مرحلتان للتقريب بين المذاهب الإسلاميّة
الأستاذ أسد شهاب
أستاذ جامعة في أندونيسيا
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأُصلّى وأُسلّم على النّبي الكريم محّمد صلّى الله عليه وآله وسلم وبعد:
أُحيّيكُم تحية من إخوانكم في جنوب شرق آسيا، من الفردوس الاستوائي، إنّ لكم فيها إخواناً كراماً يكنّون لكم كلّ تقدير وإجلال ومحبّة، وسأختصر الموضوع:
أرى أنّ التقريب بين المذاهب الإسلاميّة لا بدّ، أن يمر بمرحلتين:
المرحلة الأُولى: دراسة أحوال المسلمين والشعوب الإسلاميّة في العالم، لأنّ مستوى المسلمين غير متساوٍ؛ فنجد مثلاً في إيران عندهم فائض من العلماء، أو في مصر أو في المغرب أو غيرها بينما عندنا نقصان من العلماء، وليس في أندونيسيا فقط بل في ماليزيا، وفي مملكة بروناي، وفي الفليبين، وفي فطاني وفي ملاديفا.
يجب أن ندرس أحوال المسلمين في جنوب شرق آسيا حيث لهم وضعهم الخاص الذي يختلف عن وضع شعوب الشرق الأوسط الأخرى والمشرق الأدنى؛ من حيث الأخلاق والطباع الاجتماعية فأندونيسيا التي يبلغ عدد سكانها 182 مليون نسمة
ـ(312)ـ
و113 ألف جزيرة لا يوجد فيها عالم وكذلك ماليزيا، والفليبين تحوى 7000 جزيرة لا يوجد فيها عالم أيضاً، والمسلمون فيها مضطهدون.
لا أرى أنّ هناك فوارق بين الشيعة وباقي المسلمين في أندونيسيا وماليزيا وغيرها، وكلّهم هناك شافعيون، والشعب الأندونيسي شعب بسيط يحبّ الغريب ويؤمن بكلّ مايجيء إليه، اسألوا الإخوان الذين زاروا ماليزيا ومكثوا فيها ورأوا من الشعب الماليزي الرحابة، وكيف أنّهم يماشون جميع تعاليم الشيعة بدون أي فارق.
أُعطيكم مثالاً آخر: جاءنا قبل سنوات الشيخ محمّد رضا الجعفري ومكث ستّة أشهر وزار كلّ الجزر الأندونيسية، وكان يخطب في المساجد السنّيّة، ويؤم المصلّين، ويخطب بعد صلاة الصبح والظهر والعشاء، وكان يقضي كلّ وقته في المساجد وفي المدارس وفي الجامعات، وكلّهم تقبلوه ومشوا معه وآمنوا به.
نحن هنا لا نرى فرقاً بين الشوافع والشيعة، والكلّ في أندونيسيا يحبون آل البيت. المسلمون يحتفلون من أول شهر ربيع الأول إلى آخره بذكرى المولد النبوي الشريف في كلّ وزارة ومدرسة وفي كلّ جامعة، بل حتّى في القصر الجمهوري نفسه حيث يقيم رئيس الجمهوريّة احتفالاً في هذه المناسبة، ويأتي إليه الوزراء وسفراء الدول ورجال الأعمال ويهنّئونه بهذه المناسبة، وتفتتح هذه الاحتفالات بقراءة القرآن الكريم، بعدها يخطب أحد العلماء خطبة أو وزير الشؤون الدينية ثمّ يختتم الاحتفال الرئيس سوهارتو بخطبة جليلة عن النبي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم. أنا أظنّ أنّه لا يوجد في العالم كلّه من يحتفل من سرايا القصر الجمهوري احتفالاً إلاّ في أندونيسيا، وهذا دليل المحّبة وكذا حفلات الزواج لا تعقد إلا في المولد النبويّ الشريف.
إذن نرى محبّة آل البيت واضحة في الشعب الأندونيسي والماليزي والبروني في جنوب شرق آسيا، ويقول شاعرنا عن الإمام المهدي عليه السلام الذي يقول بعضهم عنه أنّه
ـ(313)ـ
مولود ويقول بعضهم الآخر عنه أنّه سيولد:
ومنّا إمام حان حين ظهوره...
ولم يقُل ولادته، فهو موجود إذن فلم يثر بهذا الجواب المشاكل، ولا ننكر هناك مسائل خِلافيّة موجودة ويوجد هناك النواصب، والخوارج الذين يلعنون الإمام علي عليه السلام ويقولون: إنّه غير مسلم، وهناك الوَهابيّة، ولا يوجد لهؤلاء نفوذ في بلدنا، فالشوافع هم الأكثريّة. وقام بعض الشيعة بزيارة بلدنا ومن جملة من زارنا مولانا الشيخ محمّد علي التسخيري.
وأُريد أن أُبشركم بشيء آخر: قبل ثلاث سنوات تأسست رابطة لمثقّفي مسلمي أندونيسيا وشارك فيها (البروفسور، والدكتور، والعالم، والطالب) ورئيس هذه الرابطة البروفسور محمّد حبيبي الذي زار إيران قبل مدّة، وهو رئيس مصانع صناعة الطائرات؛ وأندونيسيا هي الدولة الإسلاميّة الوحيدة التي تصنع الطائرات، ورئيس الشرف لهذه الجمعيّة الحاج محمّد سوهارتو رئيس الجمهوريّة. إذن الاتجاه الإسلامي موجود ولكن ليس لدينا قيادة ولا علماء.
وأمّا المرحلة الثانية: التقريب بين المذاهب الإسلاميّة بعد الدراسة والتحقيق.
نحن نحتاج إلى علماء ونطلب بوجه خاص من جامعة الإمام الصادق وجامعة المذاهب الإسلاميّة والحوزة العلميّة في قم قبول أكثر من 500 طالب وطالبة من أندونيسيا فقط، ومثل هذا من ماليزيا ومن المالديف وبروناي، ويجب أن لا يُنسى المسلمون في الصين، فمجموع المسلمين هناك 120 مليون مسلم، وقد تحرّروا حديثاً ومساجدهم قد فُتحت، فهم في حالة أفضل من السابق.
ولقد عانينا في أندونيسيا قبل ذلك من الشيوعّية أيّما معاناة، وقتل منّا الملايين وأُغلقت الصحف، ونهبوا كلّ شيء ومن جملة ما نهبوا وكالة الأنباء والصحف التي كنت
ـ(314)ـ
أُديرها، واضطررت أن أهرب إلى ألبانيا ومكثت فيها 6 أشهر، بعد ذلك تغيّرت الأُمور وقضي على الشيوعية وحكم على رئيسهم بالإعدام بعد المحاكمة، ونائبه لا يزال إلى اليوم في السجن مع رئيس القوة الجوّية عمر داني، وبعضهم لا يزال هارباً في تيرانا وفي الصين وروسيا وأوروبا الغربية.
وهناك مؤامرة أعدّتها الدول الغربية لضرب المسلمين في أندونيسيا وهي عبارة عن جعل جزء من أندونيسيا تحكمها حكومة كاثوليكية بدعم من الفاتيكان وبدعم من أمريكا، فمجموع من يسكن هذه المنطقة المذكورة 30 ألف إنسان مقابل أمّة إسلاميّة في أندونيسيا يقدر عدد سكانها 182 مليون إنسان ولكن رغم جميع المساعد فقد فشلت هذه الجهود والحمد الله.
أمّا الكلمة التي ألقاها الشيخ التسخيري فهي بحث أكاديمي طلبته من الشيخ التسخيري كي أترجمه إلى اللغة الأندونيسيّة لأنّه بحث يتعلّق بأصل موضوع التقريب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ارسال نظر