مجمع الفقه نموذج للقاء العلماء الذين يتحركون للاسلام
استقبل سماحة اية الله الشيخ محمد علي التسخيري الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية السبت في مكتبه بطهران وفدا علمائيا من السودان ضم عددا من الشخصيات الاسلامية والاكاديمية في هذا البلد ومنهم الدكتور حسن الامين استاذ بجامعة ام درمان والدكتور محمد عثمان صالح رئيس هيئة علماء المسلمين والدكتور بخيت مساعد رئيس مجمع الفقه الاسلامي والدكتور احمد بابكر خليل المستشار القانوني بجامعة ام درمان والدكتور محمد بشير رئيس كلية التربية في جامعة القران الكريم.
وحضر اللقاء من المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الدكتور حسن تبرائيان مساعد الامين العام للشؤون الدولية والدكتور عليزادة المساعد المالي والاداري وحجة الاسلام السيد علم الهدى مساعد الشؤون الايرانية للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية.
وتطرق سماحة الامين العام في مستهل حديثة الى الثورات العربية التي حدثت في عدد من الدول الاسلامية والعربية محذرا من التحديات التي تواجه هذه الثورات.
واشار الى ان "الاستمرار والاستقامة على نهج الثورات هو في غاية الاهمية وبحاجة الى لطف الهي وارادة انسانية".
وتطرق اية الله التسخيري في هذا الجانب من حديثه الى السنين الاولى للثورة الاسلامية الايرانية واكد انه بفضل القيادة الرشيدة والحكيمة للامام الخميني الراحل والامام الخامنئي حفظه الله استطاع الشعب الايراني ان يصل بثورته الى بر الامان ويتجاوز مرحلة الخطر.
واكد، على ان الله تعالى ينصر الانسان المؤمن الذي يسير في طريقه من حيث لا يحتسب، مشيرا الى ان الامام الخميني رحمه الله عندما كان في باريس نصحه بعض الاصحاب ان لا يأتي الى ايران تجنبا للمخاطر المحتملة من قبل الحكومة البهلوية والجيش الذي كان مسيطرا، لكن كان رد الامام الخميني (ره) " يجب ان اكون مع شعبي ...المهم هو العمل بالتكليف وليس ان نصل او لا نصل".
وشدد اية الله التسخيري على انه بسبب هذا العزم والارادة الالهية الراسخة عند الامام الخميني( رحمه الله) فقد اعزه الله بنصره واستطاع ان يحقق اهدافه السياسية والقيادية في ايران.
وفي اشارته الى انجازات الثورة الاسلامية الايرانية قال اية الله التسخيري لقد استطاع الامام الخميني وبفضل طاعة الشعب الايراني للقيادة ان يغير كل المظاهر الاجتماعية المغايرة للنظام الاسلامي والذي شمل جميع القطاعات السياسية والاقتصادية والمالية والاعلامية وغيرها من اقسام المجتمع الايراني انذلك.
وعلى سبيل المثال اشار سماحة التسخيري الى التغيير في النظام المصرفي في ايران حيث حوله الامام الخميني الى البنك اللاربوي؛ كما اشار الى النظام التعليمي الذي تغير بكل مراحله الابتدائية والمتوسطة والثانوية فضلا عن التعليم الجامعي الذي شهد ثورة ثقافية شاملة.
كما في قطاع السينما حيث حدث فيه تغيير كبير وقد ازيلت جميع مظاهر الفساد والخلاعة من السينما الايرانية بعد الثورة الاسلامية واستطاع الفنانون الايرانيون ان يقدموا نوعا جديدا من الافلام الايرانية الى العالم وشاركوا بهذه الافلام في عدة مهرجانات دولية حيث نالوا الجوائر والمراتب العليا.
واشار سماحته الى واقعة احتلال السفارة الامريكية في طهران من قبل الطلبة الجامعيين ابان الثورة الاسلامية واحتجاز رهائن امريكان كانوا في الوقع يديرون شبكة جواسيس بدل ان يكونوا دبلوماسيين.
كما تطرق الى ازالة الفكر البهائي باعتباره كان فكرا سقيما صهيونيا تغلغل تحت غطاء ديني في شرائح المجتمع الايراني.
ومن الانجازات المهمة الاخرى اشار سماحة الامين العام للمجمع العالمي للتقريب، الى اعتماد اللغة العربية مكملا للغة الفارسية وذلك بعد سياسة النظام السابق لما يسمي بـ "تطهير اللغة الفارسية من المفردات الاجنبية"؛ ملمحا الى مقولة شهيرة للامام الخميني الراحل في هذا السياق والذي دعا فيها الى "تطعيم الفارسية بالعربية كما تطعم الخواتم بالعقيق"؛ مشيرا الى ان اللغة العربية جاء ذكرها في الدستور كلغة رسمية.
ثم تطرق سماحته الى موضوع "المزج بين المدارس الدينية (الحوزات العلمية) والجامعات" والذي دعا اليه الامام الخميني من خلال وضع جسور بين الحوزات العلمية وبين الجامعات وقد يتم الان وفقا لهذا المشروع دعوة اساتذة من بين علماء الحوزة العلمية للتدريس في الجامعات وايضا دعوة اساتذة جامعيين للتدريس في المدارس والحوزات الدينية..
وفي ذات السياق اكد اية الله التسخيري قائلا "اننا لا ندعي بأن حققنا كل الاهداف المرجوة من الثورة الاسلامية وانما نجحنا في تحقيق الكثير من تلك الاهداف والتي من شانها ان تبقي الشعب وابناء الثورة على الطريق والمنهاج الصحيح".
وقال الامين العام للمجمع العالمي لتقريب "ان العدو خطط للشعب الايراني ومنذ بدء الثورة ان يمزقه"، مشيرا الى الحصار الاعلامي والسياسي والاقتصادي الذي مارسه الاستكبار العالمي لثني الايرانيين من الاستمرار في مسيرتهم ونهجهم الثوري، وايضا القانون الذي سنته الولايات المتحدة الامريكية والذي يقضي بمعاقبة اي دولة تتعامل مع الجمهورية الاسلامية الايرانية باكثر من ٢٠ مليون دولار سنويا. كما الحصر العسكري والحرب العراقية المفروضة على ايران التي خلفت دمارا اقتصاديا كبيرا في ايران.
وشدد اية الله التسخيري بقوله ان الثورة في ايران قامت على الاسس الاسلامية وليس الافكار العلمانية او الوطنية كما كانت تدعي بعض التيارات السياسية المشاركة في الثورة والتي تحولت اليوم الى مجموعات معادية للشعب الايراني؛ منوها الى ان هذا الامر "يشبه ما هي عليه الثورات العربية حاليا حيث نرى انها قامت بطابع اسلامي وبوادر هذا الامر هو صلوات الجمعة التي اصبحت منبرا اعلاميا للثوريين في هذه الدول لكن بالرغم من كل ذلك هناك مساعي من قبل جهات مغرضة لربط هذه الثورات بأمور رخيصة ووصفها بمصطلحات لا تناسبها كثورة العيش وما الى ذلك ..".
وشدد سماحته قائلا " هذا في الوقت الذي نحن نعتبرها صحوة اسلامية كبرى " مشيرا الى الاحزاب الاسلامية التي نالت الاكثرية في كل من تونس والمغرب وتركيا ومصر..
ثم في جانب اخر من حديثه تطرق اية اله التسخيري الى موضوع التقريب بين المذاهب الاسلامية والنشاطات التي يقدمها المجمع العالمي للتقريب في ايران في هذا المجال، واصفا اياه بأنه "امتداد لجهود دار التقريب بين المذاهب الاسلامية الذي شيد بمساعي كريمة من قبل كبار علماء المسلمين في مصر وايران"؛ ومنهم اشار سماحته الى الشيخ شلتوت والشيخ المراغي والشيخ الباقوري والشيخ القمي (رحمهم الله)..
واردف سماحته " ان الهدف من كل هذه الجهود هو التقريب بين الافكار بالتركيز على المساحات المشتركية وليس توحيدها، وكما قال الشيخ رشيد رضا (رحمه الله) نتعاون فيما اتفقنا عليه ونعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه".
وفي هذا الجانب اشار الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الى اهم انجازات المجمع ومنها اصدار نحو ٢٥٠ عنوان كتاب تقريبي و١٠ مجلات تصدر حاليا بعدة لغات وانشاء جامعة المذاهب الاسلامية التي يدرس فيها المذهب الشافعي والمذهب الحنفي والمذهب الجعفري، وايضا المشاركة في المؤتمرات الدولية واقامة مؤتمرات دولية سنويا في طهران وخارج ايران .. سائلا الله تعالى ان يوفق اعضاء المجمع في نشر ثقافة الحب وثقافة التقريب بين القلوب ..
الى ذلك اكد اية الله التسخيري على ان المجمع العالمي للتقريب شجع وشارك في انشاء "مجمع الفقه الاسلامي" مشيرا الى ان سماحته كان ضمن المشاركين في مؤتمر جدة الذي اقيم قبل ثلاثين عاما حيث تقرر انشاء مجمع الفقه الاسلامي كما شارك في دورات عديدة من ملتقياته التي وصفها بأنها "شهدت حوارا طيبا وكان الاجتهاد فيها حرا ويحكمها روح الاخلاق والتسامح.."؛ مشيرا الى ان "مجمع الفقه نموذج للقاء العلماء الذين يتحركون للاسلام".
وفيما يخص التوسيع الجغرافي لنشاطات المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية الى خارج ايران، وهو ما اثاره احد اعضاء الوفد السوداني، قال سماحته "سياستنا في المجمع هو السعي بما نملك من طاقات مادية ومعنوية لدعم كل تحرك تقريبي يقام من جانب العلماء في كافة ارجاء العالم، ودعونا في هذا الخصوص العلماء الى ارساء تجمعات وحدوية وتقريبية واكدنا دعمنا المالي والعلمي لهذه المراكز"؛ واكد على ان "المجمع العالمي للتقريب ومن هذا المنطلق اقدم على تاسيس عدد من المراكز التقريبية في ١٦ دولة ومنها في سوريا ولبنان وافغانستان وفي القاهرة"؛ وفي ما يخص السودان اشار سماحته الى حديثه مع المشايخ المعنيين ومنهم الدكتور علي عبد الرحيم على في هذا الخصوص معلنا دعم المجمع العالمي للتقريب للمراكز التي تشيّد من قبل العلماء لأهداف تقريبية في هذا البلد.
من جانبه قدم مساعد مجمع الفقه الاسلامي السوداني الدكتور بخيت عرضا عن بعض النشاطات المحورية القائمة في هذا المركز الاسلامي مشيرا الى انها تتمحور في اصول علمية دقيقة تستند على اراء الاخصائيين، وذلك من اجل مناقشة المسائل والمواضيع المطروحة للافتاء، وقد يتم في هذا الجانب رفع تلك المسائل الى الدوائر العلمية والدينية المختصة ومن ثم الى المجلس الاعلى للمجمع للخروج بالراي والحكم الصريح.
واكد الباحث الاسلامي السوداني على ان الامة الاسلامية محاصرة علميا واقتصاديا؛ داعيا الى التعاون العلمي والتقني بين الدول الاسلامية ولاسيما السودان وايران من اجل كسر هذا الحصار.
وشدد على ان ثمرة هذا التعاون، خاصة ان كان على مستوى الجامعات، سوف تصب في صالح المشاريع التقريبية المقامة في كلا البلدين حيث لايوجد خلاف شاسع في المسائل العلمية بين المسلمين وبذلك يمكن استخدامه هذا الجانب للتآلف والعمل المشترك بين ابناء الامة ...
وفي ختام اللقاء تبادل الطرفان الهدايا التذكارية كما قدم الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامي عددا من الاصدارات التقريبية الحديثة لاعضاء الهيئة الفقهية من بلد السودان.