وب سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى

اهم اخبار تقریب مذاهب اسلامی

مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
سایت رسمی مجمع جهانى تقريب مذاهب اسلامى
أهل البيت (عليهم السلام) نقطة التقاء المسلمين
۱۳۹۷/۱۱/۲۸ ۱۳:۳۲ 1395

أهل البيت (عليهم السلام) نقطة التقاء المسلمين

 

أهل البيت (عليهم السلام) نقطة التقاء المسلمين

 

الدكتور زهير سليمان

 

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمـة:

سنتناول في هذه المقالة سرداً لهيكلية الوجود الحقيقي لأهل البيت (عليهم السلام)، وأهمية هذا الوجود، والوظيفة الموكلة له، وهل أن هذه الوظيفة عفوية جاءت بناء على المسؤولية الإسلامية الملقاة في رقبة كل مسلم؟ أم انّها وظيفة الهية جعلها الله تعالى لمصلحة الدين وبناء الرسالة وحمايتها من اعدائها، وتثبيتها وترسيخها في الحياة حتّى ولو في أذهان وعقول مجموعة صغيرة بحيث تبقى محافظة على حقيقة الاسلام ونصوعه باعتباره الرسالة الخالدة والخاتمة للرسالات السماوية.

 

لقد اعتمدنا لهذا السرد الأساس القرآني والنص الحديثي الذي يؤيده المسلمون أنفسهم عن مصادر الكتاب والحديث.

 

وقبل أن نبدأ بالحديث والبحث في هذا الموضوع لا بدّ من التعريف بأهل البيت أو معرفة من هم أهل البيت. ولذا سيكون منهج البحث كالآتي:

المدخل ـ من هم أهل البيت؟

ـ بالدليل القرآني.

ـ بدليل السنّة المطهرة.

ـ بناءً على ما جاء في سيرة السلف الصالح.

 المبحث الأول ـ ماذا نقصد بنقطة الالتقاء؟

 المبحث الثاني ـ أهل البيت مرجعية اسلامية عليا وقيادة متميزة.

ـ تأكيد القرآن.

ـ تأكيد السنّة.

ـ محل قبول كل المسلمين.

ـ أهل البيت لا يصدر عنهم الكذب.

 المبحث الثالث ـ الحكمة الالهية تجمع البشر على المحبة وتوحدهم على الاصلاح.

ـ مبغض أهل البيت لا يعد من المسلمين.

 المبحث الرابع ـ مناسبات أهل البيت مناسبات اسلامية وهى ركيزة للّقاء والوحدة.

ـ احياء مناسبات أهل البيت (عليهم السلام).

ـ الولاء لهم.

ـ دراسة حياتهم.

 المدخل

 من هم أهل البيت ؟

قبل الشروع بالبحث لا بد من تحديد مفهوم أهل البيت، وليتني تركت بحث هذا الموضوع لأن أهل البيت (عليهم السلام) أصبحوا حقيقة لا يشك فيها أحد إلّا المكابرون والنواصب، وإلّا فما معنى عدم قبول الصلاة بدون الصلاة عليهم، كما يصور ذلك شعراً الإمام محمد بن ادريس الشافعي بقوله:

يا آل بيت رسول الله حبكم فرض من الله في القرآن أنزله *** كفاكم من عظيم الشأن أنكم من لم يصل عليكم لا صلاة له

 

أليس هم قربى النبي الكريم الذي به اهتدينا إلى الصراط المستقيم؟ وحتّى يكون البحث متكاملاً ارتأيت أن امرّ ـ ولو سريعاً ـ على سرد ما يتعلق بهذا الموضوع. علماً بأنني لم أفرد له مبحثاً خاصاً به لأتحدث عنه تفصيلاً بل جعلته مدخلاً للبحث.

 

فمفهوم أهل البيت (عليهم السلام) جاء في القرآن الكريم بنص آية التطهير كما هو متعارف عليها: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً).

 

فقد كاد أن يقع إجماع المفسرين على أن أهل البيت المقصودين هم:

 

علي بن أبي طالب (عليه السلام)

 

فاطمة الزهراء بنت الرسول (صلى الله عليه وآله)

 

الحسن المجتبى سبط النبي (صلى الله عليه وآله)

 

الحسين الشهيد سبط النبي (صلى الله عليه وآله)

 

وللدقة في الموضوع نستشهد ببعض هذه التفاسير المعتمدة:

 

1 ـ ففي تفسير الطبري وتفسير السيوطي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «نزلت هذه الآية في خمسة: في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة. (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً)» ([1]).

 

وعن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) في قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) قال: جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ثم أدار عليهم الكساء، فقال: «هؤلاء أهل بيتي. اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» وأم سلمة على الباب، فقالت: يا رسول الله ألست منهم؟ فقال: «انك لعلي خير» أو: «إلى خير» ([2]).

 

وعن أبي أيوب الصيرفي، قال: سمعت عطية العوفي يذكر أنه سأل أبا سعيد الخدري عن قوله تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فأخبره أنها نزلت في رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ([3]).

 

وعن أبي داود عن أبي الحمراء، قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبي (صلى الله عليه وآله). [فـ]ـقال: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله) إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة فقال: «الصلاة الصلاة، (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) » ([4]).

 

وفى المناقب للخوارزمى: نقل عبدالرحمن بن أبي ليلى عن ابيه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال لعلي (عليه السلام): «أنا أول من يدخل الجنة وأنت بعدي تدخلها والحسن والحسين وفاطمة.. اللهم إنهم أهلي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم اكلأهم وارعهم وكن لهم، وانصرهم وأعنهم وأعزّهم ولا تذلهم، وأخلفنى فيهم، إنّك على كل شىء قدير» ([5]).

 

وجاء عن انس بن مالك، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) ([6]).

 

كما جاء في شواهد التنزيل نقلاً عن ابن ابي عتيق عن جابر بن عبدالله: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعا علياً وأبنيه وفاطمة فألبسهم من ثوبه ثم قال: اللهم هؤلاء أهلي هؤلاء أهلي» ([7]).

 

وكذلك نقل عن جابر بن عبدالله الأنصاري قوله: كنت عند النبي في بيت أم سلمة، فأنزل الله هذه الآية (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) فدعا النبي (صلى الله عليه وآله) بالحسن والحسين وفاطمة وأجلسهم بين يديه، فدعا علياً فأجلسه خلف ظهره وقال اللهم هؤلاء أهل بيتى، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً» فقالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ فقال لها: إنك على خير. فقلت: يا رسول الله، لقد اكرم الله هذه العترة الطاهرة والذرية المباركة بذهاب الرجس عنهم، قال: يا جابر لأنهم عترتي من لحمي ودمي. فأخي سيد الأوصياء، وابنىّ خير الأسباط وابنتي سيدة النسوان، ومنا المهدي» ([8]).

 

كما جاء في صحيح مسلم عن يزيد بن حيّان عن زيد بن أرقم بعد ذكر حديث الثقلين: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله (وعترتي) وأهل بيتي. فقلنا: من أهل بيته؟ نساؤه؟ قال: لا، وأيم الله، إن المرأة تكون مع الرجل المصر من الدهر ثم يُطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله، وعصبته الذين حُرِمُوا الصدقة بعده» ([9]).

 

وعن ابن لهيعة: حدّثنى عمرو بن شعيب أنه دخل على زينب بنت أبي سلمة فحدّثتهم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان عند أم سلمة فدخل عليها بالحسن والحسين وفاطمة. فجعل الحسن من شقّ. والحسين من شقّ، وفاطمة في حجره، ثم قال: (رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنّه حميد مجيد) ([10]).

 

ولقد نقل أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) التى تتعلق بفضائل أهل البيت (عليهم السلام) البعيد والقريب وحتّى من مال بوجهه عنهم فلم يستطع أخفاء فضائل أهل البيت (عليهم السلام)صراحة وعلناً.

 

فهذا سعد بن أبي وقاص ([11])، الصحابي الكبير الذي يعتبر من المسلمين الأوائل وممن هاجر إلى المدينة وشارك في حروب النبي (صلى الله عليه وآله).. نعم، نقل احاديث عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حق أهل البيت وهوية أهل البيت رغم قلتها..

 

فقد روى سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله: لا يحل لأحد أن يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك» مخاطباً علياً.في حديث: «لا يدخل المسجد جنباً غير النبي وعلي» كما نقله صاحب كتاب «جامع المسانيد والسنن في الجزء الخامس صفحة 128».

 

كما جاء في ترجمة الإمام علي لابن عساكر في الجزء الأول صفحة 207، في حديث أهل البيت ـ المباهلة مع نصارى نجران... عن سعد قال: لما نزلت هذه: الآية (فقل تعالوا ندع أبناءنا وابناءكم...) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللهم هؤلاء أهلي» ([12]).

 

وعن سعد نفسه قال: لما نزلت هذه الآية (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً فقال: اللّهم هؤلاء أهلي» ([13]).

 

ثم يقول سعد بن أبي وقاص «نزل على رسول الله (صلى الله عليه وآله) الوحي فأدخل علياً وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه وقال «اللهم هؤلاء أهل بيتي» ([14]).

 

ويذكر سعد بن أبي وقاص حديث «سد الابواب وترك باب علي، حيث قال سعد «إنّ رسول الله سد أبواب الناس وفتح باب على فقال في ذلك للناس: ما أنا فتحته ولكن الله فتحه» ([15]).

 

كما قال سعد: «أمر رسول الله بسد الأبواب الشارعة في المسجد وترك باب علي» ([16]).

 

وكذا عن سعد بن أبي وقاص قال: «أخرج رسول الله عمه العباس وغيره من المسجد فقال العباس: تخرجنا ونحن عصبتك وعمومتك وتسكن علياً؟ فقال: ما أنا أخرجكم وأسكنه ولكن الله أخرجكم وأسكنه» ([17]).

 

وقال سعد أيضاً: «قال رسول الله في علي بن أبي طالب ثلاث خصال وذكر حديث الطير» ([18]).

 

إن أحاديث النبي الكثيرة التي قالها بحق علي بن أبي طالب (عليه السلام) لا يمكن الاتيان بها كلها في هذا البحث المختصر، وانّ ما أنقله ما هـو إلّا بعض الأمثلة لذلك.. وأنا أنقل الأحاديث عن طريق المدرسة الصحابية إذا صح التعبير وليس عن مدرسة أهل البيت (عليهم السلام).

 

وقبل ان اترك سعد بن أبي وقاص أنقل له هذا الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله)حيث قال سعد: سمعت رسول الله يقول يوم خيبر: لأعطين الراية رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله. قال: فتطاولنا فقال: أدعوا لي علياً فأتي به أرمد. فبصق في عينيه ودفع الراية اليه ففتح الله عليه» ([19]).

 

كما نقل الحديث في المسند الجامع عن سعد بن أبي وقاص نفسه قال: سمعت رسول الله يقول لعلي: لأعطين الراية اليوم رجلاً يحب الله ورسوله» ([20]).

 

وفى هذا المجال روايات متعددة بأعمال أنيطت بعلي من قبل الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) لا يسع الآن نقلها...

 

وينقل سعد عن النبي أنه قال لعلي: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى» ([21]).

 

وفى حديث آخر عن الحرث بن مالك. قال: أتيت مكة فلقيت سعد بن أبي وقاص، فقلت، هل سمعت لعلي منقبة؟ قال: قد شهدت له أربعاً لأن تكون لي واحـدة منها أحبّ إلى من الدنيا أعمر فيها مثل عمر نوح. وذكر الحديث «ان رسول الله بعث أبا بكر ببراءة إلى مشركي قريش فسار بها يوماً وليلة ثم قال لعلي: أتبع أبا بكر فخذها وبلّغها، ورد علىّ أبا بكر، فرجع أبو بكر فقال يا رسول الله أنزل فيّ شيء؟ قال: لا، إلّا خيراً إلّا أنّه ليس يبلّغ عني إلّا أنا أو رجل مني أو قال: من أهل بيتي» ([22]).

 

وعن عامر بن سعد عن أبيه قال: «أمر معاوية بن أبي سفيان سعداً فقال: ما منعك أن تَسبَّ أبا تراب؟ فقال: أمّا ما ذكرت ثلاثاً قالهنّ له رسول الله فلن أسبه لأن تكون لي واحدة منهن أحب اليّ من حمر النعم ـ سمعت رسول الله يقول له: [وقد] خلّفه في بعض مغازيه. فقال له عليّ: يا رسول الله، خلفتني مع النساء والصبيان؟ فقال له رسول الله: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبوة بعدى» ([23]).

 

وفى نفس المصدر يكرر الحديث نقلاً عن سعد بن أبي وقاص قال: «خلف رسول الله علي بن ابي طالب في غزوة تبوك فقال: تخلفني في النساء والصبيان؟ فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدى» ([24]).

 

وبنفس الراوية بلفظ «بمنزلة هارون من موسى إلّا النبوة» ([25]).

 

ويقول سعد وهو ممن عاش مع علي والرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله) وعرفهما وفهم موقع علي في الاسلام ومنزلته من الرسول. ومنزلة أهل البيت (عليهم السلام)، وهو يقسم قسماً شرعياً ويقول: اما والله إني لأعرف علياً، وما قال له رسول الله. أشهد أنه قال لعلي يوم غدير خم ونحن قعود فأخذ بضبعه ثم قال: أيها الناس من مولاكم؟ قالوا: الله ورسوله، قال: من كنت مولاه فعلىّ مولاه اللهم عاد من عاداه ووال من والاه» ([26]).

 

كما نقلت عائشة بنت سعد بن أبي وقاص، قالت: سمعت أبي يقول: «سمعت رسول الله يوم الجمعة فأخذ بيد علي فخطب فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس إني وليكم قالوا: صدقت يا رسول الله، ثم أخذ بيد علي فرفعها فقال: هذا وليّي ويؤدي عني ديني وأنا موالي من والاه ومعادي من عاداه» ([27]).

 

وأيضاً نقلت عائشة بنت سعد هذه في مورد آخر عن أبيها سعد بن أبي وقاص قالت: قال: كنا مع رسول الله بطريق مكة وهو متوجه اليها، فلمّا بلغ غدير خم وقف للناس ثم ردّ من تبعه ولحقه من تخلف، فلما اجتمع الناس اليه قال: أيها الناس من وليكم؟ قالوا: الله ورسوله ثلاثاً، ثم أخذ بيد علي فأقامه ثم قال: من كان الله ورسوله وليّه فهذا وليّه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه» ([28]).

 

المبحث الأول

ماذا نقصد بنقطة الالتقاء:

نقطة الالتقاء هي مركز اجتماع الأطراف المتفرقة أو هدف التقاء الخطوط المتباعدة.. ولهذا نقصد بالتقاء المسلمين جميعاً على اختلاف مذاهبهم ومواردهم وتوجهاتهم واجتهاداتهم وتفاسيرهم في دائرة أهل البيت، وأهل البيت (عليهم السلام) هم المركز الناطق لالتقاء المسلمين وتقاربهم مع بعض; لأنه يمكن أن يختلف المسلمون حول الصحابة الذين علا بعضهم إلى درجات عالية جداً ليكون من الصالحين والشهداء وحسن اولئك رفيقاً وهبط بعضهم إلى ما دون ذلك.. أما في أهل البيت (عليهم السلام) فلم يختلف بهم أحد من المسلمين، حتّى من حاربهم وقاتلهم لم يستطع إخفاء حقيقتهم وكتم فضائلهم ومناقبهم.

لذا فإننا نقصد بنقطة الالتقاء:

* الاجتماع ... أي أن الأمة تجتمع عليهم، تجتمع على سلوكهم وعلمهم ومدرستهم، وكونهم منبعاً ثرّاً لغيرهم.

 

يقول ابن أبي الحديد في مقدمة شرحه لنهج البلاغة: «وما أقول في رجل تعزى اليه كل فضيلة وتنتهي اليه كل فرقة وتتجاذبه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها وأبو عذرها وسابق مضمارها ومجلي حلبتها كل من بزغ فيها بعده فمنه أخذ وله اقتفى وعلى مثاله احتذى».

 

ويقول محمد بن طلحة الشافعى في الإمام الحسن المجتبى (عليه السلام): كان الله عز وجل قد رزقه الفطرة الثاقبة في إيضاح مراشد ما يعانيه. ومنحه النظرة الصائبة لاصلاح قواعد الدين ومبانيه، وخصه بالجبلة التي درت لها أخلاف مودتها بصور العلم ومعانيه ([29]).

 

أما الزهري فيقول: ما رأيت أفقه من زين العابدين وكان اذا ذكر علي بن الحسين يبكي ويقول: زين العابدين ([30]).

 

وقال عبدالله بن عطاء المالكي: ما رأيت العلماء عند أحد قط أصغر منهم عند أبي جعفر محمّد بن علي بن الحسين (عليه السلام) ولقد رأيت الحكم بن عتيبة ـ مع جلالته في القوم ـ بين يديه كأنه صبي بين يدي معلّمه ([31]).

 

وقد قال الأستاذ محمد صادق نشأت المصري الأستاذ في آداب جامعة القاهرة ـ وهو يصف دار الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) ـ: «كانت كجامعة كبيرة تموج بالحكماء وأهل العلم يجيب أسئلتهم ويحل مشاكلهم دون التفات إلى نحلهم ومذاهبهم أو فروقهم ومقاصدهم، وقد جمع أصحابه المقربون اليه دروسهم في أربعمائة كتاب وسموها الأصول الأربعمائة» ([32]).

 

وجاء في الصواعق المحرقة لابن الهيثمي([33]). وهو يقول في الإمام الصادق (عليه السلام): جعفر الصادق نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان، وروى عنه الأئمة الكبار كيحيى بن سعيد وابن جريح ومالك والسفيانيين وأبي حنيفة وشعبة وأيوب السختياني.

 

وذكر عبدالقادر احمد يوسف وهو يتحدث عن الإمام الرضا علي بن موسى «وتاريخ الإمام حافل بجلائل الاعمال، فمن علم لا يدرك مداه وعصمة متوارثة وقدسية لا تضارعها قدسية في عصره...» ([34]).

 

أما محمود بن وهب البغدادي الحنفي فقد قال عن الإمام محمد الجواد ابن الإمام الرضا (عليهما السلام): وهو الوارث لأبيه علماً وفضلاً وأجل أخوته قدراً وكمالاً ([35]).

 

ويقول بختيشوع الطبيب في الإمام العسكري: هو أعلم في يومنا هذا بمن هو تحت السماء ([36]).

 

لقد كانت الأمة تعزّهم صلوات الله عليهم وتجلهم وتكرمهم وتعتبر حديثهم الصدق وعملهم الصحيح..

 

وإحدى الشواهد على ذلك قصة هشام بن عبدالملك الخليفة الأُموي والمرشح لان يكون ملكاً كيف تضايق من الإمام علي بن الحسين السجاد (عليه السلام)حينما شاهد الشامى تفرج له الطريق ليؤدي المناسك وهو الأمير وأخو الحاكم المطلق ورغم حرسه وحشمه لم يهتم به المسلمون والحاجون وقد رد على هشام بن عبدالملك حينما سأل عن الإمام (عليه السلام)الشاعر المعروف الفرزدق بقصيدة عصماء كادت الحمى تصيبه، حيث قال:

 

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم *** هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم

 

 إلى أن يقول:

 

إن عدّ أهل التقى كانوا أئمتهم أو قيل من خير أهل الأرض قيل هم

 

 وهاهم المناوؤن لأهل البيت (عليهم السلام) والغاصبون لحقهم يعترفون بفضلهم وإمامتهم...

 

فهذا المأمون العباسي يتعجب من أبيه عندما دخل الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) على والده الرشيد ـ وهو باصطلاح الدول امبراطور الدنيا في زمانه ـ قام الرشيد واستقبله وأجلسه في صدر المجلس وقعد بين يديه وجرى بينهما أشياء، ثم قال موسى بن جعفر (الكاظم) للرشيد ـ كما ينقل المأمون حيث يقول: لـ (أبي) ـ يا أمير المؤمنين! إن الله عز وجل قد فرض على ولاة عهده أن ينعشوا فقراء الأمة ويقضوا على الغارمين، ويؤدوا عن المثقل، ويكسوا العاري، ويحسنوا إلى العاني، وأنت اولى من يفعل ذلك. فقال: افعل يا أبا الحسن. ثم قام فقام الرشيد لقيامه، وقبّل ما بين عينيه ووجهه. ثم [نادى] عليَّ وعلى الامين والمؤتمن فقال: يا عبدالله، ويا محمد، ويا ابراهيم امشوا بين يدي ابن عمكم وسيدكم. خذوا بركابه، وسوّوا عليه ثيابه، وشيعوه إلى منزله.

 

وعندما يأخذ المأمون العجب يسأل والده بلهفة عن سرّ هذا الرجل، فيجيبه: هذا امام الناس ([37]).

 

وحسبك استقبال خراسان في بلاد فارس والبلاد التي مرّ بها الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) في سفره إلى خراسان. فقد خرجت الناس عن بكرة أبيهم.... وغير ذلك كثير...

 

لقد اجتمع الناس قلباً عليهم جميعاً دون ادنى شك. لكن أعمال الحاقدين والحاسدين والمنافقين تعمل ما يحقق مصالحها. ولو أردنا الإطالة لطال بنا المقام.

 

* التوافق... ونقصد بذلك أن الأمة تتفق عليهم.. وإلّا ما معنى أن البعيد والقريب والمحب والمبغض يؤيدهم ولا يستطيع أن يقدح بهم أو يشك في طهارتهم فقد أخرج الديلمي وهو من علماء السنة في مسند الفردوس عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: «كنت أنا وعلي نورين بين يدي الله تعالى ثم نقلنا إلى صلب آدم، فلم يزل ينقلنا من صلب إلى صلب، إلى عبدالمطلب فخرجت في عبدالله وخرج علي في أبي طالب ثم اجتمع نورنا في الحسن والحسين فهما نوران من نور رب العالمين».

 

ويفسر المفسرون أن أهل البيت (عليهم السلام) هم الصالحون الذين طلب الأنبياء اللحوق أو اللحاق بهم. كما ينقل الشيخ الأزهري حسن شحاته; فهو يقول: (لقد اسعفنا القرآن بهذه الحقيقة ـ وهي: أن أهل البيت لا يعلوهم في المقام الا رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله)، فهم أفضل من جميع الخلق بعد ذلك ـ فكبار المرسلين طلبوا من الله اللحوق بالصالحين. كما جاء في دعاء الخليل ابراهيم (رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين)، والصديق يوسف (توفني مسلماً وألحقني بالصالحين) وسليمان الحكيم (وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين) ).

 

ثم يردف ويقول امام مسجد الرحمن بمنطقة كويري الجامعة فضلاً عن تاريخه في حرب رمضان ضد الصهاينة ووظائفه في الجيش وغير ذلك، يقول: (واعلم أنّ وصف «الصالحين» إذا ذكر في القرآن فالمراد به المعصومون الأربعة عشر (عليهم السلام) وكذلك وصف «الأولياء» فهم أولياء الله لا غيرهم وقد توسل بهم الأنبياء جميعهم والمرسلون كلّهم... فالدين الصحيح خرج من بيتهم والعلم الصحيح نطقت به ألسنتهم والصراط المستقيم ثبتت عليه أقدامهم والبصيرة الصحيحة انطوت عليها قلوبهم. جسدهم جسد النبي وعقلهم عقل النبي ولسانهم لسان النبي وأعضاؤهم اعضاء النبي (صلى الله عليه وآله) واحكامهم احكام النبي) ([38]).

 

* المحبة... فالأمة تقر بمحبتهم... ولا أريد الاطالة هنا إلّا أن انقل بعض الاحاديث حيث يذكر العلامة الشيخ جلال الدين السيوطي في كتابه «احياء الميت بفضائل أهل البيت (عليهم السلام)» حديثاً عن النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: أخرج البخاري ([39])، في تاريخه عن الحسن بن على «رضى الله عنهما» قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لكل شىء أساس وأساس الأسلام حب أصحاب رسول الله وحب أهل بيته» ([40]).

 

أمّا القرآن الكريم فيخاطبنا فيه ربنا سبحانه بقوله (قل لا أسألكم عليه أجراً إلّا المودة في القربى).

 

ونقل الإمام الثعلبي عن جرير بن عبدالله البجلي من حديث مفصل عنه (صلى الله عليه وآله) جاء فيه «ألا ومن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له. ألا ومن مات على حب آل محمد مات تائباً».

 

وجاء عن الزهري قال «سمعت أنس بن مالك يقول: والله الذي لا اله الا هو سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب (عليه السلام)» ([41]).

 

وقد قال فيهم أحدهم:

 

هم النور نور الله جل جلاله هم التين والزيتون والشفع والوتر

 

مهابط وحي الله خزان علمه ميامين في أبياتهم نزل الذكر

 

فلولا هم لم يخلق الله آدماً ولا كان زيد في الوجود ولا عمرو

 

ولا دحيت أرض ولا رفعت سما ولا طلعت شمس ولا أشرق البدر

 

* الهدف... إن الامة تأخذ بقول نبيها لتجعل من أهل بيته الهدف للرضا والشفاعة. فقد جاء في تاريخ بغداد ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال: شفاعتي لأمتي من أحبّ أهل بيتي وهم شيعتي ([42]).

 

كما قال (صلى الله عليه وآله): الزموا مودتنا أهل البيت فإنّه من لقي الله يوم القيامة وهو يودنا دخل الجنة بشفاعتنا» ([43]).

 

* الثقة... إنّ الأمة تثق بهم وتسمع قولهم وتصدق حديثهم وعند مراجعتنا لكتب الحديث لوجدنا الأحاديث المنقولة عن أهل البيت (عليهم السلام).

 

وأجمل ما جاء هو ما قاله الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) حول أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) بقوله: حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين، وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) قول الله عز وجل» ([44]).

 

كما أن أهل البيت (عليهم السلام) جعلوا ضوابط لأحاديثهم فعن الباقر (عليه السلام) قال: انظروا أمرنا وما جاءكم عنا فإن وجدتموه للقرآن موافقاً فخذوا به، وإن لم تجدوه موافقاً فردوه، وإن اشتبه الأمر عليكم فقفوا عنده وردوه الينا حتّى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا»([45]).

 

وورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله عن الرسول (صلى الله عليه وآله) قال: خطب النبي (صلى الله عليه وآله) بمنى فقال: ايها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله([46]).

 

وقال (عليه السلام) «إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله). وإلّا فالذي جاءكم به أولى به»([47]).

 

وقال (عليه السلام) أيضاً «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما على كتاب الله فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فردوه»([48]).

 

* الاحترام... إنّ الأمة تحترم شخصيتهم من جهة وتحترم رأيهم من جهة ثانية.

 

فقد جاء في كتاب ينابيع المودة عن سلمان الفارسي قال: دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوما فلما نظر إلى قال: يا سلمان، إن الله عز وجل لم يبعث نبياً ولا رسولاً إلا جعل له اثني عشر نقيباً... قلت: يا رسول الله بأبي أنت وأمي، ما لمن عرف هؤلاء؟ فقال: يا سلمان. من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم، فوالى وليهم وتبرأ من عدوهم فهو والله منّا، يرد حيث نرد، ويسكن حيث نسكن([49]).

 

* الصدق... وهو أن الأمة تصدقهم، يعني أنهم ينقلون الرسالة الصحيحة، ولم نر أحداً مسهم بسوء أو قدح فهم أهل العلم والراسخون بالعلم وهم الذين يعرفون الكتاب ويتلونه حق تلاوته.

 

إن نقطة الالتقاء بالمدلول العلمي ضد الافتراق... أي تعني المحاورة والتفاهم إذ ينبغي الافادة من هذا العامل، وذلك بسبب عدم الافتراق والتباعد.

 

إن نقطة الالتقاء تعنى رضا النبي (صلى الله عليه وآله) وطاعته.

 

إن نقطة الالتقاء تعني رضا الله تعالى.

 

نقطة الالتقاء تعني الافادة من أخلاقهم وزهدهم وتثقيف الناس على أخلاقهم باعتبارهم قدوة أخلاقية وثروة ومصدر مناقبي للأمة. فقد نزل الكثير من القرآن فيهم كما يقول ابن عباس «ما نزل في أحد من كتاب الله تعالى ما نزل في علي»([50]).

 

وقال الإمام مالك بن أنس يصف الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام). «ما رأيت عين، ولا سمعت أذن، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق فضلاً وعلماً وعبادة وورعاً»([51]).

 

وقال الإمام أبو حنيفة: «ما رأيت افقه من جعفر بن محمد»([52]).

 

وقوله أيضاً: «لولا السنتان لهلك النعمان»([53]).

 

النتيجة:

بعد هذا الذي توصلنا اليه ومن اجل أن نحقق اللقاء الحقيقي عند هؤلاء العظام فيجب على المسلمين ما يلي:

 

1 ـ ينبغي نشر ثقافتهم.

2 ـ ينبغي تعليم الجيل محبتهم والاقتداء بنهجهم باعتبارهم الصفوة لتحرير النفس.

3 ـ ينبغي العمل على جعل قبورهم وآثارهم:

أ ـ مراكز علمية.

ب ـ مراكز سياحية.

ج ـ مزارات يستوصى منهم الفكر والطاعة والعمل.

4 ـ إصدار ما يبين شخصيتهم وسيرتهم وجهادهم وسلوكهم في محاربة الظلم والطغيان وتثقيف المسلمين جميعاً.

5 ـ جعل الأئمة من أهل البيت شعلة وقدوة لتحرير الاسلام والوطن الاسلامي من الغاصبين. واستثمار الجانب العاطفي وتذكير المسلمين ما جرى عليهم من الظلم والاذى الفادح من اجل الاسلام وتحرير الانسان المسلم من الطواغيت باعتبارهم نموذج حي بين ظهراني الامة على امتداد تاريخها.

6 ـ فتح مراكز علمية للبحث بأسمائهم وتسمية جامعات بأسمائهم فالامة تفتخر بعظمائها واحياء مدارسهم كأحياء مدرسة الصادق (عليه السلام) التي تعتبر أول مدرسة تؤسس في الاسلام.

7 ـ العمل على تنقية التراث من حقد أعدائهم وكشف ذلك للأمة لتكون على بينة من امرها.

8 ـ رعاية حقوقهم والتعريف بها، فقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) في هذا المجال قوله «والذي نفسي بيده لا ينفع عبداً عمله الا بمعرفة حقنا»([54]).

 

كذلك قوله (صلى الله عليه وآله): «سراج المؤمن معرفة حقنا واشد العمى من عمى عن فضلنا»([55]).

 

ونقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) قوله «من مات على فراشه وهو على معرفة حق ربّه ورسوله وحق أهل بيته مات شهيداً. ووقع اجره على الله سبحانه. واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله وقامت نيته مقام إصلاته سيفه فإنّ لكل شيء أجلاً لا يعدوه»([56])، كما قال الرسول (صلى الله عليه وآله) قوله في صحيح مسلم «اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي، اذكركم الله في أهل بيتي»([57]).

 

ثم قول الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) «أنشدكم الله في أهل بيتى»([58]).

 

وأحاديث كثيرة عنه (صلى الله عليه وآله) لا يسع المجال لردها هنا وردت في رعاية حقوق اهل البيت ومعرفة هذه الحقوق والوفاء بها. فإنها امانة النبي (صلى الله عليه وآله) في رقبة كل مسلم ومسلمة يجب عليه رعايتها.

 

فجاء عنه (صلى الله عليه وآله) «إنكم ستبتلون في أهل بيتي من بعدي»([59]).

 

وقوله (صلى الله عليه وآله) «اللهم أهل بيتي وأنا مستودعهم كل مؤمن»([60]).

 

وفي حديث عنه (صلى الله عليه وآله) «من حفظني في أهل بيتي فقد اتخذ عند الله عهدا»([61]).

 

لقد وردت أحاديث كثيرة في هذا المضمار عسى أن نتحدث عنها في بحث مفصل إن شاء الله تعالى.

 

9 ـ التأكيد على نهج البلاغة باعتباره مصدراً إسلامياً كبيراً يحتوي على كلام المعصوم «على» بعد تحقيقه واخراجه بشكله الناصع. كذلك مواقف الائمة من حكام عصرهم لننظر التأريخ بحقيقته دون التعارف والمجاملة.

 

10 ـ الافادة من تراث الإمام زين العابدين لا سيما صحيفته السجادية ونشر ثقافة الدعاء.. دعاء أهل البيت (عليهم السلام) بين الأمة.

 

11 ـ الافادة من دورهم في المجتمع تربوياً وقيادياً.

 

المبحث الثاني

أهل البيت مرجعية اسلامية عليا وقيادة متميزة:

حينما نراجع التأريخ وعلى مرّ العصور نجد أن هناك في بعض الاحيان السلطة لها وجودان: السلطة العلنية التي يديرها الرئيس أو الملك وسلطة أخرى تلعب من وراء الأستار، وأحياناً السلطتان متمركزة بيد سلطة واحدة.

 

وفي الاسلام هناك قوة حقيقية وسلطة تملك هذه القوة وإن لم يكن لها حركة لكنها هي الرقيب على مصلحة الإسلام والمسلمين والرقيب على تطبيق أحكام الاسلام وعمل ما يمكن عمله في سبيل ذلك. فالقرآن أشار إلى الولي والحاكم والسلطة التي يجب على المسلم الحقيقي والمؤمن الصالح الايمان بها والاعتقاد بها. كما في قوله تعالى (انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) ([62]).

 

فلا خلاف في نزول هذه الآية بالامام علي بن أبي طالب (عليه السلام).

 

كما أن أئمة أهل البيت كانت تتوفر فيهم لياقات ومقومات الامامة والقيادة وفق النظرية الإسلامية.

 

حيث العقلية الإسلامية والنضوج والدليل الشرعي الذي أكدته مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) بل وحتّى مدرسة الاجتهاد التي تقابل مدرسة النص، فأنها لا أظن تغض النظر مع هؤلاء الجهابذة العظام. فالسلطة في الاسلام لا تستمد من الناس أو من القوانين الوضعية كما تصورها الديمقراطية الوثنية لدى اليونان. بل السلطة والقيادة في الاسلام مستمدة من الله تعالى، كما أن سلطة النبي (صلى الله عليه وآله) مستمدة من الله تعالى وتشريع الاسلام من الله سبحانه كذلك السلطة التي يحكم بها الرسول (صلى الله عليه وآله) مفوضة من الله تعالى وفق أحكامها.

 

فقد جاء في الحديث أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: أنا سيد النبيين وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة والائمة بعدهما سادات المتقين. ولينا ولىّ الله، وعدونا عدو الله، وطاعتنا طاعة الله، ومعصيتنا معصية الله عز وجل وحسبنا الله ونعم الوكيل([63]).

 

وفي حديث ابن عباس (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) لعبدالرحمن بن عوف: يا عبدالرحمن أنتم أصحابي وعلي بن أبي طالب مني وأنا من علي، فهو باب علمي ووصيي، وهو وفاطمة والحسن والحسين هم خير الأرض عنصراً وشرفاً وكرماً»([64]).

 

وذكر الزمخشري: روي أن النبي لما دعا النصارى للمباهلة قالوا: حتّى نرجع وننظر فلمّا تخالوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم: يا عبدالمسيح، ما ترى؟ فقال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمداً نبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم، والله، ما باهل قوماً نبياً قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم. ولئن فعلتم لتهلكن. فإن أبيتم الا إلف دينكم والاقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل وانصرفوا، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقد غدا محتضناً الحسين آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول: إذا أنا دعوت فامّنوا، فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى، إنّي لأرى وجوهاً لو شاء الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الارض نصراني إلى يوم القيامة، فقالوا: يا أبا القاسم، رأينا أن لا نباهلك وأن نقرك علي دينك ونثبت على ديننا، قال: فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم، فأبوا. قال: فإنّي أناجزكم، فقالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردّنا عن ديننا على أن نؤدي اليك كل عام ألفي حلّة، ألف في صفر، وألف في رجب، وثلاثين درعاً عادية من حديد ... فصالحهم على ذلك وقال: والذي نفسي بيده، إنّ الهلاك قد تدلّى على أهل نجران. ولو لاعنوا لمُسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران وأهله حتّى الطير على رؤوس الشجر([65]).

 

وجاء في شواهد التنزيل ج 1، 189 ـ 202 في الآية (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) ([66]). عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): شركائي الذين قرنهم الله بنفسه وبي وأنزل فيهم «يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول» فان خفتم تنازعاً في أمر فأرجعوه إلى الله والرسول واولي الامر، قلت: يا نبي الله، من هم، قال: أنت أولهم([67]).

 

لقد أكد النبي (صلى الله عليه وآله) على أن أهل البيت (عليهم السلام) هم طرق النجاة... كما في حديث السفينة. حيث نقل حنش الكناني: سمعت أباذر (رضي الله عنه) يقول ـ وهو آخذ بباب الكعبة: من عرفني فأنا من عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر، سمعت النبي (صلى الله عليه وآله) يقول: ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من قومه، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق([68]).

 

ان الحديث عن هذا المجال يجرنا إلى ذكر أحاديث كثيرة، نكتفي بذكر هذه([69]).

 

أهل البيت (عليهم السلام) محل قبول كل المسلمين:

أهل البيت (عليهم السلام) هم آل محمد، وأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد واقعة الغدير جعل الامامة والولاية لعلي (عليه السلام) وناداه بالخلافة كما أعلنه أمير المؤمنين وناداه بالامارة وأعلنه سيداً للعرب وناداه بالسيادة... كما أن الرسول لم يكتف بذلك بل بيّن اثنى عشر اماماً وسماهم... وهو ما أشار اليه البخاري في صحيحه الجزء التاسع ص 729 الحديث 2034 وكذا مسلم في صحيحه الجزء الثالث الحديث 1452 والترمذي في صحيحه الجزء الرابع الصفحة 501 وأبو داود في مسنده الجزء الثاني الصفحة 307 وأحمد في مسنده الجزء الأول الصفحة 398 والمتقي الهندي في كنزه الجزء السادس الصفحة 201(69) «ولا خلاف بين أئمة أهل البيت حول هذا العدد أو حقيقته والخلاف في تأويل هذا العدد»([70]).

 

ولعل الخليفة عمر بن الخطاب في سقيفة بني ساعدة خاطب الانصار قائلاً: إنه والله لا ترضى العرب أن تؤمركم ونبيها من غيركم ولكن العرب لا ينبغي أن تولي هذا الامر إلّا من كانت النبوة فيهم وأولي الأمر منهم لنا بذلك على من خالفنا من العرب الحجة الظاهرة والسلطان المبين. من ينازعنا سلطان محمد وميراثه ونحن أولياؤه وعشيرته إلا مدل بباطل أو متجانف لإثم أو متورط في هلكة.

 

إن المسلمين يعلمون ذلك ويؤمنون به قلباً ويقبلونه كلياً ويقرون لعلومهم (عليهم السلام).. فهؤلاء أئمة المذاهب الأربعة تتلمذوا على يد أئمة أهل البيت (عليهم السلام).

 

فالإمام أبو حنيفة انقطع طوال عامين إلى مجلس الإمام الصادق (عليه السلام) وهو يقول «لولا السنتان لهلك النعمان». كما يذكر ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤول([71]).

 

واستفاد من الإمام الصادق جماعة من أعيان الأئمة وأعلامهم مثل مالك بن أنس وابي حنيفة.

 

وقال ابن حجر المكي في الصواعق([72])،«وروى عنه (الإمام الصادق) الائمة الكبار كيحيى بن سعيد وابن جريج ومالك والسفياني وأبي حنيفة وقد لقب الإمام بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب قط كذلك فأن سفيان الثوري حضر مجلس الإمام واستفاد منه».

 

ولما كان الشافعي من تلاميذ مالك بن أنس وأحمد بن حنبل من تلاميذ الشافعي فمعنى ذلك أن الإمام الصادق (عليه السلام) هو أستاذ أصحاب المذاهب الأربعة الذين يعمل بفقههم أخوتنا السنة.

 

وقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال لأحد محبيهم حيث ادعى الحب لأهل البيت (عليهم السلام) من أي محبينا أنت؟ فسكت الرجل فسأله سدير الصيرفي وكم محبوكم يا ابن رسول الله؟ فقال على ثلاث طبقات: طبقة أحبونا في العلانية ولم يحبونا في السر، وطبقة يحبونا في السر ولم يحبونا في العلانية وطبقة يحبونا في السر والعلانية هم النمط الاعلى. والطبقة الثانية النمط الاسفل أحبونا في العلانية وساروا بسيرة الملوك فألسنتهم معنا وسيوفهم علينا. والطبقة الثالثة النمط الاوسط أحبونا في السر ولم يحبونا في العلانية ولعمري لئن كانوا أحبونا في السر دون العلانية فهم الصوامون بالنهار القوامون بالليل ترى أثر الرهبانية في وجوههم أهل سلم وانقياد. قال الرجل: فأنا من محبيكم في السر والعلانية، قال جعفر (عليه السلام) إن لمحبينا في السر والعلانية علامات يعرفون بها. قال الرجل: وما تلك العلامات؟ قال (عليه السلام): تلك خلال أولها أنهم عرفوا التوحيد حق معرفته واحكموا علم توحيده»([73]).

أهل البيت (عليهم السلام) لا يصدر عنهم الكذب:

لقد عرف أهل البيت (عليهم السلام) بالصدق والاخلاص والامانة حتّى ان الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) لقب بالصادق في زمانه الذي عاش والذي كثر فيه الحديث وانواع الكلام والنقل والتدوين وغير ذلك فلقبوه (عليه السلام) بالصادق لصدقه ولذا قال:

 

حديثي حديث أبي وحديث أبي حديث جدي وحديث جدي حديث الحسين وحديث الحسين حديث الحسن وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين (عليه السلام) وحديث أمير المؤمنين حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) وحديث رسول الله قول الله عز وجل([74]).

 

وقول الإمام الكاظم (عليه السلام) في جواب خلف بن حماد الكوفي لما سأله عن مسألة مشكلة: والله، ما اخبرك الا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن جبرائيل عن الله عز وجل([75]).

 

وقول الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام): إنا عن الله وعن رسوله نحدث([76]).

 

ويشير الإمام الباقر (عليه السلام) بقوله: إنا أهل بيت من علم الله علمنا، ومن كلمه أخذنا، وقول صادق سمعنا فإن تتبعونا تهتدوا»([77]).

 

وقد روى عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) كبار العلماء ورواة الحديث كيحيى بن سعيد وأبن جريج ومالك والسفياني وأبي حنيفة وقد أشرنا في حديث سابق لبعض من هذه الامور.

 

وليس هناك شهادة أكبر من شهادة الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) ولا أعظم شهادة من قوله (صلى الله عليه وآله) كما رواه الترمذي ومسلم والدارمي وهم من أصحاب الصحاح الستة وكذلك أحمد في مسنده والبيهقي في سننه والحاكم في مستدركه والنسائي في خصائصه وأبن سعد في طبقاته والخطيب في تاريخه وأبو نعيم في حليته والهيثمي في مجمعه وغيرهم أن رسول الله أبلغ المسلمين قبل رحيله: «اني تارك فيكم الثقلين ما ان تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي»([78]).

 

فكان خطهم وحديثهم وسلوكهم وعاداتهم ومعاشرتهم كلّها تنبع من الاسلام معصومون في ذلك.

 

العالمين) ([79]). والأنبياء والأئمة من بعده (صلى الله عليه وآله) معصومون في حال ثبوتهم وامامتهم من الكبائر والصغائر، والعقل يجوز عليهم ترك مندوب اليه على غير التعمد للتقصير والعصيان ولا يجوز عليهم ترك مفترض لان نبينا (صلى الله عليه وآله) والائمة من بعده كانوا سالمين من ترك المندوب والمفترض قبل امامتهم وبعدها.

 

ولهذا يقول الشيخ المفيد، فأما الوصف لهم بالكمال في كل أحوالهم فأن المقطوع به كمالهم في جميع أحوالهم التي كانوا فيها حججاً لله على خلقه. منذ اكمل عقولهم إلى أن قبضهم، علماً بأن آباء النبي (صلى الله عليه وآله) (الذين هم آباء الأئمة (عليهم السلام)) من آدم كانوا موحدين على الايمان بالله كما يذكر الشيخ المفيد. حيث أن النبي تنقل في أصلاب طاهرة إلى ارحام مطهرة([80]).

لا تقبل الصلاة بدون الصلاة عليهم بعد النبي (صلى الله عليه وآله):

لا غرو أن المسلمين اجتمعوا على أمور وافترقوا ببعض الامور ولقد اجتمع المسلمون على الواجبات كأصول الدين وفروع الدين وحب أهل البيت (عليهم السلام) اذ أن حب أهل البيت من الواجبات التي أوجبها الباري سبحانه وجعل مودتهم أجر النبي (صلى الله عليه وآله) (قل لا أسألكم عليه أجراً الا المودة في القربى).

 

ويذكر ابن المنذر الذي أخرج الحديث وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم والطبراني في المعجم الكبير عن ابن عباس أنه لما نزلت هذه الآية (قل لا أسألكم عليه أجراً الا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين أوجبت علينا مودتهم؟ قال: «على وفاطمة وولداهما»([81]).

 

وفي حديث آخر يقول النبي (صلى الله عليه وآله) «لا يدخل قلب امرئ مسلم ايمان حتّى يحبكم لله ولقرابتي»([82]).

 

والاحاديث في ذلك كثيرة وهو ما جاء بكتب الفقه المتعارفة لدى كافة المسلمين في وجوب الصلاة عليهم.

المبحث الثالث

 الحكمة الإلهية تجمع البشر على المحبة وتوحدهم على الإصلاح

انّ الاسلام الحنيف أكد بشكل واضح وجدّي على وحدة البشر بكل شعوبهم وأجناسهم فضلاً عن المسلمين انفسهم .. ولقد وردت الآيات العديدة كآية الاعتصام (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم) وآيات كثيرة في هذا المجال. إن الله تعالى عمد إلى إيجاد نظام يبث الرحمة بين أفراد مجتمع هذا النظام وينشر المودة والحياة الطيبة ويقرها... بل لا بد من نظام حق بيّن يكون نوراً ودليلاً للناس... الناس الذين آمنوا بهذا النظام وهذه العقيدة فكان الخالق العزيز جلت قدرته يقول (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات).

 

الله تعالى الذي وصف نفسه بالرحمن الرحيم... يخرج الناس من الظلمات إلى النور... من القسوة والخباثة والألم والحقد والطمع والعذاب... إلى الرحمة والود... من الكراهية والبغض إلى الحب والرأفة.

 

لقد شاءت القدرة الربانية بنقل الانسان من الحياة الخبيثة إلى الحياة المطمئنة.

 

فكان القرآن وهو رسالة السماء وأداة تربية الانسان يليّن النفس البشرية ويسخرها للبعض الآخر من أجل العدل والسلام بعد أن سخر الله تعالى جميع ما في الارض للأنسان (ألم تروا أنّ الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض) ([83]).

 

أراد المولى جل شأنه تحقيق خلافة الانسان على هذه الأرض، ويجمع الناس على المحبة ويوحدهم على الصلاح وعلى التقوى. فأمر سبحانه بالعدل والاحسان.

 

نعم لقد كرم الله بني آدم... وبالعمل الصالح يرتفع الانسان إلى هذه الكرامة.

 

لقد كرم الله الانسان ... عموم الانسان، وحمّله الأمانة... الامانة التي تحقق ـ الخلافة ـ المعهودة في القرآن.

 

لا بد من وسيلة تجتمع عليها الامة.

 

لا بد من محطة ونقطة التقاء تقف عندها الامة ولا تتعداها على مختلف آرائها واجتهاداتها واختلافها.

 

لا بد من مرجع صادق.

 

يقول الله سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) ([84])، والصادقون كما يذكر بعض المفسرين هم «المعصومون».

 

فالصديقون هم أشبه بالشجرة الطيبة أصلها العلوم الصحيحة والعقائد المأخوذة من كتاب الله وسنة المصطفى (صلى الله عليه وآله)... بل إن الصديقية: هي كمال الاخلاص لله تعالى والإنابة اليه والاعتماد عليه جلت قدرته.

 

فأصبح معنى الصديقية... القيام بالدين كاملاً وهو الطالب لكمال الايمان.

 

فقد روى مسلم بنقله عن أبي سعيد الخدري، حيث ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) أن الغرف العالية التي يترآها أهل الجنة من علوها وارتفاعها ونورها كالكوكب الدري في الآفق، فقالوا: يا رسول الله تلك منازل الانبياء لا يبلغها غيرهم. فقال: بلى والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين فهؤلاء هم المهديون، كما قال تعالى: (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) ([85]).

 

وها هم أهل البيت النبوي أئمة يهدون للخير والمعروف، وهم سفن النجاة وملاذ الامة... ودورهم واضح في المجتمع الاسلامي.

 

إن رحمة الله الواسعة لم تترك الامة لوحدها تهرول دون دليل ودون مرجع، وحاشا لله جلت قدرته أن يترك الناس لعقولهم وحسب.. يتبارون في الاجتهادات.. أراد الله تعالى وحدة الامة وليس افتراقها.

 

فكان أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام، محطة، ونقطة ارتكاز.. ومرجع أمر الله تعالى بحبهم ومودتهم.... وهل يكفي الحب وهم الصادقون دون التماس علومهم ومنهجهم والوقوف عندهم؟

 

جعل الله تعالى أهل البيت وسيلة يجمع الله تعالى الناس عليها على المحبة والاخاء... ولا يرضى الله للإنسان الذي كرمه أن تهبط إنسانيته (ولقد كرمنا بني آدم) ومعلوم أن عادة البشر الاختلاف بالآراء والامزجة فليس من المعقول أن يترك الله الانسان يختار من يحبه ويجتهد في من يرغبه... لا بد من وصل وهمزة وصل للجميع مقبولة لدى الجميع.

 

فجعل الله تعالى أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) ليمتحن عباده (ثم لنبلوكم فيه)وأراد الله تعالى أن يستخلف الانسان الارض بعد أن يقضي على عدوه اللدود وهو «ابليس» (عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الارض فينظر كيف تعملون).

 

ثم قال المولى جل شأنه (فهل عسيتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى ابصارهم) ([86]).

 

أما الذين صبروا على ذلك والتزموا ميثاق الله فيما آتاهم به رسوله الكريم فإن الله يجزيهم أحسن ما كانوا يطلبون. (ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) ([87]).

 

فالعهد هو أشبه بالامانة وعلى الانسان أن لا يستخف بها. كما أكد القرآن الكريم لايجاد نظام ... هذا النظام يكون وسيلة لاشاعة الرحمة ونشرها من خلال المودة والحياة الطيبة، ومن خلال نشر الحق... والحق هو النور... وعندئذ سوف يخرج الانسان من ظلمات الارض إلى النور ... ومن القسوة والعذاب والحياة الخبيثة إلى الحياة المطمئنة.

 

عندها تلين النفس وتسخر النفوس بعضها للبعض الآخر على المحبة والاخاء والالتقاء بعد أن سخر الله ما في هذه الارض جميعاً للانسان.

مبغض أهل البيت (عليهم السلام) لا يعد من المسلمين:

وفي هذا المضمار وردت الاحاديث المتعددة فقد ورد عن جابر بن عبدالله الانصارى (رضي الله عنه) خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقول: «أيها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره الله تعالى يوم القيامة يهودياً»([88]).

 

وورد الحديث نفسه في مكان آخر([89])، عن جابر بن عبدالله الانصارى قال: خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) فسمعته يقول أيها الناس من أبغضنا أهل البيت حشره الله تعالى يوم القيامة يهودياً. فقلت: يا رسول الله وإن صام وصلى. قال وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم احتجر بذلك من سفك دمه وأن يؤدي الجزية عن يد وهم صاغرون، إلى أن قال فاستغفرت لعلي وشيعته قال في مجمع الزوائد رواه الطبراني في الاوسط.

 

ثم أخرج ابن عدي والبيهقي في «شعب الايمان» عن علي قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) «من لم يعرف حق عترتي والانصار فهو لاحدى ثلاث. أما منافق، وأما لزنية، وأما لغير طهور، يعني حملته أمه على غير طهور»([90]).

 

لذا أحب أن أقول في مسألة بغض أهل البيت والسائر على دون تروية وتفكر فأقول: المعروف أن بني امية بعد اغتصاب الخلافة وجعلها ملكاً عضوضاً وملكية مستبدة قاموا بوضع أحاديث تسيء لاهل البيت (عليهم السلام) وتنال من شخصيتهم وتزوير مناسباتهم وما جاء في صيام عاشوراء مثلاً. وهو أمر مستهجن لمن أنصف وتأمل وفكر ولو قليلاً.

 

فقد نقل حديث يرويه مسلم عن أبي قتاده (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال «يكفر السنة الماضية».

 

ونقل أيضاً عن ابن عباس (رضي الله عنه) قال قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا هذا اليوم الذي أظهر الله فيه موسى وبني اسرائيل على فرعون فنحن نصومه تعظيماً له فقال النبي (صلى الله عليه وآله): نحن أولى بموسى منكم . فأمر بصومه. رواه مسلم أيضاً.

 

وهذا مع الاسف حينما يؤخذ على علاته يثير الاستغراب والعجب وهل أن النبي يأخذ دينه من اليهود وهل أنّ النبي هو المشرع؟ أم الله المشرع. هذا فضلاً عن أن اليهود لا يصومون يوم عاشوراء ولم يسبق لهم أن صاموه.

 

وقد صدر في هذا الخصوص كتاب (صيام عاشوراء) لمؤلفه جمال الدين ابن عبدالله حيث حقق في الامر وبعد مطالعة كتب اليهود والأسفار من العهد القديم ويبقى الكاتب حيراناً ومتعجباً متسائلاً (أيعقل ان يقلد النبي (صلى الله عليه وآله) اليهود ويصوم عاشوراء ويأمر أصحابه بصيامه وهو اليوم الذي صامه اليهود حسب «الادعاء» بينما ينهانا عن اتباع سنن أهل الكتاب!

 

إذ روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لتتبعن سـنن من كان قبلكم شـبراً شـبراً حتّى لو دخلوا جحر ضب اتبعتموهم، قلت يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟

 

وجاء في البخاري في باب قول النبي (صلى الله عليه وآله) «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء».

 

وعن أبي هريرة انه قال «كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الاسلام. فقال النبي (صلى الله عليه وآله) لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل الينا وما أنزل اليكم...»

 

وإذن كيف يسأل النبي من اليهود عن سبب صيامهم في يوم عاشوراء ثم يصدقهم ويشرع الصيام في ذلك اليوم ويقول: «نحن أولى بموسى من اليهود».

 

ويذكر الكاتب في كتابه، أن البخاري أكد في حديث مروي في صحيحه عن ابن عباس قال: كيف تسأل أهل الكتاب عن شىء وكتابكم الذي أنزل على رسول الله احدث تقرأ محصنا لم يشب، وقد حدثكم أن أهل الكتاب بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا هو من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً ولا رأينا منهم رجلا يسألكم عن الذي أنزل اليكم.

 

بل ينقل مسلم في صحيحه حديثاً رقم 1134 حين صام رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا يا رسول الله أنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): فاذا كان العام القبل ان شاء الله صمنا اليوم التاسع قال: فلم يأت العام المقبل حتّى توفى رسول الله (صلى الله عليه وآله).

 

كما جاء في كنز العمال حديث برقم 24230 لئن بقيت أمرت بصيام يوم قبله أو يوم بعده. ولم يأت العام القابل حتّى توفي رسول الله.

 

وعلى الرغم من تضارب الروايات وتواريخها فبعضها يقول أن النبي (صلى الله عليه وآله)صام يوم عاشوراء السنة الثانية للهجرة بعدها بعد علمه بصيام اليهود.

 

كما أن الكاتب يستدل بشكل علمي على أن اليهود لم تصم عاشوراء لأن تواريخها لا توافق هذا اليوم لما لهم حساب غير ثابت بسبب اضافة شهر إلى الشهور الاثني عشر كل مدة من الزمان حتّى تتوافق أعيادهم بالربيع أو الشتاء.

 

ولعل القرآن يشير إلى ذلك في قوله تعالى (ان عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات والارض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم).

 

ثم يقول تعالى في آية أخرى (إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاماً ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين).

 

وبالتالي على فرض أن اليهود صامت عاشوراء فهذا يستدعي التلاعب بسنتهم مما يجعلهم يضيفون أو يزيدون ليوافقوا عاشوراء وهذا النسيء أشار اليه القرآن ووصفه بالكفر (انما النسيء زيادة في الكفر) حيث النسيء بمعنى الزيادة وهذا يستدعي فيما اذا قلدهم المسلمون أن يوافقون اليهود ويقروهم على النسيء وهو ليس كفراً فقط بل زيادة بالكفر.

 

ثم يستنتج الكاتب وبتحليل جميل عدم صحة هذه المناسبات كاستواء سفينة نوح على الجودي وعبور بني اسرائيل البحر وهو عيد خروجهم من مصر ويثبت أن ليس هناك أي ندب للصيام سوى نكاية بالحسين (عليه السلام) وأهل بيته في يوم مصابهم.

المبحث الرابع

مناسبات أهل البيت مناسبات إسلامية وهي ركيزة للّقاء والوحدة:

نقلنا في طيات حديثنا عن العصمة، والعصمة في أصل اللغة هي ما اعتصم به الانسان من الشىء كأنه امتنع به عن الوقوع في ما يكره. وليس هي جنس من أجناس الفعل... ومنه قولهم اعتصم فلان بالجبل اذا امتنع به ومنه سميت العصم وهي وعول الجبال لامتناعها بها([91]).

 

والعصمة من الله توفيق يسلم به الانسان مما يكره اذا أتى بالطاعة والعصمة ضرورة للنبي (صلى الله عليه وآله) وكذا للامام... لأنه اذا صدر الذنب منهما شك ولم يلتزم بأقوالهما وهو ما يتنافى ومهمة التبليغ العليا.

 

لذا ورد في النبي (صلى الله عليه وآله) أنه لا ينطق عن الهوى وأن الائمة الاثنى عشر من ذريته وأهل بيته ينقلون علمه وحديثه كما مر سابقاً.

 

وقال المفيد «فأما الوصف لهم (الائمة) بالكمال في كل أحوالهم فإن المقطوع به كمالهم في جميع أحوالهم التي كانوا فيها حججاً لله على خلقه، منذ أكمل عقولهم إلى أن قبضهم([92])، ولهذا فأن الرسول (صلى الله عليه وآله) والائمة من أهل بيته هم حجج الله تعالى.

 

مخوفة هؤلاء العباد الصالحين ضرورة من الضرورات التي ينبغي للمسلم أن يعرفها، وأن مناسباتهم ينبغي معرفتها.

فينبغي احياء مناسبات أهل البيت (عليهم السلام):

فمناسبات أهل البيت (عليهم السلام) هي مناسبات اسلامية صرفة يمكن أن تكون ملتقى للمسلمين... ولماذا لا تكون كذلك وهم عترة النبي وأحباؤه وقادة الاسلام، وقد ورد ذلك في كل الاديان في تعظيم أهل أنبيائهم... فنشاهد النصارى يلتمسون آثار المسيح في كل مكان ويقيمون الكنائس ويحيون مولده وحتّى المسلمون نجدهم يعطلون في أيام ميلاد المسيح ... وكذا بقية الطوائف... إذن فكيف بأهل البيت وهم أولياء الله وهم أهل الذكر وهم أهل الدين السالم وهم أهل الطهارة والقدامة. وكما يقول الشاعر

 

هم النور نور الله جل جلاله هم التين والزيتون والشفع والوتر

 

مهابط وحى الله خزان علمه ميامين في أبياتهم نزل الذكر

 

فلولا هم لم يخلق الله آدماً ولا كان زيد في الوجود ولا عمرو

 

ولا دحيت أرض ولارفعت سما ولا طلعت شمس ولا أشرق البدر

 

فهم سفينة النجاة وهم نجوم المهتدى وهم اولوا الأمر الواجب اطاعتهم وهم أولياء الله تعالى ....

 

فلماذا لا يتفق المسلمون جميعاً على احياء مناسباتهم وهي مناسبات اسلامية.

 

ونذكر من هذه المناسبات:

 

(1) ليلة الاول ويوم الاول من ربيع الاول السنة الاولى للهجرة هو عيد سلامة النبي (صلى الله عليه وآله) بخروجه من البيت ومن مكة وعيد سلامة علي أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو ينام فداءً على فراش النبي (صلى الله عليه وآله) ويواجه الرجال الاربعين الذين دخلوا عليه ليلاً فيفشلوا ويفل عزمهم وتصبح أحلامهم وخططهم سراب (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).

 

وهذه المناسبة فرح بها المسلمون جميعاً فرحاً شديداً ليلة الهجرة والمبيت على فراش النبي (صلى الله عليه وآله).

 

(2) بطولات علي في الخندق وخيبر وحنين... الخ حيث كان المسلمون فرحين وعلى يبارز عمرو بن عبد ود العامري وهم يكبرون وقد كبروا حينما قتل علي (عليه السلام) عمرو. وقال الرسول (صلى الله عليه وآله) يومها «ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين».

 

(3) ثورة الحسين بن على الشهيد في كربلاء يوم العاشر من محرم الحرام عام 61 هـ حيث أحيا الاسلام من جديد كما يفسره قول النبي (صلى الله عليه وآله): (حسين مني وأنا من حسين). وقول أحد العلماء «الاسلام محمدي الوجود وحسيني البقاء».

 

(4) يوم الغدير الأغر وهو عيد فرح المؤمنون به وبكى المنافقين حيث تبادل المؤمنون التهاني وهنؤوا علياً في هذه المناسبة بعد مبايعته من قبل المسلمين ولياً وحاكماً لهم.

 

(5) يوم المباهلة وهو اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة الحرام.

 

وغير ذلك من المناسبات السارة في تاريخ الامة... فالامة تحيا بتاريخها وعظمائها.

تذكير المسلمين بالولاء لأهل البيت (عليهم السلام):

الحقيقة ان الولاء لأهل البيت (عليهم السلام) هو الولاء للاسلام وللرسالة فهم الذين تحدث عنهم القرآن الكريم وتحدث عنهم الحديث الشريف «من أحبهم فقد احب النبي ومن أحب النبي فقد أحب الله.»

 

الولاء لاهل البيت هو الانتماء للاسلام فيقول الحبيب المصطفى «والذي نفسي بيده لا يدخل قلب أمرئ الايمان حتّى يحبهم لله ولقرابتهم مني».

 

ان الولاء لاهل البيت أمان من الانحراف واتباع الهوى والعصبيات فهم حفظة الكتاب وحفظة سنة جدهم الرسول. فقد قال (صلى الله عليه وآله) «النجوم أمان لاهل الارض من الغرق وأهل بيتي أمان لامتي من الاختلاف فاذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب ابليس».

 

كيف يكون الولاء ؟

لا بد أن يكون الولاء مبني على قاعدة عقائدية([93])، ويؤمن بمنصب الولاية ويصل على تطبيق الحقيقة الإسلامية بذلك فيسير على نهج أهل البيت محباً لمحبهم وعدواً لمبغضهم فيمتلك قلب المحب حبهم واحترامهم والتزامهم.

 

أهل البيت ملك الامة الإسلامية جميعاً ليس لاحد دون أحد... لذا ينبغي مراجعة حياة أهل البيت (عليهم السلام) وتدريسها في المدارس. نعم:

 

1 ـ تدريس حياة أهل البيت (عليهم السلام) في المدارس.

 

2 ـ التعليم والتعريف بفقههم إلى جنب المذاهب الاخرى.

 

3 ـ دورهم في الحياة الإسلامية.

 

قال (صلى الله عليه وآله): «أدبوا أولادكم على ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وعلى قراءة القرآن»([94]).

 

وقال (صلى الله عليه وآله): «لا يؤمن عبد حتّى أكون أحب من نفسه وتكون عترتي أحب اليه من نفسه ويكون أهلي أحب اليه من أهله وتكون ذاتي أحب اليه من ذاته»([95]).

 

والحمد لله رب العالمين.

 

 «فهرست المباحث»

 المقدمة

المدخل

المبحث الاول ـ ماذا نقصد بنقطة الالتقاء

 

المبحث الثاني ـ أهل البيت مرجعية اسلامية عليا وقيادة متميزه

 

المبحث الثالث ـ الحكمة الالهية تجمع

 

البشر على المحبة وتوحدهم على الاصلاح

 

المبحث الرابع ـ مناسبات أهل البيت مناسبات اسلامية وهي ركيزة للّقاء والوحدة

الهوامش:

([1]).تفسير الطبري 22 / 6.

([2]).شواهد التنزيل: 2 / 38 / 657، تاريخ بغداد 10 / 278 وغيرهما.

([3]).أسباب نزول القرآن 368 / 696، تاريخ دمشق (ترجمة الإمام الحسين (عليه السلام) ) 75 / 108.

([4]).تفسير الطبري 12 الجزء 22 / 6 الفصل الرابع: تسليم النبي على أهل البيت وتخصيصهم بالأمر بالصلاة.

([5]).المناقب للخوارزمى: 62 / 31.

([6]).راجع: سنن الترمذى 5 / 352 / 3206، مسند ابن حنبل 4 / 516 / 13730، فضائل الصحابة لابن حنبل 2 / 761 / 1340 و1341، المستدرك على الصحيحين 3 / 172 / 4748.

([7]).المصدر 2 / 28 / 647.

([8]).اهل البيت بالكتاب والسنة ـ محمد الري الشهري ص 43 عن كفاية الأثر فى النص على الأئمة الاثني عشر، لأبي القاسم علي بن محمد بن علي القمي (القرن الرابع الهجرى).

([9]).صحيح مسلم: 4 / 1874 / 37.

([10]).راجع المعجم الكبير: 24 / 281 / 713. والآية رقم 73 من سورة هود.

([11]).سعد بن ابى وقاص هو سعد بن مالك بن أهيب من قريش الذي عاش ثمانين عاماً بعد أن توفى عام 52 هـ أو 58 هـ وصلى عليه مروان بن الحكم والي المدينة آنذاك ودفن في البقيع وخلف وراءه ثروة تقدر بربع مليون درهم. كان أحد الشورى الستة الذين جعلهم الخليفة عمر بن الخطاب (رض) وقد طمع بالخلافة لنفسه بعد أن رأى كثرة الطالبين بها وهو يعد نفسه مثلهم بل لم يكونوا بأفضل منه، وعندما صارت الأمور للامام علي بن أبى طالب كرم الله وجهه لم يبايع ولم ينصر الإمام (عليه السلام) مع علمه بمكانة علي ومنزلته من النبي  (صلى الله عليه وآله) وبعد شهادة الإمام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) واستتباب الأمور لمعاوية ابن أبى سفيان. بايع معاوية وما سأله شيئاً الا اعطاه، وتمرّ الأيام ويذهب سعد وافداً للشام على معاوية ليستمع اليه يؤنبه ويبكته ويهينه. وهو أمر غريب من سعد أن يفد على معاوية الذي كان يتمنّى يوم فتح مكة نظرة عطف من سعد ورفاقه. علماً بأن سعد بن أبى وقاص ممن حضر السقيفة وسار على نهجها وعظّم وقدر فى زمن الخليفتين الأول والثانى (رض) وعين والياً على الكوفة حتّى جاء الخليفة عثمان بن عفان فعزله عن ولاية الكوفة فبنى له قصراً بالعقيق قرب المدينة اعتزل به (راجع البداية والنهاية 8 / 78، 79، 80، كذلك دائرة المعارف الاسلامية 1 / 30 ـ 31.

([12]).ترجمة الإمام علي لابن عساكر 1 / 207.

([13]).المصدر السابق ص 208.

([14]).المصدر، ص 210.

([15]).راجع جامع المسانيد والسنن: 5 / 128.

([16]).المسند الجامع ج 6 ص 130.

([17]).ترجمة الإمام علي لأبن عساكر، 1 / 214.

([18]).راجع سنن الترمذى 5 / 595 الحديث 3721. «وكان عند رسول الله طير فقال: اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي هذا الطير فجاء علي فأكل معه.»

([19]).ابن عساكر ـ ترجمة الإمام علي 1 / 207.

([20]).المصدر 6 / 129.

([21]).جامع المسانيد والسنن 5 / 121.

([22]).ترجمة الإمام علي لابن عساكر 1 / 214.

([23]).المسند الجامع 6 / 126 ـ 127.

([24]).المصدر السابق 6 / 127.

([25]).المصدر السابق 6 / 128.

([26]).ترجمة الإمام علي لابن عساكر 1 / 211.

([27]).المصدر السابق 1 / 212.

([28]).راجع الغدير الجزء الاول، ص 31.

([29]).من حياة أهل البيت ـ محمد علي التسخيرى، ص 72، عن مطالب السؤول، ص 65.

([30]).المصدر السابق عن تذكرة الخواص ص 186.

([31]).المصدر السابق ص 73.

([32]).اشعة من حياة الإمام الصادق، ج 3 / ص 58.

([33]).المصدر ص 199.

([34]).الإمام الرضا، ص 1.

([35]).التسخيري ـ المصدر ص 73 عن جوهرة الكلام ـ ص 147.

([36]).المصدر السابق ص 73.

([37]).المصدر السابق ص 63 عن الاحتجاج للطبرسي، ج 2، ص 341، رقم 272.

([38]).حديث للشيخ حسن فقيه الشيخ الازهري المصري نشر في مجلة المنبر ع: 11 محرم 1422.

([39]).في نسخة الظاهرية: ابن النجار ص 3.

([40]).المصدر ص 27.

([41]).التسخيري، مصدر سابق عن العمدة ـ لابن بطريق، ص 370.

([42]).تاريخ بغداد: 2 / 146.

([43]).المعجم الأوسط 2 / 360 ـ 223 عن ابن أبي ليلى.

([44]).أصول الكافي ـ الشيخ الكليني ج 1 ص 53، 58.

([45]).وسائل الشيعة ج 18 / 87.

([46]).أصول الكافي، ج 1، ص 69.

([47]).أصول الكافي، ج 1، ص 69.

([48]).الوسائل، ج 18 / 84.

([49]).كتاب أهل البيت في الكتاب والسنة، محمد الري شهري ص 83 ـ 84.

([50]).ابن حجر ـ الصواعق المحرقة، ص 127، ط القاهرة.

([51]).ابن شهرآشوب: المناقب ج 4، ص 248، ط ايران.

([52]).المصدر السابق.

([53]).الجندي: الإمام الصادق ص 163.

([54]).المعجم الاوسط 2 / 360 ـ 2230 عن ابن أبى ليلى عن الحسن بن على وفي ينابيع المودة 2 / 272 ـ 775 عن جابر.

([55]).جامع الأخبار: 505 / 1399.

([56]).غرر الحكم: 9061.

([57]).صحيح مسلم 4 / 1873 ـ 2408.

([58]).المعجم الكبير 5 / 183 / 5027 وكنز العمال 13 / 640 / 37619.

([59]).المعجم الكبير 4 / 192 / 4111 عن خالد بن عرفطة.

([60]).تهذيب تاريخ دمشق.

([61]).ذخائر العقبى: 18 عن عبدالعزيز باسناده. ينابيع المودة: 2 / 114 / 323.

([62]).المائدة / 55 .

([63]).أمالى الصدوق ـ ص 448 عن أبى الطفيل عن الحسن (عليه السلام).

([64]).ينابيع المودة. 2 / 333 ـ 973.

([65]).تفسير الزمخشري ـ تفسير آية المباهلة.

([66]).النساء / 59 .

([67]).شواهد التنزيل ـ المصدر 1 / 189 ـ 202.

([68]).المستدرك على الصحيحين، 3 / 163 / 4720.

([69]).الخطط السياسية لتوحيد الأمة الاسلامية، أحمد حسين يعقوب، ص 354.

([70]).المصدر السابق، عن الامامة والسياسة لابن قتيبة، ص 6.

([71]).المصدر المذكور، ص 218.

([72]).الصواعق / ص 30.

([73]).تحف العقول ص 325.

([74]).الكافي: 1 / 53 ـ 14 عن حماد بن عثمان وغيره.

([75]).المصدر السابق 3 / 94 / 1.

([76]).رجال الكشي: 2 / 490 / 401 عن يونس بن عبدالرحمن.

([77]).اهل البيت في الكتاب والسنة، ص 182، عن مختصر بصائر الدرجات.

([78]).الانبياء / 101.

([79]).ص / 47.

([80]).أحمد حسين يعقوب ـ مصدر سابق ص 128.

([81]).احياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي، ص 4، كما ينقل ذلك الزمخشرى وعدة من أصحاب التفاسير.

([82]).المصدر أعلاه ص 7.

([83]).لقمان / 20.

([84]).التوبة / 119 .

([85]).الحج / 24 .

([86]).سورة محمد / 22 ـ 23 .

([87]).العنكبوت / 7 .

([88]).احياء الميت مصدر سابق.

([89]).مجمع الزوائد (9 / 172).

([90]).كنز العمال 6 / 218، رقم الحديث 3820.

([91]).أحمد حسين يعقوب، مصدر سابق ص 125.

([92]).راجع تصحيح الاعتقاد.

([93]).راجع الغريفي ـ التشيع ص 607.

([94]).الصواعق المحرقة، ص 262 ـ 264.

([95]).الشبلنجي: نور الابصار ص : 114.

ارسال نظر