كمال الهلباوي لـ"تنا" : مؤتمر الوحدة الاسلامية بوسعه الحد من الحشد الطائفي
الاستاذ كمال الهلباوي أحد الرموز البارزة على الساحة الاسلامية ، لما يمثله من ثقل فكري و سياسي و تاريخ جهادي ملفت .. التقينا الدكتور الهلباوي على هامش انعقاد المؤتمر الدولي الثامن و العشرين للوحدة الاسلامية ، فكان لنا معه هذا الحوار المقتضب لأن ظروفه الصحية لم تكن تسمح بأكثر من ذلك .
بداية رغبنا بالتعرف على انطباع الاستاذ الهلباوي ازاء أهمية هذا المؤتمر في ظل الظروف الراهنة التي يمر بها العالم الاسلامي ، فقال : باختصار أن الامة الاسلامية تخوض اليوم مرحلة جديدة من مراحل الصراع بين عالمنا الاسلامي و العالم الغربي . و هو صراع متعدد الجوانب و الابعاد ، و التداعيات السلبية الكثيرة التي تعكس آثاراً متنوعة على واقع الامة الاسلامية ، مما يعوق مسيرتها و يحد من انطلاقتها و نهضتها و تحقيق اهدافها في التقدم و الازدهار . و في ظل هذا الواقع ، و من أجل مواجهة التحديات المتفاقمة ، تنشأ الضرورة لتكوين الجبهة الاسلامية المتماسكة التي تنبذ الصراعات الداخلية ، و تحقيق التآلف و التآزر ، و التنسيق و التكامل و الفهم المتبادل . و لهذا يكتسب مؤتمر الوحدة الاسلامية لهذا العام الذي يعقد تحت شعار " الامة الاسلامية الواحدة ، التحديات و الآليات " ، أهمية فائقة نظراً لتزامن انعقاده مع التحديات الخطيرة و المواقف الغربية التي تنم عن تربص بالامة الاسلامية ، و محاولة النفاذ اليها من خلال ثغرات قائمة أو متوهمة في عالمنا الاسلامي .
و حول السبل العملية لتعزيز التقارب و الانسجام بين اتباع المذاهب الاسلامية ، يرى الدكتور الهلباوي : ثمة سبل عديدة و متنوعة لعلّ في مقدمتها اللقاءات العلمية التي يمكن أن تتخذ اشكالاً متعددة نظير المؤتمرات و الملتقيات و الندوات . و لكن المهم هو ضرورة الاعداد بعناية لهذه اللقاءات ، سواء من حيث المحاور التي يتم مناقشتها و الاهداف التي تنشدها ، و الشخصيات التي تشارك فيها . و لا يخفى أن التقارب المذهبي لن يتحقق إلا إذا تعرف كل طرف على مذهب الآخر جيداً ، و على النقاط المشتركة التي تجمع كل منهما مع الآخر . و اعتقد ان المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية كان رائداً و موفقاً في هذا المجال .
و سألنا الدكتور الهلباوي : هل بوسع هذه اللقاءات و المؤتمرات أن تضع حداً للحشد الطائفي ، فأجاب : لا شك ان الحشد الطائفي الذي نشهده اليوم إنما هو جزء من عملية التشدد و التزمت و التطرف ، و أن بوسع هذه المؤتمرات أن تضع حداً للحشد الطائفي بالادلة القطعية من القرآن المجيد و السنة الشريفة ، و ان يبدأ العلماء بانفسهم كما نرى في هذا المؤتمر ، حيث يلتقي العلماء من أهل السنة و من الشيعة و من الاباضية و من الزيدية . و انا هنا أتساءل ، فإذا كنت توافق على التعددية الحزبية في اطار الديمقراطية و هي سياسة ، فلماذا لا توافق على التعددية الفقهية و هي أمر واقع ، بل و تجد عدداً من المذهب الفقهية داخل أهل السنة أنفسهم ، فهناك أبو حنيفة و الشافعي و مالك و ابن حنبل . فإذا كانت لديك داخل الطائفة الواحدة مذاهب فقهية متعددة و متنوعة ، و قد قبلت بها ، فلماذا لا تقبل أن يكون هناك بين المذاهب و الطوائف الاسلامية فكر مشترك ، و ثوابت و اصول ، ثم اختلافات في الفروع .
و من المسؤول عن الوضع المتردي الذي وصلت اليه الامة الاسلامية حيث بات الذبح و الارهاب و التكفير السمة البارزة للمجتمع الاسلامي ، يقول الدكتور الهلباوي : كلّنا مسؤولون بدرجات متفاوتة . كلّنا مسؤولون لأننا نحن الذين سمحنا لهذا الفكر الشاذ أن يقوم و ينتشر . هذا الفكر موجود منذ الصدر الاول للاسلام ، و لكن كانت له مواجهة فكان يخبو حيناً و يظهر احياناً أخرى . و ان مهمة مقاومته ضخمة للغاية ، لأن المقاومة تجسد الاسلام الصحيح و تظهر النموذج الذي ينبغي الاقتداء به . و بطبيعة الحال أن المسؤولية التي يتحملها كل واحد منّا لا تحول دون أن تضطلع الحكومات و يضطلع العلماء وارباب الفكر و الثقافة بدورهم في مواجهة هذا الفكر الشاذ . لابد لنا من استراتيجية تضع في اولوياتها مواجهة التطرف و الارهاب .
و حول تفسيره للاندفاع الذي نشهده في اوساط الشباب العربي المحبط للالتحاق بالجماعات الارهابية ، يوضح الدكتور الهلباوي : أنا لست مع الرأي الذي يرى اندفاع الشباب للالتحاق بهذا الفكر الشاذ ، بل أن الذين يلتحقون بهذه الجماعات المتطرفة قلة ، و قلة موتورة ، و أن التحاقهم هذا منه ما هو لاسباب اجتماعية ، و منه ما هو لأسباب اقتصادية ، و منه ما هو نتيجة سوء فهم للاسلام ، ومنه نتيجة افتقاد القدوة الوسطية الحسنة في المجتمع العربي .
و عن دور المقاومة في الدفاع عن هوية الامة الاسلامية و عزة و كرامة المسلمين ، قال الدكتور الهلباوي : أنا مع المقاومة قلباً و قالباً . و ينبغي لنا جميعاً أن نكون من المقاومين سواء كانت المقاومة اسلامية أو غير اسلامية . و أن ما حققته المقاومة الاسلامية في مواجهة الاحتلال و دحره ، يبعث على الفخر و الاعتزاز . و كما هو واضح أن المقاومين يدافعون عن وطنهم ، و ليس بالضرورة أن يكون المقاوم اسلامياً .