يوم القدس مظهر وحدة الأمة وصرخة وجودها
الدكتور عبد الامير سليماني
المقدمة:
لم تكن ثورة الأمام الخميني (رحمه الله) ثورة علمانية أو لمجرد تغيير نظام الحكم بل كانت ثورة ايديولوجية حقيقية ذات توجه اسلامي واضح المعالم طبق تعاليم القرآن الكريم وسنة نبيه المصطفى الأمين (صلى الله عليه وآله وسلم) ونهج أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم الثقل الثاني مع الكتاب الأعظم والوحي المنزل «القرآن الأطهر» كما في حديث الثقلين (أني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي» ومن أول يوم رفعت شعاراتها وهلل لها المؤمنون في مشارق الأرض ومغاربها وعمت الفرحة وجوه الأحرار في العالم حيث برز ناصر للحق وخصم للباطل معتمداً على الله سبحانه ومنذ ذلك الوقت والقدس وفلسطين في فكر القائد المحنك والجبل الثابت الذي لا تحركه اعتى العواصف والذي كشف زيف النظام العالمي الحاكم وضاقت منه كل دوائر الاستكبار العالمي وآذنابها واعتلاها العجب كيف انتصرت هذه الثورة الربانية والوضع محكم بجنود الشياطين والمخابرات الدولية ولم يتوقع أحد ان يتحقق هذا الانتصار على شرطي المنطقة المدعوم امريكيا وهو محمد رضا شاه ايران حيث ولى هارباً منكسراً لم يعر له أهمية حتى الذين خدمهم وجعلهم أسياده، لم يعطوه حتى تأشيرة دخول لأمريكا.
نعم كل خير في منهاج هذا الرجل العظيم.. أنقاذ المستضعفين في العالم محاربة الظلم، مساعدة احرار العالم والرازخين تحت ظل قوى الاستكبار العالمي، طرد الاستكبار من بلاد المسلمين.. تحقيق الوحدة التي أمر بها القرآن العظيم بالاعتصام بحبل الله. تحسين حالة الشعوب وعلى رأسها الشعب الإيراني البطل الشجاع المضحي والمتماسك خلف قائدة الصادق معه. خاف الاستكبار من تأثير الثورة وتسربها الى غيرها من البلاد وأضحت وسال الاعلام تردد بالخوف من تصدير الثورة. وأرتجفت العروش الهزيلة القائمة على الظلم والطغيان والدكتاتورية البغيضة والمسلطة على شعوبها بالنار والحديد. حيث جهزت جيوشها وقواها الأمنية لقمع الأحرار لشعوبها.. نعم الإمام جاء بمنهج رباني بعيداً عن التعصب القومي والمذهبي والأقليمي جاء بنهج النبي الأكرم محمد(صلى الله عليه وآله وسلم) ، لم ينظر لمصلحة محدودة بل ينظر بمسؤولية القائد الغيور لكل بني البشر. وحركات التحرر في أوربا وآسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. فتوجهت له الأنظار والقلوب.
وكانت فلسطين في أجندته قبل الثورة فكيف بعد الثورة وبروز دولة ناصرة للمشاريع الاسلامية.. فكانت المساعدة للفلسطينيين مادياً وعسكرياً وفي المحافل الدولية رغم التهديد لإيران والوعيد لها لأسقاطها بل وما كانت الحرب الصدامية البعثية الأمريكية السعودية الخليجية إلا مثال لهذا العداء.. بنفس الوقت كانت التمنيات والعروض بترك فلسطين وثورتها لتفوز ايران بكل شيء اقتصادياً وسياسياً. لكن الإمام أبى وأبى فجو بهت ايران بالحصار الاقتصادي المستديم وحتى هذه الساعة.
نعم يوم القدس العالمي، الذي سنتكلم عنه من ثمرات هذه الثورة التي نجحت بتضحيات الشعب المناضل وفكر أهل البيت b وعلى رأسهم فكر الثورة الحسينية الرائدة ملهمة الأحرار والتي شعارها «هيهات منا الذلة» وصار شعاراً لكل أحرار العالم.
ولعلي أقول أن فلسطين ستنتصر بفكر الإمام الحسين A الذي أثمر في تحرير لبنان من احتلال الصهاينة وحرر ايران من احتلال امريكا وغطرستها وعميلها الشاه المقبور وفي العراق في فرار داعش الأمريكية الوهابية من ضربات جند الحسين A في الحشد الشعبي.
ونحن في هذه البحث سلطنا الضوء على ضخامة الجريمة التي تآمر فيها الغرب والحكام الخونة من العرب، وعملوا تدريجياً الى ابتلاع فلسطين والغاء شعبها وأغتصاب مقدساتها لينتهي اسم فلسطين والقدس من الوجود.. حيث يأتي المارد الكبير ليفضح المؤامرة ويكشف العمالة ويشحن المقاومة للمضي الى الإمام بلا كلل أو ملل نحو تحقيق الهدف الإسلامي المنشود لتحرير الأرض وأرجاع ستة ملايين مشرد ولاجئ في مختلف أصقاع الأرض شرقاً وغرباً وطرد الصهاينة الغاصبين وافشال المؤامرة التي مضى عليها قرن من الزمان منذ وعد بلفورد البريطاني الخبيث عام 1917 وحتى الآن.
اليوم العالمي للقدس موقع وموضع للمعركة والمقاومة وداينمو جديد لاستمراريتها ودوامها حتى تحقيق الهدف المنشود، وطرد المحتل من أرض الإسلام التي لا تحرر إلا بفضل الاسلام ونهجه وثقافته وحبذ الاسلام وثباتهم وقوتهم.
المبحث الأول:
وفيه موضوعات مهمة تشكل تمهيداً للبحث
في هذا المدخل لابد من الأشارة الى الموضوعات التالية كأركان للبحث:
1 – الحركة الصهيونية وعوامل قوتها.
2- الصراع العربي الاسرائيلي.
3- المفاهيم الأساسية للمسيحية الصهيونية.
أولا/ الحركة الصهيونية وعوامل قوتها
كما نعلم أن كلمة «صهيونية» كلمة عبرية وتعني حركة سياسية يهودية ظهرت في وسط وشرق أوربا أواخر القرن التاسع عشر، وقامت بدعوة اليهود عموماً الى الهجرة الى أرض فلسطين بدعوى أنها أرض الأجداد (ايرتيس يسرائيل) وأن اليهود لا يمكنهم الأندماج في المجتمعات الأخرى، وقد وقع عليهم الكثير من الأضطهاد ([1]). في حالة شتاتهم ولابد من أنشاء دولة لهم في فلسطين([2]) وارتبطت الحركة الصهيونية الحديثة بشخصية الصحفي اليهودي النمساوي المجري (تيودور هرتزل» مؤلف كتاب دولة اليهود مبيناً الاسباب الدينية والاقتصادية والموقع الستراتيجي الذي نظم أول مؤتمر صهيوني عام 1897م في بازل في سويسرا حضره 200 مفوض وكتبوا برنامج بازل الذي بقي البرنامج السياسي للحركة الصهيونية وشكل المؤتمر هذا لجنة دائمة تشكل لجان فرعية لها في أنحاء العالم. وكان هرتزل هذا نشطا جداً حاول مع السلطان العثماني عبد الحميد لكنه فشل ونجح مع امبراطور المانيا فيلهلهم الثاني تدعمه فاتجه نحو بريطانيا. وبالتعاون مع بريطانيا ليكون الوطن القومي لليهود في «أوغندا» في أفريقيا وهو لم يتفق بعض اليهود عليه. ومات هرتزل، إلا أن الذي حدث أن بعد المؤتمر اليهودي السابع عام 1905 رفضت أوغندا للقيام بهذا العمل فقامت الحركة الصهيونية وقتها لاختيار موطن مناسب لليهود. فنشطت وفعلا حققت لها أهم أنجازين وأمرين مهمين.
الأول/ وعد بلفور (الوزير البريطاني) بأقامة وطن قومي لليهود في فلسطين عام 1917.
الثاني/ أقامة الكيان الصهيوني لليهود كدولة لاسرائيل عام 1948 على أرض فلسطين عن طريق المذابح والتهجير للفلسطينيين من أراضيهم بالقوة حيث فلسطين كانت تحت الاحتلال البريطاني.
والصهيونية العالمية تقسم الى قسمين:
1 – صهيونية استيطانية تهدف الى تجميع اليهود وتوطينهم في فلسطين.
2- صهيونية تدعيمية وهي تهدف الى تجنيد يهود العالم في اوطانهم المختلفة لتحويلهم الى جماعات ضغط تعمل من أجل الاستيطان والمستوطنين فضلا عن جمع الأموال من هؤلاء الشتات.
إلا أن الصنفين يضمهما أطار تنظيمي واحد هو (المنظمة الصهيونية العالمية) والوكالة اليهودية كأشارة للمسحيين التدعيمية والثاني كلمة الصهيونية (للاستيطنانية).
وهنا لابد من الاشارة أن جميع المدارس الصهيونية بغض النظر عن ارتباطات الأيديولوجي تنتمي الى «المنظمة الصهيونية العالمية» وتأخذ منها العون المالي، كما أن الصهيونية واليهود يؤمنون بالله وأنهم شعب الله المختار وسوف يخرج المسيح لخلاصهم وللصهيونية أتجاهات متنوعة. الصهيونية الدينية التي تؤمن بالله والمسيح سوف يرسله الرب لتلخيص شعبه والانسانية جمعاء. وهم يلقون باللوم على اليهود القدامى لأنهم أضاعوا الأرض المقدسة بسبب أرتكابهم المعاصي ضد الآخرين وتخليهم عن الههم الواحد من أجل آلهة أخرى. وهم لا يؤمنون بأنهم شعب الله المختار كما ورد في عريضة بتسيبرغ الصادرة عام 1885 التي جاء فيها «نحن لا نعتبر أنفسنا شعب. بل جماعة دينية ولذلك فنحن لا نتوقع عودة الى فلسطين.
وهناك الصهيونية الثقافية ويطلقون عليها الصهيونية الروحية تنبع ثقافتها من القومية اليهودية ومن أولوية التراث الثقافي والخلقي واللغة العبرية.. وتعطي أهمية لقضية تجميع اليهود في أرض الأجداد وترى أن اليهود يجب أن يعطوا أهمية للبناء الداخلي وتقلق من فقدان الأحساس بوحدتها. وتدعي بالقيم والمثاليات.
وكذلك الصهيونية العملية، وهم ممن عارض هرتزل. وعملوا لتقوية المستعمرات داخل فلسطين والعمل على زيادة الهجرة اليها حتى تفرض الأمر الواقع.
وأيضاً الصهيونية السياسية وهي الصهيونية التي أنطلقت مع هرتزل عام 1897 فبعد أن كانت أرهاصات، حولها هرتزل الى حقيقة سياسية ذات حركة نشطة.. وهي الصهيونية التي يؤمن بها أكثرية اليهود.
أما الصهيونية العمالية ويسمون بالاشتراكيين لتركيزهم على الجانب الاقتصادي والاجتماعي لوضع اليهود باعتبار الاقتصاد هو الذي يمكن اليهود من الأندماج في المجتمعات.
وحتى لا ننسى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أصدرت قراراً برقم 3379 الذي اعتمد في 10 نوفمبر 1975 بتصويت 72 دولة بـ(نعم) مقابل 35بـ(لا) وامتناع 32 عضواً عن التصويت يحدد القرار الصهيونية (شكل من أشكال العنصرية والتمييز العنصري وطالب القرار جميع دول العالم بمقاومة الايديولوجية الصهيونية واكد القرار أنها «الصهيونية» تشكل خطراً على الأمن والسلم العالميين. وقد الغي القرار بموجب القرار 86/49 في ديسمبر عام 1991 اذ اشترطت اسرائيل الغاء القرار 3379 لقبولها المشاركة في مؤتمر مدريد 1991 بشكل عادي ومنهم (البرت بنشتاين) لكن في عام 1933 ومجئ هتلر رجعوا الى الصهيونية.
الصراع العربي الإسرائيلي
من المؤسف جداً أن اليهود يعتقدون أن فلسطين هي وطنهم وأرضهم التي وعدوا بها وفقاً للنصوص التوراتية.. لكن العرب قبل الإسلام ثم بعد الإسلام هم أصحاب الأرض وعاشوا فيها آلاف السنين.. وبالتالي فقد نشأ الصراع الطائفي بين العرب الفلسطينيين في أوائل القرن العشرين ولعل منشأه يعود الى ظهور الصهيونية في أواخر القرن التاسع عشر.. وقد بلغ الصراع هذا ذروته في حروب واسعة منذ عام 1947 والذي بموجبه تمت حملة تطهير عرقي وتهجير واسع للفلسطينيين من قراهم ومدنهم وأصبح أكثر الفلسطينيين لاجئين تجاوزوا الستة ملايين وعلى إثر ذلك نشبت أول حرب بين العرب واليهود الصهاينة في مايو 1948 بعد الاعلان عن قيام دولة إسرائيل([3]).. لكن الحرب التي وقفت اسرائيل ومعها أمريكا وبريطانيا وفرنسا.. مقابل الدول العربية وأنتصرت فيها إسرائيل لا يصدق عاقل بذلك من احتلال أراضي فلسطينية وأيقاف أطلاق النار!! هي مؤامرة بريطانية صهيونية أمريكية حيث طرحت الصهيونية مشروعها بدولة تمتد من النيل الى الفرات.
ثم نشبت الحرب الثانية في حزيران عام 1967 لتَتمدد إسرائيل أكثر. وهي حرب لم تدم اكثر من 6 ايام لا تشبه إلا فلماً أو تمثيلية ثم تم وقف اطلاق النار سميت بنكسة حزيران أو حرب الأيام الستة، دمرت فيها المطارات العسكرية المصرية بغارات المقاتلات الاسرائيلية، وأحتلت اسرائيل شبه جزيرة سيناء، حيث انسحب الجيش المصري بشكل غير منظم متكبداً خسائر فادحة كما أحتلت اسرائيل قطاع غزة والضفة الغربية وهضبة الجولان السورية خلال الأيام الستة، وتضاعفت مساحة اسرائيل الغاصبة الى أربعة أضعاف وعلى أثرها أصدر مجلس الأمن الدولي القرار (242) يدعو إسرائيل الى سحب قواتها من الأراض التي أحتلتها عام 1967. كما أجتمعت الدول العربية اجتماعها التخديري في الخرطوم 1967 واتفقت على استرجاع الأراضي وتصعيد المقاومة الفلسطينية.
وقبل حرب 1967 كانت إسرائيل قد شنت حرباً كانت انجلترا وفرنسا معها على مصر. سمي «العدوان الثلاثي على مصر» بسبب اعلان جمال عبدالناصر لقرار تأمين القناة (قناة السويس) وقد تطوع الكثيرمن المصريين وبفعل المقاومة المصرية أجبر العدو على التوقف فضلا عن التهديد السوفيتي بالتدخل ويليه التدخل الأمريكي حيث أنسحبت الجيوش الثلاثة المعتدية خارج مصر، وأعلنت المقاطعة لإسرائيل ، وتم تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية على يد أحمد الشقيري.
ثم جاءت حرب تشرين 1973م دارت بين مصر وسوريا من جهة والكيان الصهيوني من جهة أخرى وهي كمثيلاتها لم تكن حرباً مصيرية لاستعادة ما يجب أعادته... نعم هذه الحرب ارادت أن تبيض للحكام العرب وجودهم حيث اخترقت لقوات المصرية خط بارليف في شبه جزيرة سيناء وعبرت القناة وتوغلت شرق القناة 20 كم.
ومن الجانب السوري تقدمت القوات السورية حتى القنيطرة في الجولان. وحيث لابد للاسرائيليين أن يثبتوا في الأراضي المفيدة لهم ركز العدو الصهيوني حوالي 80% من قواته في الجبهة السورية مما جعل الجيش السوري ينسحب من معظم المناطق التي حررها.
ونتيجة هذه الحرب تدمير خط بارليف في سينا وتقهقر الجيش الاسرائيلي وتدمير خط آلون في الجبهة السورية.
أسترداد السيادة الكاملة على قناة السويس واسترداد جزء من أراضي شبه جزيرة سينا المصرية وجزء من هضبة الجولان السورية.
عودة الملاحة في قناة السويس في حزيران 1975م الاتفاق على تسوية الصراع العربي الإسرائيلي بالطرق السياسية وهي الطامة الكبرى للعرب.
فقام انور السادات الحاكم لمصر بمبادرة زيارة القدس في تشرين ثاني 1977 ووقعت مصر ودولة الاحتلال اتفاقية سميت باتفاقية كامب ديفيد، في أيلول 1978 برعاية الشيطان الاكبر امريكا وتبعها معاهدة سلام بين مصر ودويلة الاحتلال في 26/آذار 1979 وقد انسحبت اسرائيل من شبه جزيرة سينا بشرط أن تبقى سيناء منطقه منزوعة السلاح. والسماح للسفن الاسرائيلية بالملاحة بالقناة.
تبادل السفارات واقتسم فيها مناحيم بيغن والسادات جائزة نوبل للسلام تتفاوض دويلة الاحتلال مع الاردن والفلسطينيين لمنح حكم ذاتي للضفة الغربية وقطاع غزة. وعلى أثر ذلك قاطعت الدول العربية مصر (شكلي) ونقلت منظمتها للدول العربية الى تونس حيث عادت العلاقات مرة أخرى مع بداية الثمانينات وبدأ التطبيع بين مصر واسرائيل.
أما في الجانب الاردني فقد تطورت العلاقات بينهما الى أن تم توقيع معاهدة السلام بين الأردن واسرائيل في سنة 1994 وتبادل السفارات والتطبيع في كل المجالات وأهمها المياه وحياد الاردن عن الصراع مع اسرائيل وحرية الملاحة لسفن الدولتين.
بل وظهرت العلاقات المخفية الى العلن حيث التقى أسحق رابين رئيس وزراء اسرائيل برفقة بيل كلينتون وصافح ملك الإردن حسين بن طلال وأسحاق رابين عند توقيع معاهدة مايسمى السلام في 25 يوليو عام 1994م وبكل وقاحة وبدون وبدون حياء.
وحتى يكون البحث مستكملا نشير الى ظهور المارد الاسلامي الحامل لاسلام محمد(ص) ومبادئه الحقيقية ولثقافة حفيده الإمام الحسين(ع) ذلك هو حزب الله المتمثل بقيادته الحكيمة التي تختصر بالصدق والأمانة والمتوكلة على الله وبنى نفسه منذ عام 1982 وأصبح رقماً في المعادلة وقوة صبعة القهر.. والذي لم يرضخ لمؤامرة الأعداء والعملاء وأرض لبنان محتلة. يتآمر عليها عملاء أمريكا في لبنان وتقودهم عائلة آل سعود بدولاراتها النفطية قام حزب الله بعملية جبارة سميت (الوعد الصادق) حينما قامت عناصره باختطاف جندين اسرائيليين على الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة حيث نشبت حرب تموز في صيف 2006 بمساعدة الجمهورية الاسلامية في ايران فقد ضرب الحزب المبارك المواقع الاسرائيلية وبعض المدن كحيفا وأصبح الجيش الاسرائيلي كالفئران امام الضربات الموجعة لحملة الفكر الحسيني الكربلائي واستمرت الحرب 33 يوماً خسرت فيها اسرائيل الكثير عسكرياً واقتصاديا خسارة فادحة وفق اعترافاته، وقد ركز الكيان ضرباته على الضاحية الجنوبية في بيروت التي يسكنها الشيعة انتقاماً من الحزب المبارك.. وقد أيدت دول العمالة كالسعودية علناً اسرائيل في حربها ولم يكن مع حزب الله الا الله سبحانه.
ومن نتائج هذه الحرب انكسار اسرائيل وتحرر الارض اللبنانية في شبعة وفشل اسرائيل في اجتياح المناطق التي خططت لاجتياحها جنوب لبنان واعتراف رئيس الوزراء الاسرائيلي بأنكساره ووجود خلل في قيادة الجيش الاسرائيلي وفشل اسرائيل باستعادة الجندين المخطوفين وتنامي الشعور القومي العربي الاسلامي وظهور ازمة سياسية داخل حكومة العدو الاسرائيلي وتحرير الاسرى اللبنانيين وجثامين الشهداء وافتخار العرب الشرفاء بحزب الله وطرد اليأس من القلوب وبث الأمل في النفوس.
مؤتمرات تعقد وقرارات تصدر ووفود تذهب الى لندن ومع ذلك فإن القوات الانجليزية تقوم بقتل النساء الحوامل في فلسطين. وتسفك دماء الأبرياء وتواصل هذه الممارسات بكل صلافة وتحد. أما في الجانب الفلسطيني وبالضبط في غزة ففي أواخر عام 2008 وبعد حصار دام اكثر من ستة أشهر من قبل اسرائيل فقد شن الجيش اﻻسرائيلي هجوماً وحشياً على قطاع غزة بذريعة تدمير حماس بقصف جوي وبحري على قطاع غزة ﻻجبارها على اﻻستسﻻم وتجريدها من اﻻسلحة قتل فيها نزار ريان أحد قادة حماس وجميع أفراد اسرته البالغ ثمانية كما قتل فيها اللواء المسؤول عن لواء غوﻻني أقوى اﻻلوية اﻻسرائيلية وبعد 22 يوماً توقفت الحرب ولم تحقق اسرائيل اهدافها. لكن قتل في هذه الحرب الهوجاء الﻻنسانية 1387 غالبتهم مدنيين فلسطينيا وجرح 8000 جريحاً اما من الجانب اﻻسرائيلي قتل 13منهم جنوداً .. وأنسحبت القوات اﻻسرائيلية.
ثم عادو العدو اﻻسرائيلي في نوفمبر عام 2012 بشن هجوم على قطاع غزة بعدما ردت المقاومة على اغتيال رئيس اركان كتائب الشهيد عزالدين قسام في غزة (أحمد الجعبري) وكان هدف اسرائيل اسكان الصواريخ التي تقصف البلدات الصهيونية وحتى لمدن تل ابيب والقدس وقد توقفت هذه الحرب بوساطة مصرية بتوقيع اتفاق ﻻطﻻق النار سقط فيها 164 فلسطيني ومن جانب العدو اكثر من 4 جنود.
وقبل أن تختم هذا الموجز نشير الى ان حكام العرب متآمرون على أوطانهم من خﻻل بساطة المقاومة وانتصاراتها المدوية ضد اسرائيل إذ لأول مرة تهزم اسرائيل أمام العرب في حرب تموز.
والشيء اﻻغرب ان ما يسمى بجامعة الدول العربية تعمل لصالح اسرائيل حيث أصدرت عام 1950 بيان بطرد اليهود في البﻻد العربية والغاية هو ذهابهم الى فلسطين المحتلة وهي أكبر مؤامرة لجامعة الدول العربية جاه فلسطين والعرب.
وأصبح العالم العربي أمام معاهدة كامبديفيد التي سميت بماهدة السﻻم معاهدة السﻻم الأردنية الإسرائيلية.
اتفاقية اوسلو عام 1994 بتشكيل السلطة على الضفة الغربية وغزة في نفس العام 1994 أما الحجاز والأردن فإنهما يريان ويسمعان كل شيء ومع ذلك فأنهم يتجولون بكل متعة وسرور وليتهم اكتفوا بهذا وكفوا شرهم عن فلسطين وتوقفوا عن مساعدة الظالمين.
أما المسلمون في أقطار الأرض فليس بيدهم سوى الاحتجاج والخطابة والضجيج والمقالات والشعر. وبعض المساعدات المادية القليلة جداً فيما يملك الكثير من المسلمين الآلاف بل الملايين من الليرات فهل سمَع أحد أن أحد هؤلاء تبرع بألف ليرة أنجليزية لفلسطين كما يفعل اليهود في العالم. بجماعاتهم رغم قلة عددهم وسوء سلوكهم!! ثم يختم الشيخ كاشف الغطاء بقوله «ليت المسلمين يعترفون بالحقيقة ويعلنونها دون أي غطاء.. حقيقة أن بلاد المسلمين يكمن فيهم وهو اكبر بكثير من بلاد الصهاينة والانجليز هذه الحقائق الواضحة يعلمها الجميع لكن لا أحد يعلنها.
هناك وثيقة في وزارة الخارجية الإيرانية وهي تقرير مندوب ايران لدى عصبة الامم بتاريخ 6/8/1937 يبين فيها موقف الدول الاسلامية من القضية الفلسطينية (موجزها بعد المفاوضات مع ممثلية ايران استنتج الممثل الإيراني بأن الحكومة العراقية الوحيدة التي قدمت لهم مساعدة رسمية حتى الآن – فجواب ابن سعود مبهم وملك الاردن عبدالله غير واضح في جوابه ولم يكن هناك أي تجاوب مع تركيا. بل أن تركيا متحالفة مع السياسية الانكليزية والفرنسية.. وكذا بقية الدول نعم الشعوب لا توافق على تقسيم فلسطين كالشعب الهندي لكن الامر خارج عن ارادتهم .
الامام الخميني ومن قبل الثورة الاسلامية في 11/2/1979 له خطابات وأعمال مع فلسطين ويؤكد على الوحدة.. بل ويذهب في خطابه بعد الثورة 1/11/1979 أنه عار على المسلمين أن يكون مصير فلسطين هكذا.. ولابد للعودة للاسلام والتأكيد على الوحدة.. ومنذ القدم اجاز الامام باعتباره مرجع للشيعة تقديم الدعم المالي للجهاد الفلسطيني من الحقوق الشرعية كالزكوات والصدقات للفلسطينيين بعد أن التقى الامام بممثل فتح آنذاك عام 1968 حين سُئل سماحته آنذاك.
يوم القدس اليوم الذي نادى به الامام بعد انتصار الثورة عام 1979 ويكون آخر جمعة من شهر رمضان.
يقول «إنني أدعو المسلمين كافة الى أعلان آخر جمعة من شهر رمضان التي هي من أيام القدر ومن الممكن أن تكون حاسمة في تعيين مصير الشعب الفلسطيني يوما للقدس، وأن يحتفلوا به ويعلنوا عن تضامن المسلمين الدولي في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المسلم».
وهو تعبير عن الاستنكار ورفض احتلال القدس والدعوة الى تحريرها من الظلم والجور. في برلين بعد دمج الالمانيتين تقام السبت عن الجمعة لأن يوم عمل قال الخامنئي«أن يوم القدس هو يوم دولي واسلامي مهم يهتف خلاله الشعب الايراني والشعوب الاسلامية الأخرى بالمطالب الحقة التي كرس الاستكبار العالمي كافة طاقاته لأخمادها خلال الأعوام الستين المنصرمة.
وأن يوم القدس العالمي هو صرخة حق أزاء صمت حاول الاستكبار فرضه بكل ما يملك من قوة على مدى اكبر من 6 عقود (عام2011)».
بعد مرور أكثر من ثلاثين سنة من اعلان القدس العالمي يشعر المراقب بأن الأمة ليست بأحسن أحوالها.. لم تحل عوامل الفرقة والضعف بين أبناء الأمة الواحدة بل زاد سوء حيث أصبح بعض من الأمة وحكوماتهم يضغطون على الفلسطينيين لأجل تبدل حل قضيتهم لما هو في صالح إسرائيل والصهاينة.
كان الإمام الخميني يقول/ ألا يعلم الزعماء المتخاذلون أو لم يدركوا بأن المفاوضات السياسية مع السياسيين المتحجرين ومجمرمي التأريخ لن تنقذ القدس وفلسطين ولبنان وسوف تزيد من وتيرة الجرائم والمظالم كل يوم».
فلا حل من غير الجهاد في سبيل الله فهي احدى الحسنين أما النصر أو الشهادة.. وموعدنا الصبح.. أليس الصبح بقريب؟
ثالثاً/ المفاهيم الاساسية للمسيحية الصهيونية
تأثرت العقيدة الپروتستانتية كثيراً باليهودية ، ونتج عن هذا التأثر تعايش يشبه التحالف المقدس بين البروتستانتية واليهودية بصورة عامة.. وخلقت علاقة أكثر خصوصية بين الصهيونية اليهودية والبروتستانتية الأصولية.
ماهي المفاهيم الأساسية للمسيحية الصهيونية
العقيدة البروتستانتية انتقلت عن طريق المهاجرين الأوروبيين الى الأراضي الأمريكية والذين كانوا يريدون أن يطبقونها في مجتمعاتهم ولم ينجحوا. ومنذ بداية تأسيس الدولة الأمريكية في القرن 17 لعبت الأصولية المسيحية البروتستانتية دوراً كبيراً في تشكيل هوية الدولة وبسبب تأثر العقيدة البروتستانتية كثيراً باليهودية نتج عن ذلك تعايش بينهما. حيث تتصف البروتستانتية في الولايات المتحدة الأمريكية بصفتين:
1 – هيمنة الاتجاه الأصولي على البروتستانتية.. وسيطرة اليهود على الأصوليين البروتستانتيين.. كما أن المسيحية الصهيونية christion Zionism آمنت قبل تأسيس دولة اسرائيل بضرورة عودة الشعب اليهودي الى أرضه الموعودة في فلسطين واقامة كيان يهودي فيها يمهد للعودة الثانية للمسيح وتأسيسه لمملكة الألف عام.
وتمثل فكرة عودة اليهود الى فلسطين حجر الأساس في فكر المسيحية الصهيونية. لذا كانت فكرة أنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين والتي آمن بها المسيحيون البروتستانت قبل إيمان اليهود أنفسهم بها هي أهم ما يجمع الطرفين.
ومصطلح المسيحيية الصهيونية لم يتم الإشارة اليه كثيراً قبل حقبة التسعينات من القرن الماضي، وتصنف هذه المدرسة ضمن جماعات حركة البروتستانت الانجلييين – protestant Evangelical ولهذه الحركة ما يقارب 130 مليون عضو في قارات العالم. ويمكن تعريف المسيحية الصهيونية:
هي المسيحية التي تدعم الصهيونية، وأصبح يطلق على من ينتمون الى هذه الحركة اسم مسيحيين متصهينين وتتخلص فكرة هذه الحركة في ضرورة المساعدة لتحقيق نبوءة الله من خلال تقديم الدعم لاسرائيل. وتبغي المسيحية الصهيونية اعادة بناء الهيكل ا ليهودي (المزعوم) في الموقع الذي يقوم عليه المسجد الأقصى اليوم. وفي نظرهم يتم ذلك عن طريق تحقيق همينة اسرائيل كاملة على فلسطين، كون فلسطين هي (الأرض الموعودة) وتعتقد المسيحية الصهيونية: إن من شأن تعميم البركة الإلهية على العالم كله.
وحتى نوضح المسألة بشكل أكبر نضيف أن المسيحية الصهيونية نشأت في أنجلترا في القرن 17 حيث تم ربطها بالسياسة لاسيما بتصور قيام دولة يهودية حسب زعمها لنبؤة الكتاب المقدس، وبعد تركزها في أمريكا أخذت بعداً دولياً يتمثل في تقديم الدعم الكامل للشعب اليهودي في فلسطين.
وأما ما يجمع بين المسيحية الصهيونية واليهودية يلخص بثلاثة أمور هي:
1 – التراث المسيحي اليهودي المشترك.
2- الأخلاق اليهودية المسيحية.
3- الالتزام الأدبي والأخلاقي بدعم اسرائيل.
هناك ما يقارب من 40 مليون من أتباع الصهيونية المسيحية داخل الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، ولديها 100 محطة تلفزيونية اضافة الى أكثر من 1000 محطة اذاعة ويعمل ما يقارب 80 ألف قسيس لأعمال التبشير.
لقد أمتد نفوذ الحركة الى ساسة الولايات المتحدة الامريكية لدرجة وصلت الى إيمان بعض الرؤوساء بمقولات الحركة والاعتراف بها علناً مثل جيمي كارتر (ديمقراطي) ورونالد ريغان (جمهوري) ([4]) وأن أساس المسيحية الصهيونية هو تيار الألفية في القرن الأول الذي يعتقد بعودة المسيح ليحكم 1000 عام. وهم مسيحيون من أصل يهودي.
المبحث الثاني:
القدس هوية المسلمين
ما أحلى أن يكون اليوم الأخير من رمضان.. ونتيجة للعبادة الربانية. وشهر الوحدة الإسلامية في نهاية أعمال الدعاء. والأمة مجتمعة على نية واحدة وعمل واحد. وهدف واحد للتقرب الى الله سبحانه.. وهي حالة تختلف عن بقية الشهور . إذ أفكار المسلمين في عبادة الله. والاهتمام بأمور الأمة.
فالعبادة في الاسلام ليست خالية من الوعي.. «لا خير في عبادة بلا تدبر» وأن اختيار الامام لهذا اليوم هو عين الصواب والحقيقة وذلك لما يلي:
1 – لشد المسلمين وتقوية أواصر وحدتهم وقوة وحدتهم الرمضانية حيث شهر العبادة والانقطاع اليه.
2- الاعلان أن قضية فلسطين ليست قضية شعب لوحده اغتصبت ارضه ولا جزء من القومية العربية.. بل قضية تؤلف مظهر مهم من مظاهر الاسلام.
3- عدم نسيان القضية. والعمل على أحيائها. والسعي لتحقيق التحرير واسترجاع الحقوق.
4- يوم القدس العالمي هو من أهم المحاور التي يجتمع عليها المسلمون.
5- يوم القدس هو يوم أجمع عليه علماء المسلمين وهو أبرز موقف لمواقف علماء المسلمين الشيعة.. الذين يمتازون بحرية أكبر واستقلال له مواقف عالية وشجاعة ضد الظالمين.. ودعماً للمظلومين.. مقتدياً بسيرة أهل البيت.
الخلفية الثقافية لعلماء الشيعة والنظرة العقائدية والاحساس بالواجب الديني لم يساوموا على متبنياتهم الفكرية والعقائدية.
من النماذج رسالة الشيخ العلامة محمد حسين كاشف الغطاء من علماء النجف الاشرق رداً على استفتاء السيد محمد صبري عابدين. معلم الحرم القدسي الشريف يقول فيها([5]).
«يقول الله جل شأنه (وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد) (هود/102) فأي ظلم أكبر من أن يفرط الإنسان بحقوق اجداده وأحفاده، بل يمكن القول أي ظلم أكبر من أن يفرط الإنسان بمقدساته ودينه وأن يتجاهل قرآنه وقيمه».
ثم يقول رحمه الله في ظاهرة بيع الأراضي الفلسطينية (ألا يدركون أن هذا البيع هو حرب ضد الاسلام وهل يشك أحد من أن هذا البيع أو المساعدة فيه أو السعي اليه هو السمسرة به هو حرب على الله والنبي(ص) ومخالفة صريحة للاسلام.
أخرجوا هؤلاء من الدين وساحة الاسلام وعاملوهم كالكفار وابعدوهم عن أي عمل ولا تتزوجوا منهم ولا تعاشروهم ولا تتعاملوا معهم ولا تسلموا عليهم ولا تحدثوهم ولا تشيعوا موتاهم ولا تدفنوهم في مقابر المسلمين أسماء هؤلاء يجب أن تعلق في جميع المحافل والنوادي وتنشر في الصحف والمجلات تحت عنوان (الخارجون من الدين).
ومع طرح مشروع تقسيم فلسطين في عصبة الامم.. بدأت مواجهة العلماء العراقيين والإيرانيين في النجف. الأشرف حيث أتخذوا موقفاً صريحاً وواضحاً في هذا الموضوع السفارة الإيرانية في بغداد أرسلت تقريرا عن تحرك العلماء الإيرانيين في تاريخ 2/8/1937 كتب فيه (قام السادة هبة الدين الشهرستاني ومحمد مهدي الصدر ومحمد مهدي الاصفهاني، ومحمد مهدي الخراساني وهم من العلماء الإيرانيين الساكنين في بغداد والكاظمية والشيخ راضي آل ياسين وهو من علماء الشيعة العرب ومنهم الشيخ يوسف عطا مفتي بغداد وحبيب العبيدي فقيه الموصل وابراهيم الرواي وهؤلاء الثلاثة هو من علماء الطراز الأول في الموصل وبغداد هؤلاء جميعاً قاموا بتوجيه برقية الى عصبة الأمم ووزارة الخارجية البريطانية جاء فيها:
«نحن الممثلون الروحيون للمذاهب الاسلامية نعلن عدم رضانا واعتراضنا على قرار اللجنة الملكية بشأن تقسيم فلسطين البلد الاسلامي والعربي العزيز ونعتبر ذلك ضربة موجهة الى قلب الاسلام والعرب».
وفي شهر محرم 1937 ه. ق. الموافق 1938م وجه آية الله السيد ابو الحسن الاصفهاني رسالة الى السفارة الإيرانية في بغداد اعرب فيها عن أمله بأن تبذل الحكومة الإيرانية جهودها في عصبة الامم لأعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة.. كذلك أقدم العلامة كاشف الغطاء على خطوة مماثلة فوجه رسالة الى غازي ملك العراق. وطلب منه العمل في عصبة الامم للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني.
السفارة الإيرانية أرسلت تقريرا عن هذه التحركات الى وزارة الخارجية الإيرانية سنة 1938م جاء فيها (قام العلماء العرب الشيعة في النجف مجددا بإرسال برقيات الى الملك غازي والمفوض السامي البريطاني شكو فيها مظالم الانكليز في فلسطين. الشيخ محمد حسن كاشف الغطاء الذي هو من مشاهير العلماء العرب في النجف بعث هو برقية مماثلة الى المفوض السامي البريطاني واللجنة الفنية البريطانية وأضاف عليها أن الشعب يطلب من العلماء اصدار فتوى الجهاد.
كما أكدت السفارة الإيرانية أن صحيفة (النهار) التي كانت تصدر في بغداد نشرت خبراً جاء فيه «أن علماء الاسلام سيجتمعون تحت قبة أمير المؤمنين(ع) في النجف للتباحث في اصدار حكم بالجهاد وسيصدر الحكم موقعا من قبل جميع السادة العلماء وسيترأس الاجتماع الشيخ كاشف الغطاء . لهذا الغرض وجه علماء الشيعة دعوة الى علماء سوريا ولبنان والأردن ومصر واليمن والإمارات في الخليج الفارسي وتركيا وأفغانستان وإيران للمشاركة في هذا الاجتماع. حسب صحيفة القبس الدمشقية العدد 1496 والمؤرخ 12/9/1938 بعد هذه الجلسة أصدر العلامة كاشف الغطاء حكم الجهاد جاء فيه:
«ايها المسلمون أيها العرب أيها الأخوة أيها البشر. الوضع الذي آلت اليه فلسطين المذبوحة بات واضحاً للعيان وكما قلنا ونكرر فإن قضية فلسطين لا تخص فلسطين وحدها.. أيها العرب أيها المسلمون أيها البشر: إن الجهاد في فلسطين بات واجباً على كل إنسان وليس على العرب والمسلمين وحدهم. أنها دعوة ونداء عام أوجهه الى العرب والمسلمين ويعلم الله أنني تجاوزت عقدي السادس من عمري ولولا تكالب الأمراض التي هشمت عظامي لكنت أول الملبين لهذه الدعوة».
مع الاسف هذا التحرك العلمائي وهذا الموقف الصارم والريادي من العلماء لم يلق تجاوباً يليق بالأمة الاسلامية مما كان ينذر بمرض في جسم العالم الاسلامي والذي أشار اليه صراحة العلامة كاشف الغطاء في رسالة أخرى بتاريخ 18/12/1938 نقلتها صحيفة القبس الدمشقية في عددها 1565 المؤرخ 25/12/1938 جاء فيها يقولون أن هناك أربعمائة مليون مسلم على سطح الكرة الأرضية فما الذي يحدث لو أن واحداً من كل عشرة من هؤلاء يتحرك مدفوعا بالغيرة لأداء واجبه حيال فلسطين ودعم المجاهدين هناك.. لو يحدث هذا فستحل عقدة فلسطين بالتأكيد وستنتهي مشكلتها فوالله إننا متأخرون عن المرحلةكثيراً وحتى الآن لم نقل ما يجب أن نقوله.
المبحث الثالث:
لماذا يوم القدس
يوم القدس هو اليوم العالمي الذي جعله الإمام الخميني (رضي الله عنه) دعماً للقضية الفلسطينية وتعبيراً عن العقيدة الاسلامية التي تعتبر القدس مدينة مقدسة كما يشير القرآن (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله) (الإسراء/1). وقد صرح الإمام القائد الشجاع المدرك لخيانة اليهود والصهيونية ومؤسيسها وداعيمها بقوله:
«بسم الله الرحمن الرحيم لقد حذرت المسلمين خلال سنوات طويلة من خطر إسرائيل الغاصبة التي صعدت في هذه الأيام من حملاتها الوحشية ضد الأخوة والأخوات الفلسطينيين وخصوصاً في جنوب لبنان من أجل القضاء على المناضلين منهم فهي تقوم بقصف بيوتهم وساكنهم بشكل مستمر.
إنني أطلب من عموم مسلمي العالم والحكومات الاسلامية الاتحاد مع بعضهم من أجل مواجهة هذا الغاصب وحماته».
وقال / أنني أدعو المسلمين كافة الى أعلان آخر جمعة من شهر رمضان التي هي من أيام القدر ومن الممكن أن تكون حاسمة في تعيين مصير الشعب الفلسطيني «يوماً للقدس» وأن يحتفلوا به ويعلنوا عن تضامن المسلمين الدولي في الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني المسلم.
يوم القدس ووثيقة حقوق الإنسان
إن الإمام الخميني ([6]) حينما أعلن عن يوم القدس وضع كل الأمور نصب عينيه سواء الأمور الشرعية أو القانونية أو أصدارات الأمم المتحدة في تشريعات حقوق الإنسان، فقد وردت في لائحة حقوق الإنسان العالمية مبادئ إنسانية متفق عليها مثل حق الحياة وهو أمر طبيعي لا يمكن لأي إنسان سلبه اطلاقاً وهو حق منذ بدء الخليقة حتى في أوربا وضع لهذا الأمر بعض الشيء مثل وثيقة «المكنكارته» التي صدرت في بريطانيا عام 1215 أي في القرن الثالث عشر تتحدث عن حقوق الإنسان في الحياة وحقه في التملك وهي جاءت «وثيقة المگنكارته» لمواجهة طغيان الملك حتى لا يتفرد بالحكم بل حتى في شأن التوثيق الاحتياطي أيضا صدر عام 1669م ما يوجب اطلاق سراح المتهم بأمر القاضي كان ذلك في القرن السابع عشر. وحتى في مبادئ الثورة الفرنسية حيث أشير لبعض حقوق الإنسان فأين حقوق الإنسان في فلسطين. وهو ما يريد أن يعبر عنها الامام(رضوان الله عليه) فقانون حقوق الإنسان الذي يتألف من ثلاثين مادة مع ديباجة وزاده عليه (بروتوكولين) عام 1966 بروتوكول كملحق وتجديد لحقوق الإنسان الجديد لتطور الأنظمة مثل الحفاظ على البيئة وغيرها.
الإمام الخميني أراد أن يراجع العالم اعلان حقوق الإنسان ويقارن مع مع ما يجري في فلسطين من هدر للحقوق واغتصاب للاملاك والحرمات.. بمعنى ان يوم القدس هو فرصة مراجعة لمواد قانون اعلان حقوق الإنسان والمرور بأتفاقيات جنيف الأربعة التي تحمي المدنيين في حالات الحرب.
بل وتحمي الأعيان المدنية التي تشمل مخازن الطعام والشرب كمخازن المياه ومخازن الأدوية والمستشفيات التي فقدها يعادل فقد الحياة كذلك حماية دور العبادة ومحطات الوقود ومستودعات الأغذية.
يوم فلسطين ويوم القدس هو صرخة عارمة لبيان حق الإنسان في ذلك منذ الطفولة وحتى الشيخوخة. والكثير الآن لا يعرف حقوقه.
وبالمناسبة نشير الى اعلان القاهرة الذي أكمل أعلان حقوق الإنسان في ذلك بمواد حول الأسرة والتعليم المجاني وحماية الطفل وحرية التنقل وحرية المنزل وغير وقد صدر هذا الأعلان عام 1990م وعلى الرغم من تصديقه وتأييديه أو أجازته من مجلس وزراء خارجية منظمة العالم الإسلامي في 5 آب اغسطس عام 1990 ولكن لم يظهر له أثر لماذا تأخر هذا الأعلان؟
وحتى نكون موضوعيين ان اليوم العالمي للقدس هو أجلى الصور العالمية لأظهار الوحدة بين المسلمين بل وأحرار العالم وأنها ليست لشعب فلسطين بل قضية كل المسلمين في العالم.
ويوم القدس العالمي: هو أعظم تأييد للقضية الفلسطينية التي ومع الأسف ضاعت في أروقة اسرائيل والدول العربية التي تكذب في كل أقوالها حول فلسطين بدليل أعمال التطبيع الأخيرة بين هذه الدول ودويلة اسرائيل الغاصبة، ونفاقها طول هذه المدة الزمنية التي تعدت السبعين سنة.
اليوم العالمي للقدس هو عملية التفاته للمدينة المقدسة التأريخية وما تتلقى من أعتداءات عليها والعمل على تخريبها.
اليوم العالمي للقدس هو دعم عملي وأصطفاف مع الصامدين في فلسطين والمقدسيين أمام الممارسات الصهيونية القاضية لطمس معالمها والغاء هويتها، بل وتهويدها واحداث التحول الديمغرافي الكبير.
يوم القدس العالمي عملية تهديد لكل المستوطنات وسكانها وتنغيص لاستقراره.
اليوم العالمي للقدس هو الاستمرار في الجهاد والمقاومة ضد الصهاينة الغزاة.
يوم القدس العالمي هو صرخة مدوية بوجه المنبطحين والناكثين والخونة من الحكام العرب المارقين من آل سعود وال نهيان وال خليفة وال ثاني الى حكام مصر والأردن وأمثالهم.. نعم كشف لمن مع القدس ومن ضدها، وفضح الدسائس والمؤامرات.. ولمدعي حقوق الإنسان.
يوم القدس العالمي هو الوحدة الفعلية لكل أحرار العالم بوجه المحتل الأثيم.
إنه اليوم العالمي للوحدة بين أبناء الهدف الواحد.
خلاصة البحث:
وحدة الأمة تتجلى في اليوم العالمي للقدس
من المعروف أن القدس التي تسمى بالعبرية بـ(پروشاليم) والتي تعتبر من أكبر المدن الفلسطينية المحتلة مساحة وسكاناً بل وأكثرها أهمية... دينياً واقتصادياً ولها أسماء أخرى في العربية «بيت المقدس» وأولى القبلتين أما في نشريات حكومة الاحتلال فتسى «أورشليم» يرجع تاريخها الى الألف الخامس ق.م. وتعتبر عاصمة فلسطين العربية الاسلامية بينما تعتبرها إسرائيل عاصمتها الموحدة بعد ضمها الجزء الشرقي منها عام 1980 والذي أحتلته بعد حرب 1967م حيث يعتبر اليهود أنها عاصمتهم لاكثر من (3000) عاماً علماً أن الامم المتحدة لا تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وتعتبر القدس الشرقية جزءً من الأراضي الفلسطينية وتقع اسرائيل في المنطقة الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط والطرف الشمالي من البحر الميت وقد توسعت كثيراً.
القدس تعتبر مقدسة للديانات السماوية الثلاثة اليهودية والمسيحية والاسلام حيث يقول اليهود ان النبي الملك داود فتحها وجعلها عاصمة مملكة اسرائيل الموحدة حوالي سنة 1000 ق. م ثم اعقبه النبي سليمان على بناء اول هيكل كما تنص الثوراة اما المسيحيون فأصبحت المدينة مقدسة عندهم بعد ان صلب السيد المسيح يسرع على أحدى تلالها المسماة «جلجثة» حوالي سنة 30م وبعد أن عثرت القديسة هيلانة على الصليب الذي علق عليه بداخل المدينة بعد حوالي 300 سنة وفقا لما جاء في العهد الجديد اما المسلمون فالقدس ثالث الحرمين أو المدن المقدسة مكة والمدينة المنورة وهي أولى القبلتين حيث كان المسلمون يتوجهون اليها في صلاتهم بعد ان فرضت عليهم عام 610م كما هي المكان الذي عرج منه النبي محمد(ص) الى السماء وفقا للمعتقد المعروف.
كما فيها كنيسة القيامة، حائط البراق والمسجد الأقصى المكون من عدة معالم مقدسة أهمها مسجد قبة الصخرة والمسجد القبلي. وفيها جبل يسمى جميل الزيتون يلقبها الناس زهرة المدائن، مدينة السلام ومسرى الرسول.
تبلغ مساحتها 10/125 كيلومتر مربع سكانها حسب أحصاء 2012 بلغ 113، 933 نسمة وبالتالي فهي من الناحية التأريخية والواقعية مدينة اسلامية عربية لا يمكن أن يدعي أحد فيها.
إن اتفاق أمة الإسلام بكل مذاهبها وفرقها وقومياتها وألوانها تقر بأن القدس هي مدينة مقدمة أولى القبلتين وثالث الحرمين، وهي من الأماكن المقدسة في نظر المسلمين ويجب الحفاظ عليها.. وأن كل المسلمين تفتدي القدس. وقد شاهدنا ذلك عندما أحرق الصهاينة بيت المقدس عام 1969م واشتعلت شعوب العالم الإسلامي وأبدوا التطوع للذهاب الى فلسطين للدفاع عن القدس.. ولكن العقبة الكأداء أمام وحدة المسلمين هي الحكومات العميلة التي تمارس ضرب الشعوب بأوامر من أسيادها الكفرة من الدول الأستكبارية للحفاظ على نظام الدولة المحتلة لفلسطين حتى ثبت ادعاء هذه الحكومات والأكاذيب في سبيل تفرقة الأمة، وتمزقها وتباعدها. وخلق الموانع أمام التقاء وتواصل المسلمين بمنع السفر وصعوبة الحصول على التأشيرات وغير ذلك.
ولكن الأمة بقادتها الحقيقيين لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي بل هي جادة بقيادة علماء الدين المخلصين لتمتين وحدتها. والقضاء على حكامها العملاء أعداء الشعب.
وهذا ما نراه في اليوم العالمي للقدس حيث تتناغم أصوات المسلمين في مختلف الدول وهي تصرخ بشعار واحد «القدس عاصمة لفلسطين» نعم العاصمة الأبدية.
كما ينبغي زيادة النشاط ليفهم المسلم دوره ويعمل نشاطه . وأن أصرار الأحرار المسلمين والمؤسسات الثقافية المستمرة لن يذهب سدى بل سيثمر في يوم من الأيام لتحقيق النصر والتحرير.
[1] - اليهود لمْ تعرف لهم دولة بل هم على شكل قبائل رحل.
[2] - مقررات الندوة العالمية للشباب الاسلامي بعنوان «الصهيونية» وكتاب الصهيونية العالمية (عباس محمود العقاد).
[3] - لعلي أوكد ان الحرب لم تكن واقعية بل مزيفة لاسكات الشعوب العربية وأن حكوماتها قامت بالواجب المطلوب منها لأن أكثر الحكومات كآل سعود وحكومة الأردن كانت مع الطرف الإسرائيلي كما تشير الوثائق والمستندات.
[4] - تقرير لواشنطن بوست – رئيس التحرير
[5] - هذه وثيقة في أرشيف وثائق الخارجية في وزارة الخارجية الايرانية يقول فيها.
[6] - الإمام روح الله ابن العالم الرباني المجاهد مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني ولد في 24/12/1902 ورحل من هذه الدنيا في 3 حزيران 1989م وهو مجاهد صادق وثائر كبير ضد الطغيان والطاغوت وشجاع مغوار مقدام لا تأخذه بالله لومة لائم عالم وفيلسوف ورجل دولة من الطراز الممتاز وهو سياسي بارع أسس على يديه الجمهورية الاسلامية في ايران في 11 شباط 1979 المصادف 22/11/1357 ه. ش وأصبح المرشد الاعلى للدولة بصفته مرجعاً دينياً نال درجة الاجتهاد من اساطين عصره من المجتهدين من علماء الدين من اساتذته في اراك وقم والنجف الاشرف مثل تقي الخونسازي وعلي اليثربي ومحمد علي الشاه آبادي (أستاذ العرفان) والشيخ عبدالكريم الحائري اليزدي وبعد وفاة هذا الأخير انتقل المرجع السيد حسين البروجردي الى مدينة قم من أراك، كما أنه امضى رضوان الله عليه (15) سنة في المنفى حيث نفي من قم بسبب نشاطه السياسي ومعارضته الشاه وخطاباته (رضوان الله عليه) المتكررة واعتراضاته على سياسة الشاه ومنها افشاله برنامج الشاه لابعاد الاسلام عن مجالس المدن والغاء القسم بالقرآن الكريم ومنها اعتراضه على قانون الحصانة القضائية الممنوحة للسياسيين والمستشارين الامريكان والمعروف بـ(الكابتيالاسيون) وقد اعتقل أكثر من مرة ويطلق سراحه بسبب تظاهر الجماهير وكان آخر أجراء عمله الشاه معه نفيه في 3 تشرين الثاني عام 1964 الى أنقرة في تركيا ثم الى مدينة بورسا في تركيا وبعدها الى النجف الاشرف في العراق.
القى محاضراته ودروسه في مسجد الشيخ مرتضى الأنصاري 14 عاماً لم يطبع رسالته العملية رغم دعوة الناس اليه الا بعد وفاة المرجع السيد محسن الحكيم (رحمه الله) كتب في الحكومة الاسلامية والقى محاضرات متنوعة وحاضر ودرس في مسجد الشيخ مرتضى الأنصاري 14 عاماً كما ذكرنا كتب في الحكومة الاسلامية والقى محاضرات في ذلك ولم ينس القضية الفلسطينية طيلة جهاده في المنفى وبعد انتصار الثورة الاسلامية أمر بطرد السفارة الاسرائيلية واحلال سفارة فلسطين وهي اول سفارة لفلسطين. سمته مجلة التايم الامريكية برجل عام 1979 لبراعته وقيادته الحكيمة واسمى امريكا بالشيطان الأكبر والاتحاد السوفيتي بالشيطان الأصغر وعمل ما بجهده للوحدة بين المسلمين سنة وشيعة. وافاه الأجل في 3 حزيران 1989 المصادف 14 خرداد 1368هـ . ش ولم يشهد التأريخ تشيعاً كتشيعه قدر باكثر من 11 مليون انسان حضر الجنازة رحمه الله ورضي عنه.
ارسال نظر