنة والشيعة، وسببٌ للخلاف بين الطائفتين.
إن حل الخلاف بين السنة والشيعة يتطلب الصراحة التامة والشجاعة الكاملة من العلماء الأعلام في الطائفتين، في طرح القضايا التي يجب أن ينظر فيها من زاوية الحرص على المصالح العليا للأمة الإسلامية، أولاً وقبل كل شيء. ونستطيع أن نقول في ضوء ما جرى وما يجري، إن هذه المصالح العليا تستدعي القيام بما يمكن أن نسميه على سبيل الاصطلاح (حل الخلاف بين السنة والشيعة)، وحصر الخلاف في دائرة الصواب والخطأ بدل الإيمان والكفر. ومن هنا جاءت الحاجة إلى إشاعة ثقافة الحوار والتسامح بيمن المسلمين كافة من كلتا الطائفتين، تعزيزاً للتقارب وللتقريب وللتفاهم وللاحترام المتبادل.
مفهوم ثقافة الحوار :
إن إشاعة ثقافة الحوار وتعزيز التسامح بين المسلمين من شأنها التخفيف من حدة هذا الخلاف. والأمر هنا يتعلق بما نصطلح عليه بـ (الحوار الإسلامي-الإسلامي). [10]
وتأتي أهمية (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الأمة الإسلامية، من عدة اعتباراتٍ، يمكن أن نلخصها في أربعة اعتباراتٍ رئيسة نراها بالغةِ الأهمية :
أولها : إن العلاقات الإسلامية-الإسلامية، تعاني الارتباك وعدم الوضوح والتعقيد، بل والتوتر في أحايين كثيرة، ومما يجعلها مدعاة للخلاف الذي يهدد المصالح العليا للأمة الإسلامية، ويضيع فرص التضامن الفعّال والتكافل البناء. ولم تنجح مؤسسات العمل الإسلامي المشترك، بالقدر الكافي، في إزالة الركام المتكاثر من الشكوك وضعف الثقة والتردّد، في طيّ صفحات الماضي المفعمة بمخلفات النزاع المتوارث، لأسباب عديدة نشأت عن ظروف تاريخية تَرَاكَمَتْ حتى أدَّت إلى التباعد والتنازع، وكان للتراجع الحضاري والضعف الثقافي، الأثر الأقوى في استفحالها وتفشّيها في المجتمع الإسلامي.
ثانيها : إن الاضطراب الذي يشوب (العلاقات الإسلامية-الإسلامية)، يتسبّب في إضعاف حركة التنمية الشاملة المستدامة في بلدان العالم الإسلامي، بحكم أن هذه الحالة تنعكس بظلالها على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وعلى الأوضاع السياسية والفكرية، وعلى الأحوال الثقافية والتعليمية والعلمية، بصورة أو بأخرى.
ثالثها : إن المناخ العالمي الذي تعيش في ظله البشريةُ في هذا العصر، يقضي بالتعاون الإنساني الشامل متعدد الجوانب، ولا يسمح بانفراط عقد التعاون الشامل بين المجموعات البشرية المتجانسة دينياً وحضارياً وثقافياً وجغرافياً وتاريخياً، ولاسبيل إلى هذا التعاون المتعدد الأوجه، إلاَّ عن طريق تقوية نسيج العلاقات الثنائية، وتعزيز العلاقات الإقليمية بين الأقطار التي تنتمي إلى دائرة حضارية واحدة، وتجمعها مصالح مشتركة، ومنها المجموعة الإسلامية التي ترتبط بالعقيدة الواحدة التي جاء بها الإسلام.
رابعها : إن التحديات المحيطة بالأمة الإسلامية اليوم، على أكثر من صعيد باتت تهدد انتماءها الديني والثقافي وكيانها الحضاري والسياسي وتعرض مصالحها للأطماع الدولية. ولا سبيل لمواجهة هذه التحديات الضارية، إلاّ بتعزيز التضامن الإسلامي، وبالتنسيق المحكم في الميادين كافة. والسبيل إلى تحقيق ذلك هو الحوار العلمي الجاد الصادق المخلص الخالص لوجه الله رب العالمين بين المسلمين، أي (الحوار الإسلامي-الإسلامي).
لهذه الاعتبارات والمبررات والدواعي، وغيرها كثير، يرتقي (الحوار الإسلامي-الإسلامي) إلى مستوى الواجبات الشرعية والضرورات الحياتية الملحة التي تُوجبها المصالح الحيوية للبلدان الإسلامية، وتفرضها الحاجة إلى رفع التحديات والتغلّب على المشكلات الاقتصادية والسياسية التي تتفاقم في بعض الأقطار، إلى درجة تتطلب الإسراع إلى إنقاذها من عواقب النزاع المحلي ذي الدوافع العرقية أو المذهبية أو الإيديولوجية أو السياسية.
من هنا كانت الدعوة إلى (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، أي الحوار البناء بين أتباع المذاهب الإسلامية كافة، صيحةَ حق ونداء واجب، ومناشدةً من القائمين على هذه الدعوة، لجميع البلدان الإسلامية، للمبادرة إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية لإقامة جسور للحوار بين المسلمين حكوماتٍ وشعوباً، من أجل اكتساب أسباب القوة والمناعة والقدرة على النهوض بأعباء البناء الحضاري الشامل، في ظل السلام الاجتماعي والاستقرار السياسي والتفاهم الثقافي والتعاون الاقتصادي.
مفهوم الحوار ودلالاته :
إن مفهوم الحوار في الفكر السياسي والثقافي المعاصر، من المفاهيم الجديدة حديثة العهد بالتداول في الأدبيات الإسلامية، ولعلّ مما يدلّ على جدة هذا المفهوم وحداثته، أن جميع المواثيق والعهود الدولية التي صدرت في الستين سنة الأخيرة، بعد إنشاء الأمم المتحدة، تخلو من الإشارة إلى لفظ (الحوار)، بينما تعتمد هذه المواثيق والعهود معانيَ إنسانيةً أخرى، مثل التسامح، والتعاون، والتعايش، وإنماء العلاقات الودية بين الأمم، وتحقيق التعاون الدولي، والدفع بالرقي الاجتماعي قدماً، والرفع من مستوى الحياة في جوٍّ من الحرية أفسح، تعزيزاً للعمل الجماعي المشترك لما فيه الخيرُ للإنسانية[11].
إذن، ليس الحوار من ألفاظ القانون الدولي، إذ لا يُوجد له ذكرٌ أصلاً في ميثاق الأمم المتحدة، ولا في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ولا في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ولا في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، ولا في إعلان مبادئ التعاون الثقافي والدولي. لكن الحوار، كوسيلة للتفاهم والمحاجّة، له أصل في الفكر الإسلامي، فقد وردت كلمة "يحاور" في سورة الكهف. كما تحاور الرسولr مع مشركي العرب ونصارى نجران ويهود المدينة.
وعلى هذا الأساس، فإن الحوار بهذا المعنى، هو مفهومٌ سياسيٌّ، إيديولوجيٌّ، ثقافيٌّ، أخلاقي، حضاريٌّ، وليس مفهوماً قانونياً[12]. وعلى الرغم من ذلك، فإن الحوار أصبح اليوم ضرورة من ضرورات العصر، وهو أشدُّ ضرورة وأكثر ما يكون إلحاحاً، إذا تعلق الأمر بالحوار بين المسلمين.
فالحوار بهذا المعنى العميق الدقيق الشامل، وحسب المدلول اللغوي، هو المراجعة في الكلام، وهو التجاوب، بما يقتضي ذلك من رحابة الصدر، وسماحة النفس، ورجاحة العقل، وبما يتطلبه من ثقة ويقين وثبات، وبما يرمز إليه من القدرة على التكيف، والتجاوب، والتفاعل، والتعامل المتحضر الراقي مع الأفكار والآراء جميعاً.
ولهذا كلّه، يتأكد لدينا، أن الحوار أصلٌ من الأصول الثابتة للحضارة الإسلامية، ينبع من رسالة الإسلام وهديه، ومن طبيعة ثقافته وجوهر حضارته[13].
إن اقتران الحوار بالعقل، يؤكد على معنى سام في سياق تحديد مدلول اللفظ. ذلك أن الحوار العاقل، هو الذي يقوم على أساس راسخ، ويعتمد وسيلةً سلمية، ويهدف إلى غاية نبيلة.
وارتباط الحوار بمعنى الرجوع عن الشيء وإلى الشيء، يثبت في الضمير الإنساني فضيلةَ الاعتراف بالخطأ، ويركّز على قيمة عظمى من قيم الحياة الإنسانية، وهي القبول بمبدأ المراجعة، بالمفهوم الحضاري الواسع الذي يتجاوز الرجوعَ عن الخطأ، إلى مراجعة الموقف برمته، إذا اقتضت لوازم الحقيقة وشروطُها هذه المراجعة، واستدعى الأمرُ إعادةَ النظر في المسألة المطروحة للحوار على نحو من الأنحاء، وصولاً إلى جلاء الحق.
ولا يكتمل تحديد مفهوم الحوار، إلا بمعرفة شروطه، وهي خمسة :
1. وجود طرفين للحوار.
2. وجود موضوع محدَّد للتحاور فيه.
3. وجود هدف للحوار، وهو إظهار الحقيقة، أو تطابق أكبر قدر ممكن من وجهات النظر.
4. البعد عن التعصب والخصومة، وفرض الرأي.
5. الاعتماد على العلم والعقل[14] .
أبعاد الحوار ومراميه :
إنَّ الهدف من الحوار الذي يؤدي إلى التقارب والتقريب، هو الذي يرسم أبعاده. وبقدر ما تتنوّع هذه الأهداف وتتعدّد، تمتدُّ أبعاد الحوار وتَتَرامَى. ولما كان الحوار أداةً للتفاهم ووسيلةً للتقارب وأسلوباً لمعالجة المشكلات ولإزالة أسباب الخلاف ودواعي الاختلاف، فإن الهدف منه، هدفٌ إنسانيٌّ، نبيلٌ كلَّ النبل، وإلاَّ لما كان ثمة داعٍ إلى الحوار أصلاً.
ولذلك فإن أبعاد الحوار لا يمكن أن تُحدَّ، مادام الهدف هو الوصول إلى النتائج الإيجابية وتحقيق المآرب الإنسانية ونيل المقاصد الشريفة، وإزالة أسباب الخلاف ودواعي الشحناء والبغضاء.
وفي حالة (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، فإنه يتعيّن علينا أن نحصر أبعاد الحوار فيما يلي :
- البُعد الفقهي والمذهبي في إطار الدين الواحد الجامع لأطراف الأمة، على صعيد التقريب بين المذاهب الإسلامية، من أجل إزالة أسباب الاختلاف الفقهي الذي يؤدي إلى الاختلاف في معالجة القضايا والمشكلات الحياتية التي تعترض المجتمعات الإسلامية الحديثة، كما يؤدي إلى التباعد بين المسلمين وإلى التعصب المذهبي المذموم.
- البُعد السياسي والاقتصادي، في إطار التضامن الإسلامي والعمل الإسلامي المشترك، وصولاً إلى تعزيز التعاون القائم على الاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والمراعاة المتبادلة لمصالح كل الأطراف.
- البعد الاجتماعي والثقافي، في إطار الرؤية الإسلامية إلى تقوية النسيج الاجتماعي وتعميق الانتماء الثقافي ووضع قواعد ثابتة لما يمكن أن نسميه (بالاعتماد المتبادل) ـ حسب الاصطلاح المعتمد في العلاقات الدولية ـ اجتماعياً وثقافياً.
إن هذه الأبعاد الثلاثة لـ (لحوار الإسلامي-الإسلامي)، هي جماعُ المدلول الحضاري للحوار في دائرة الأمة الإسلامية الموحدة، ذات الرسالة الحضارية الإسلامية الواحدة. وهي أبعادٌ تصبُّ في اتجاه واحد، هو تقوية الكيان الإسلامي الكبير وترسيخ أركانه.
وحدة الأمة الإسلامية وعناصر قوتها :
إن الحوار بهذا المفهوم العميق، وبهذه الأبعاد المترامية، هو الوسيلة الفعالة التي يمكن بها للمسلمين أن يُغيّروا ما بأنفسهم، وأن يتجاوزوا المرحلة الصعبة التي يجتازونها، وأن يتغلّبوا على المشكلات التي تعترض سبلهم، وأن يحموا مصالحهم ويدافعوا عن حقوقهم.
إن الأمة الإسلامية حقيقةٌ من حقائق الإيمان الذي يغمر قلوب المسلمين كافة. فالأمة الإسلامية حقيقةٌ تاريخية، وحقيقةٌ واقعية، وحقيقةٌ مستقبلية، لأن هذ هي مشيئة اللَّه تعالى؛ فاللَّه سبحانه هو الذي جعل المسلمين أمة، وجعل من الأمة الإسلامية المعتصمة بحبل الله خير أمة أخرجت للناس في إظهار حقيقة الدين وإقامة العدل ونشر الفضائل.
لقد ربط اللَّه بين المسلمين برباط لا ينفصم، وهو رباط الأخوة الإيمانية، قال تعالى : ﴿إنما المؤمنون إخوة﴾[15]، ومعنى هذا أنه لا يتحقق الإيمان بغير الأخوة، ولا معنى للأخوّة إذا لم يشعر الأخ بآلام أخيه وهمومه، فالمسلم في أمته عضوٌ في جسد حي، يأخذ منه ويُعطيه، ويحيا به، ويصح بصحته، ويسلم بسلمه[16].
يقول تعالى : ﴿وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس﴾[17]. والوسط هو الخيار والأجود، كما يقول ابن كثير، فقد كان رسول اللَّه r وسطاً في أهله، أي أشرفهم. ولذلك فإن الأمة الإسلامية المعتصمة بحبل الله والعاملة بهدي الكتاب والسنة، شاهدة على الأمم، يقول تعالى : ﴿كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر﴾[18].
وبالتأمل في قوله تعالى : ﴿إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم﴾[19]، يلفت النظر أن فعل (أصلح)، يفيد الإصلاح والصلح والصلاح؛ فأصلح الشيء أزال فساده، وأصلح ما بين شخصين، أزال ما بينهما من عداوة وشقاق، أي أن الآية تدعو إلى إصلاح الفساد الذي دبَّ وسرى بين الفئتين، وهو العداوة والشقاق، وتدعو كذلك إلى إحلال الصلح محل الاقتتال، وبذلك يصلح أمر المسلمين صلاحاً كاملاً. وهذا يكون من شأنه إشاعة ثقافة الحوار بين المسلمين، وإزالة الشوائب التي تفسد الود بينهم وتتسبب في إثارة النعرات وربما العداوات التي تفضي إلى خراب البلاد وضلال العباد.
إن (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، ينبغي أن يكون في مصلحة الأمة الإسلامية، ومن أجل تمتين وحدتها، وتعزيز عناصر قوتها، وإلاَّ فَقَدَ الغاية منه، وانحرف عن القصد المرسوم له، وصار ضرباً من إضاعة الوقت وهدر الجهد.
ولذلك فإن الحوار بين المسلمين يجب أن ينطلق ابتداءً، من الأسس التي تقوم عليها وحدة الأمة الإسلامية، وهي الإيمان باللَّه وبرسوله محمد بن عبد اللَّه عليه الصلاة والسلام، وبكتابه القرآن الكريم، وبصحيح حديث رسول اللَّه r، وبالبعث والحساب، والإيمان بوحدة الأمة الإسلامية استناداً إلى وحدة الأصول العقائدية القائمة على القرآن والسنة الصحيحة، والإيمان بوجوب العمل من أجل رفع كلمة الإسلام بإعلاء شأن دور الدين في المجتمع الإسلامي، وبالحفاظ على كرامة الأمة وشرفها في كل الأحوال.
فإذا قام الحوار على هذه الأسس، توافرت له الشروط الموضوعية التي تجعل منه حواراً جادّاً، نافعاً، ومؤثراً، وهادفاً إلى كل ما فيه الخيرُ للأمة الإسلامية.
إن هناك حاجة ماسّة إلى توسيع نطاق الجهود المبذولة لتوسيع دوائر الحوار الإسلامي-الإسلامي. ونحن نرى أن (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، هو اجتهادٌ من أجل التقريب بين المذاهب الإسلامية والأفكار الثقافية والتوجّهات السياسية في الوقت نفسه.
والتقريب بين المذاهب الفقهية الإسلامية في رأينا، يجب أن يهدف إلى إزالة الشكوك وسوء الظن بين طوائف المسلمين، وأن يعمل على تصحيح المقولات الخاطئة الشائعة عن المذاهب الإسلامية المختلفة، التي عليها قام الخلاف وبها تفرقت الأمة، وأن يُؤَسِّسَ لقيام اجتهاد جماعي يعالج مستجدات الحياة ونوازل العصر من منظور إسلامي موحد يحقق التآخي والتعاون بين علماء الأمة ومجتهديها[20]).
تحديات العصر وأساليب مواجهتها :
يحفل العصر بتحديات عاتية لا سبيل إلى مواجهتها والتغلّب عليها، إلا بوحدة الأمة الإسلامية من خلال حشد طاقاتها وتعبئة إمكاناتها ولمّ شملها ونفخ روح الإيمان والالتزام والتضحية والإقدام فيها. و(الحوار الإسلامي-الإسلامي) أحدُ الأسلحة التي يمكن بها مواجهة تحديات هذا العصر والعصور المقبلة؛ لأن الحوار بين المسلمين يعمّق الثقة فيما بينهم، ويشيع الصفاء والانسجام في صفوفهم.
إن مواجهة التحديات تتطلب قوة الفكر وقوة الإرادة وقوة الوسيلة. وقوةُ المسلمين في وحدتهم وتضامنهم؛ فكلما قويت عناصر وحدة الأمة الإسلامية، وترابطت حلقات التعاون فيما بين شعوبها، أمكن الوصول إلى المستوى المرغوب فيه من التماسك والترابط والتضامن. فـ (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، هو الأداة الأنسب والوسيلة الأقوى لامتلاك شروط التدافع الحضاري للدفاع عن المصالح العليا للأمة الإسلامية وصون حقوقها.
إن الأمة الإسلامية تواجه اليوم التحديات في كل مجال، ومن كل جهة، وعلى جميع المستويات. ويمكن أن نعدَّ من هذه التحديات ستةً :
- تحديات سياسية.
- تحديات ثقافية.
- تحديات علمية وتقانية.
- تحديات اقتصادية.
- تحديات حضارية.
- تحديات فقهية.
وتشكّل هذه التحديات في مجموعها، امتحاناً صعباً أمام العالم الإسلامي، لا سبيل إلى تجاوزه إلا بالعمل الجماعي والتعاون المشترك في إطار التضامن الإسلامي النابع من وحدة الأمة الإسلامية والتفافها حول عقيدتها وأهدافها ومصالحها وحقوقها كاملة.
ففي الجانب السياسي، يفرض العصر الراهن على الأمم والشعوب، أعباء قاسية لترتيب الأوضاع السياسية وأحكامها، واعتماد الأساليب الحكيمة والعادلة في إدارة الشأن العام. ويشكل تفرّد قوة عظمى واحدة بالهيمنة على سائر الدول التي لا تتوفر على شروط المنافسة، أو لا تملك الوسائل الكافية للدفاع عن حقوقها ومصالحها، تبعات ثقيلة وضغوطاً مرهقة على الأمم والشعوب في العالم، وفي مقدمتها شعوب العالم الإسلامي. ولقد بلغت هيمنة هذه القوة العاتية في هذه المرحلة من التاريخ، المستوى الذي باتت معه حقوق الشعوب ومصالح الحكومات مهددةً في الصميم، على الرغم من أن أحكام القانون الدولي تَتَعَارَضُ، تعارضاً تامّاً، مع السياسات الجائرة التي تمارسها هذه القوة في حق الإنسانية.
وتتمثل التحديات الثقافية التي تواجه الأمة الإسلامية أساساً، في الموجات الصاخبة والمتتابعة من الثقافة الهادمة لكل القيم النبيلة والمبادئ السامية، والتي تهدّد ذاتية الشعوب وخصوصيتها الحضارية وهويتها الثقافية تهديداً مباشراً. وتسعى القوى المهيمنة على مقاليد الأمور على الصعيد الدولي، سعياً حثيثاً إلى فرض هذه الثقافة وفتح المجال أمامها لاكتساح ثقافات الشعوب والأمم جميعاً، ويقع التركيز في هذه الحرب الضروس، على ثقافة الأمة الإسلامية.
وتفرض التحديات العلمية والتقانية على الأمة الإسلامية أن تَتَسَابَق في حلبة المنافسة غير المتكافئة، وأن تُوالي جهودها لتأخذ نصيبها من العلم والتقانة، للنهوض بمجتمعاتها إلى المستوى المطلوب من التقدم العلمي والتقاني. وهي معركةٌ ضاريةٌ تستنزف طاقات الأمة ومواردها، ولكن مع ذلك، لا تملك الأمة الإسلامية إلا أن تخوض معركة العلم والتقانة بكل ما يتوافر لها من إمكانات، على أن تراعي أن يكون العلم في خدمة الإنسان، ومن أجل تقدم المجتمع، وفي سبيل بناء الحضارة الإسلامية الجديدة.
وتضغط التحديات الاقتصادية على الأمة الإسلامية بشدة بالغة، وتدفع بها إلى تبنّي اختيارات اقتصادية لا تناسب البيئة الإسلامية في الغالب، ولم تكتمل الشروط الموضوعية في العديد من الأقطار الإسلامية للعمل بها. بل تفرض هذه التحدّيات عليها الرضوخ لهيمنة المؤسسات المالية الدولية، كصندوق النقد الدولي وقبول شروطها المجحفة، والوقوع فريسة لمضاربات تجار العملات الدوليين الذين يسعون إلى الربح السريع على حساب ثبات اقتصاد الدول النامية واستقرار أسعار عملاتها.
وتتمثل التحديات الحضارية، في غلبة الحضارة الغربية المادية وهيمنتها على سائر الحضارات المعاصرة، وتراجع المدّ الحضاري الإسلامي، وغياب التجديد في العناصر المكونة للحضارة الإسلامية فكرياً ومادياً، واستسهال التقليد، والأخذ بالنماذج الجاهزة دون تمييز بين الصالح والطالح، أو انتقاء الجوانب المفيدة واستبعاد الجوانب الضارة والمدمرة للإنسان وللحضارة.
أما التحديات الفقهية ـ إن جاز أن نستخدم هذا الاصطلاح ـ فهي تتمثل في إثارة الخلاف بين مذاهب المسلمين وطوائفهم، كما هو الحال بين السنة والشيعة على النحو الذي نعيشه اليوم، وعدم مواكبة الاجتهاد الفقهي لمتغيرات العصر بشكل سريع ومؤثر.
إن هذه القضايا المطروحة على الأمة الإسلامية والتحديات التي تواجهها، تتطلب تنسيق الجهود والخطط والوسائل لمعالجتها وللانتهاء إلى مواقف إزاءها تخدم المصالح العليا للعالم الإسلامي.
وليس مثل (الحوار الإسلامي-الإسلامي) وسيلة لبلوغ هذا المستوى الراقي من التعاون والتنسيق.
أمام هذه الحقائق عن عصرنا التي سّلطنا الضوء عليها ولخصنا معطياتها باختصار وتركيز، يتوجَّب علينا أن نتساءل عن الوسائل التي علينا أن نلجأ إليها لإقامة الحوار الإسلامي-الإسلامي على أسس صحيحة.
إنه من المفيد جداً، أن نذكر هنا، أن (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، لا يتطلب قنوات ومنابر ومحافل جديدة، إذ لا يتعلق الأمر في هذه الحالة، بتنظيم جلسات أو ندوات أو موائد مستديرة للحوار بين المسلمين، تُضرب لها مواعيد محددة. فليس الأمر كذلك ألبتَّة. وإنما القصد الذي نرمي إليه، هو توظيف القنوات والمنابر القائمة توظيفاً سليماً، مع توفير الدعم المناسب لها، وتمكينها من وسائل العمل الملائمة، للدخول في حوار بين المسلمين، على عدة مستويات، لتدارس القضايا ولبحث المشكلات التي تستأثر باهتمام الرأي العام الإسلامي، ومنها مشكلة الخلاف المذهبي الذي يمزق الأمة الإسلامية.
إن (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، لا ينقصه الإطار المناسب ولا يعوزه الجهاز الملائم، ففي إطار العمل الإسلامي المشترك، والعمل العربي المشترك، على صعيدَيْ منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية، وما يتفرع عنهما من منظمات وهيئات، ما يُتيح الفرص المناسبة لـ (الحوار الإسلامي-الإسلامي) على جميع الأصعدة.
ونؤكد في هذا المقام، على ضرورة أن يتجه العمل الإسلامي والعربي المشترك في مؤسساته المتخصصة، إلى التوسيع من دوائر التقريب بين المسلمين في المجالات كافة، في القضايا المتصلة بأصول الدين، والقضايا الفقهية والمذهبية والثقافية والفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية. ونرى أن (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، هو القناة التي تؤدي بنا إلى هذا الضرب من التقريب الذي من شأنه أن يعزز التضامن والترابط بين المسلمين ويحفظ للأمة الإسلامية حقوقها ومصالحها، ويصدّ عنها أطماع الطامعين وكيد الكائدين.
وعلى كل حال، فإن إنماء (الحوار الإسلامي-الإسلامي) يتوقف على إشاعة روح التسامح والاحترام بين المسلمين، والاعتراف بالتنوع المذهبي، سعياً وراء التخلص من الطائفية.
مفهوم التسامح :
إن مفهوم التسامح يحتاج إلى ضبط منهجي. ذلك أن اللبس في مفهوم مصطلح (التسامح) والدلالات التي يحملها، إنما نتج أصلاً عن إساءة ترجمة اللفظ عن اللغات الأوروبية، لا سيما الإنجليزية والفرنسية. وقد أدى هذا الموقف إلى اختيار أحد معاني اللفظ الأوربي اللغوية دون الاهتمام بمدلوله الاصطلاحي الذي يكتسب قيمته من الظروف التاريخية التي ظهر في إطارها.
ففي اللغة العربية تشتق كلمة (تسامح) من الجذع الثلاثي (سمح) الذي يعني الجود والعطاء. و(السماح) و(المسامحة) تعني المساهلة، وتسامحوا بمعنى تنازلوا و(السماحة) تعني الكرم والتساهل ... وهكذا، فإن المعنى الأصلي يعني الكرم والجود، كما يعني السهولة. أما الكلمة الأوروبية فهي Toleration المشتقة من فعل Tolerate بمعنى يتحمل، أو يقبل، أو يصبر على، أو يجيز، فهي هنا تجمع بين الاحتمال على مضض والتسامح والقبول على كره، والتحمّل، وهو ما يشي بالتساهل إزاء شيء لا يمكن قبوله عادة. وبذلك كان استخدام اللفظ في السياق الثقافي-الاجتماعي الأوربي يقصد شيئاً، على حين أدت الترجمة إلى شيء آخر مختلف[21].
بيد أن لفظ (التسامح) دخل اللغة العربية ليكتسي مفاهيم ومدلولات إضافية سرعان ما صارت هي المفاهيم والمدلولات الجوهرية بسبب السياق الثقافي-الاجتماعي الذي تم استخدامه فيه من ناحية، وبسبب تأثيرات الموروث الثقافي العربي الإسلامي من ناحية أخرى. فقد تخلى اللفظ تماماً عن معناه الأوربي، وصار له معنى يكاد يكون مضاداً لمعنى الكلمة الأوربية، فقد تخلى عن معاني (التحمل) و(الصبر على)، إلى معنى واحد هو القبول بالآخر، وعدم إنكار حقه في أن يكون (مختلفاً)، وأن يمارس الاختلاف. وربما يكون هذا هو السبب في أنه استخدم كثيراً في سياق الحديث عن الحريـات الدينية -وهو المعنى الأساسي لكلمة Toleration على أي حال- على الرغم من أنه ينبغي أن يستخدم في مجالات التعددية السياسية، والحوار الثقافي، والتنوع الاجتماعي[22] .
ولئن كان التسامح بالمفهوم الإسلامي الراقي وليس بالمفهوم الغربي الوافد، واجباً في الزمن الماضي الذي نشأت فيه المذاهب الإسلامية وسادت فيه الخلافات بين المسلمين، فهو في زماننا أوجب لسببين : الأول أن كثيراً من أسباب الخلاف كان قديماً، وقد أصبح في ذمة التاريخ، كالخلاف في أي الصحابة أفضل وأيهم أحق بالخلافة، والخلاف فيما عمله الصحابة في حروبهم وسيرهم. وقد انقضى كل هذا ودفن في التاريخ، فما لنا نفتح صفحة طواها الله، لا تنفعنا في حاضرنا ولا في مستقبل أيامنا. والثاني أن المسلمين اليوم أحوج ما يكونون إلى الوحدة، لوقوعهم في مشاكل أمام الغرب وأمام أنفسهم لا ينقذهم منها إلاَّ وحدتهم. وليس أسرّ لعدوّهم من فرقتهم، فما بالنا نسيء إلى أنفسنا بفرقتنا، ونُفرح العدو بشتاتنا، والله تعالى يقول : ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً﴾[23] .
فالتسامح الذي هو فضيلة كريمة من فضائل الدين الحنيف، والذي هو من مكارم الحضارة الإسلامية، هو ثمرة (الحوار الإسلامي-الإسلامي)، أو ذلك ما ينبغي أن يكون. والتسامح كما يفهمه المسلمون، يقتضي الرفق في التعامل مع الخلافات، لأن إزالة أسبابها غير ممكنة، والتجاوز عما يراه هذا الفريق أو ذاك، قد يكون متعذراً، ولذلك وجب أن نتحلّى جميعا بفضيلة التسامح حتى نصل إلى التقريب فيما بيننا، استجابة للنداء الإلهي : ﴿واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا﴾.
ولقد صدق من قال : إذا كان كلُّ خطأ يرتكبه بعض أبناء مذهب إسلامي داعياً لتكفير أبناء ذلك المذهب كلهم، فعندها لن يبقى هناك مسلم على وجه الأرض!!، ولصار دين الله صعباً ضيقاً، وضاقت رحمته الواسعة، والإسلام أوسع من ذلك [24] .
ولا يسعني في الختام، إلاَّ أن أردّد ما قاله المصلح الإسلامي الكبير أحد رواد النهضة الإسلامية في مطلع القرن العشرين، الشيخ السيد رشيد رضا، يرحمه الله : "إن من أعظم ما بليت به الفرق الإسلامية رميّ بعضهم بعضاً بالفسق والكفر، مع أن قصد كل منها الوصول إلى الحقّ بما بذلوا جهدهم لتأييده، واعتقـاده، والدعوة إليه، فالمجتهد وإن أخطـأ معـذور ..." [25] ، ومراجعة الخطأ والعمل على تصحيحة، فضيلة خُلقية وفريضة دينية.
إنّ من المعوّل عليه في نجاح مساعي التقريب بين المذاهب ولحل الخلاف الناشب بين السنة والشيعة، هو إخلاص النية لله تعالى، وإحسان الظنّ بالمسلمين، والعمل المتواصل بالرفق واللّـين، وبالحكمة والقول الحسن، وقبل هذا وذاك، العودة إلى كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وتلك هي المسؤولية المشتركة التي نتحملها جميعاً، سنةً وشيعة وتلك هي السبيل للتخلّـص من الطائفية الممزقة للوحدة الإسلامية والتي تفتح الأبـواب للطامعين في مقـدرات الأمة الإسلامية والمتآمرين عليها والمتربصيـن بها. قال تعالى : )يا أيها الذين آمنوا استيجبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم، واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه وأنه إليه تحشرون(، صدق الله العظيم[26] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] ـ ولد محمد تقي الدين القمي في طهران سنة 1908، وتوفي بباريس سنة 1990، وفي سنة 1947 أسس مع علماء الأزهر (جماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية).
[2] ـ مجلة (ثقافتنا)، العدد 3، 1425-2004، طهران.
[3] ـ الآثار الكاملة، المجلد الأول، السيد جمال الدين الحسيني الأفغاني، الشيخ محمد عبده، العروة الوثقى، إعداد وتقديم سيد هادي خسروشاهي، مكتبة الشروق الدولية، القاهرة، الطبعة الأولى، 2002م.
[4] ـ البيان الأول لجماعة التقريب بين المذاهب الإسلامية، مجلة (رسالة الإسلام)، العدد 1، القاهرة 1949.
[5] ـ المصدر السابق.
[6] ـ رواه البخاري.
[7] ـ تفسير المنار للشيخ رشيد رضا، الجزء الثاني، صفحة 252، في تفسير قوله تعالى : ﴿ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوّ مبين﴾..
[8] ـ هذا الاصطلاح غير دقيق وليس مناسباً، فالصحيح أن نقول تطرف الأشخاص، أو تطرف الفئة التي تنتسب إلى الدين، لأنه لا تطرف في الدين، وإنما التطرف فيمن ينتسب إليه.
[9] ـ آل عمران، الآية 103.
[10] ـ د. عبدالعزيز بن عثمان التويجري، تأملات في قضايا معاصرة، ص: 73، دار الشروق ، القاهرة، 2002.
[11] ـ ميثاق الأمم المتحدة، الديباجة.
[12] ـ د. عبد العزيز بن عثمان التويجري، الحوار من أجل التعايش، ص : 11، دار الشوق، القاهرة، 1998م.
[13] ـ المصدر نفسه، ص : 12.
[14] ـ بسام داود عجك، الحوار الإسلامي المسيحي : المبادئ-التاريخ-الموضوعات-الأهداف، ص : 22 دار قتيبة، بيروت 1998.
[15] ـ الحجرات 10.
[16] ـ د. يوسف القرضاوي، الأمة الإسلامية .. حقيقة لا وهم، ص : 26، مكتبة وهبة، القاهرة 1995.
[17] ـ البقرة 133.
[18] ـ أل عمران 104.
[19] ـ 19) الحجرات، ص 9.
[20] ـ عبد العزيز بن عثمان التويجري، في كتاب (استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية)، ص 67، نشر مؤسسة الإمام الخوئي الخيرية، الكويت، 1999، يضنم الكتاب بحوث الندوة التي نظمت في سورية حول هذا الموضوع في سنة 1999.
[21] ـ د. قاسم عبده قاسم، إعادة قراءة التاريخ، كتاب "العربي"، العدد 78، أكتوبر 2009، الكويت.
[22] ـ المصدر السابق.
[23] ـ د. عبد العزيز بن عثمان التويجري، أفكار للحوار، ص 157 نقلا عن ظهر الإسلام، أحمد أمين، الجزء الرابع، ص : 105، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الخامسة، 1969م. ويلاحظ أن هذا الجزء الأخير من (ظهر الإسلام)، قد نشر بعد وفاة المؤلف في عام 1954م، أي أنه كتبه في مطلع الخمسينيات. ترى ماذا كان سيكتب أحمد أمين حول هذه المسالة، لو طال به العمر إلى يومنا هذا؟.
[24] ـ حلّ الاختلاف بين الشيعة والسنة في مسألة الإمامة، مصطفى حسيني طباطبائي، ص : 71، ترجمة سعد رستم، الأوائل للنشر والتوزيع والخدمات الطباعية، دمشق، 2002م.
[25] ـ تفسير المنار، المجلد السابع عشر، ص : 44، الشيخ رشيد رضا.
[26] ـ الأنفال، الآية 24.
ارسال نظر